العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

نكبة فلسطين «الثانية» هي نكبة للإنسانية كلها!

{ لنبتعد‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬الأكاذيب‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬الآن‭ ‬وفعلته‭ ‬طوال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ (‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭)! ‬وللقضاء‭ ‬على‭ ‬قيادات‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬لأن‭ ‬أولاً‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬مجرد‭ ‬غطاء‭ ‬رث‭ ‬للجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬وهي‭ ‬متنوعة‭ ‬وكثيرة‭ ‬ويراها‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬شرفة‭ ‬الفضائيات‭ ‬والهواتف‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭! ‬في‭ ‬مشاهد‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لتاريخ‭ ‬الحروب،‭ ‬أن‭ ‬سجل‭ ‬ما‭ ‬يشبهها‭ ‬بتعمد‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمسنين‭ ‬والشباب‭! ‬وثانياً‭ ‬لأن‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬حماس‭ ‬موجودون‭ ‬خارج‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬معهم‭ ‬بالوساطة‭! ‬وكانوا‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬أمام‭ ‬أعينها‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬وتعرف‭ ‬أماكنهم،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تركيا؟‭! ‬فيما‭ ‬قادة‭ ‬‮«‬القسام‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إليهم‭ ‬بعد‭! ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الاستهداف‭ ‬طوال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬هو‭ ‬للمدنيين‭ ‬وبيوتهم‭ ‬ولكل‭ ‬مكان‭ ‬بإمكانهم‭ ‬اللجوء‭ ‬إليه‭ ‬أو‭ ‬التشافي‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬المجازر‭ ‬على‭ ‬أجسادهم،‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬مقاتلي‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ (‬بلباس‭ ‬أطباء‭ ‬وممرضين‭)! ‬وهذا‭ ‬آخر‭ ‬ابتكارات‭ ‬ماكينة‭ ‬الأكاذيب‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭! ‬أو‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الكنائس‭ ‬والمساجد‭ ‬وأماكن‭ ‬التراث‭ ‬والثقافة‭! ‬أو‭ ‬هم‭ ‬يخرجون‭ ‬مع‭ ‬النازحين‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬تأمين‭ ‬‮«‬ممر‭ ‬الموت‮»‬‭ ‬لهم،‭ ‬فاستحقوا‭ ‬القصف‭ ‬وهم‭ ‬ينزحون‭ ‬من‭ ‬الشمال‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭ ‬لأن‭ ‬في‭ ‬وسطهم‭ ‬مندسين‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬حماس‭! ‬

{ المشهد‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يدور‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭! ‬ويختصران‭ ‬كعنوانين‭ ‬ما‭ ‬ينبثق‭ ‬منهما‭ ‬من‭ ‬عناوين‭ ‬فرعية‭ ‬مثل‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والمذابح‭ ‬والمجازر‭ ‬و«التطهير‭ ‬العِرقي‮»‬‭ ‬لتدخل‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬العناوين‭ ‬معاً‭ ‬في‭ (‬المحرقة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أو‭ ‬الهولوكوست‭)!‬

ولتقف‭ ‬الإنسانية‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬ذهول‭ ‬أمام‭ ‬تلك‭ ‬الوحشية‭ ‬منقطعة‭ ‬النظير‭! ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يُصاب‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬بنكبة‭ ‬‮«‬ثانية‮»‬‭ ‬بالنزوح‭ ‬من‭ ‬أرضهم‭ ‬وبيوتهم‭ ‬المدمرة،‭ ‬وقد‭ ‬نزحوا‭ ‬سابقاً‭ ‬في‭ ‬1948‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬قبل‭ ‬75‭ ‬عاما‭! ‬

{ مشهد‭ ‬‮«‬النزوح‭ ‬الجماعي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬سجلته‭ ‬الكاميرات‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬ووسطها‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب،‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬مشهد‭ ‬‮«‬التهجير‭ ‬الأول‮»‬‭ ‬و«النكبة‭ ‬الأولى‮»‬‭ ‬في‭ ‬48‭ ‬بل‭ ‬يزيد‭ ‬عليها‭ ‬أنها‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ (‬هي‭ ‬نكبة‭ ‬الإنسانية‭ ‬كلها‭)! ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬تبحث‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬‮«‬القوانين‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬عما‭ ‬يقف‭ ‬سدًا،‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الإبادة‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والتهجير،‭ ‬فلا‭ ‬تجد‭! ‬فتصاب‭ ‬بنكبة‭ ‬التكاذب‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬القوانين‭! ‬وتبحث‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬إنسانيتها‭ ‬فلا‭ ‬تجدها‭ ‬فتصاب‭ ‬بالنكبة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬حالة‭ ‬العجز‭ ‬الإنساني‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إيقاف‭ ‬‮«‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬عليها‭ ‬مبادئ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وكل‭ ‬الدول،‭ ‬وتبحث‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬معنى‭ ‬للأخلاق‭ ‬أو‭ ‬القيم‭ ‬أو‭ ‬الرحمة‭ ‬أو‭ ‬السلام،‭ ‬فتجدها‭ ‬كلها‭ ‬قد‭ ‬تبخرت‭ ‬في‭ ‬غيوم‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬من‭ ‬القصف‭ ‬المكثف‭ ‬والمستمر‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬المدنيين‭ ‬وأغلبهم‭ ‬أطفال‭! ‬

{ هذا‭ ‬الضغط‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬الغرب‭ ‬لاستمرار‭ ‬الحرب،‭ ‬وعدم‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وحيث‭ ‬‮«‬القرابين‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬الأطفال‮»‬‭ ‬مستمر‭ ‬تقديمها‭ ‬لتغذية‭ ‬الشر‭ ‬العالمي‭ ‬وأجندة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الغربي،‭ ‬وتجار‭ ‬الحروب‭ ‬الذين‭ ‬دخلوا‭ ‬سباق‭ ‬المسافات‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬وانطلاقاً‭ ‬منها‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النكبة‭ ‬الثانية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يحاولون‭ ‬تمريرها‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أولاً،‭ ‬وفي‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ثانياً‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لحماس‭ ‬هناك‭! ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬نكبة‭ ‬للإنسانية‭ ‬كلها‭ ‬كما‭ ‬قلنا‭!‬،‭ ‬وحيث‭ (‬السقوط‭ ‬المدوّي‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬تغنى‭ ‬به‭ ‬الغرب‭)‬،‭ ‬ينسحب‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬البشرية‭! ‬وهي‭ ‬تصرخ‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬رافضة‭ ‬للوحشية،‭ ‬ولكل‭ ‬هذا‭ ‬الانكشاف‭ ‬المريع‭ ‬يكل‭ ‬ما‭ ‬آمنت‭ ‬به‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فقد‭ ‬سقطت‭ ‬جميعها‭ ‬بين‭ ‬ركام‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬وأشلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء،‭ ‬لأن‭ ‬البشرية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬إيقاف‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬إنسانيتها‭ ‬تحت‭ ‬أقدام‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭ ‬والحكام،‭ ‬الذين‭ ‬يتراوحون‭ ‬وهم‭ ‬خلف‭ ‬الميكروفونات‭ ‬بين‭ ‬مشاركين‭ ‬في‭ (‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإنسانية‭) ‬ومتواطئين‭ ‬وعاجزين‭ ‬وفاشلين‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬إيقاف‭ ‬ماكينة‭ ‬المجازر‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهر‭! ‬

{ منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬القصة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬‮«‬حماس‮»‬،‭ ‬وهم‭ ‬يدركون‭ ‬جيداً‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬للاحتلال‭ ‬هي‭ ‬مقاومة‭ ‬مشروعة،‭ ‬وأنها‭ ‬ليست‭ ‬مختزلة‭ ‬في‭ ‬فصيل‭ ‬واحد،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬اختزالها‭ ‬فهي‭ ‬مقاومة‭ ‬شعب‭ ‬بكل‭ ‬فصائله‭ ‬وأيديولوجياته‭ ‬ورؤاه،‭ ‬و‭(‬لذلك‭ ‬جاء‭ ‬القرار‭ ‬بالتخلص‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬نفسه‭)! ‬فأطفاله‭ ‬مشاريع‭ ‬مقاومة‭ ‬قادمة،‭ ‬ونساؤه‭ ‬شربوا‭ ‬الظلم‭ ‬والاضطهاد،‭ ‬ويقفن‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الاحتلال‭ ‬ببطولة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬بطولة‭ ‬المقاومين‭ ‬منذ‭ ‬75عاماً‭! ‬وحيث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬وجود‭ ‬لفصيل‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬أو‭ ‬غيره‭! ‬فالقضية‭ ‬هي‭ (‬قضية‭ ‬شعب‭ ‬فلسطيني‭ ‬بأكمله‭) ‬يتم‭ ‬اليوم‭ ‬صناعة‭ ‬‮«‬النكبة‭ ‬الثانية‮»‬‭ ‬له‭! ‬ومخططات‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬الأدراج‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭! ‬ولم‭ ‬تخرج‭ ‬فجأة‭! ‬والقضية‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬وحشية‭ ‬وحرب‭ ‬إبادة‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭! ‬والقضية‭ ‬هي‭ (‬نكبة‭ ‬الإنسانية‭ ‬كلها‭) ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬عواصم‭ ‬ومدن‭ ‬العالم‭ ‬وتفشل‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬إنسانيتها‭! ‬والقضية‭ ‬هي‭ ‬هذا‭ ‬الانكشاف‭ ‬الدولي‭ ‬بأكمله‭ ‬ووقوفه‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الفرجة‭ ‬والعجز‭! ‬والقضية‭ ‬هي‭ ‬عجز‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬إيقاف‭ ‬المجازر‭ ‬اليومية‭ ‬ومخططات‭ ‬التهجير‭ ‬والقضاء‭ ‬وتصفية‭ ‬قضيتهم‭ ‬المركزية‭ ‬الأولى‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا