الموقف الأمريكي الرافض لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، على الرغم من جهود وطلبات ومناشدات الدول العربية الصديقة، يذكرنا بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (36/87) لسنة 1981 الذي صدر بدعم أمريكي أوروبي، باعتبار يوم الحادي والعشرين من شهر سبتمبر- أيلول من كل عام يوما تحتفي به الأمم المتحدة ومعها شعوب العالم كافة باليوم الدولي للسلام، والذي طبلوا له كثيرا باعتباره إنجازا إنسانيا، أبرز مظاهره الامتناع عن العنف ووقف إطلاق النار وتعزيز أسس وقيم السلام في أوساط الأمم والشعوب، ضمانا لحق الشعوب في السلم والأمن والأمان، فإلى أي مدى يمكن ان يكون ذلك حقيقة ملموسة وواقعا معاشا؟ وفي أي البلدان؟ هل شعوبنا العربية والإسلامية مشمولة بتلك الدعوة؟ أم أن السلام والرخاء والأمان والاطمئنان لشعوب أمريكا وأوروبا، ونحن لنا الدماء والدمار والقتل والانتهاك لكل القيم الإنسانية. هل يمتلك الإنسان العربي المسلم الحق في أن يعيش آمنا مستقرا مطمئنا؟ إن نظرة بسيطة على منطقتنا العربية من فلسطين إلى العراق إلى سوريا إلى السودان إلى ليبيا إلى الصومال إلى لبنان إلى الخليج العربي وإلى اليمن، يجد أن الأمن والسلام حلم العربي اليوم، لا بل إنه أصبح حلما صعب المنال، فبدلا من ان نتطلع ونخطط ونسعى إلى المزيد من التقدم والرفاهية والتنمية المستدامة، أصبحت بلادنا عرضة للإرهاب الذي ترعاه أمريكا ودول الغرب بشكل مباشر او بالتواطؤ والتنسيق مع دول أخرى ومنظمات وأحزاب إرهابية يتم تزويدها بوسائل الدمار من أسلحة وعتاد وأفكار غاية في التطرف وإرهابيين نزعوا الرحمة والإنسانية من قلوبهم وغسلوا أدمغتهم في أكاديميات الغرب اللاإنسانية وصدروهم وأعادوا تصديرهم الى بلادنا، لاهمّ لها إلا دمار بلادنا العربية ونهب خيراتها، وتفتيت شعوبنا تحت شعارات طائفية واثنية، ليكونوا أداة لهدم ثقافة السلام التي كانت دائما من أبرز معالم ديننا وثقافتنا الوطنية والقومية عبر كل المراحل والعصور، وليظهرونا أمام العالم بأننا أمة تريد تدمير العالم بدءا من تدمير نفسها، ويأتوا هم بطائراتهم وصواريخهم وأسلحتهم الفتاكة ليفرضوا السلام في ربوعنا كما هو السلام الذي تريد أن تزرعه إسرائيل في غزة، انها معادلة مضحكة مبكية، أمة السلام والوسطية والاعتدال، توصم بالإرهاب والتطرف والدموية؟؟ ولكن مع ذلك نحن ملامون، حكومات وأحزابا ومنظمات مجتمع مدني، ملامون لأننا لا ننظر بعيدا، ملامون لأننا لانقرأ سياسات وأهداف ومطامع الآخرين، ملامون لأننا نسينا تماما شيئا اسمه التاريخ، فأضحينا بعيدين عن الحداثة ومنقطعين عن التاريخ، ملامون لأن الكثير من الدول العربية تسقي شعوبنا وعودا، إما غير قابلة للتطبيق، وإما أنها غير جادة في تطبيقها، ملامون لأننا تصرفنا تجاه شعوبنا كالأم التي تعتقد أن ولدها صغير حتى وإن ابيض شعر لحيته، ملامون لأننا توقعنا أن الأمن والسلام والاستقرار يمكن أن يتحقق بالصداقة والانفتاح مع أمريكا ودول الغرب حتى وإن لم نوفر الأمن المعيشي المستدام لشعوبنا، ملامون لأننا نعتقد أن أمريكا والغرب وغيرهم حلفاء لنا سيدافعون عنا ويوفرون لنا الحماية من العدوان الخارجي والإرهاب فلم نهتم بالتصنيع العسكري بما فيه الكفاية ولم نوفر عوامل القوة والاقتدار العسكري والأمني، ملامون لأننا توقعنا ان الامن والسلام والاستقرار يمكن ان يتحقق دون ان يتمتع المواطن بالحرية المسؤولة، ملامون لأننا توقعنا أن الأمن والسلام والاستقرار يمكن أن يتحقق دون توصيف دقيق لمفاهيم الحرية والديمقراطية والتمييز بينها وبين الفوضى والانحراف.
ملامون لأننا لا نحترم العلم والعلماء الذين أفنوا حياتهم في الدراسة والبحث والتعليم ولا نوفر لهم سبل العيش والارتقاء، لذا ينبغي أان نعترف ونراجع أنفسنا قبل فوات الاوان، عندها ستسمع أمريكا وإسرائيل ودول الغرب كلامنا وتحترم قراراتنا وتستجيب فورا لطلباتنا.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك