حرصت قيادة مملكة البحرين دائما على النظر الى المستقبل بمنهج إصلاحي متواصل، تزيده الصعوبات وتمنحه التحديات مزيدا من الاصرار والعزم على البذل والعطاء لتحقيق اهداف الشعب وتعزيز تجربته التنموية الوطنية المتميزة، فقد اكد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم مرات عديدة أهمية مواصلة تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبرنامج التوازن المالي، وتعظيم عوائد الاستثمار، وتفعيل برامج التعليم والتدريب، والسير بخطى متسارعة في سياسات التنويع الاقتصادي، وتحقيق الاستقرار المعيشي وتحقيق الرفاهية للمواطنين، وجعل المواطن الخيار الافضل في سوق العمل، واكد جلالته في خطابه السامي في الثاني عشر من شهر ديسمبر 2022 في افتتاح دور الانعقاد الاول من الفصل التشريعي السادس للمجلس الوطني «أهمية الافصاح عما تحقق من هذه السياسات والخطط ومردودها الايجابي على المستويات المعيشية للأسرة البحرينية، وأهمية برامج الدعم المالي والاقتصادي للمواطنين».
وتأتي قرارات وزارة العمل وصندوق العمل تمكين الجديدة في رفع اجور المواطنين في القطاع الخاص ضمن البرنامج الوطني للتوظيف من خلال ثلاث مبادرات رئيسية شملت المبادرة الاولى رفع الحد الادنى للأجور بحسب المؤهل الدراسي، حيث تم تحديد الحد الادنى لرواتب خريجي الثانوية العامة بـ(350) دينارا، والحد الادنى لراتب الحاصلين على شهادة الدبلوم بـ(430) دينارا، والحد الادنى لراتب الحاصلين على شهادة البكالوريوس بـ(500) دينار. مع رفع الحد الاقصى للدعم الى (800) دينار، وزيادة المكافأة المالية للتدريب على رأس العمل الى (200) دينار. فضلا عن تعديل مدة الخبرة للداخلين الجدد الى سوق العمل كما هو مسجل في هيئة التأمين الاجتماعي من (12-24) شهرا.
ولم يقتصر الدعم على الداخلين الجدد الى سوق العمل فحسب، بل شمل زيادة اجور الموظفين المستفيدين حاليا من البرنامج الوطني للتوظيف لمدة سنتين، واستحداث برامج لدعم التلمذة المهنية، تشمل التوظيف والتدريب، وبما يستهدف دعم (50) ألف بحريني في السنة.
وتأتي هذه المبادرات انفاذا لتوجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم، ودعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والتوجيهات الرصينة لسمو الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة رئيس مجلس ادارة صندوق العمل (تمكين) بإطلاق حزمة البرامج الجديدة التي تعد الأكبر من نوعها منذ تأسيس الصندوق، بهدف خلق المزيد من الفرص الواعدة للمواطنين.
ولاريب ان هذه المبادرات تسهم في تحقيق الاستقرار الوظيفي في القطاع الخاص وتحفيز الشباب للعمل في منشآته، وخاصة أن البلاد تشهد سنويا تخرُّج أعداد كبيرة من الشباب من الجامعات والمعاهد البحرينية الامر الذي يتطلب استيعابهم في منشآت القطاع الخاص، وتوسيع قاعدة بحرنة الوظائف، والحد من العمالة الوافدة، ودفع المواطنين العاملين في القطاع الخاص الى بذل اقصى الجهود للإبداع والتطوير والتميز والارتقاء بأدائهم التنموي.
كما يؤمل لهذه المبادرات ان تؤدي الى تحفيز منشآت القطاع الخاص الى التوسع في استقطاب الشباب البحريني المؤهل للعمل فيها، من ناحية، ومن ناحية اخرى، نأمل ان تؤدي هذه المبادرات الى تحفيز البنوك والمؤسسات المالية في المملكة في البحث عن افضل صيغ الدعم لتوسيع وتطوير مشروعات القطاع الخاص لاسيما الصغيرة والمتوسطة التي تستوعب اعدادا كبيرة من القوة العاملة في البلاد، وتقديم وإطلاق مجموعة من المنتجات والخدمات التمويلية والاستثمارية والادخارية التي تلبي احتياجاتها، وفقا لشروط مرنة وميسرة، وبما يؤدي الى المزيد من الحراك الاستثماري في البلاد.
وما يقود اليه ذلك من فرص لتحسين الإنتاجية كمّا ونوعا وكيفا، ورفع معدل القيمة المضافة وزيادة التشغيل وامتصاص البطالة وارتفاع مستويات الدخل العام والخاص، والحد من الفقر على مختلف أنماطه، وتحقيق أشواط طيبة على خطى تحقيق الرفاهية الاقتصادية وصولا الى تحقيق التنمية المستدامة.
ومما ينبغي الاشارة اليه ان خطة صندوق العمل (تمكين) للعام الحالي تركز على دعم المؤسسات والافراد ضمن الاولويات الاستراتيجية للصندوق القائمة على اربعة محاور رئيسية: هي دعم تطور ونمو المؤسسات، وتطوير النظام البيئي لريادة الاعمال، الى جانب رفع نسبة المشاركة للبحرينيين، والتدريب بحسب متطلبات سوق العمل للمهارات الجديدة والناشئة، مما يسهم في تعزيز الاثر الاقتصادي والاجتماعي ويحقق النمو المستدام.
وذلك انسجاما مع ما قدمته تمكين من مبادرات وحزم مالية لدعم المواطنين والمنشآت الخاصة بصورة متواصلة منذ انشائها حتى اليوم.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك