تمر منطقة الشرق الأوسط بمخاض أليم، وبمحاولة مستميتة لإقحامه في حرب واسعة بغية إعادة تشكيل المنطقة بالصورة التي رُسمت لها مسبقاً والتي تعتبر امتدادا لاتفاقية سايكس بيكو المشؤومة، جميعنا يعلم أن الغرب يُحكم من قبل عدد من العوائل الصهيونية وتخضع جميع الأنظمة الغربية لسياسات وأجندات هذه العوائل المتنفذة في القرار الدولي، وهذا ما يُبرر قوة الاحتلال الإسرائيلي في سفك دماء الشعب الفلسطيني في مجازر بشعة لم يشهد العالم مثيلاً لها، وخاصة الأطفال والنساء في ظل صمت عالمي مُخزٍ، وبدعم أمريكي وبريطاني وفرنسي مطلق، جميعهم تسابقوا لتقديم الدعم والمباركة لإبادة جماعية نكراء لشعب غزة الأعزل بشكل علني وممنهج وتدمير المنازل فوق ساكنيها بمن فيها من أطفال ونساء وكبار سن بل حتى وصل بهم الانحطاط الأخلاقي والتجرد الإنساني إلى قصف المستشفيات بما فيها من مرضى ومصابين وطواقم طبية، ناهيك عن منع إدخال الوقود اللازم لعمل المستشفيات، ومنع إدخال الإمدادات الصحية العاجلة للمصابين، وهذا الفعل قبل أن تحرمه القوانين الدولية الوضعية حرمته جميع الشرائع الربانية وتنبذه الفطرة الإنسانية.
محاولة جر المنطقة إلى حرب شاملة هدف أساسي لن تتخلى عنه إسرائيل ومن يقف خلفها ممن يسعون لاستعادة نفوذهم في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر أحد أهم مصادر الطاقة في العالم، ذات الموقع الاستراتيجي الحساس الذي يربط بين الشرق والغرب، ولعل المنطقة اليوم تمر بأضعف حالاتها بسبب الأزمات التي تمر بها معظم الاقطار العربية كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان والصومال، وباقي الدول العربية إما مثقلة بالديون واقتصاداتها تُنازع من أجل البقاء والقلة القليلة كدول مجلس التعاون الخليجي التي لا يمكن لها أن تتحمل كلفة أي تدخل عسكري في المنطقة نيابة عن باقي الدول التي تشهد تشرذما عربيا وإسلاميا كبيرا،
كل هذه العوامل جعلت إسرائيل تستبيح دماء المستضعفين من أبناء غزة من دون خوف أو رادع ليتقدموا ولو خطوة واحدة في تنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
قال وينسلاند منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط في كلمته أمام مجلس الأمن عن خشيته من «أننا نقف على حافة هاوية عميقة وخطيرة يمكن أن تغير مسار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إن لم يكن الشرق الأوسط ككل» وأردف: «نحن في حرب والحروب مليئة بمشاهد مروعة من العنف والمآسي» هكذا يوجدون لإسرائيل المبررات لارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني بحجة محاربة حماس، وما فلسطين سوى نقطة البداية وما غزة سوى محطة عبور.
إسرائيل تمادت في عدوانها الوحشي على المدنيين، وبرغم بشاعة ما ارتكبته من مجازر وشهداء ومصابين بالآلاف، فإن أهل غزة صامدون مرابطون في أرضهم، خيارهم أنهم وجدوا في هذه الأرض ليُقتلوا دفاعاً عن عقيدتهم وعن أرضهم وأعراضهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قُتِلَ دون ماله فهو شهيد، ومَن قُتِلَ دون نفسه فهو شهيد، ومَن قُتِلَ دون أهله فهو شهيد»، ولعل من بين ثنايا الألم يأتي الأمل، فعلى الرغم من سوداوية المشهد في غزة وتصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تحرق الحرث والنسل، فإن القضية الفلسطينية أصبحت محور اهتمام العالم أجمع وعرت الصهاينة المغتصبين للأرض بعد أن حاولت إسرائيل طيلة 75 عاما طمس الحقائق وتزييف التاريخ، فاليوم كثير من شعوب العالم باتت تتعاطف مع القضية الفلسطينية العادلة وتؤمن بأن فلسطين بلد عربي مُحتل من قبل إسرائيل التي لا تعترف سوى بالقمع والتهجير والقتل قال تعالى: «وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك