أطلق رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي البريطاني، الصحفي ديفيد هيرست، في مقالة له تساؤلا حول «هل من المحتمل أن يكون نظام الشرق الأوسط، المعتمد على الولايات المتحدة، والذي يعد أساس الدعم الأعمى لإسرائيل، قد تحطم؟».
التساؤل جاء بعد سرد سلسلة من التصريحات والمواقف الأمريكية حيال عملية طوفان الأقصى، والتي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر الجاري، وما تبعها من تداعيات تمثلت في قصف همجي إسرائيلي لكل ما هو متحرك في قطاع غزة، أسقط الآلاف من الشهداء والمصابين، إضافة إلى تهجير عشرات الآلاف من منازلهم.
الموقف الأمريكي منذ عملية طوفان الاقصى كان واضحاً وصريحاً، وتتمثل في الدعم اللا محدود لإسرائيل وإعطائها الضوء الأخضر لاستخدام أقصى قوة لاستهداف القطاع وتهجير سكانه بحجة القضاء على حركة حماس، تبعه فتح جسر مباشر بين واشنطن وتل أبيب حمل كل أنواع الأسلحة المدمرة، مع ضمان عدم مساءلة إسرائيل عن سلوكها في المنظمات الدولية والحقوقية، وهو ما تمثل في استخدام الولايات المتحدة مرتين حق النقض الفيتو ضد قرارين يدعوان إلى وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات إلى غزة.
أما أقوى المواقف الأمريكية فكان إعلان وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إرسال قوات ومعدات عسكرية إضافية إلى الشرق الأوسط، على خلفية الاستعدادات لهجوم بري في قطاع غزة. وأوامره بمضاعفة المنظومات الدفاعية الجوية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط من خلال إرسال بطاريات «ثاد» و«باتريوت». إلى جانب وضع جنود أمريكيين إضافيين في حالة تأهب قصوى واستجابة سريعة للحوادث الأمنية في المنطقة.
عديد من السيناريوهات للحرب البرية على غزة، إن حدثت، أشبعها الخبراء والمحللون الاستراتيجيون والعسكريون نقاشاً، ولكنها في مجملها تجمع أن القوات الإسرائيلية ستواجه بمقاومة شديدة، قد توقع مزيدا من القتلى والأسرى من الجانب الإسرائيلي، خصوصا مع تأكيدات كتائب القسام استعدادها التام لهذه المواجهة، وأنها ستفاجئ الطرف الآخر بما لا يتوقعه.
هذا السيناريو، إن تحقق، فقد يستدعي تدخلاً أمريكياً مباشراً في الصراع، خصوصاً وأن الإدارة الأمريكية لم تخف استعدادها للمشاركة في الحرب بحجة إطلاق سراح الأسرى، وتأمين الدعم والمساندة اللازمة للقوات الإسرائيلية، وهنا فإن كل المعطيات تشير إلى احتمالية كبيرة لوقوع صدام أمريكي مباشر مع المقاومة الفلسطينية، وهو ما سيكون فاتحة الطريق لمزيد من الانتقاد والرفض لهذا التدخل، سواء على صعيد الداخل الأمريكي أو الدولي، خصوصاً بعد المغامرات الأمريكية العسكرية في العراق وأفغانستان.
وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، برر تكثيف الوجود العسكري في المنطقة بأنه رد على التصعيد الأخير من قبل إيران وقواتها بالوكالة في كل أنحاء الشرق الأوسط.
احتمالية التدخل الأمريكي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ أشار إليه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، مرجحا أنً تتدخل الولايات المتحدة إذا تصاعدت الحرب في غزة إلى حد احتمالات دخول إيران وحزب الله إلى جانب حماس.
وقال هنغبي في تصريح لوكالة «رويترز»: «هذا يوضح لأعدائنا أنه بمجرد أن يتخيلوا المشاركة في الهجوم على مواطني إسرائيل، سيكون هناك تدخل أمريكي»، مضيفاً «إسرائيل لن تكون وحدها... القوة الأمريكية موجودة هنا وجاهزة».
ماذا يعني التدخل الأمريكي المباشر في الصراع؟!
في حال امتداد الصراع وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية كأحد أطرافه بشكل مباشر، سيحيل المنطقة برمتها إلى برميل بارود سينفجر في كل الاتجاهات، وعلى رأسها المصالح الأمريكية في المنطقة، والمتمثلة في البعثات الدبلوماسية والمصالح التجارية، إلى جانب أنها ستشكل تهديداً مباشراً قد يصل إلى رعايا الولايات المتحدة في المنطقة برمتها.
إلى جانب كل ذلك؛ فإن التدخل المباشر للولايات المتحدة سيسهم في دخول أطرف أكثر راديكالية، وسيفتح الباب واسعاً لتبرير تدخل كل الجماعات المسلحة من كل الأطراف والخلفيات، وليس مستبعداً أن تخلق جماعات أكثر تطرفاً وراديكالية من سابقتها قد تصل نارها إلى عواصم ومدن في شرق الأرض وغربها، وبما قد يعيد احتمالات تنفيذ عمليات مباشرة ضد مصالح الولايات المتحدة.
أما المقاومة الفلسطينية، والتي لا تمتلك إلا النزر اليسير مما تمتلكه الولايات المتحدة من ترسانة عسكرية، فقد تلجأ إلى تنفيذ عمليات عسكرية مباشرة ضد المصالح الأمريكية في المنطقة.
في حالة التدخل الأمريكي لن يكون بمقدور المقاومة الفلسطينية بمختلف تشكيلاتها ضبط النفس أو التراجع، وسيتحول الصراع في المنطقة إلى صراع مباشر ضد الولايات المتحدة، والذي قد يحرك بعض الحكومات العربية لاتخاذ مواقف أكثر تشدداً ضد الولايات المتحدة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك