العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الآن.. وبعدما سقطت ورقة التوت

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ١٢ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

‮«‬من‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬،

‮«‬نحارب‭ ‬حيوانات‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬بشر‮»‬،

‮«‬إلقاء‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬حل‭ ‬ممكن،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المختطَفين‭ ‬فالحرب‭ ‬لها‭ ‬أثمان‮»‬،

في‭ ‬أغسطس‭ ‬2007‭ ‬قال‭ ‬المرشح‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬للحزب‭ ‬الجمهوري‭ (‬توم‭ ‬تانكريدو‭): ‬‮«‬لو‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬يدي،‭ ‬فسأهدد‭ ‬بصراحة‭ ‬إن‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬يستهدفنا‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬سنرد‭ ‬عليه‭ ‬مباشرة‭ ‬بهجوم‭ ‬على‭ ‬مكة‭ ‬أو‭ ‬المدينة،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يردع‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬أو‭ ‬جهة‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجوم‭ ‬ضد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭.‬

هل‭ ‬هكذا‭ ‬يفكرون،‭ ‬وينظرون‭ ‬إلينا؟‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭.‬

ذات‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬الحنون‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬قط‭ ‬جالس‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬شجرة،‭ ‬فجاء‭ ‬طفل‭ ‬فضرب‭ ‬القطة‭ ‬بعصا‭ ‬فسقطت،‭ ‬وانكسر‭ ‬ساقها،‭ ‬وبدأت‭ ‬بالمواء،‭ ‬وتجمع‭ ‬الناس،‭ ‬فقام‭ ‬أحدهم‭ ‬بالاتصال‭ ‬بالشرطة‭ ‬وجمعية‭ ‬حقوق‭ ‬الحيوان،‭ ‬وكلها‭ ‬دقائق‭ ‬فتجمهر‭ ‬الناس،‭ ‬وجاءت‭ ‬الشرطة،‭ ‬وجمعيات‭ ‬الرفق‭ ‬بالحيوانات،‭ ‬فأخذت‭ ‬القطة‭ ‬وعالجت‭ ‬ساقها‭ ‬المكسور‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المكان‭ ‬بأسلوب‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية،‭ ‬ثم‭ ‬أخذوا‭ ‬القطة‭ ‬إلى‭ ‬العيادة‭ ‬للمعالجة‭ ‬الدائمة،‭ ‬وهناك‭ ‬تم‭ ‬تقديم‭ ‬العلاج‭ ‬والمأوى‭ ‬والغذاء‭ ‬للقطة‭.‬

وأما‭ ‬الطفل‭ ‬فتم‭ ‬استدعاء‭ ‬والديه‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬الشرطة،‭ ‬وأخذوا‭ ‬تعهدا‭ ‬على‭ ‬الوالدين‭ ‬بألا‭ ‬يتعرض‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬الشقي‭ ‬المشاكس‭ ‬للقطط‭ ‬والحيوانات‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

وفي‭ ‬الغرب‭ ‬الحنون‭ ‬أيضًا‭ ‬وجدت‭ ‬امرأة‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الرجال‭ ‬المشردين،‭ ‬الذي‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ (‬بلا‭ ‬مأوى‭ ‬homeless‭) ‬يمتلك‭ ‬كلبًا‭ ‬يجره‭ ‬معه‭ ‬أينما‭ ‬يذهب،‭ ‬وهذا‭ ‬الكلب‭ ‬يتبعه‭ ‬دائمًا،‭ ‬فوجدت‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬منزلا‭ ‬ولا‭ ‬طعامًا،‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬كفاف‭ ‬الأرض،‭ ‬فالجوع‭ ‬ظاهر‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬كلبه،‭ ‬فقامت‭ ‬بالاتصال‭ ‬بالشرطة،‭ ‬فأتت‭ ‬الشرطة‭ ‬فأخذت‭ ‬الكلب‭ ‬لمركز‭ ‬إيواء‭ ‬الحيوانات‭ ‬للرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬والجسدية،‭ ‬وتُرك‭ ‬الرجل‭ ‬يهيم‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أي‭ ‬مأوى‭ ‬أو‭ ‬رعاية‭.‬

هل‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬الحنونة‭ ‬التي‭ ‬تعطف‭ ‬على‭ ‬الحيوانات‭ ‬وتنشئ‭ ‬الملاجئ‭ ‬لهم‭ ‬وتطعمهم‭ ‬وتكسوهم‭ ‬وتجمعهم‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬للإيواء‭ ‬ليقوم‭ ‬أحدهم‭ ‬بتبنيهم؟‭ ‬يا‭ ‬لرقة‭ ‬قلوبهم‭! ‬

هذا‭ ‬الغرب‭ ‬الحنون،‭ ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬منير‭ ‬العكش‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬أمريكا‭.. ‬الإبادات‭ ‬الجماعية‭)‬،‭ ‬ويقول‭ ‬‮«‬إن‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الأمريكية‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬الدماء‭ ‬وبنيت‭ ‬على‭ ‬جماجم‭ ‬البشر،‭ ‬فقد‭ ‬أبادت‭ ‬هذه‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الدموية‭ ‬112‭ ‬مليون‭ ‬إنسان‭ (‬بينهم‭ ‬18‭.‬5‭ ‬مليونا‭ ‬أبيدوا‭ ‬ودمرت‭ ‬قراهم‭ ‬ومدنهم‭) ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬أمة‭ ‬وشعب،‭ ‬ووصفت‭ ‬أمريكا‭ ‬هذه‭ ‬الإبادات‭ ‬بأنها‭ ‬أضرار‭ ‬هامشية‭ ‬لنشر‭ ‬الحضارة،‭ ‬وخاضت‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬إبادة‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬البشر‭ ‬وفق‭ ‬المعلوم‭ ‬والموثق‭ ‬93‭ ‬حربًا‭ ‬جرثومية‭ ‬شاملة،‭ ‬وتفصيل‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬أورده‭ ‬الكاتب‭ ‬الأمريكي‭ ‬هنري‭ ‬دوبيتر‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬أرقامهم‭ ‬التي‭ ‬هزلت‭) ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الخاص‭ ‬بأنواع‭ ‬الحروب‭ ‬الجرثومية‭ ‬التي‭ ‬أبيد‭ ‬بها‭ ‬الهنود‭ ‬الحمر‭ ‬بنحو‭ ‬41‭ ‬حربًا‭ ‬بالجدري،‭ ‬و4‭ ‬بالطاعون،‭ ‬17‭ ‬بالحصبة،‭ ‬و10‭ ‬بالأنفلونزا،‭ ‬و25‭ ‬بالسل‭ ‬والدفتريا‭ ‬والتيفوس‭ ‬والكوليرا،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬لهذه‭ ‬الحروب‭ ‬الجرثومية‭ ‬آثار‭ ‬وبائية‭ ‬شاملة‭ ‬اجتاحت‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬فلوريدا‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭ ‬الشرقي‭ ‬إلى‭ ‬أرغون‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬الغربي،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬جماعات‭ ‬وشعوب‭ ‬وصلتها‭ ‬الأوبئة‭ ‬فأبادتها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬وجه‭ ‬الإنسان‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأبيض‮»‬‭.‬

واليوم‭ ‬يعيش‭ ‬سكان‭ ‬أمريكا‭ ‬الأصليون‭ ‬في‭ ‬محميات‭ ‬خاضعين‭ ‬لقوانين‭ ‬خاصة‭ ‬جدًا،‭ ‬ويتم‭ ‬التعامل‭ ‬معهم‭ ‬وكأنهم‭ ‬حيوانات‭.‬

هكذا‭ ‬ينظر‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬سكان‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭.‬

وذات‭ ‬مرة‭ ‬قام‭ ‬الغرب‭ ‬الحنون،‭ ‬في‭ ‬نهاية الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‮ ‬أغسطس‭ ‬1945‭ ‬بقصف‭ ‬مدينتي‮ ‬هيروشيما‭ ‬وناجازاكي‮ ‬اليابانية‭ ‬باستخدام قنابل‭ ‬ذرية‭. ‬قتلت‭ ‬القنابل‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ (‬140.000‭) ‬شخص‭ ‬في‭ ‬هيروشيما،‭ ‬و‭(‬80.000‭) ‬في‭ ‬ناغازاكي‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬سنة‭ ‬1945،‭ ‬حيث‭ ‬مات‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬تمت‭ ‬فيه‭ ‬التفجيرات‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬مات‭ ‬نحو‭ ‬15‭ ‬إلى‭ ‬20%‭ ‬متأثرين‭ ‬بالجروح‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬آثار‭ ‬الحروق،‭ ‬والصدمات،‭ ‬والحروق الإشعاعية،‭ ‬يضاعفها‭ ‬الأمراض،‭ ‬وسوء‭ ‬التغذية والتسمم‭ ‬الإشعاعي‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬توفي‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬بسبب سرطان‭ ‬الدم‭ (‬231‭) ‬حالة،‭ ‬والسرطانات‮ ‬الصلبة‭ (‬334‭) ‬حالة،‭ ‬تأتي‭ ‬نتيجة‭ ‬التعرض‭ ‬للإشعاعات‭ ‬المنبثقة‭ ‬من‭ ‬القنابل،‭ ‬ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الوفيات‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬المدينتين‭.‬

وحتى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬يعتذر‭ ‬الغرب‭ ‬الحنون‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الفعلة‭.‬

واليوم‭ ‬يُسقط‭ (‬طوفان‭ ‬الأقصى‭) ‬ورقة‭ ‬التوت‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تغطي‭ ‬هذا‭ ‬الوجه‭ ‬القبيح‭ ‬للحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬المغلفة‭ ‬برونق‭ ‬ملون‭ ‬براق،‭ ‬فتنكشف‭ ‬حقيقة‭ ‬هذه‭ ‬الحضارة‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬أقيمت‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬جثث‭ ‬وجماجم‭ ‬بشرية‭.‬

اليوم‭ ‬وفي‭ ‬الأسبوع‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ (‬طوفان‭ ‬الأقصى‭) ‬سقط‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬شهيد،‭ ‬جلهم‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والشيوخ،‭ ‬ترى‭ ‬ماذا‭ ‬كان‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ماذا‭ ‬تفعل‭ ‬إن‭ ‬جرحت‭ ‬قطة‭ ‬أو‭ ‬كلبا،‭ ‬فهل‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬لا‭ ‬يعادلون‭ ‬ولا‭ ‬يتساوون‭ ‬مع‭ ‬الكلاب‭ ‬والقطط؟‭!‬

دُمرت‭ ‬مستشفيات‭ ‬ومدارس‭ ‬ومساجد‭ ‬وكنائس‭ ‬ومخابز‭ ‬وسيارات‭ ‬إسعاف‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أساسيات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للحياة‭ ‬البشرية،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬أي‭ ‬مشاعر‭ ‬تتحرك‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭. ‬وحتى‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬فإنه‭ ‬ينقل‭ ‬الصورة‭ ‬المغايرة‭ ‬تمامًا،‭ ‬فهو‭ ‬ينقل‭ ‬‭ ‬فقط‭ ‬‭ ‬صورا‭ ‬لبعض‭ ‬جثث‭ ‬لبعض‭ ‬ضحايا‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ويسلط‭ ‬الأضواء‭ ‬على‭ ‬عويل‭ ‬عائلاتهم‭ ‬وأولادهم،‭ ‬وينسى‭ ‬تمامًا‭ ‬آثار‭ ‬التدمير‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وكأن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يعنيه‭.‬

في‭ ‬تقرير‭ ‬للمرصد‭ ‬الأورومتوسطي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬يقول‭: ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬أسقطت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بما‭ ‬يعادل‭ ‬قنبلتين‭ ‬نوويتين‭. ‬وأبرز‭ ‬التقرير‭ ‬اعتراف‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أن‭ ‬طائراته‭ ‬استهدفت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬ألف‭ ‬هدف‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مع‭ ‬حصيلة‭ ‬قياسية‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬بحيث‭ ‬تتجاوز‭ ‬حصة‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬10‭ ‬كيلو‭ ‬جرامات‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬وزن‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬أسقطتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬هيروشيما‭ ‬وناجازاكي‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬نحو‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭.‬

ويشير‭ ‬التقرير‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬التطور‭ ‬الذي‭ ‬طرأ‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬وفاعلية‭ ‬القنابل‭ ‬مع‭ ‬ثبات‭ ‬كمية‭ ‬المتفجرات‭ ‬قد‭ ‬يجعل‭ ‬الكمية‭ ‬التي‭ ‬أسقطت‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ضعفي‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعمد‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭ ‬المعنية،‭ ‬ويعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬التدميرية‭ ‬للمتفجرات‭ ‬التي‭ ‬ألقيت‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ألقي‭ ‬على‭ ‬هيروشيما،‭ ‬مع‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬مساحة‭ ‬المدينة‭ ‬اليابانية‭ ‬900‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع‭ ‬بينما‭ ‬مساحة‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬360‭ ‬كيلومترًا‭.‬

وقال‭ ‬المرصد‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬‮«‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تستخدم‭ ‬قنابل‭ ‬ذات‭ ‬قوة‭ ‬تدميرية‭ ‬ضخمة‭ ‬بعضها‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬كيلو‭ ‬غراما‭ ‬إلى‭ ‬ألف‭ ‬كيلو‭ ‬غرام،‭ ‬لافتًا‭ ‬إلى‭ ‬تصريح‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بإسقاط‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬قنبلة‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬غزة‭ ‬وحدها‭ (‬تبلغ‭ ‬مساحتها‭ ‬56‭ ‬كيلو‭ ‬مترًا‭). ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬توثيق‭ ‬استخدام‭ ‬إسرائيل‭ ‬أسلحة‭ ‬محرمة‭ ‬دوليًا‭ ‬في‭ ‬هجماتها‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬القنابل‭ ‬العنقودية‭ ‬والفسفورية‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مادة‭ ‬سامة‭ ‬شمعية‭ ‬تتفاعل‭ ‬مع‭ ‬الأوكسجين‭ ‬بسرعة‭ ‬وتتسبب‭ ‬بحروق‭ ‬بالغة‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الثانية‭ ‬والثالثة‭.‬

ويضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬استخدام‭ ‬إسرائيل‭ ‬قنابل‭ ‬متفجرة‭ ‬ذات‭ ‬آثار‭ ‬تدميرية‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المأهولة‭ ‬بالسكان‭ ‬والذي‭ ‬يمثل‭ ‬أخطر‭ ‬التهديدات‭ ‬للمدنيين‭ ‬في‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة‭ ‬المعاصرة‭ ‬ويفسر‭ ‬ذلك‭ ‬حدة‭ ‬الدمار‭ ‬الهائل‭ ‬وتسوية‭ ‬أحياء‭ ‬سكنية‭ ‬بكاملها‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أنقاض‭ ‬وخراب‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. (‬ينتهي‭ ‬الاقتباس‭).‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬أمام‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬والشرقي‭ ‬الحنون‭ ‬الذي‭ ‬يدعي‭ ‬الحريات‭ ‬والديمقراطيات‭ ‬ويحرك‭ ‬أساطيله‭ ‬وجنوده‭ ‬شرقًا‭ ‬وغربًا‭ ‬لإرساء‭ ‬مبادئ‭ ‬تلك‭ ‬الحريات‭ ‬والديمقراطيات،‭ ‬ولكنها‭ ‬أمام‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لم‭ ‬يتحرك‭ ‬منها‭ ‬ساكن‭ ‬ولم‭ ‬يتحرك‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬الشعور‭ ‬بالمبادئ‭ ‬الإنسانية‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬الحيوانية،‭ ‬ثم‭ ‬أتت‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬ادعت‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬أنها‭ ‬دول‭ ‬المقاومة‭ ‬والممانعة‭ ‬كإيران‭ ‬وحزب‭ ‬اللات،‭ ‬فأكملت‭ ‬هذا‭ ‬الهرج،‭ ‬وبدأت‭ ‬تطلق‭ ‬الصرخات‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬والناس‭ ‬تنظر‭ ‬وتنتظر،‭ ‬حتى‭ ‬خرج‭ ‬علينا‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬الخطيب‭ ‬المفوة،‭ ‬فقال‭ ‬وقال‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬قال،‭ ‬ولكنه‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬قال‭: ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬فعلى‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬تبعات‭ ‬قراراتها‭ ‬ومعركتها‭ ‬وحدها،‭ ‬فتنصل‭  ‬بكل‭ ‬هدوء‭ ‬وسهولة‭ ‬‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬تبعات‭ ‬المعركة‭ ‬وكأن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يعنيهم‭.   ‬

وإن‭ ‬كانت‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬والشرقية‭ ‬لم‭ ‬تتحرك‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬تحركت،‭ ‬فتوقفت‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬عواصم‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬توقفت‭ ‬القطارات‭ ‬والمحلات‭ ‬التجارية‭ ‬والأسواق،‭ ‬لأن‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬وجدت‭ ‬وشعرت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شعبا‭ ‬مضطهدا‭ ‬وقابعا‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الغاشم،‭ ‬وأنه‭ ‬يعامل‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يعامل‭ ‬به‭ ‬الحيوان،‭ ‬لذلك‭ ‬تحركت‭ ‬بسبب‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬والشيوخ‭ ‬والنساء‭ ‬التي‭ ‬احترقت‭ ‬جثثها‭ ‬وتناثرت‭ ‬أشلاؤها‭.‬

اليوم‭ ‬أصبحت‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬والشرقية‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬شعوبها،‭ ‬حكومات‭ ‬تدعم‭ ‬الاحتلال‭ ‬والشعوب‭ ‬ترفض‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬اللا‭ ‬محدود،‭ ‬وعلى‭ ‬الأقل‭ ‬تتساءل‭ ‬تلك‭ ‬الشعوب‭: ‬هل‭ ‬أموال‭ ‬الضرائب‭ ‬التي‭ ‬ندفعها‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬الاحتلال؟‭  ‬

شعوب‭ ‬العالم‭ ‬بدأت‭ ‬ترفض‭ ‬هيمنة‭ ‬اللوبي‭ ‬الصهيوني‭ ‬المسيطر‭ ‬على‭ ‬عقولهم‭ ‬وحياتهم،‭ ‬فنقلت‭ ‬لنا‭ ‬شاشات‭ ‬التلفزيون‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الحشود‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬رافضة‭ ‬تلك‭ ‬الهيمنة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬والغرب‭ ‬والشرق،‭ ‬لأنهم‭ ‬فوجئوا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬اللوبي‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬حياتهم‭ ‬وكانوا‭ ‬في‭ ‬غفلة،‭ ‬فهذا‭ ‬اللوبي‭ ‬البغيض‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬اقتصاديات‭ ‬الدول‭ ‬ووسائل‭ ‬إعلامها‭ ‬وساساتها‭ ‬وحكامهم،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬العالمية‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والأخبار،‭ ‬ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬المهم،‭ ‬هل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬حقيقة‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬وهم‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقهر‭ ‬تبين‭ ‬أنه‭ ‬وهم‭. ‬

وربما‭ ‬هنا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نطرح‭ ‬السؤال‭ ‬المهم؛‭ ‬هل‭ ‬ستحرر‭ ‬غزة‭ ‬شعوب‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬والعالم‭ ‬من‭ ‬العبودية‭ ‬للصهيونية‭ ‬والدولة‭ ‬العميقة‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الدول؟

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬يخرج‭ ‬لنا‭ ‬بعض‭ ‬الساسة‭ ‬ليقول‭ ‬بمليء‭ ‬الفم‭ ‬‮«‬من‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬،

ونحن‭ ‬نسأل‭ ‬من‭ ‬أعطاها‭ ‬هذا‭ ‬الحق؟‭ ‬ولماذا‭ ‬تقوم‭ ‬دولة‭ ‬استعمارية‭ ‬حنونة‭ ‬قديمة‭ ‬بإعطاء‭ ‬الحق‭ ‬لدولة‭ ‬استعمارية‭ ‬حنونة‭ ‬حديثة‭ ‬لإبادة‭ ‬البشر؟

والآن،‭ ‬وبعدما‭ ‬سقطت‭ ‬ورقة‭ ‬التوت،‭ ‬ماذا‭ ‬نحن‭ ‬فاعلون؟

zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا