العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المقاومة في «الضفة»: الجناح الثاني لنسر المقاومة في «القطاع»؟

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ١٩ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

شهدت‭ ‬‮«‬الضفة‭ ‬الغربية‮»‬‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الطويلة،‭ ‬انتفاضات‭ ‬وهبات‭ ‬شعبية‭ ‬طالما‭ ‬حذرت‭ ‬منها‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬تخللها‭ ‬سقوط‭ ‬آلاف‭ ‬الشهداء‭ ‬والجرحى‭. ‬وفي‭ ‬العامين‭ ‬الماضيين،‭ ‬اوضحنا‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬مقالات‭ ‬سابقة‭ ‬ما‭ ‬أسميناه‭ ‬قيام‭ ‬‮«‬جبهة‭ ‬الضفة‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬سقط،‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬معركة‭ ‬طوفان‭ ‬الاقصى‭ ‬في‭ (‬7‭) ‬اكتوبر،‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ (‬300‭) ‬شهيد،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الجرحى‭ ‬والمعتقلين‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬المستقل‭ ‬وايضاً‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬وكوادر‭ ‬فصائل‭ ‬فلسطينية‭ (‬من‭ ‬حماس‭ ‬وفتح‭ ‬والجهاد‭ ‬الاسلامي‭ ‬اساساً‭).‬

اليوم،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬انشداد‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬‮«‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬تتحرك‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬،‭ ‬استمراراً‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬المقاومة‭ ‬ودعماً‭ ‬للجناح‭ ‬المقاوم‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬استثارت‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬المخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬للتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬في‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬رسالة‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬والوزير‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الأمن‭ (‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭) ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ (‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭) ‬ووزير‭ ‬الأمن‭ (‬يوآف‭ ‬جالنت‭): ‬‮«‬بإجراء‭ ‬تغيير‭ ‬جوهري‭ ‬وفوري‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬تجاه‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬معازل‭ ‬مطهرة‮»‬‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬حضور‭ ‬فلسطيني‭ ‬حول‭ ‬المستعمرات‭/ ‬‮«‬المستوطنات‮»‬‭ ‬وبمحاذاة‭ ‬محاور‭ ‬السير،‭ ‬وتشمل‭ ‬أراضي‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المشجرة‭ ‬بالزيتون‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬جني‭ ‬موسم‭ ‬الزيتون‭.‬

‭ ‬اذن،‭ ‬ما‭ ‬يطالب‭ ‬به‭ (‬سموتريتش‭) ‬فعليا‭ ‬هو‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬موسم‭ ‬الزيتون‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وإحلال‭ ‬رواية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مزيفة‭ ‬عبر‭ ‬ادعاء‭ ‬زرع‭ ‬الاحتلال‭ ‬ملايين‭ ‬أشجار‭ ‬الزيتون‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المصنفة‭ (‬أ‭) ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬يعني‭ ‬استدامة‭ ‬الاحتلال‭ ‬وضم‭ ‬كامل‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬‭ ‬تدريجياً،‭ ‬وهو‭ ‬بند‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬اصر‭ ‬عليه‭ ‬عندما‭ ‬تشكلت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬على‭ ‬‮«‬أمل‮»‬‭ ‬فك‭ ‬الارتباط‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بأرضه،‭ ‬بمعنى‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي،‭ ‬عبر‭ ‬إلغاء‭ ‬الرابط‭ ‬الروحي‭ ‬بين‭ ‬الزيتون‭ ‬والأرض‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والمواطن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭.‬

وفيما‭ ‬يركز‭ ‬العالم‭ ‬أنظاره‭ ‬على‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬،‭ ‬تتصاعد‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الممنهجة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مدن‭ ‬وبلدات‭ ‬ومخيمات‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬عدوان‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬وقطعان‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬الإرهابية‭. ‬ففيما‭ ‬تجاوز‭ ‬عدد‭ ‬المعتقلين‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ (‬يوم‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭) ‬2700‭ ‬فلسطيني،‭ ‬وهي‭ ‬حصيلة‭ ‬ترتفع‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭ ‬ويتخللها‭ ‬تعذيب‭ ‬وتنكيل‭ ‬بالمعتقلين،‭ ‬تجاوز‭ ‬عدد‭ ‬الشهداء‭ ‬الـ‭(‬190‭) ‬وهم‭ ‬أساساً‭ ‬من‭ ‬المقاومين‭ ‬بالسلاح‭. ‬وغني‭ ‬عن‭ ‬الذكر‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬توسيع‭ ‬اعمال‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬‮«‬جبهة‭ ‬الضفة‮»‬،‭ ‬بحيث‭ ‬أشغلت‭ ‬قوى‭ ‬متكاثرة‭ ‬من‭ ‬المنخرطين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬فروع‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬والامنية‭ ‬الصهيونية،‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬يخفف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬‭.‬

وإن‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬‭ ‬من‭ ‬حراك‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬القطاع‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬البعض،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬القريب‭ ‬يثبت‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬‭ ‬بعملياتها‭ ‬المقاومة‭ ‬رغم‭ ‬فرض‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬طوقا‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬،‭ ‬واغلاق‭ ‬المعابر‭ ‬التي‭ ‬تربطها‭ ‬بأراضي‭ ‬فلسطين‭ ‬1948،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المنفذ‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يربطها‭ ‬بالأردن‭. ‬كما‭ ‬شمل‭ ‬الإغلاق‭ ‬كل‭ ‬المحافظات‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬مع‭ ‬إبقاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬منفذا‭ ‬واحدا‭ ‬ضيقا‭ ‬لكل‭ ‬محافظة‭ ‬يربطها‭ ‬بباقي‭ ‬المحافظات‭ ‬للدخول‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شوارع‭ ‬‮«‬استيطانية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬الناشطين‭ ‬حرية‭ ‬الحركة‭ ‬والتنقل،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬إغلاق‭ ‬الشوارع‭ ‬إما‭ ‬بسواتر‭ ‬ترابية،‭ ‬أو‭ ‬مكعبات‭ ‬إسمنتية،‭ ‬أو‭ ‬بوابات‭ ‬حديدية،‭ ‬أو‭ ‬حواجز‭ ‬مأهولة‭ ‬بالجنود‭. ‬

وبالمقابل،‭ ‬اتخذت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬أحد‭ ‬أخطر‭ ‬الإجراءات‭ ‬عبر‭ ‬توزيع‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬السلاح‭ ‬على‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬في‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬ان‭ ‬تسهم‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬المستوطنات‮»‬‭ ‬في‭ ‬تهجير‭ ‬العائلات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬تجمعاتها‭ ‬المحاذية‭ ‬للمستعمرات،‭ ‬وتشغل‭ ‬أهل‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬‭ ‬عن‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬المشاركات‭ ‬دعماً‭ ‬للمقاومة‭ ‬في‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬النفاق‭ ‬الرسمي‭ ‬العالمي‭ ‬يتغير‭ ‬رويدا‭ ‬رويدا‭ ‬تجاه‭ ‬المأساة‭ ‬الفلسطينية‭ (‬وبالذات‭ ‬بخصوص‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬‭) ‬ورغم‭ ‬التأييد‭ ‬الشعبي‭ ‬العالمي‭ ‬المتزايد‭ ‬للحقيقة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬يجب‭ ‬التحذير‭ ‬دوماً‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬استغلال‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المعركة‭ ‬الدائرة‭ ‬لفرض‭ ‬‮«‬نكبة‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬تتضمن‭ ‬‮«‬انجاز‮»‬‭ ‬تهجير‭ ‬اهالي‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬‭ (‬وربما‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬‭) ‬مع‭ ‬امكانية‭ ‬بأن‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬الى‭ ‬الاطاحة‭ ‬بقوى‭ ‬اقصى‭ ‬اليمين‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬المتطرف‭ ‬وفتح‭ ‬المجال‭ ‬امام‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬دولي‮»‬‭ ‬بهدف‭ ‬بعث‭ ‬‮«‬التسوية‭ ‬السياسية‮»‬‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬حكم‭ (‬نتنياهو‭) ‬الذي‭ ‬قتل‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬التسوية‮»‬‭ ‬عن‭ ‬سابق‭ ‬تصميم‭ ‬واصرار‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا