العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

في الذكرى الـ19 لرحيل عرفات.. فلسطين تتحدى العدوان

بقلم: رامي رشيد

الجمعة ١٠ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

يسعى‭ ‬الإمبرياليون‭ ‬المستعمرون‭ ‬الطغاة‭ ‬ومعهم‭ ‬الفاشيون‭ ‬المجرمون‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭ ‬الصهاينة‭ ‬لحسم‭ ‬الصراع‭ ‬ظنا‭ ‬منهم‭ ‬أن‭ ‬الأوان‭ ‬قد‭ ‬آن‭ ‬لذلك،‭ ‬وبالقوة‭ ‬الغاشمة‭ ‬وحشد‭ ‬الأساطيل‭ ‬والبوارج‭ ‬والغواصة‭ ‬النووية‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬ردم‭ ‬كامل‭ ‬لمشروع‭ ‬الكيانية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لنعود‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬الوصاية‭ ‬السياسية‭ ‬بشكل‭ ‬معاصر‭!‬

يعملون‭ ‬على‭ ‬انقسام‭ ‬انفصالي‭ ‬تحت‭ ‬الوصاية‭ ‬الأمنية‭ ‬المباشرة‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭ ‬الصهيونية‭ ‬ويعلن‭ ‬مجرم‭ ‬الحرب‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬الثلاثاء‭ ‬7‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023‭ ‬م‭ ‬عبر‭ ‬قناة‭ ‬إخبارية‭ ‬أمريكية‭ ‬بأنهم‭ ‬سيتولون‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأمنية‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬فترة‭ ‬غير‭ ‬محددة،‭ ‬وهذا‭ ‬الإعلان‭ ‬يظهر‭ ‬للعلن‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬مدير‭ ‬المخابرات‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬وليام‭ ‬بيرنز‮»‬‭ ‬للمنطقة‭!‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬المبعوث‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬ساترفيلد‮»‬‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬سياسي‭ ‬أمني‭ (‬مثل‭ ‬برايمر‭ ‬في‭ ‬العراق‭) ‬دون‭ ‬تجاوز‭ ‬الحاكم‭ ‬العسكري‭ ‬الاحتلالي،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬بصفتها‭ ‬الحاكم‭ ‬العام‭!‬

تحل‭ ‬علينا‭ ‬الذكرى‭ ‬التاسعة‭ ‬عشرة‭ ‬لاستشهاد‭ ‬قائدنا‭ ‬ورمز‭ ‬تاريخنا‭ ‬المعاصر‭ ‬‮«‬ياسر‭ ‬عرفات‮»‬‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الموافق‭ ‬11‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023‭ ‬م،‭ ‬هذا‭ ‬القائد‭ ‬الاستثنائي‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬أقسم‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬يموت‭ ‬شهيدا‭ ‬لا‭ ‬أسيرا‭ ‬ولا‭ ‬طريدا،‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يصمد‭ ‬مدافعا‭ ‬عن‭ ‬خنادق‭ ‬العروبة،‭ ‬حيث‭ ‬نضع‭ ‬العقال‭ ‬على‭ ‬رؤوسنا‭!‬

هو‭ ‬طائر‭ ‬الفينيق،‭ ‬هو‭ ‬مفجر‭ ‬ثورة‭ ‬بساط‭ ‬الريح،‭ ‬هو‭ ‬قائد‭ ‬ثورة‭ ‬المستحيل،‭ ‬هو‭ ‬المقاتل‭ ‬الجسور‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬فلسطين‭ ‬للجغرافيا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬محوها‭ ‬من‭ ‬التاريخ،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬حضر‭ ‬بشعبه‭ ‬من‭ ‬الغياب،‭ ‬هو‭ ‬مبلور‭ ‬الهوية،‭ ‬أبو‭ ‬الوطنية،‭ ‬واضع‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المعادلات‭ ‬والمحافل‭ ‬الدولية‭!‬

هو‭ ‬الشخصية‭ ‬الوطنية‭ ‬التاريخية،‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬فلسطيني‭ ‬عسير‭ ‬صعب،‭ ‬وواقع‭ ‬عربي‭ ‬مشتت‭ ‬وميزان‭ ‬قوى‭ ‬مختل‭ ‬لصالح‭ ‬العدو،‭ ‬ومعطيات‭ ‬دولية‭ ‬غير‭ ‬مواتية،‭ ‬وهيئات‭ ‬دولية‭ ‬كثيرة‭ ‬تحكم‭ ‬للأقوى‭ ‬لا‭ ‬للأحق،‭ ‬و‮«‬ياسر‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يكل‭ ‬ولا‭ ‬يمل،‭ ‬من‭ ‬حصار‭ ‬إلى‭ ‬حصار‭ ‬ومن‭ ‬منفى‭ ‬قسري‭ ‬إلى‭ ‬منفى‭ ‬قسري‭ ‬آخر‭ ‬ومن‭ ‬موت‭ ‬إلى‭ ‬موت،‭ ‬وهو‭ ‬يقاوم‭ ‬ويجترح‭ ‬طرقا‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬الموت‭ ‬والتفلت‭ ‬منه‭!‬

هو‭ ‬صاحب‭ ‬الهدف‭ ‬الممنوع،‭ ‬هو‭ ‬الضيف‭ ‬الثقيل‭ ‬لعالم‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬لنا‭ ‬بحقوقنا‭ ‬ويتلذذ‭ ‬بعذاباتنا‭!‬

‮«‬ياسر‮»‬‭ ‬تؤرقه‭ ‬أوجاع‭ ‬المخيمات،‭ ‬وينتظر‭ ‬مع‭ ‬العظيمات‭ ‬الصابرات‭ ‬على‭ ‬الشرفات‭ ‬لعودة‭ ‬الأبناء،‭ ‬والعمر‭ ‬مليء‭ ‬مدجج‭ ‬بالشهداء‭ ‬ومناديل‭ ‬الأمهات،‭ ‬ويقاوم‭ ‬سطوة‭ ‬الجغرافيا‭ ‬وظلمها،‭ ‬ويحارب‭ ‬مع‭ ‬شعبه‭ ‬التغييب‭ ‬لانتزاع‭ ‬حقوق‭ ‬تاريخية‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬يعتبر‭ ‬المقاومة‭ ‬هي‭ ‬المعضلة‭ ‬وليس‭ ‬الاحتلال‭ ‬البغيض‭!‬

أيها‭ ‬القائد،‭ ‬يا‭ ‬باعث‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ركام‭ ‬النكبة‭ ‬ورماد‭ ‬الهزائم،‭ ‬أيها‭ ‬المغدور‭ ‬بالسم‭ ‬الزعاف،‭ ‬أيها‭ ‬الشهيد‭ ‬الحي‭ ‬فينا،‭ ‬يا‭ ‬مؤسس‭ ‬الكينونة‭ ‬الأولى،‭ ‬غزتك‭ ‬تذبح‭ ‬من‭ ‬الوريد‭ ‬إلى‭ ‬الوريد،‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬أحبابك‭ ‬يواجهون‭ ‬العدوان‭ ‬الأمريكي‭ ‬الصهيوني‭ ‬بجماجمهم‭ ‬الطرية،‭ ‬بأجسادهم‭ ‬الغضة،‭ ‬بأرواحهم‭ ‬الوثابة‭ ‬الجميلة،‭ ‬بعيونهم‭ ‬الصغيرة‭ ‬المليئة‭ ‬بالأمل‭ ‬وبشلالات‭ ‬دمائهم‭!‬

لم‭ ‬يشهد‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬هذا‭ ‬الصلف‭ ‬والجور‭ ‬وانعدام‭ ‬الضمير‭ ‬لدول‭ ‬وهيئات‭ ‬تدعي‭ ‬القانون‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والمساواة‭ ‬والتحضر،‭ ‬وحق‭ ‬البشر‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬الكريم،‭ ‬وحق‭ ‬الشعوب‭ ‬بتقرير‭ ‬المصير‭ ‬والاستقلال،‭ ‬وحق‭ ‬الأفراد‭ ‬بحرية‭ ‬التنقل،‭ ‬يبدو‭ ‬أننا‭ ‬نحن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مستثنون‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬ففي‭ ‬غزة‭ ‬سجن‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الطلق‭ ‬لمليوني‭ ‬وثلاثمائة‭ ‬ألف‭ ‬إنسان‭ ‬محرومين‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إنساني،‭ ‬فأفقنا‭ ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬يقرره‭ ‬لنا‭ ‬الاحتلال‭!‬

الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬أيها‭ ‬الشهيد‭ ‬تقاوم‭ ‬جيش‭ ‬الهزائم‭ ‬ومستوطنيه‭ ‬وحرس‭ ‬حدوده‭ ‬ومستعربيه،‭ ‬اقتحامات‭ ‬وهجمات‭ ‬واعتقالات‭ ‬وقتل‭ ‬وذبح‭ ‬ومصادرة‭ ‬أراض‭ ‬وبناء‭ ‬مستوطنات‭ ‬جديدة‭ ‬وتسمين‭ ‬المستوطنات‭ ‬الموجودة‭ ‬وإخلاء‭ ‬يد‭ ‬المستوطنين‭ ‬بقتل‭ ‬شعبنا،‭ ‬وتسليح‭ ‬كل‭ ‬المستوطنين‭ ‬لسلبنا‭ ‬أرضنا‭ ‬ومستقبلنا‭.‬

نعاهدك‭ ‬أن‭ ‬نصمد‭ ‬ونقاوم‭ ‬بصلابة‭ ‬أينما‭ ‬كنا‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مواقعنا،‭ ‬لن‭ ‬ترهبنا‭ ‬أساطيلهم‭ ‬ولا‭ ‬بوارجهم‭ ‬ولا‭ ‬غواصاتهم‭ ‬النووية‭ ‬ولا‭ ‬جيوشهم،‭ ‬نحن‭ ‬الحق‭ ‬والخير‭ ‬والمعاني‭ ‬العالية‭ ‬السامية،‭ ‬نحن‭ ‬النور،‭ ‬لن‭ ‬يهزموا‭ ‬أمالنا‭ ‬ولن‭ ‬يكسروا‭ ‬أعماقنا،‭ ‬وسننتزع‭ ‬حقوقنا‭ ‬انتزاعا‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬لنا‭ ‬بها‭!‬

عاشت‭ ‬فلسطين‭ ‬حرة‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬النهر‭ ‬إلى‭ ‬البحر،‭ ‬المجد‭ ‬والخلود‭ ‬لجماجم‭ ‬الأطفال‭ ‬الطرية‭ ‬وأجسادهم‭ ‬الغضة‭ ‬وأرواحهم‭ ‬الوثابة‭ ‬الجميل،‭ ‬المجد‭ ‬والخلود‭ ‬للشهداء‭ ‬والحرية‭ ‬للأسرى‭ ‬والشفاء‭ ‬للجرحى،‭ ‬والمجد‭ ‬للمقاومين‭ ‬الأبطال‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬موقعه‭. ‬

{ كاتب‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا