العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قراءة في أسباب إقالة وزيرة الداخلية البريطانية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ١٨ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

أقال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني،‭ ‬‮«‬ريشي‭ ‬سوناك‮»‬‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية‭ ‬‮«‬سويلا‭ ‬برافرمان‮»‬،‭ ‬وعين‭ ‬مكانها‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬كليفرلي‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬اختار‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬كاميرون‮»‬‭ ‬وزيرًا‭ ‬للخارجية،‭ ‬وهي‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬كرد‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬اتهامها‭ ‬بتأجيج‭ ‬التوترات‭ ‬خلال‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬التظاهرات‭ ‬المؤيدة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬والاحتجاجات‭ ‬المضادة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬إصرارها‭ ‬على‭ ‬السماح‭ ‬بتنظيم‭ ‬تظاهرة‭ ‬مؤيدة‭ ‬لفلسطين،‭ ‬في‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬الهدنة‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تأتي‭ ‬ضمن‭ ‬التعديلات‭ ‬التي‭ ‬يجريها‭ ‬على‭ ‬فريقه‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬المتوقعة‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭.‬

ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬نظم‭ ‬المتظاهرون‭ ‬المؤيدون‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬مسيرات‭ ‬حاشدة‭ ‬عبر‭ ‬أكبر‭ ‬المدن‭ ‬البريطانية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬لندن‮»‬،‭ ‬و«برمنغهام‮»‬،‭ ‬و«مانشستر‮»‬،‭ ‬و‮«‬جلاسكو»؛‭ ‬وذلك‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬تضامنهم‭ ‬مع‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬المحاصرين،‭ ‬وفزعهم‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬بلادهم‭ ‬للانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والمطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ -‬والتي‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬أنها‭ ‬تتضمن‭ ‬أدلة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭- ‬حيث‭ ‬انضم‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المسيرات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬موكب‭ ‬امتد‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬ثلاثة‭ ‬أميال،‭ ‬فيما‭ ‬وصفتها‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬المظاهرات‭ ‬المؤيدة‭ ‬لفلسطين‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬البريطاني‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬مرت‭ ‬دون‭ ‬وقوع‭ ‬حوادث،‭ ‬فقد‭ ‬اختارت‭ ‬‮«‬سويلا‭ ‬برافرمان‮»‬،‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية،‭ ‬إثارة‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬سام‭ ‬فرنسيس‮»‬،‭ ‬في‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬‭: ‬بـ«العاصفة‭ ‬السياسية‮»‬،‭ ‬ذات‭ ‬الخطاب‭ ‬العدواني‭ ‬المناهض‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬حيث‭ ‬شبهت‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بـ«الغوغاء‮»‬،‭ ‬وزعمت‭ ‬أنهم‭ ‬يتلقون‭ ‬معاملة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الشرطة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالجماعات‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭. ‬وعبر‭ ‬مقال‭ ‬لها‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التايمز‮»‬،‭ ‬أثارت‭ ‬التوترات،‭ ‬وذلك‭ ‬بإلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬‮«‬لعب‭ ‬التفضيلات‮»‬،‭ ‬واتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬متساهل‭ ‬تجاه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المؤيدة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اشتباك‭ ‬المتظاهرين‭ ‬اليمينيين‭ ‬المتطرفين‭ ‬مع‭ ‬الشرطة،‭ ‬وأعقب‭ ‬ذلك،‭ ‬إقالتها‭ ‬من‭ ‬منصبها‭ ‬لتكون‭ ‬المرة‭ ‬الثانية‭ ‬لها‭ ‬خلال‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭.‬

وفي‭ ‬مقالها‭ ‬التي‭ ‬نشرته‭ ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬الحكومة،‭ ‬زعمت‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية‭ -‬آنذاك‭- ‬أن‭ ‬‮«‬الحركة‭ ‬المؤيدة‭ ‬للفلسطينيين‮»‬،‭ ‬قامت‭ ‬‮«‬بحشد‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المتظاهرين‭ ‬الغاضبين‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬تحركت‭ ‬مسيراتهم‭ ‬عبر‭ ‬لندن،‭ ‬وادعت‭ ‬أن‭ ‬المسيرات‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬محرضة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬العنف‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬المحتوى‭ ‬المسيء‭ ‬للغاية‭ ‬للهتافات‭ ‬واللافتات‭ ‬والملصقات‮»‬‭. ‬وبزعم‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬قد‭ ‬‮«‬اختبروا‮»‬‭ ‬قدرة‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬العام،‭ ‬وصفت‭ ‬مسيرتهم‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مسيرات‭ ‬الكراهية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬مقالها‭ ‬زعمت‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يُقابل‭ ‬‮«‬المحتجون‭ ‬اليمينيون‭ ‬والقوميون‭ ‬الذين‭ ‬ينخرطون‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬برد‭ ‬صارم‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬‮«‬يتم‭ ‬تجاهل‭ ‬الغوغاء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يظهرون‭ ‬سلوكًا‭ ‬متطابقًا‭ ‬تقريبًا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬تجاهلت‭ ‬أفكار‭ ‬ومخاوف‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بشأن‭ ‬محنة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬بغزة،‭ ‬والذين‭ ‬يقبعون‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة؛‭ ‬ادعت‭ -‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أدلة‭ ‬داعمة‭- ‬أن‭ ‬المسيرات‭ ‬الماضية‭ ‬والمقبلة‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬تأكيدًا‭ ‬لفرض‭ ‬الهيمنة،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الإسلاميين‮»‬،‭ ‬وزعمت‭ ‬أيضًا،‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المنظمين‭ ‬لديهم‭ ‬‮«‬صلات‭ ‬بجماعات‭ ‬إرهابية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭.‬‮»‬

وبالتوازي‭ ‬مع‭ ‬المعارضة‭ ‬القوية‭ ‬للمظاهرات‭ ‬الداعمة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬تصدرت‭ ‬أيضًا‭ ‬عناوين‭ ‬الأخبار‭ ‬لمحاولتها‭ ‬حظر‭ ‬تنظيم‭ ‬احتجاج‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬لندن‭ ‬في‭ ‬ذكرى‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬الهدنة‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«راونسلي‮»‬،‭ ‬‮«‬حاولت‭ ‬إرهاب‭ ‬مفوض‭ ‬شرطة‭ ‬العاصمة‭ ‬لندن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‮»‬‭. ‬و«في‭ ‬نظر‭ ‬الكثيرين‭ ‬في‭ ‬حزبها،‭ ‬وخارجه‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية‭ ‬‮«‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬تقويض‭ ‬الشرطة‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬‮«‬المبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬للمجتمع‭ ‬الحر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقليص‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الاحتجاج،‭ ‬وإصدار‭ ‬أوامر‭ ‬للشرطة‭ ‬باتباع‭ ‬توجيهات‭ ‬سياسية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬انتقاداتها‭ ‬غير‭ ‬المسؤولة،‭ ‬والتحريضية‭ ‬بشأن‭ ‬المتظاهرين‭ ‬المؤيدين‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬أدت‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬إلى‭ ‬اندلاع‭ ‬اشتباكات‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬النصب‭ ‬التذكاري،‭ ‬بين‭ ‬الشرطة‭ ‬والمتظاهرين‭ ‬اليمينيين؛‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬بيتر‭ ‬ووكر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الدافع‭ ‬الأساسي‮»‬،‭ ‬لإقالتها‭ ‬كان‭ ‬‮«‬مقالها‮»‬‭ -‬السابق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭- ‬وأوضح‭ ‬أنه‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬المقالات‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬وزراء‭ ‬الحكومة‭ ‬قبل‭ ‬نشرها‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الوطنية،‭ ‬تم‭ ‬تقديم‭ ‬مقالها‭ ‬للحكومة‭ ‬للموافقة‭ ‬عليه،‭ ‬ولكن‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬‮«‬التعديلات‭ ‬الجوهرية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬طلبها‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ووكر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬إقالتها‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬‮«‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬والتي‭ ‬بدت‭ ‬فيها،‭ ‬وكأنها‭ ‬‮«‬تتبنى‭ ‬أجندتها‭ ‬السياسية‭ ‬اليمينية‭ ‬المتشددة‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬وصول‭ ‬طالبي‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬قوارب‭ ‬صغيرة،‭ ‬عابرين‭ ‬القناة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬غزوًا‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬تلقت‭ ‬سيلًا‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬عقب‭ ‬اقتراحها‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة‭ ‬لتقييد‭ ‬استخدام‭ ‬الخيام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المشردين‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬معربة‭ ‬عن‭ ‬اندهاشها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬يعتبرونها‭ ‬مجرد‭ ‬خيار‭ ‬لأسلوب‭ ‬الحياة،‭ ‬فيما‭ ‬دافعت‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬الحكومة‭ ‬لإرسال‭ ‬طالبي‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬رواندا‭. ‬

وتتمتع‭ ‬‮«‬برافرمان‮»‬،‭ ‬أيضًا‭ ‬بتاريخ‭ ‬حافل‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬تعليمات‭ ‬رؤسائها‭ ‬الحكوميين،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬‮«‬ليز‭ ‬تروس‮»‬،‭ ‬سلف‭ ‬‮«‬سوناك‮»‬،‭ ‬بإقالتها‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬منصب‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022،‭ ‬بعد‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬إرسالها‭ ‬معلومات‭ ‬سرية‭ ‬إلى‭ ‬عضو‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬من‭ ‬عنوان‭ ‬بريد‭ ‬إلكتروني‭ ‬خاص‭ ‬بها‭.‬

وعليه،‭ ‬أثار‭ ‬سلوك‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية‭ ‬انتقادات‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬البريطانية‭. ‬ووصف‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الليبراليين،‭ ‬المعارض،‭ ‬السير‭ ‬‮«‬إد‭ ‬ديفي‮»‬،‭ ‬تعليقاتها‭ ‬وأفعالها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مخزية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬شجبت‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الظل،‭ ‬‮«‬إيفيت‭ ‬كوبر‮»‬،‭ ‬سلوكها‭ ‬ووصفته‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مسؤول‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‮»‬،‭ ‬وانتقدها‭ ‬زميلها‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬رينولدز‮»‬،‭ ‬ووصفها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬السيطرة،‭ ‬ومثيرة‭ ‬للانقسام‭ ‬بصورة‭ ‬يرثى‭ ‬لها‮»‬،‭ ‬وأنها‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬حقيبة‭ ‬الداخلية‮»‬‭.‬

ويُعد‭ ‬دور‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬أحد‭ ‬‮«‬المناصب‭ ‬الكبرى‭ ‬للدولة‮»‬‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬ووزير‭ ‬المالية،‭ ‬ووزير‭ ‬الخارجية‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الأسماء‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬البريطانية‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬شغلت‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬يأتي‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬دوغلاس‭ ‬هيرد‮»‬،‭ ‬و«راب‭ ‬بتلر‮»‬،‭ ‬و«كينيث‭ ‬كلارك‮»‬،‭ ‬و«جيمس‭ ‬كالاهان‮»‬،‭ ‬و«مايكل‭ ‬هاورد‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬وزراء‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬الأحدث،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬تيريزا‭ ‬ماي‮»‬،‭ ‬و«آمبر‭ ‬رود‮»‬،‭ ‬و«بريتي‭ ‬باتل‮»‬‭.‬

وباعتباره‭ ‬أحد‭ ‬الأدوار‭ ‬السياسية‭ ‬الأكثر‭ ‬حساسية‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬التوترات‭ ‬الشديدة‭ ‬التي‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬المجتمع‭ ‬جراء‭ ‬الحرب‭ ‬المستعرة‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬أندرو‭ ‬راونسلي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الأوبزرفر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬المسؤول‮»‬،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شخصا‭ ‬‮«‬ينتقي‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬بحرص‭ ‬شديد‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬مهدئ‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلمية‭ ‬الشارع‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬بمناسبة‭ ‬ذكرى‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬الهدنة‮»‬،‭ ‬مستشهدا‭ ‬بكيف‭ ‬أن‭ ‬برافرمان‭ ‬‮«‬اتخذت‭ ‬خيارا‭ ‬متعمدًا‭ ‬لرفع‭ ‬درجة‭ ‬الاحتقان»؛‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬استفزازات‭ ‬تحريضية‭ ‬متعمدة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬هذه‭ ‬الأفعال‭ ‬كان‭ ‬الخطاب‭ ‬المناهض‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬وإنكار‭ ‬حق‭ ‬آلاف‭ ‬البريطانيين‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬تضامنهم‭ ‬مع‭ ‬المدنيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬بغزة‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬سلوكها‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬هرم‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬البريطانية،‭ ‬والذي‭ ‬أظهره‭ ‬أيضًا‭ ‬السير‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬المعارض،‭ ‬الذي‭ ‬أخفق‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الاستياء‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬فشل‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬سوناك‮»‬،‭ ‬في‭ ‬محاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬اقترفته‭ ‬من‭ ‬انتهاكات‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬وإظهار‭ ‬التضامن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للشعوب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الغرب‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬أبرز‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬ازدرائها‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وحقوق‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المتظاهرين‭ ‬السلميين‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬عدم‭ ‬رضاهم‭ ‬عن‭ ‬سياسات‭ ‬حكومتهم؛‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬اعتمدته‭ ‬السياسة‭ ‬البريطانية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ترددها‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬انتقاد‭ ‬الجرائم‭ ‬الذي‭ ‬ترتكبها‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وعدم‭ ‬دعوتها‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لمعاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬هناك،‭ ‬والمساعدة‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يشتد‭ ‬حاجة‭ ‬القطاع‭ ‬إليها،‭ ‬حيث‭ ‬افتقرت‭ ‬استجابتها‭ ‬إلى‭ ‬الزعامة‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬والسياسية،‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬الدولية‭. ‬وأيد‭ ‬‮«‬سوناك‮»‬،‭ ‬‮«‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬استخدم‭ ‬ممثلها‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ (‬الفيتو‭)‬،‭ ‬وامتنع‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬قرارات‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬وقف‭ ‬إنساني‮»‬،‭ ‬وكامل‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭.‬

وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬أشار‭ ‬السير‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬موقف‭ ‬الحكومة‭ ‬الذي‭ ‬يدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬عبر‭ ‬الزعم‭ ‬بأن‭ ‬لديها‭ ‬‮«‬الحق‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تحت‭ ‬قيادته‭ ‬لن‭ ‬تنحرف‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭. ‬وعندما‭ ‬سُئل‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قد‭ ‬انتهكت‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬أجاب‭ ‬بفتور‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬‮«‬غير‭ ‬الحكمة‮»‬،‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬عدد‭ ‬الاستقالات‭ ‬بحكومة‭ ‬الظل‭ ‬الخاصة‭ ‬بـ«ستارمر‮»‬،‭ ‬بسبب‭ ‬سياسته‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬استقالة‭ ‬الوزير‭ ‬‮«‬عمران‭ ‬حسين»؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬قاوم‭ ‬أيضًا‭ ‬المطالب‭ ‬المتزايدة‭ ‬داخل‭ ‬الحزب،‭ ‬والتي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬اقتراح‭ ‬الحزب‭ ‬الوطني‭ ‬الأسكتلندي،‭ ‬بمطالبة‭ ‬الحكومة‭ ‬‮«‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‮»‬‭. ‬

ودعا‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬نائبًا‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬17‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الحزب،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬250‭ ‬عضوًا‭ ‬بمجلس‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬ستارمر‮»‬،‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهدنة‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬الموثوق‮»‬‭. ‬وعليه،‭ ‬أدانته‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬مومنتوم‮»‬‭ ‬اليسارية‭ ‬ووصفته‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬منعزل‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬حزبه‭ ‬والجمهور‭ ‬بشكل‭ ‬عام‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تساءل‭ ‬سلفه‭ ‬‮«‬جيريمي‭ ‬كوربين‮»‬،‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬معارضو‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬‮«‬سيعيدون‭ ‬النظر‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬تكلفة‭ ‬وحشيتهم‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬انتقدت‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬موقفه‭ ‬‮«‬الغامض‭ ‬وغير‭ ‬الواضح‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬محنة‭ ‬المدنيين‭ ‬داخل‭ ‬غزة،‭ ‬واتهمته‭ ‬بالفشل‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬‮«‬القيادة‭ ‬الواضحة‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تحتاجها‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‮»‬‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإن‭ ‬الفشل‭ ‬الذي‭ ‬تورط‭ ‬فيه‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬الحاكم‭ ‬أيضًا‭ ‬جراء‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬أحدثتها‭ ‬‮«‬برافرمان‮»‬،‭ ‬كوزيرة‭ ‬للداخلية‭ ‬قبل‭ ‬إقالتها‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬يوضح‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬المناصب‭ ‬الرسمية‭ ‬ذات‭ ‬النفوذ‭ ‬والثقل‭ ‬الكبيرين‭ ‬في‭ ‬مضمار‭ ‬السياسة‭ ‬البريطانية،‭ ‬أصبحوا‭ ‬لا‭ ‬يمتلكون‭ ‬الآن‭ ‬السلطة‭ ‬لممارسة‭ ‬أدوار‭ ‬تتطلب‭ ‬فطنة‭ ‬أو‭ ‬لياقة‭ ‬سياسية‭ ‬لإدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وتخفيف‭ ‬حدة‭ ‬المواقف‭ ‬المتوترة،‭ ‬وتمكين‭ ‬الأدوار‭ ‬الدبلوماسية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا