عالم يتغير
فوزية رشيد
نكبة فلسطين «الثانية» هي نكبة للإنسانية كلها!
{ لنبتعد قليلا عن الأكاذيب «الإسرائيلية» في أن كل ما تفعله الآن وفعلته طوال أكثر من شهر في غزة هو (للدفاع عن النفس)! وللقضاء على قيادات «حماس» لأن أولاً الدفاع عن النفس مجرد غطاء رث للجرائم ضد الإنسانية، التي ترتكبها وهي متنوعة وكثيرة ويراها العالم من شرفة الفضائيات والهواتف كل لحظة! في مشاهد لم يسبق لتاريخ الحروب، أن سجل ما يشبهها بتعمد قتل الأطفال والنساء والمسنين والشباب! وثانياً لأن جزءا من قيادات حماس موجودون خارج «غزة» وتعمل على التفاوض معهم بالوساطة! وكانوا طوال الوقت أمام أعينها في قطر وتعرف أماكنهم، أو في تركيا؟! فيما قادة «القسام» تحت الأرض لم تصل إليهم بعد! والحقيقة أن الاستهداف طوال أكثر من شهر هو للمدنيين وبيوتهم ولكل مكان بإمكانهم اللجوء إليه أو التشافي فيه من آثار المجازر على أجسادهم، بحجة أن مقاتلي «حماس» هم في المستشفيات (بلباس أطباء وممرضين)! وهذا آخر ابتكارات ماكينة الأكاذيب «الإسرائيلية»! أو هم في الكنائس والمساجد وأماكن التراث والثقافة! أو هم يخرجون مع النازحين الذين تم تأمين «ممر الموت» لهم، فاستحقوا القصف وهم ينزحون من الشمال إلى الجنوب لأن في وسطهم مندسين من مقاتلي حماس!
{ المشهد الحقيقي هو الذي يدور على أرض الواقع في «غزة» من حرب إبادة وجرائم ضد الإنسانية! ويختصران كعنوانين ما ينبثق منهما من عناوين فرعية مثل جرائم الحرب والمذابح والمجازر و«التطهير العِرقي» لتدخل كل تلك العناوين معاً في (المحرقة الفلسطينية أو الهولوكوست)!
ولتقف الإنسانية كلها في ذهول أمام تلك الوحشية منقطعة النظير! فيما بعد أكثر من شهر يُصاب الفلسطينيون بنكبة «ثانية» بالنزوح من أرضهم وبيوتهم المدمرة، وقد نزحوا سابقاً في 1948 من أرض فلسطين إلى غزة قبل 75 عاما!
{ مشهد «النزوح الجماعي» الذي سجلته الكاميرات في شوارع شمال غزة ووسطها إلى الجنوب، لا يختلف عن مشهد «التهجير الأول» و«النكبة الأولى» في 48 بل يزيد عليها أنها هذه المرة (هي نكبة الإنسانية كلها)! وشعوب العالم تبحث في أروقة «القوانين الدولية» عما يقف سدًا، في وجه الإبادة والتطهير العرقي والتهجير، فلا تجد! فتصاب بنكبة التكاذب الدولي في تلك القوانين! وتبحث الإنسانية عن إنسانيتها فلا تجدها فتصاب بالنكبة إلى ما وصلت إليه حالة العجز الإنساني وعدم القدرة على إيقاف «الجرائم ضد الإنسانية» التي قامت عليها مبادئ الأمم المتحدة وكل الدول، وتبحث الإنسانية عن أي معنى للأخلاق أو القيم أو الرحمة أو السلام، فتجدها كلها قد تبخرت في غيوم «غزة» التي نشأت من القصف المكثف والمستمر على رؤوس المدنيين وأغلبهم أطفال!
{ هذا الضغط الصهيوني من «الكيان» ومن الغرب لاستمرار الحرب، وعدم وقف إطلاق النار وحيث «القرابين البشرية من الأطفال» مستمر تقديمها لتغذية الشر العالمي وأجندة الاستعمار الغربي، وتجار الحروب الذين دخلوا سباق المسافات الطويلة في «غزة» وانطلاقاً منها يثبت أن «النكبة الثانية» التي يحاولون تمريرها على الشعب الفلسطيني في غزة أولاً، وفي الضفة الغربية ثانياً حيث لا وجود لحماس هناك! إنما هي نكبة للإنسانية كلها كما قلنا!، وحيث (السقوط المدوّي لكل ما تغنى به الغرب)، ينسحب هذه المرة على كل البشرية! وهي تصرخ في الشوارع رافضة للوحشية، ولكل هذا الانكشاف المريع يكل ما آمنت به الإنسانية، فقد سقطت جميعها بين ركام «غزة» وأشلاء الأطفال والنساء، لأن البشرية لا تزال بعد أكثر من شهر عاجزة عن إيقاف ما تبقى من إنسانيتها تحت أقدام قادة العالم والحكام، الذين يتراوحون وهم خلف الميكروفونات بين مشاركين في (الحرب على الإنسانية) ومتواطئين وعاجزين وفاشلين حتى في إيقاف ماكينة المجازر بعد أكثر من شهر!
{ منذ اليوم الأول من الحرب على «غزة» فإن القصة لم تكن القضاء على «حماس»، وهم يدركون جيداً أن المقاومة للاحتلال هي مقاومة مشروعة، وأنها ليست مختزلة في فصيل واحد، ولا يمكن اختزالها فهي مقاومة شعب بكل فصائله وأيديولوجياته ورؤاه، و(لذلك جاء القرار بالتخلص من الشعب الفلسطيني نفسه)! فأطفاله مشاريع مقاومة قادمة، ونساؤه شربوا الظلم والاضطهاد، ويقفن في وجه الاحتلال ببطولة لا تقل عن بطولة المقاومين منذ 75عاماً! وحيث لم يكن هناك وجود لفصيل «حماس» أو غيره! فالقضية هي (قضية شعب فلسطيني بأكمله) يتم اليوم صناعة «النكبة الثانية» له! ومخططات الكيان الصهيوني كانت موجودة في الأدراج منذ سنوات طويلة! ولم تخرج فجأة! والقضية هي قضية وحشية وحرب إبادة وجرائم ضد الإنسانية! والقضية هي (نكبة الإنسانية كلها) التي ترفض كل ذلك وفي كل عواصم ومدن العالم وتفشل حتى الآن في إنقاذ إنسانيتها! والقضية هي هذا الانكشاف الدولي بأكمله ووقوفه في خانة الفرجة والعجز! والقضية هي عجز العرب والمسلمين إيقاف المجازر اليومية ومخططات التهجير والقضاء وتصفية قضيتهم المركزية الأولى!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك