العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الحرب التي تهدد الإدارة الأمريكية ومعاقبة بايدن!

بقلم: أكرم عطا الله

الخميس ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

يبدو‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬لن‭ ‬يسلم‭ ‬من‭ ‬شظايا‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬جاءته‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يتوقعها،‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لظلمه‭ ‬واحتقاره‭ ‬فهو‭ ‬القائل‭ ‬‮«‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬يحن‭ ‬لمحادثات‭ ‬فلسطينية‭ ‬إسرائيلية‮»‬‭ ‬فجاءته‭ ‬الحرب‭ ‬بديلاً‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الأخير‭ ‬للولاية‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حكمه‭ ‬وهو‭ ‬يتجهز‭ ‬للانتخابات‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يترنح‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬ولكن‭ ‬الآن‭ ‬يتأهب‭ ‬الناشطون‭ ‬المؤيدون‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬لمعاقبته‭ ‬بسقوط‭ ‬مريع‭.‬

في‭ ‬مواجهة‭ ‬المغامر‭ ‬السياسي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬صاحب‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬التي‭ ‬هدفت‭ ‬إلى‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تجندت‭ ‬الجالية‭ ‬العربية‭ ‬وكذلك‭ ‬مسلمو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمؤيدون‭ ‬للحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لتحسم‭ ‬الأمر‭ ‬لصالح‭ ‬مرشح‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬آنذاك‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬وبدا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قدراً‭ ‬من‭ ‬التفاؤل‭ ‬ساد‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الناشطين‭ ‬لكن‭ ‬آمالهم‭ ‬خابت‭ ‬مبكراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تعرضت‭ ‬لضربة‭ ‬مميتة‭ ‬بعد‭ ‬موقف‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ليتحول‭ ‬التأييد‭ ‬إلى‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬الانتقام‭ ‬ستترجم‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬تماماً‭.‬

هذه‭ ‬الحرب‭ ‬كانت‭ ‬أشبه‭ ‬بزلزال‭ ‬أصاب‭ ‬وسيصيب‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الطوابق‭ ‬السياسية‭ ‬وستهز‭ ‬نتائج‭ ‬هزاته‭ ‬الارتدادية‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬مكاتب‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

فقد‭ ‬كانت‭ ‬اختباراً‭ ‬أخلاقياً‭ ‬سقط‭ ‬فيه‭ ‬الكثيرون‭ ‬أمام‭ ‬شعوبهم،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬أصيب‭ ‬بصدمة‭ ‬بعد‭ ‬حديث‭ ‬نتنياهو‭ ‬الأولي‭ ‬عن‭ ‬قتل‭ ‬حماس‭ ‬لأطفال‭ ‬ها‭ ‬هي‭ ‬إسرائيل‭ ‬تسلّمه‭ ‬آلافاً‭ ‬من‭ ‬جثث‭ ‬الأطفال‭ ‬فيصاب‭ ‬العالم‭ ‬بسكتة‭ ‬الكلام‭.. ‬هنا‭ ‬ازدواجية‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الشعوب‭ ‬والتمييز‭ ‬الصارخ‭ ‬في‭ ‬الموت‭.‬

أعطى‭ ‬بايدن‭ ‬إسرائيل‭ ‬رخصة‭ ‬قتل‭ ‬المدنيين‭ ‬وتلك‭ ‬قصة‭ ‬لن‭ ‬يتسامح‭ ‬معها‭ ‬الناخبون‭ ‬الذين‭ ‬تجندوا‭ ‬للعمل‭ ‬معه‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المنافس‭ ‬ترامب‭. ‬فقد‭ ‬رد‭ ‬أحد‭ ‬النشطاء‭ ‬على‭ ‬احتجاج‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المصدوم‭ ‬بالنشاط‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ضد‭ ‬مرشحه‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬يخدم‭ ‬ترامب‭ ‬قائلاً‭: ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أرى‭ ‬أمامي‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مائتي‭ ‬طفل‭ ‬فلسطيني‭ ‬يقتلون‭ ‬يومياً‭ ‬بغطاء‭ ‬من‭ ‬بايدن،‭ ‬هكذا‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬هناك‭.‬

وضع‭ ‬بايدن‭ ‬يتدهور‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬الأمريكي‭ ‬وتلاحقه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬أينما‭ ‬حل‭ ‬ويطبع‭ ‬النشطاء‭ ‬ملصقات‭ ‬ضده،‭ ‬ويتدهور‭ ‬وضعه‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬نفسه‭. ‬لذا‭ ‬بدأت‭ ‬الإدارة‮  ‬تدرك‭ ‬حجم‭ ‬الخسارة‭ ‬القادمة‭ ‬بلا‭ ‬ريب‭ ‬ليحدث‭ ‬التشقق‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬ممن‭ ‬يمتطي‭ ‬حصان‭ ‬نتنياهو‭ ‬نحو‭ ‬المطالبة‭ ‬بهدنة‭ ‬إنسانية‭ ‬بدأت‭ ‬تتحدث‭ ‬بها‭ ‬الإدارة‭ ‬وأرسلت‭ ‬كبير‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬ليتفاهم‭ ‬مع‭ ‬نتنياهو‭ ‬ثم‭ ‬تطلب‭ ‬الإدارة‭ ‬تفسيراً‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬حول‭ ‬الضربات‭ ‬على‭ ‬مخيم‭ ‬اللاجئين‭ ‬جباليا‭ ‬وتتحدث‭ ‬عن‭ ‬تجنيب‭ ‬المدنيين‭ ‬ويلات‭ ‬الحرب‭.‬

أفاق‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬الانقلاب‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬مخدع‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وسيلقي‭ ‬بالديمقراطيين‭ ‬إلى‭ ‬الشارع،‭ ‬وهو‭ ‬تهديد‭ ‬جدي‭ ‬أكدته‭ ‬الاستطلاعات‭ ‬والنشاط‭ ‬المضاد‭ ‬حد‭ ‬العظم‭ ‬من‭ ‬فئة‭  ‬انتخابية‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬رجحت‭ ‬فوزه‭ ‬في‭ ‬ثلاث‭ ‬ولايات‭ ‬متأرجحة‭.‬

يقول‭ ‬أحد‭ ‬النشطاء‭ ‬إن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وحدهم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الولايات‭ ‬يحسمون‭ ‬النتيجة،‭ ‬وبالقطع‭ ‬ينتظر‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬وحلفاؤهم‭ ‬لحظة‭ ‬الانتقام‭. ‬تلك‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬سيؤثر‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬وقفها‭ ‬يعني‭ ‬هزيمة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفقدانها‭ ‬أوراق‭ ‬الضغط،‭ ‬لأن‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬بما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬تعني‭ ‬هزيمة‭ ‬مدوية‭.‬

ولن‭ ‬يهم‭ ‬إدارة‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬فالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حين‭ ‬تتعرض‭ ‬مصالحها‭ ‬للخطر‭ ‬تدوس‭ ‬أقرب‭ ‬حلفائها،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضحية‭ ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬حاكم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬هو‭ ‬الضحية‭ ‬ستتم‭ ‬التضحية‭ ‬بنتنياهو‭ ‬وحكومته،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬يتكفل‭ ‬بحماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬معنية‭ ‬باستعادتها‭ ‬للردع‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬انكشافها‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭.‬

والحقيقة‭ ‬إنه‭ ‬ربما‭ ‬تُشكل‭ ‬اللحظة‭ ‬فرصة‭ ‬لبايدن‭ ‬لتدارك‭ ‬نفسه‭ ‬وتصويب‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬المتبقي‭ ‬باستغلال‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬أو‭ ‬صنعتها‭ ‬الحرب‭ ‬للقفز‭ ‬نحو‭ ‬حلول‭ ‬سياسية‭ ‬مستنداً‭ ‬على‭ ‬تغيرات‭ ‬مهمة‭ ‬أحدثتها‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ترغم‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬النزول‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬معاندتها‭ ‬لأي‭ ‬تنازلات‭ ‬سياسية،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬أضعف‭ ‬حالاتها‭ ‬حيث‭ ‬تختبئ‭ ‬تحت‭ ‬المعطف‭ ‬الأمريكي‭ .‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬بدأ‭ ‬يعاقب‭ ‬بايدن‭ ‬فقد‭ ‬أظهر‭ ‬استطلاع‭ ‬معهد‭  ‬جالوب‭ ‬هبوطاً‭ ‬في‭ ‬شعبيته‭ ‬بعد‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬وبين‭ ‬العموم‭ ‬والحزب‭ ‬الحاكم‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬هزيمته‭ ‬المحققة‭.‬

والأبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الرغبة‭ ‬العارمة‭ ‬التي‭ ‬يبديها‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭. ‬فحسب‭ ‬استطلاع‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮»‬بيانات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المستقبل‮«‬‭ ‬أن‭ ‬66‭ ‬% من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يؤيدون‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وترتفع‭ ‬النسبة‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬80‭ ‬% ‭ ‬وبالتالي‭ ‬باتت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ - ‬بلينكن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انفصال‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬يضعها‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬لا‭ ‬تحسد‭ ‬عليه‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬فصل‭ ‬زيارة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأخيرة‭ ‬بتلك‭ ‬الملامح‭ ‬الباهتة‭ ‬ولغة‭ ‬الجسد‭ ‬الواضحة‭ ‬عن‭ ‬مأزق‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬بعض‭ ‬تصريحاتها‭ ‬يعكس‭ ‬عمق‭ ‬أزمتها‭. ‬فهي‭ ‬من‭ ‬غطى‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المجازر‭ ‬وأصبحت‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عداء‭ ‬حد‭ ‬الانتقام‭ ‬مع‭ ‬كتلة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬ناخبيها،‭ ‬تلك‭ ‬الكتلة‭ ‬التي‭ ‬تعلن‭ ‬أنها‭ ‬ستصفي‭ ‬حساباً‭ ‬عسيرا‭ ‬مع‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭.‬

والفوز‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬هدفه‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭... ‬ذلك‭ ‬الهدف‭ ‬بات‭ ‬مهدداً‭ ‬بعد‭ ‬الانزلاق‭ ‬الأمريكي‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬الغبي‭ ‬والذي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الكثير‭ ‬لترميمه‭ ‬هذا‭ ‬إن‭ ‬نجحت‭ ‬وأقل‭ ‬شيء‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن‭ ‬هو‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬بشكل‭ ‬فعلي‭ ‬لا‭ ‬مناور‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القصيرة‭ ‬المتبقية،‭ ‬هذا‭ ‬إذا‭ ‬أسعفها‭ ‬الوقت‭ ‬وإلا‭ ‬ستجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الشارع‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا