العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

من أوراق جدي.. الإعلام الحربي الكاذب

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ١٩ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

يروي‭ ‬جدي‭ ‬في‭ ‬أوراقه‭ ‬الصفراء‭ ‬المتناثرة‭ ‬في‭ ‬صندوقه‭ ‬الحديدي،‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية‭:‬

في‭ ‬أحد‭ ‬الأيام‭ ‬صادف‭ ‬الفيلسوف‭ (‬س‭) ‬أحد‭ ‬معارفه‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬له‭ ‬وقال‭ ‬له‭ ‬بتلهف‭: ‬أيها‭ ‬الفيلسوف،‭ ‬أتعلم‭ ‬ما‭ ‬سمعتُ‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬طلابك‭ ‬؟

فرد‭ ‬عليه‭ ‬الفيلسوف‭: ‬انتظر‭ ‬لحظة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تخبرني؛‭ ‬أود‭ ‬منك‭ ‬أن‭ ‬تجتاز‭ ‬اختبارا‭ ‬صغيرا‭ ‬يدعى‭ ‬الاختبار‭ ‬الثلاثي‭.‬

قال‭ ‬له‭ ‬الرجل‭: ‬وما‭ ‬الاختبار‭ ‬الثلاثي؟

قال‭ ‬الفيلسوف‭: ‬نعم،‭ ‬هذا‭ ‬صحيح،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تخبرني‭ ‬عن‭ ‬طالبي‭ ‬لنأخذ‭ ‬لحظة‭ ‬ولنختبر‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬ستقوله‭. ‬الاختبار‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ (‬الصدق‭)‬،‭ ‬فهل‭ ‬أنت‭ ‬متأكد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ستخبرني‭ ‬به‭ ‬صحيح؟

سكت‭ ‬الرجل‭ ‬لحظة،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬لا،‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لقد‭ ‬سمعت‭ ‬الخبر‭.‬

قال‭ ‬الفيلسوف‭: ‬حسنٌ‭ ‬إذن،‭ ‬أنت‭ ‬لست‭ ‬متأكدا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ستخبرني‭ ‬صحيح‭ ‬أو‭ ‬خطأ‭. ‬سكت‭ ‬الفيلسوف‭ ‬لحظة،‭ ‬ثم‭ ‬التفت‭ ‬إلى‭ ‬الرجل،‭ ‬فقال‭ ‬له‭: ‬لنجرب‭ ‬الاختبار‭ ‬الثاني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ (‬بالطيبة‭)‬،‭ ‬فهل‭ ‬ما‭ ‬ستخبرني‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬طالبي‭ ‬شيء‭ ‬طيب‭ ‬؟

فكر‭ ‬الرجل،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬لا،‭ ‬على‭ ‬العكس‭. ‬ثم‭ ‬سكت‭ ‬ولم‭ ‬يواصل‭.‬

تابع‭ ‬الفيلسوف‭: ‬حسنٌ‭ ‬إذن،‭ ‬ستخبرني‭ ‬بشيء‭ ‬سيء‭ ‬عن‭ ‬طالبي،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنك‭ ‬غير‭ ‬متأكد‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬صحيح؟

في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬شعر‭ ‬الرجل‭ ‬ببعض‭ ‬الحرج،‭ ‬فبدأت‭ ‬قطرات‭ ‬العرق‭ ‬تلمع‭ ‬على‭ ‬جبينه‭.‬

شعر‭ ‬الفيلسوف‭ ‬بإحراج‭ ‬الرجل،‭ ‬فابتسم‭ ‬ثم‭ ‬تابع‭: ‬ما‭ ‬زال‭ ‬بإمكانك‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬بالاختبار‭ ‬الأخير،‭ ‬وهو‭ ‬اختبار‭ (‬الفائدة‭)‬،‭ ‬فهل‭ ‬ما‭ ‬ستخبرني‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬طالبي‭ ‬سيفيدني‭ ‬في‭ ‬شيء؟

قال‭ ‬الرجل‭ ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬ذروة‭ ‬الحرج‭: ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لا‭.‬

سكت‭ ‬الفيلسوف‭ ‬لحظات،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬إذن،‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬ستخبرني‭ ‬به‭ ‬ليس‭ ‬بصحيح،‭ ‬ولا‭ ‬بطيب،‭ ‬ولا‭ ‬بذي‭ ‬فائدة‭ ‬أو‭ ‬قيمة،‭ ‬إذن‭ ‬لماذا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تخبرني‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الأصل؟

فسكت‭ ‬الرجل‭ ‬وشعر‭ ‬بالهزيمة‭ ‬والخجل‭ ‬والإهانة‭.‬

تنتهي‭ ‬الحكاية‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬ويقول‭ ‬جدي‭ ‬معقبًا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية،‭ ‬هناك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬الأخبار‭ ‬والحكايات،‭ ‬ولكن‭ ‬جزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬منها‭ ‬حكايات‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬وخاصة‭ ‬إن‭ ‬تم‭ ‬توضيحها‭ ‬واختبارها،‭ ‬ومن‭ ‬الملاحظ‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬جدي‭ ‬إن‭ ‬الحكاية‭ ‬انتهت‭ ‬بأن‭ ‬الرجل‭ ‬شعر‭ ‬بالهزيمة‭ ‬والخجل،‭ ‬ولكن‭ ‬يا‭ ‬ليت‭ ‬كل‭ ‬الذين‭ ‬ينقلون‭ ‬الأخبار‭ ‬يتمتعون‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الحساسية‭ ‬ليشعروا‭ ‬بالخجل‭ ‬والهزيمة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬لا‭ ‬يشعرون‭ ‬بشيء‭.‬

وحينما‭ ‬كنت‭ ‬أقرأ‭ ‬أوراق‭ ‬جدي‭ ‬الصفراء،‭ ‬تذكرت‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الحجرات‭ ‬‭ ‬الآية‭ ‬6‭ ‬التي‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭ ‬فيها‭: (‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬إِن‭ ‬جَاءَكُمْ‭ ‬فَاسِقٌ‭ ‬بِنَبَإٍ‭ ‬فَتَبَيَّنُوا‭ ‬أَن‭ ‬تُصِيبُوا‭ ‬قَوْمًا‭ ‬بِجَهَالَةٍ‭ ‬فَتُصْبِحُوا‭ ‬عَلَى‭ ‬مَا‭ ‬فَعَلْتُمْ‭ ‬نَادِمِينَ‭). ‬

وخلف‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬قصة‭ ‬طويلة‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نذكرها،‭ ‬ولكن‭ ‬سنذكر‭ ‬جزءا‭ ‬منها،‭ ‬وهي‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬ابن‭ ‬كثير‭ ‬أن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بعث‭ ‬الوليد‭ ‬بن‭ ‬عقبة‭ ‬إلى‭ ‬الحارث‭ ‬ليقبض‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عنده‭ ‬مما‭ ‬جمع‭ ‬من‭ ‬الزكاة،‭ ‬فلما‭ ‬أن‭ ‬سار‭ ‬الوليد‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬بعض‭ ‬الطريق‭ ‬فرق‭ (‬أي‭ ‬خاف‭) ‬فرجع‭ ‬فأتى‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬فقال‭: ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله،‭ ‬إن‭ ‬الحارث‭ ‬منعني‭ ‬الزكاة‭ ‬وأراد‭ ‬قتلي‭. ‬

فضرب‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬البعث‭ ‬إلى‭ ‬الحارث‭. ‬وأقبل‭ ‬الحارث‭ ‬بأصحابه‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬استقبل‭ ‬البعث‭ ‬وفصل‭ ‬عن‭ ‬المدينة‭ ‬لقيهم‭ ‬الحارث،‭ ‬فقالوا‭: ‬هذا‭ ‬الحارث،‭ ‬فلما‭ ‬غشيهم‭ ‬قال‭ ‬لهم‭: ‬إلى‭ ‬من‭ ‬بُعثتم؟‭ ‬قالوا‭: ‬إليك‭.‬

قال‭: ‬ولم؟‭ ‬

قالوا‭: ‬إن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬بعث‭ ‬إليك‭ ‬الوليد‭ ‬بن‭ ‬عقبة،‭ ‬فزعم‭ ‬أنك‭ ‬منعته‭ ‬الزكاة‭ ‬وأردت‭ ‬قتله‭. ‬

قال‭: ‬لا‭ ‬والذي‭ ‬بعث‭ ‬محمدًا‭ ‬بالحق‭ ‬ما‭ ‬رأيته‭ ‬بتة،‭ ‬ولا‭ ‬أتاني‭. ‬

فلما‭ ‬دخل‭ ‬الحارث‭ ‬على‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭: ‬منعت‭ ‬الزكاة‭ ‬وأردت‭ ‬قتل‭ ‬رسولي؟‭ ‬

قال‭: ‬لا‭ ‬والذي‭ ‬بعثك‭ ‬بالحق‭ ‬ما‭ ‬رأيته‭ ‬ولا‭ ‬أتاني،‭ ‬وما‭ ‬أقبلت‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬احتبس‭ ‬عليّ‭ ‬رسول‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬خشيت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬سخطة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ورسوله‭. ‬حينها‭ ‬نزلت‭ ‬الآية‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬سمى‭ ‬من‭ ‬ينقل‭ ‬الأخبار‭ ‬المغلوطة‭ ‬والكاذبة‭ (‬بالفاسق‭). ‬وكما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القواميس‭ ‬فإن‭ ‬الفِسْقُ‭ ‬يعني‭ ‬العِصيانُ،‭ ‬وتَرْكُ‭ ‬أمرِ‭ ‬اللهِ‭ ‬تعالى،‭ ‬والخروجُ‭ ‬عن‭ ‬طاعتِه،‭ ‬ويقال‭: ‬رجلٌ‭ ‬فاسِقٌ‭: ‬إذا‭ ‬عصى‭ ‬وتجاوز‭ ‬حدودَ‭ ‬الشَّرعِ،‭ ‬ويقالُ‭: ‬فَسَق‭ ‬عن‭ ‬أمرِ‭ ‬رَبِّه،‭ ‬أي‭: ‬خرج‭ ‬عن‭ ‬طاعتِه‭. ‬وللأسف‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭.‬

واليوم‭ ‬ومع‭ ‬بداية‭ ‬حرب‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬قامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالكذب‭ ‬والخداع‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬فزعمت‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬قتلت‭ ‬الأطفال‭ ‬وقطعت‭ ‬رؤوسهم،‭ ‬وروجت‭ ‬لهذه‭ ‬الكذبة‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬الغرب،‭ ‬وكذلك‭ ‬بعض‭ ‬التابعين،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تكذب،‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬أطفال‭ ‬مقطوعة‭ ‬الرؤوس‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.‬

ثم‭ ‬ادعت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬المستشفيات‭ ‬مراكز‭ ‬لإدارة‭ ‬عملياتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬إثبات‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القبيل،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الكذب‭ ‬والتلفيق‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬آذانا‭ ‬تريد‭ ‬سماع‭ ‬ذلك‭ ‬الكذب‭ ‬لتطرب‭ ‬له،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬بالعامية‭ (‬إن‭ ‬حبل‭ ‬الكذب‭ ‬قصير‭)‬،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬بضع‭ ‬ساعات‭ ‬إلا‭ ‬وتنكشف‭ ‬الحقائق،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬الوجوه‭ ‬البلاستيكية‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬خجل‭ ‬أو‭ ‬حياء،‭ ‬وكأنهم‭ ‬لم‭ ‬يقولوا‭ ‬شيئًا‭.‬

ثم‭ ‬يخرج‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي،‭ ‬فيقول‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬أن‭ ‬يقول،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬يحاصره‭ ‬أحد‭ ‬الإعلاميين‭ ‬الأذكياء‭ ‬ببعض‭ ‬الأسئلة‭ ‬المحرجة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تبيان‭ ‬الحقائق،‭ ‬فإننا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬المتحدث‭ ‬يتهرب‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬ويحاول‭ ‬أن‭ ‬يلفق‭ ‬بعض‭ ‬الإجابات‭ ‬الهزيلة‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬واضحة‭ ‬حتى‭ ‬لأي‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬في‭ ‬الإعلام،‭ ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬لغة‭ ‬الأجسام‭ ‬تفضحه،‭ ‬فيظهر‭ ‬على‭ ‬سمات‭ ‬هذا‭ ‬التحدث‭ ‬أنه‭ ‬متورط‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬بماذا‭ ‬يجيب‭.‬

الكيان‭ ‬ودول‭ ‬الغرب‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تسوق‭ ‬بالونة‭ ‬ضخمة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬حقائق،‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المنطلقات،‭ ‬وهي‭ ‬عديدة،‭ ‬ولكن‭ ‬دعونا‭ ‬نستعرض‭ ‬بعضها‭.‬

الهولوكوست‭: ‬تحاول‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تروج‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬وتستعطف‭ ‬العالم‭ ‬وكل‭ ‬البشرية‭ ‬بأنها‭ ‬تعرضت‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬لما‭ ‬أسمته‭ ‬بالمحرقة‭ ‬الجماعية‭ (‬الهولوكوست‭)‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬المؤرخين‭ ‬يثيرون‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬كتاب‭ ‬نشر‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬حدوث‭ ‬الهولوكوست‭ ‬كان‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ (‬الحكم‭ ‬المطلق‭) ‬في‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬للكاتب‭ ‬المحامي‭ ‬الأمريكي‮ ‬‭(‬فرانسيس‭ ‬باركر‭ ‬يوكي‭) ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المحامين‭ ‬الذين‭ ‬أوكل‭ ‬إليهم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1946‭ ‬مهمة‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‮ ‬محاكم‭ ‬نورمبرغ،‭ ‬وأظهر‭ ‬أثناء‭ ‬عمله‭ ‬امتعاضًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬مما‭ ‬وصفه‭ ‬بانعدام‭ ‬النزاهة‭ ‬في‭ ‬جلسات‭ ‬المحاكمات،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لانتقاداته‭ ‬المستمرة‭ ‬تم‭ ‬طرده‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭.‬

ثم‭ ‬استمر‭ ‬صدور‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬التساؤلات‭ ‬بشأن‭ ‬الهولوكوست،‭ ‬وربما‭ ‬آخر‭ ‬تلك‭ ‬الكتب‭ ‬هو‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬التسعينيات،‭ ‬ويُعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الكتب‭ ‬وأشدها‭ ‬دقة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬المصادر‭ ‬والتحليل‭ ‬المنطقي‭ ‬والتسلسل‭ ‬الزمني‭ ‬في‭ ‬مسألة‭  ‬الهولوكوست،‭ ‬للكاتب‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الفرنسي‮ ‬‭(‬روجيه‭ ‬غارودي‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأساطير‭ ‬بُنيت‭ ‬عليها‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬بينها‭ (‬أسطورة‭ ‬الهولوكوست‭)‬،‭ ‬فيعرض‭ ‬الكاتب‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬العلمية‭ ‬والتاريخية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بقول‭ ‬إنه‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬غرف‭ ‬للغاز‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قتل‭ ‬الناس‭ ‬وأن‭ ‬عدد‭ ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬جدًا،‭ ‬ويتحدث‭ ‬الكتاب‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬الفعال‭ ‬للوبي‭ ‬اليهودي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬لما‭ ‬يُسمى‭ (‬الهولوكوست‭).‬

العداء‭ ‬للسامية‭: ‬تروج‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬ضد‭ ‬السامية،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬فكرنا‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬الساميون؟

وفقًا‭ ‬للمكتشفات‭ ‬الأثرية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والعراق،‭ ‬فإن‭ ‬الساميين‭ ‬هم‭ ‬أقدم‭ ‬الشعوب‭ ‬المعروفة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين،‭ ‬فمنذ‭ ‬الألف‭ ‬الرابع‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬الشرقي‭. ‬ومن‭ ‬الوجهة‭ ‬الدينية‭ ‬يعتبر‭ ‬الساميون‭ ‬‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬‭ ‬هم‭ ‬القبائل‭ ‬المنحدرة‭ ‬من‭ ‬سام،‭ ‬الابن‭ ‬الأكبر‭ ‬لنوح‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭. ‬ومن‭ ‬الثابت‭ ‬أن‭ ‬سكان‭ ‬فلسطين الأصليين‭ ‬القدماء‭ ‬كانوا‭ ‬كلهم‭ ‬عربًا،‭ ‬هاجروا‭ ‬من‭ ‬جزيرة‭ ‬العرب‭ ‬إثر‭ ‬الجفاف‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬بها،‭ ‬فعاشوا‭ ‬في‭ ‬وطنهم‭ ‬الجديد‭ (‬كنعان‭) ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬الألفي‭ ‬عام‭ ‬قبل‭ ‬ظهور‭ ‬النبي‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬وأتباعه‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الأحداث‭. ‬

وإن‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬وأبناء‭ ‬إسرائيل‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬ضد‭ ‬السامية،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬غريب،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬السامية‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بالدين‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬سلالة‭ ‬بشرية‭ ‬ومن‭ ‬عدة‭ ‬سلالات،‭ ‬والعرب‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬ساميون‭ ‬أيضًا‭.‬

العرب‭ ‬يرفضون‭ ‬السلام‭: ‬وهذه‭ ‬الكذبة‭ ‬شديدة‭ ‬الرواج‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬معظم‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬نشبت‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬والعرب‭ ‬كانت‭ ‬معظمها‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬العرب،‭ ‬والأمر‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬أدينت‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬والجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬بانتهاكاتها‭ ‬وبطشها‭ ‬ووحشيتها،‭ ‬ولم‭ ‬تدن‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد،‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬تقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬اليهود‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

اكذب‭ ‬واكذب‭ ‬حتى‭ ‬تصدق‭ ‬نفسك‭ ‬وبالتالي‭ ‬يصدقك‭ ‬الآخرون‭: ‬وهذه‭ ‬المنهجية‭ ‬هي‭ ‬المنهجية‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬عليها‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬فهي‭ ‬تكذب‭ ‬أشد‭ ‬حالات‭ ‬الكذب،‭ ‬تكذب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬نرد‭ ‬كل‭ ‬أكاذيبها،‭ ‬ولكن‭ ‬الحرب‭ ‬الأخيرة‭ ‬كشفت‭ ‬للعالم‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والادعاءات‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المنهجية‭ ‬وخاصة‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬والراغبين‭ ‬في‭ ‬التصديق‭ ‬منهجية‭ ‬سهلة‭ ‬تدخل‭ ‬المخ‭ ‬‭ ‬وليس‭ ‬العقل‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬تعب‭ ‬أو‭ ‬معاناة،‭ ‬فمثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يفكروا‭ ‬أو‭ ‬يُتعبوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬بالتفكير،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬تنطلي‭ ‬عليهم‭ ‬الكذبة‭.‬

شراء‭ ‬الإعلام‭ ‬بالمال‭: ‬هنا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أستحضر‭ ‬مقولة‭ ‬وزير‭ ‬الإعلام‭ ‬الألماني‭ ‬إبان‭ ‬حكم‭ ‬هتلر‭ ‬الذي‭ ‬قال‭: ‬‮«‬الدعاية‭ ‬نصف‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬صحيح‭ ‬فالإعلام‭ ‬الكاذب‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقلب‭ ‬الموازين‭ ‬لصالح‭ ‬من‭ ‬يحسن‭ ‬استخدامه،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬إسرائيل‭ ‬يمكن‭ ‬إضافة‭ (‬المال‭ ‬والذهب‭) ‬للإعلام،‭ ‬فهي‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تدير‭ ‬العالم‭ ‬بمثل‭ ‬هذين‭ ‬السلاحين،‭ ‬وربما‭ ‬نجحت‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الكذب؟

هذه‭ ‬هي‭ ‬دعائم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬الإعلامية،‭ ‬فيا‭ ‬ترى‭ ‬ما‭ ‬دعائم‭ ‬إعلامنا‭ ‬نحن‭ ‬العرب؟‭!‬

zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا