تعرف أخلاقيات العمل بأنها مجموعة من القيم التي تتمحور حول أهمية العمل، وانعكاس هذه القيم على الرغبة في العمل من قبل الفرد، وتصميمه على الإنجاز، وتنطلق من رؤية اجتماعية تركز على أن الفرد مسؤول عن العمل الذي يؤديه، وذلك ناجم عن إيمان راسخ بأن للعمل قيمة جوهرية يجب احترامها والإصرار على تنميتها. وعادًة ما ترتبط أخلاقيات العمل بالأفراد الذين يعملون بجدٍ وبكفاءة عالية ويسخرون مهاراتهم للتفوق في إنجاز متطلبات عملهم. وتشير العديد من الدراسات إلى أن الشركات المهتمة بأخلاقيات العمل تتفوق على مثيلاتها الأقل اهتماما بأخلاقيات العمل، فقد حققت أرباحاً أكثر وتمكنت من تحقيق نسبة نمو كبيرة في المبيعات السنوية ونسبة أقل في تكاليف التشغيل.
كما أن عدم الالتزام بأخلاقيات العمل يؤثر في أداء المنظمة وبالتالي فلابد لها من الحرص على تحقيق أقصى ما يمكن من مستويات الالتزام بها من قبل جميع الموظفين والعاملين في المنظمة بدءا من قياداتها الإدارية العليا وانتهاء بأصغر موظفيها . فلا يمكن ترك كل منهم يتصرف وفقا لما اعتاد عليه، ولا يمكن أن يتم التعامل مع من لا يحترم أخلاقيات العمل بتهاون، ولا يمكن قبول أن يكون الموظفون والاداريون لهم مصالح متداخلة مع مصلحة المنظمة وبما قد يقود إلى تضارب المصالح. وعموما يعد الحِرص على أخلاقيات العمل أمرا أخلاقيا ودينيا وإداريا وتربويا وقانونيا. وتبنى أخلاقيات العمل على أربعة عناصر متكاملة ومترابطة هي:
الوعي الأخلاقي، والتفكير الأخلاقي، والتصرف الأخلاقي، والقيادة الأخلاقية. فإن اختفى عنصر من هذه العناصر فإن المناخ الأخلاقي في المنشأة سيضعف كثيرا. وتشير التجارب المعاصرة إلى أن الثقافة والقيم الدينية لهما تأثير قوي في قيم واتجاهات الأفراد المتعلقة بالعمل، فهما يفسران أغلب الاختلافات في سلوك الأفراد، مقارنة بالاختلافات التي يمكن إرجاعها إلى الاختلافات في السن والجنس والتخصص الوظيفي أو لمركز الفرد في المنظمة.
ويعكس الالتزام بأخلاقيات العمل في المنظمة مستوى جودة الأداء في مختلف مفاصل هيكلها الإداري وبنيتها التنظيمية، وينجم عنه اتخاذ قرارات أخلاقية تديم الثقة مع الجمهور والموظفين والمنظمات الأخرى، والبيئة المحلية المحيطة بالمنظمة، بل يتعداها إلى البيئة الخارجية التي ترتبط بالمنظمة بشكل أو بآخر. وعليه فإن أي منظمة ترغب في الازدهار على المدى الطويل، لا يمكنها تحقيق ذلك دون التميز بمستوى ارتقائي في مجال أخلاقيات العمل. نقول هذه الأفكار والمرئيات ونحن نتابع بإعجاب أسبوع أخلاقيات العمل الذي أطلقته شركة بابكو انرجيز في المدة (10-19) أكتوبر2032، في إطار استراتيجيتها الداعمة لتعزيز الوعي والمعرفة حول القيم والمبادئ الأخلاقية في بيئة العمل. وتنفيذا لتوجيهات سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، رئيس مجلس إدارة شركة بابكو انرجيز، من أجل خلق بيئة عمل مثالية تتسم بالنزاهة والاحترام والمسؤولية. ولا ريب في أن ما تضمنه الأسبوع من محاضرات ونقاشات ثرية ومشاركات لإدارات حكومية عديدة مثل الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية، وتقديمها مجموعة من المحاضرات المعززة للنزاهة والأمن بكل أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والإلكترونية ومحاربة جرائم الفساد، فضلا عن مواجهة الاختراق السيبراني، وتدعيم وتعزيز القيم الأخلاقية المؤسسية والفردية، وبما يعكس مستوى الاهتمام العالي بالمضامين الأخلاقية في بيئات العمل المختلفة بمملكة البحرين، ويعبر أفضل تعبير عن اهتمام شركة بابكو انرجيز بإرساء ثقافة أخلاقية متينة ومستدامة في بيئة عملها، علاوة على أثر ذلك في بيئات العمل السائدة في الشركات البحرينية الأخرى، وبما يرسخ القيم والمبادئ الأخلاقية من خلال تنمية الرقابة الذاتية، وإبراز دور القدوة الأخلاقية الحسنة، وصياغة وإنفاذ الأنظمة التي تمنع الاجتهادات الفردية الخاطئة مع التحفيز على اتخاذ القرارات المدروسة الصائبة، ومحاسبة الموظفين والمسؤولين المقصرين عمدا في اعتماد الأساليب الأخلاقية، وتقييم الموظفين المستمر والحيادي والعادل، واعتماد حزمة من القواعد التأديبية التي يتم تنبيه العاملين إليها، وتصحيح الفهم الديني والوطني للوظيفة باعتبارها أمانة وخدمة وطنية وفرضا دينيا وقانونيا.
وختاما خالص الشكر والتقدير لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة صاحب المبادرات المتميزة والجهود الخلاقة التي تستهدف خدمة الوطن والمواطنين، وتعزيز دور الشباب، وتنمية أدائهم في مختلف القطاعات في المجتمع البحريني الناهض.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك