القراء الأعزاء،
يقال بأن القبائل العربية كانت توقد ناراً على أعلى قمة في محيطها للإعلان عن بروز موهبة شعرية لديها وإنباء القبائل الأخرى بأنه قد وُلد لديها شاعر، فللشعر أهمية كبرى في تأريخ الأحداث وحثّ الهمم وتوثيق تفاصيل حياة محيط الشاعر وحِفظ ثقافته لذلك سُمّي بديوان العرب، والحقيقة بأنه ديوان الإنسانية بالنظر إلى الأثر الذي تركته أشعار غير العرب من شعراء الشرق والغرب من غير العرب حول العالم مثل شكسبير وعمر الخيام وطاغور.. الخ.
فللشعر قدرة على إيقاد الحروب وربما يُسهم في وضع أوزارها، لذلك يُصبح الشاعر عند القبائل العربية مصدر فخر لقبيلته وربما قد يذيع صيتها بقدر ما يذيع صيت شاعرها، وفي التاريخ شواهد على أسماء كثيرة كانت مصدر فخر لقبائلها.
ومن ذكرياتي المرتبطة بالشعر والتي أودّ مشاركتكم إياها وهي تتعلق باعتباري شاعرة أيضاً، أنه أثناء فترة الدعاية الانتخابية لانتخابات عام 2022 (ويعلم الكثير بأنني كنت قد ترشحت عن الدائرة الخامسة بالمحرق)، حاول بعض الأشخاص اقناعي بضرورة التخلي عن كتابة الشعر لأنها قد تكون سبباً في خفض حظوظي في الوصول إلى المجلس النيابي، وأعترف بأنني مستمعة جيدة، ولكني أيضاً لا آخذ كل ما أسمعه على عواهنه، وبأن بعض ما اسمعه قد ( يدخل من هذي الإذن ويطلع من الإذن الثانية) كما نقول بعاميتنا الجميلة اذا اختلف مع أفكاري التي أجد فيها خيراً، لأنني مقتنعة تماماً بأن القدرة على كتابة الشعر والإبداع فيه هو موهبة وهبة من هبات القدر، وبأنه لا مفرّ للإنسان من أقداره، بل أن اكتساب لقب شاعر هو مطمح يتمناه الكثير، حتى ابتلي الشعر ببعض الدخلاء الذين لا ناقة لهم فيه ولا جمل، فقط لأجل أن يُقال عنهم شاعر أو شاعرة، كما أن الشعر يكتبه الملوك والأمراء ولم ينتقص ذلك من مكانتهم بل أضاف لها متسّعاً من الجمال.
وعلى الصعيد السياسي، ما فتئت مملكة البحرين حكومة وشعباً تُولي القضية الفلسطينية اهتماماً باعتبارها قضية العرب الأولى وتؤكد على حق الشعب الفلسطيني في أرضه ودولته المستقلة، لذا كان للشعر البحريني وقفة دائمة مع القضية الفلسطينية منذ بداياتها، وما زال يعتبر أحد أهم صور التعبير الشعبية عن التضامن معها، لذا فقد تصاعدت وتيرتيه في الأيام الماضية التي كانت حافلة بالمهرجانات الخطابية والأمسيات الشعرية التضامنية مع أحداث غزّة الأخيرة، ومع آلام شعبها الذي أصبح لا سقف له سوى رحمة الله تعالى.
فقد حفلت الفعاليات الشعبية البحرينية منذ بدء ( طوفان الأقصى) بالبرامج التضامنية مع أهل غزّة، فبادر العديد من منظمات المجتمع المدني والمجالس الأهلية بالمشاركة فُرادى وجماعات لنُصرة غزّة وضعف أهلها بالندوات والأمسيات والتجمعات السلمية للوقفات التضامنية، ولعل من أبرز البرامج التضامنية في الأسبوع الماضي، كانت الأمسية الشعرية التي تضمّنها مهرجان التضامن مع أهلنا في فلسطين والذي أقامها نادي العروبة العريق في مملكة البحرين تحت عنوان (غزّة تنتصر بالدم والقلم) وشارك فيها مجموعة من شعراء مملكة البحرين البارزين، إذ من المعلوم بأن للكلمة أثر حتى وإن كان هذا الأثر معنوياً، وبأنه من المؤكد بأنها قد تكون وسيلة للتغيير، ونكون بذلك قد أوفينا ما أمرنا به الحديث النبوي الشريف: ( من رأى منكم مُنكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
نسأل الله السلامة والطمأنينة لفلسطين وأهلها وإن ينصرهم الله فلا غالب لهم، وأننا مؤمنون بأن فلسطين هي وعد الله الحق، وأن الله لا يخلف وعده.
ومضة شعر*
ويا بِلادي نحن طوفان
من الأقصى، إلى النصرِ
وبنا تنهضُ من بُستانِ الغضبِ،
يزُفُها الياسمين
عروس اسمُها فلسطين
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك