قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام..)آل عمران / 19.
وقال سبحانه تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه..) آل عمران / 85.
إذاً، فعندما يرد لفظ الإسلام قبل بعثة الرسول الأعظم سيدنا محمد (صلى الله عليه سلم) تنصرف دلالة اللفظ إلى إسلام العقيدة، فالإسلام قبل البعثة المحمدية على صاحبها (أفضل الصلاة وأزكى التسليم) لفظ يشترك فيه جميع الأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم) فلما بُعِثَ صلى الله عليه وسلم صار لفظ الإسلام يعني العقيدة التي يشترك فيها جميع الأنبياء مضافًا إليها الشريعة، فصار الإسلام بعد ذلك عقيدة وشريعة، فاستحق أن يكون هو الدين الخاتم، قال تعالى: (..اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا..) المائدة / 3. ولقد صار من كمال الدين، ومن تمام النعمة أن يكون الرسول الذي أُرسل بهذه الشريعة هو الخاتم الذي لا معقب له، وأن تكون الأمة التي اختارها الله تعالى لحمل الرسالة الخاتمة هي الأمة الخاتمة.
هذا عن الإسلام الرسالة، أما الإسلام الرسول، فهو الإسلام الذي شرف به الله تعالى خاتم أنبيائه ورسله (عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم)، قال تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما) الأحزاب / 40. وقد يعترض معترض ويقول إن الآية الجليلة قالت: (.. وخاتم النبيين) ولَم تقل: وخاتم المرسلين، وقد يفهم من هذا أنه من الممكن أن يأتي رسول آخر، وهذا ما احتج به بعض مدعي النبوة، ونقول لهؤلاء إن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول. وخاتمية الرسول محمد (صلى الله عليه سلم) الذي ختم الله تعالى به النبوات له ما يبرره، يقول تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم/4. لقد تكاملت فيه مكارم الأخلاق حتى قال صلوات ربي وسلامه عليه: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» الحديث صحيح / عن ابن باز في مجموع فتاويه.
أما الإسلام الأمة، والتي صارت الأمة به خاتمة الأمم، فنجده في قول الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله..) آل عمران / 110. ومن صفات الأمة الخيرية أنها أمة وسط، قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا..) البقرة / 143.
هذه الوسطية صفة أصيلة في الأمة الإسلامية، وهي لازمة من لوازم الأمة الًشهيدة على الناس، ومن لوازمها أيضًا الوحدة النابعة من التوحيد لقوله تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (الأنبياء / 92 (والسبيل إلى هذه الوحدة الحرة هو الاعتصام بحبل الله تعالى المتين، قال سبحانه: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تتفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) (آل عمران / 103)، ولقد تحقق لهم ذلك في عهد صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم كما حدثنا القرآن عن ذلك، قال سبحانه: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرًا عظيما) (الفتح / 29 ).
ذلكم هو الإسلام.. الرسالة، وذلكم هو الإسلام.. الرسول، وذلكم هو الإسلام.. الأمة، وصدق الله العظيم: (..اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا..) (المائدة / 3).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك