عالم يتغير
فوزية رشيد
قمة الرسائل والبيت مشتعل!
{ حين انعقدت «القمة العربية الإسلامية» السبت الماضي، بتعداد (57 دولة) فإن التأكيد الذي جاء في القمة على (وحدة الموقف العربي الإسلامي من حرب الإبادة على «غزة»)، هو تأكيد في محله، ولكنه وقع كعادة القمم في إطاره «الرمزي» وفي إطار (إرسال الرسائل) للقوى الكبرى والمجتمع الدولي والأمم المتحدة!
وهي وغيرها الجهات التي تمثل «النظام الدولي الراهن» بمعية (57 دولة عربية وإسلامية) تقع في تمثيل (ثلث دول العالم) تقريبًا! ولذلك كان المؤمل أن يتم اتخاذ (قرارات نافذة) و(فرضها) على بقية المجتمع الدولي، الذي لا تفهم قواه الكبرى (الداعمة والمشاركة) في الحرب على «غزة» إلا لغة القوة وتضرّر المصالح! خاصة في الوقت الذي فيه (يحترق البيت الفلسطيني) في غزة بشكل كبير جرّاء الحرب الوحشية غير المسبوقة! والمذابح والمجازر والتطهير العِرقي والتهجير القسري، بعد هدم البيوت والمستشفيات والكثير الكثير من جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية! ورغم ذلك وبعد مرور ما يقارب الـ (40 يومًا) فالفيتو الأمريكي والبريطاني يمنع صدور أي قرار لوقف إطلاق النار بشكل نهائي، ولكأن ما يحدث في «غزة» و«الضفة الغربية» معها، هو مجرد بروفات لفيلم رعب أو فيلم حرب هوليوودي!
{ هذا المجتمع الدولي (بكل مؤسساته ومنظماته) والذي أثبت سقوطه في مستنقع (اللاإنسانية) كخلاصة لتحكمّ بعض القوى الشيطانية فيه! لا يفهم مغزى الرسائل ولا يكترث بها! بل هو يعطي الوقت، كل الوقت، ويميّع الزمن، لاستمرار الكيان الصهيوني في جرائم الحرب التي يقوم بها، فيما البيت الفلسطيني يحترق! والأطفال يتحوّلون إلى أشلاء! والمستشفيات إلى مواقع للمعارك والقصف! حتى أصبح تعداد المرشحين للموت بسبب نقص الأدوية والمعدات الطبية ومولدات الطاقة لعدم وجود الغاز، سيتم احتسابه خلال أيام (بعشرات الآلاف) من المرضى الشهداء، أي أكثر بكثير ممن استشهدوا رغم ضخامة عددهم!
{ ما جاء في بيان القمة هو (رهن الوقت أو الزمن القادم) كإجراءات وتحركات، ولكنه الوقت الذي لا تمتلكه «غزة» لكي يصمد أهلها ومرضاها أمام الموت! هي قرارات لو جاءت كخطاب في وقت عادي كان بالإمكان التمحيص فيها لمعرفة مدى صلابتها أو رخاوتها، ولكن وفي المشهد الذي يستمر فيه الكيان على مدى (40 يومًا) في القصف المكثف، ويعرقل أي مفاوضات لتبادل الأسرى بحجة القضاء على «حماس» الذي لن يحدث كما يريده الكيان! ويعطل فيه وصول ودخول المساعدات بما فيها الطبية والأغذية والماء، ويمارس التهجير القسري لسكان شمال غزة، نحو الجنوب، في (بقعة قابلة لكل أشكال الانفجار والأوبئة والأمراض)، فإن ما نتج من قرارات عن (القمة العربية الإسلامية) لا ترقى إلى مستوى الحدث ولا كارثيته كل يوم! ولا المأساة التي يعيشها أهل «غزة» سواء في الحصار تحت القصف (لمن لم ينزح) أو في حصار المستشفيات والمدارس ومراكز الايواء، التي يتم قصفها في مشهد لا مثيل له! أو حتى في مأساة النازحين نحو الجنوب بما يذكر بنزوح 48 أو النكبة الفلسطينية الأولى!
وهذه المرة هي محاولة الكيان والغرب الاستعماري (تصفية القضية الفلسطينية) بحرب الإبادة أمام مرأى ومسمع العالم كله، بمن فيه الدول العربية والإسلامية التي أكدت أن القضية الفلسطينية قضيتها المركزية!
{ لا أحد يريد من الدول العربية أو الإسلامية القيام بأي «عمل عسكري»! ولكن هذه الدول الـ57، تمتلك من القوة والتأثير، ما دامت قد اجتمعت وتوحدت في قمة واحدة، ما يجعل القوى الكبرى توقف الحرب وإطلاق النار إن شعرت بقوة (الموقف العملي) أو اتخاذ أية إجراءات عملية سواء دبلوماسية أو سياسية أو اقتصادية! وليس أيضًا المقصود بالاقتصادية استخدام النفط كسلاح، ولكن أن تقوم بكل ما تملك في التأثير في الكيان الصهيوني والتجارة معه، أو الاستثمار في الغرب، ما يجعل الكيان والغرب يوقفان المجازر وحرب الإبادة ويدركان أن حل القضية بشكل عادل أمر لابد منه! أما المطالبات والمناشدات وتشكيل لجنة لإقناع القوى المؤثرة المشاركة تحديدًا في الحرب على غزة، والاستنكار وغير ذلك من خطاب، فإنه لا يؤثر بل يجعل الكيان أكثر ضراوة في همجيته وجرائمه ضد الإنسانية!
{ ولهذا لن نناقش ما صدر عن «القمة العربية الإسلامية» من قرارات أو بيان ختامي، لأن توقع الشعوب العربية التي ترى عبر الساعة ما يحدث من مآس حتمًا كان يتوقع (اتخاذ إجراءات عملية سريعة) ذات تأثير حقيقي في الكيان والغرب!
خاصة وأن كل شعوب العالم، تخرج إلى الشوارع بشكل يومي، وأكبر التظاهرات الضاغطة هي في الدول الغربية المشاركة في الحرب على «غزة» مثل (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، وهو المناخ الملائم لكي يتخذ العرب والمسلمون (أصحاب القرار)، إجراءات عملية تسهم في ضغط حقيقي على تلك الدول خاصة وعلى الغرب عامة، وانعكاس ذلك على الكيان الصهيوني المجرم! أما لغة (الرسائل غير المباشرة) فبإمكان هذا الغرب والكيان، أن يترجموها باعتبارها تدور في (اللاموقف القوي من العرب والمسلمين) وبالتالي يتم الاستمرار في صناعة «المحرقة الفلسطينية»! أما رسائل السلام في وقت وحشية الطرف الآخر في جرائم حربه، فبدورها يتم تغيرها من جانبه أن الأمور باقية في مسارها معه، رغم كل فعل ولا يزال يفعل!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك