عالم يتغير
فوزية رشيد
حرب أمريكا والغرب على غزة!
{ الولايات المتحدة التي سارع رئيسها «بايدن» للوصول إلى الكيان الصهيوني، بعد عملية «طوفان الأقصى»، في سابقة لم يقم بها أي رئيس أمريكي قبله، والكيان أعلن أنه في حالة حرب! فإنها هي ذاتها التي قدّمت عبر رئيسها أيضاً شيكاً مفتوحاً على بياض للدعم المطلق واللامحدود إلى الكيان! بل أرسلت «العتاد العسكري النوعي» مع 2000 من ضباطها وفرقة من نخبتها للمساهمة في الحرب على غزة! ثم أرسلت سفينتين أو بارجتين حربيتين، إحداهما الأضخم في العالم كـ(حاملة طائرات) ولإدارة الحرب منها! بعد أن شارك الخطط الحربية في مجلس الحرب مع «نتنياهو»! ثم أرسل الرئيس الأمريكي أضخم «غواصة نووية» لتربض قريباً من سواحل غزة ومصر!
{ بل أكدت كل التصريحات الأمريكية تبني الخطاب الصهيوني للكيان سياسياً وإعلاميا! وأضافت على ذلك استخدام (الفيتو) عدة مرات ضد وقف النار والهمجية والمحرقة في «غزة»! بل ودعم التجويع والتعطيش والتهجير ومنع الوقود عن المستشفيات! وتبنت الولايات المتحدة (السردية الإسرائيلية) حول قصف المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء و«التهجير القسري»، على خلفية قصف الأبراج والمساكن على رؤوس قاطنيها! كل ذلك وغيره كثير من (التماهي) وليس مجرد الانحياز يدلل بشكل واضح على أن الحرب القائمة على غزة هي (حرب أمريكية) بالدرجة الأولى! ومعها في ذلك بوارج بريطانيا والعتاد العسكري والموقف الألماني والفرنسي والاتحاد الأوروبي بعمومه! رغم تغيّر بعض المواقف الفرنسية خاصة وإن بشكل طفيف بسبب (الانكشاف الأخلاقي للغرب) أمام الشعوب الغربية، وبسبب ضغوطها وضغوط مظاهراتها الاستثنائية في حجمها وشعاراتها ومواقف حتى «اليهود» فيها!
{ حين يتوالى الغرب برؤساء دوله ووزراء خارجيته ودفاعه على الكيان! ويشارك في الحرب (دعماً عسكريا وإعلاميا ودبلوماسيا)، فلا يمكن تسمية ذلك أنه انحياز، بل هي حرب أمريكا والغرب المشارك بالأداة «الإسرائيلية»! وقد قال بايدن بوضوح «لو لم تكن (إسرائيل) موجودة لأوجدناها حفاظاً على مصالحنا»! أي مصالح أمريكية ينفذها «الكيان الشيطاني» غير المصالح الاستعمارية؟! وكما اتضحت عبر تقارير مختلفة أن «الغاز والنفط» وكالعادة هما المحركان الأساسيان لحروب أمريكا في المنطقة! وكل مرة عبر حجج مختلفة وبأدوات جديدة وآليات نوعية مغايرة! و(الحرب على الإرهاب) هو العنوان الأساس أيضا في كل حروبها «الاستعمارية» سواء في أفغانستان أو في العراق أو في سوريا، والآن في فلسطين/ وغزة! وقد تم (شيطنة «حماس» وكل المقاومة الفلسطينية) لذات السبب كحجة!
{ أكثر من 40 يوماً والمشهد في غزة ينتقل من كارثة إلى أخرى أكثر سوءًا! لنصل إلى مشهد الجثث التي تنهشها الكلاب في طرقات وساحات المستشفيات! لأن لا أحد يجرؤ على انتشالها بسبب (عمليات القنص) من الجنود الصهاينة! ولنصل إلى مشهد آخر في جنوب غزة الممتلئ بالنازحين، وقد أخرج الكيان (سردية جديدة) أن مقاتلي «حماس» هم في الجنوب الغزاوي، وبالتالي القصف سينتقل إلى هناك، بعد فشلهم في مهاجمة الأنفاق في الشمال والوسط!
وكل يوم حملات من الأكاذيب يتم ترويجها للاستمرار في (حرب الإبادة والتطهير العرقي والقتل والعقاب الجماعي) حتى أصيب (الضمير الشعبي العربي والعالمي) بحالة من الغضب والاحتقان والثورة على المآسي الكارثية التي يتعرض لها حتى (الخدّج ومرضى العناية المركزة) في مستشفيات «غزة»، التي صمدت أمام القصف ولكنها لم ولن تستطيع الصمود أمام نقص الوقود والأكسجين وكثرة المصابين، يتوقف الهلال الأحمر الفلسطيني و«الأونروا» عن القدرة على تقديم أي مساعدة، وقد تم قتل أكثر من (115 من عاملي الأونروا) مثلما تم قصف سيارات الإسعاف بالمسعفين! والقتل المتعمّد للصحفيين والإعلاميين العاملين في القنوات العربية والدولية!
{ الولايات المتحدة التي يعاني رئيسها من أعراض ضعف الذاكرة يبدو أنه نقل العدوى إلى كل المسؤولين معه، وهم يسابقون الزمن لكي ينهي الكيان مهمته الشيطانية في الإبادة! ولكن الموقف الشعبي في الغرب يختلف حيث انتقلت المظاهرات الكبيرة في شوارع أمريكا من نيويورك وغيرها، إلى ضمير بعض العاملين في (الخارجية الأمريكية) ليقدم بعضهم استقالته، وآخرون أصدروا بيانات احتجاج للإدارة الأمريكية بسبب الموقف الأمريكي أو حربها على غزة! وذات الشيء يحدث في شوارع لندن وباريس وعواصم غربية أخرى، فيما قادة الغرب مستمرون من دون هوادة في حربهم الضروس على الشعب الفلسطيني في غزة!
{ العالم كله تحرّك واكتفى العالمان العربي والإسلامي في قمتهما الأخيرة بالمواقف الإنشائية! وحتى أحد القرارات (بكسر الحصار) على رفح وإدخال المساعدات لم يتم تنفيذه بعد! فيما أمريكا تتلاعب بحربها بإعطاء كل المبررات للكيان الصهيوني، ليتمادى في مجازره ومذابحه ومحارقه! رغم أن أمريكا لو أرادت وقف النار ولهيب المحرقة لفعلت! ولكن (الحرب حربها وهي تريد إنجاز المهمة بالشراكة مع الوحشية «الإسرائيلية»)! وإذا لم يدرك العرب أن القادم هو الأسوأ للجميع، فإن خطأهم «الاستراتيجي» سيكون مماثلاً للخطأ الذي وقفوا فيه متفرجين على «سقوط بغداد» ليحدث بعد ذلك ما حدث والكل يعرفه! واليوم إذا وقفوا متفرجين على (سقوط غزة) أيًّا كانت التبريرات فالقادم بعد ذلك (مهول) بمعنى الكلمة! والشيطان لا يمكن التفاوض معه، وإنما مواجهته، ولدى العرب والمسلمين الكثير من أوراق المواجهة، ولكن لا يتم استخدامها ولكأنهم في حالة انتظار مريب لانتهاء أمريكا من مهمتها الوحشية والاستعمارية! أو لكأنهم لا يدركون أن الدور قادم على الجميع! فالشيطان الأمريكي لا يفهم لغة التفاوض أو الاستعطاف، وإنما يفهم لغة أن يضغط العرب والمسلمون عليه بتهديد مصالحه! وهم يمتلكون الأوراق لذلك بعيداً عن (الدخول العسكري أو استخدام النفط) كورقة! الكارثة في غزة إن تم السكوت عليها، واتخاذ الموقف غير العملي منها على المستوى العربي، فإن دائرة النار ستنتقل شرارة كارثيتها إلى كل دول المنطقة، فيما هي في وهم لغة السلام والتفاوض مع الشيطان، الذي يستعد للحرب على الجميع، ليتسلم كيانه الوحشي الهيمنة على كل المنطقة!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك