في هذه الأجواء الملتهبة بالصراع والقتال وسقوط آلاف الضحايا والجرحى في غزة نتيجة لاستمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب العربي الفلسطيني الشقيق المحاصر، الذي يعيش من دون أي مقومات للحياة من ماء وطعام وكهرباء ومحروقات وأدوية، ما حول هذا القطاع إلى سجن مفتوح بل إلى معتقل كبير لأكثر من مليونين وثلاثمائة ألف من المواطنين الفلسطينيين المحاصرين والواقعين تحت القصف الإسرائيلي المتواصل ليلا ونهارا. في هذه الأجواء لا يوجد حل سوى البحث عن مخرج ينقذ ليس فقط الفلسطينيين، بل ينقذ الجميع من دمار الصراع والقتال الذي لا ينتهي. هذا الحل بكل بساطة هو أن ينقذ العالم كله وأن يلزم إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية التي صدرت عن مجلس الأمن تحديدا خلال السبعين سنة الماضية وتجاهلتها القيادة الإسرائيلية على مدار العقود الماضية معتمدة على 3 أمور:
الأول: القوة العسكرية الإسرائيلية التي تمتلك أحدث الأسلحة التي أانتجتها مصانع السلاح الأمريكية والأوروبية واعتمادا على جيش جرار وقدرات هائلة عسكرية واستخباراتية وقد غرها في ذلك المواجهات السابقة مع الجيوش العربية، والتي انتهت لصالحها باستثناء حرب أكتوبر 73 التي كسرت شوكة القوة العسكرية الإسرائيلية بفضل البطولات التي سطرها المقاتلون العرب على الجبهتين المصرية والسورية في الدفاع عن الحق العربي.
ثانيا: الاعتماد الكلي والمتزايد على الدعم الخارجي، وخاصة دعم الولايات المتحدة الأمريكية الذي لا يتوقف عن حد وبمجرد ما حدث مؤخرا في غزة حركت الولايات المتحدة الأمريكية اثنتين من حاملات الطائرات الضخمة وأوفدت حوالي 2000 جندي من جنود النخبة وأرسلت 45 طائرة محملة بالسلاح والعتاد كجسر جوي، وهذا الاعتماد المتزايد على الدعم الخارجي هو ما يعزز العناد الإسرائيلي في رفض السلام وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية طالما أن هذا الدعم الخارجي متواصل ولا يتوقف عند حد. وقد رأينا أيضا أن بريطانيا العظمى وألمانيا وفرنسا قد قدمت بشكل فوري دعما كبيرا للجيش الإسرائيلي كل ذلك لمواجهة فصيل فلسطيني مقاوم بموارد وإمكانيات محدودة.
ثالثا: الضعف العربي وتشتت الموقف العربي إزاء هذه القضية، ما أدى إلى تراخي الموقف العربي الذي كان مجمعا على الأقل على ما تم التوافق بشأنه في القمة العربية المنعقدة في بيروت عام 2002، والتي تبنت مشروع الأرض مقابل السلام وتبنت مشروع إقامة الدولتين كحل وسط وحيد لوضع حد لجميع أشكال التطرف والصراع الذي لا ينتهي إلا أننا رأينا تراجعا في الموقف العربي بشكل غريب وغير مفهوم، ما جعل إسرائيل لا ترى ضرورة لتقديم أي تنازلات في الحاضر أو المستقبل طالما أن الموقف العربي ضعيف ولم يعد موحدا أو مؤثرا في الساحة الدولية.
كل هذه العوامل كانت ولا تزال إلى اليوم سببا رئيسيا في استمرار هذا الصراع وهذا ما يجعل إسرائيل تتوغل باستمرار في الضفة الغربية وتعتدي من دون توقف على المواطنين الفلسطينيين وتتوسع في الاستيطان وفي تنظيم حملات عسكرية متكررة لضرب غزة وتدميرها بشكل رأينا ما نراه اليوم، حيث تجاوز عدد الشهداء 5 آلاف شهيد وعدد الجرحى أكثر من 13 ألف جريح وتهديم الآلاف من البيوت والعمارات السكنية وقطع شريان الحياة في غزة.
إن الحل لهذه المعضلة هو التوجه إلى سكة السلام وهو السلام إذا ما قبلت به إسرائيل بشروطه الشرعية والقانونية فسوف ينهي هذا الصراع إلى الأبد عندما يجد الفلسطينيون أنفسهم يعيشون بسلام واستقرار في دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ولهم احترامهم وكرامتهم ويجدون مقومات الحياة في هذه الأرض. ومن هنا إلى ذلك الحين سوف يتواصل هذا الصراع خاصة في ظل الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة والعجز عن الخروج إلى العالم بموقف موحد يخدم الشعب الفلسطيني أولا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك