يسعى الإمبرياليون المستعمرون الطغاة ومعهم الفاشيون المجرمون في دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد الصهاينة لحسم الصراع ظنا منهم أن الأوان قد آن لذلك، وبالقوة الغاشمة وحشد الأساطيل والبوارج والغواصة النووية يعملون على ردم كامل لمشروع الكيانية الفلسطينية، لنعود إلى زمن الوصاية السياسية بشكل معاصر!
يعملون على انقسام انفصالي تحت الوصاية الأمنية المباشرة لدولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد الصهيونية ويعلن مجرم الحرب «نتنياهو» الثلاثاء 7 نوفمبر 2023 م عبر قناة إخبارية أمريكية بأنهم سيتولون المسؤولية الأمنية الكاملة في قطاع غزة فترة غير محددة، وهذا الإعلان يظهر للعلن بعد يوم واحد من زيارة مدير المخابرات المركزية الأمريكية «وليام بيرنز» للمنطقة!
وبالنسبة إلى إعادة الإعمار يريدون أن تكون تحت إشراف المبعوث الأمريكي «ساترفيلد» وربما يكون له دور سياسي أمني (مثل برايمر في العراق) دون تجاوز الحاكم العسكري الاحتلالي، وأن تكون دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد طرفا في إعادة الإعمار بصفتها الحاكم العام!
تحل علينا الذكرى التاسعة عشرة لاستشهاد قائدنا ورمز تاريخنا المعاصر «ياسر عرفات» يوم السبت الموافق 11 نوفمبر 2023 م، هذا القائد الاستثنائي التاريخي الذي أقسم لنا أن يموت شهيدا لا أسيرا ولا طريدا، كان عليه أن يصمد مدافعا عن خنادق العروبة، حيث نضع العقال على رؤوسنا!
هو طائر الفينيق، هو مفجر ثورة بساط الريح، هو قائد ثورة المستحيل، هو المقاتل الجسور من أجل إعادة فلسطين للجغرافيا بعد أن محوها من التاريخ، هو الذي حضر بشعبه من الغياب، هو مبلور الهوية، أبو الوطنية، واضع فلسطين في كل المعادلات والمحافل الدولية!
هو الشخصية الوطنية التاريخية، في واقع فلسطيني عسير صعب، وواقع عربي مشتت وميزان قوى مختل لصالح العدو، ومعطيات دولية غير مواتية، وهيئات دولية كثيرة تحكم للأقوى لا للأحق، و«ياسر» لا يكل ولا يمل، من حصار إلى حصار ومن منفى قسري إلى منفى قسري آخر ومن موت إلى موت، وهو يقاوم ويجترح طرقا للتغلب على الموت والتفلت منه!
هو صاحب الهدف الممنوع، هو الضيف الثقيل لعالم لا يعترف لنا بحقوقنا ويتلذذ بعذاباتنا!
«ياسر» تؤرقه أوجاع المخيمات، وينتظر مع العظيمات الصابرات على الشرفات لعودة الأبناء، والعمر مليء مدجج بالشهداء ومناديل الأمهات، ويقاوم سطوة الجغرافيا وظلمها، ويحارب مع شعبه التغييب لانتزاع حقوق تاريخية من عالم يعتبر المقاومة هي المعضلة وليس الاحتلال البغيض!
أيها القائد، يا باعث الوطنية الفلسطينية من بين ركام النكبة ورماد الهزائم، أيها المغدور بالسم الزعاف، أيها الشهيد الحي فينا، يا مؤسس الكينونة الأولى، غزتك تذبح من الوريد إلى الوريد، أطفال غزة أحبابك يواجهون العدوان الأمريكي الصهيوني بجماجمهم الطرية، بأجسادهم الغضة، بأرواحهم الوثابة الجميلة، بعيونهم الصغيرة المليئة بالأمل وبشلالات دمائهم!
لم يشهد تاريخ البشرية هذا الصلف والجور وانعدام الضمير لدول وهيئات تدعي القانون وحقوق الإنسان والمساواة والتحضر، وحق البشر جميعا في العيش الكريم، وحق الشعوب بتقرير المصير والاستقلال، وحق الأفراد بحرية التنقل، يبدو أننا نحن الفلسطينيين مستثنون من كل هذا، ففي غزة سجن كبير في الهواء الطلق لمليوني وثلاثمائة ألف إنسان محرومين من كل ما هو إنساني، فأفقنا فقط ما يقرره لنا الاحتلال!
الضفة الغربية المحتلة أيها الشهيد تقاوم جيش الهزائم ومستوطنيه وحرس حدوده ومستعربيه، اقتحامات وهجمات واعتقالات وقتل وذبح ومصادرة أراض وبناء مستوطنات جديدة وتسمين المستوطنات الموجودة وإخلاء يد المستوطنين بقتل شعبنا، وتسليح كل المستوطنين لسلبنا أرضنا ومستقبلنا.
نعاهدك أن نصمد ونقاوم بصلابة أينما كنا وفي كل مواقعنا، لن ترهبنا أساطيلهم ولا بوارجهم ولا غواصاتهم النووية ولا جيوشهم، نحن الحق والخير والمعاني العالية السامية، نحن النور، لن يهزموا أمالنا ولن يكسروا أعماقنا، وسننتزع حقوقنا انتزاعا من عالم لا يعترف لنا بها!
عاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر، المجد والخلود لجماجم الأطفال الطرية وأجسادهم الغضة وأرواحهم الوثابة الجميل، المجد والخلود للشهداء والحرية للأسرى والشفاء للجرحى، والمجد للمقاومين الأبطال كل في موقعه.
{ كاتب فلسطيني مقيم في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك