العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كي لا تترك فلسطين وحيدة بعد الآن في صراعها ضد إسرائيل

بقلم: د. رمزي بارود

الثلاثاء ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬وقت‭ ‬ما،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬عربيا‭ ‬وإسرائيليا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬تم‭ ‬تغيير‭ ‬تلك‭ ‬العلامة‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬دائما‭ ‬تطبع‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭. ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬باتت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬تقول‭ ‬لنا‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬وإسرائيل‮»‬‭.‬

ولكن‭ ‬ما‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬حدث؟‭ ‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ببساطة‭ ‬قوية‭ ‬للغاية‭.‬

إن‭ ‬الانتصارات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المذهلة‭ ‬المزعومة‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭ ‬ضد‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية‭ ‬شجعت‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬جعلها‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬نفسها،‭ ‬ليس‭ ‬كقوة‭ ‬عظمى‭ ‬إقليمية،‭ ‬بل‭ ‬كقوة‭ ‬عالمية‭ ‬أيضا‭. ‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬إسرائيل،‭ ‬حسب‭ ‬تعريفها‭ ‬الخاص،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تقهر‮»‬‭.‬

ولم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬المصطلحات‭ ‬مجرد‭ ‬تكتيك‭ ‬تخويف‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬كسر‭ ‬روح‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والعرب‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬فقد‭ ‬صدقت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ذلك‭ ‬بدورها‭. ‬

كان‭ ‬‮«‬الانتصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المعجزة‮»‬‭ ‬على‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬بمثابة‭ ‬لحظة‭ ‬فاصلة‭. ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬أعلن‭ ‬السفير‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لدى‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أبا‭ ‬إيبان‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬منصة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أعلن‭ ‬الانتصار‭ ‬المجيد‭ ‬لجيش‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬واسترداد‭ ‬القدس‮»‬‭.‬

وهذا،‭ ‬في‭ ‬تفكيره،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬سوى‭ ‬شيء‭ ‬واحد‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أن‭ ‬حظيت‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬التكريم‭ ‬والاحترام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬العالم‮»‬‭.‬

تردد‭ ‬صدى‭ ‬المشاعر‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬أبان‭ ‬إيبان‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬إسرائيل‭. ‬وحتى‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬شككوا‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬حكومتهم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الغلبة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العرب‭ ‬فإنهم‭ ‬قد‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬الجوقة‭ ‬بدورهم‭ ‬وراحوا‭ ‬يرددون‭: ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قهرها‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬النقاش‭ ‬العقلاني‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬حول‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬انتصارات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬النصر‭ ‬ممكناً‭ ‬دون‭ ‬دعم‭ ‬واشنطن‭ ‬الكامل‭ ‬واستعداد‭ ‬الغرب‭ ‬لدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأي‭ ‬ثمن‭.‬

مع‭ ‬تزايد‭ ‬حجم‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الدولة‭ ‬الصغيرة‭ ‬المنتصرة‭ ‬بمقدار‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف،‭ ‬بدأت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬احتلالها‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭. ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬المحتلة‭ ‬حديثاً،‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬سيناء،‭ ‬ومرتفعات‭ ‬الجولان،‭ ‬وكل‭ ‬المناطق‭ ‬الأخرى‭.‬

قبل‭ ‬خمسين‭ ‬عاماً،‭ ‬وفي‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973،‭ ‬حاولت‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية‭ ‬عكس‭ ‬المكاسب‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬مفاجئ‭. ‬لقد‭ ‬حققت‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية‭ ‬النجاح‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تحركت‭ ‬بسرعة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الدفاعات‭ ‬والاستخبارات‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬نصراً‭ ‬كاملاً‭ ‬للعرب،‭ ‬لكن‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭ ‬أصيبت‭ ‬بكدمات‭ ‬شديدة‭ ‬إثر‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭. ‬وبالمقابل،‭ ‬ظلت‭ ‬سلطات‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬مقتنعة‭ ‬بأن‭ ‬العلاقة‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬أقامتها‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭.‬

ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬أصبح‭ ‬‮«‬الصراع‮»‬‭ ‬فلسطينياً‭-‬إسرائيلياً‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬عربياً‭-‬إسرائيلياً،‭ ‬كما‭ ‬دفعت‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬لبنان،‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظا‭ ‬لتشرذم‭ ‬وتشتت‭ ‬الجبهة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬المتواصل‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭.‬

كان‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المتغير‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تغزو‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1978،‭ ‬كما‭ ‬ثم‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬للسلام‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

وبينما‭ ‬أصبح‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لفلسطين‭ ‬أكثر‭ ‬عنفاً،‭ ‬مع‭ ‬شهية‭ ‬لا‭ ‬تشبع‭ ‬لابتلاع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأراضي،‭ ‬حول‭ ‬الغرب‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬صراع‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إدارته‭ ‬بالكلمات،‭ ‬وليس‭ ‬بالأفعال‭ ‬أبداً‭.‬

ويحرص‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬صراعاً‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬ليس‭ ‬نزاعاً‭ ‬سياسياً،‭ ‬ولكنه‭ ‬تحكمه‭ ‬قوانين‭ ‬وحدود‭ ‬دولية‭ ‬محددة‭ ‬بوضوح،‭ ‬وأنه‭ ‬يجب‭ ‬حلها‭ ‬وفق‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭.‬

وهذا‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬بعد‭. ‬فلم‭ ‬تتحقق‭ ‬العدالة،‭ ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬استرداد‭ ‬شبر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬فلسطين،‭ ‬رغم‭ ‬عقد‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والقرارات‭ ‬والبيانات‭ ‬والتحقيقات‭ ‬والتوصيات‭ ‬والتقارير‭ ‬الخاصة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭. ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬التنفيذ‭ ‬الحقيقي،‭ ‬يصبح‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق‭.‬

ولكن‭ ‬هل‭ ‬تخلى‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬عن‭ ‬فلسطين؟‭ ‬إن‭ ‬الغضب‭ ‬والألم‭ ‬والهتافات‭ ‬العاطفية‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬أعداد‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬خرجوا‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬للاحتجاج‭ ‬على‭ ‬إبادة‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لغزة‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬فلسطين‭ ‬وحدها‭ - ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كذلك،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تترك‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القتال‭.‬

لقد‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬عزل‭ ‬فلسطين‭ ‬عن‭ ‬سياقها‭ ‬الإقليمي‭ ‬كان‭ ‬كارثيا‭. ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬الصراع‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فقط،‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬سياق‭ ‬ونطاق‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬الصراع،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬مسموح‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬‮«‬طاولة‭ ‬المفاوضات‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬استبعاده‭. ‬هكذا‭ ‬أهدرت‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭.‬

كلما‭ ‬نجحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬عزل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عن‭ ‬محيطهم‭ ‬الإقليمي،‭ ‬استثمرت‭ ‬في‭ ‬تقسيمهم‭. ‬ويزداد‭ ‬الأمر‭ ‬خطورة‭ ‬عندما‭ ‬يصبح‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬وإسرائيل‭. ‬والنتيجة‭ ‬هي‭ ‬محادثة‭ ‬مختلفة‭ ‬تمامًا‭ ‬يتم‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬الفهم‭ ‬الملح‭ ‬حقًا‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وفي‭ ‬فلسطين‭ ‬بأكملها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭.‬

ووفقاً‭ ‬للرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للأحداث،‭ ‬فإن‭ ‬الحرب‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬عندما‭ ‬هاجم‭ ‬مقاتلو‭ ‬حماس‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬والمستوطنات،‭ ‬والبلدات‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬إسرائيل‭.‬

ولا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تاريخ‭ ‬أو‭ ‬حدث‭ ‬آخر‭ ‬يسبق‭ ‬هجوم‭ ‬حماس‭ ‬يشكل‭ ‬أهمية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والغرب،‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬الحرب‭ ‬بهذا‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمحنة‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬والتجاهل‭ ‬التام‭ ‬لجحيم‭ ‬غزة‭.‬

ولا‭ ‬يُسمح‭ ‬لأي‭ ‬سياق‭ ‬آخر‭ ‬بإفساد‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المثالية‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الفلسطينيين‭ ‬أمثال‭ ‬داعش‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يقوضون‭ ‬السلام‭ ‬والهدوء‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬ويهددون‭ ‬شعبها‭.‬

إن‭ ‬الأصوات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬مناقشة‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬ضمن‭ ‬السياقات‭ ‬التاريخية‭ ‬الصحيحة‭ ‬‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬لفلسطين‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬واحتلال‭ ‬القدس‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغزة‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وحصار‭ ‬غزة‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬وكل‭ ‬الحروب‭ ‬الدموية‭ ‬قبلها‭ ‬وبعدها‭ ‬‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بأن‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬النقاشات،‭ ‬ولا‭ ‬يتاح‭ ‬لها‭ ‬حضور‭ ‬المنابر‭ ‬الإعلامية‭. ‬

إن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المؤيدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ببساطة‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬الاستماع‭. ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تذهب‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬إطلاق‭ ‬ادعاءات‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها‭ ‬بشأن‭ ‬أطفال‭ ‬مقطوعي‭ ‬الرأس،‭ ‬فإن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬كانت‭ ‬ستظل‭ ‬ملتزمة‭ ‬بالرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬روايات‭ ‬الحرب،‭ ‬والسياقات‭ ‬التاريخية‭ ‬للصراعات،‭ ‬والخطابات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬رؤية‭ ‬الغرب‭ ‬لفلسطين‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فسوف‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الشيكات‭ ‬على‭ ‬بياض‭ ‬اللازمة‭ ‬للبقاء‭ ‬ملتزمة‭ ‬بسياساتها‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬لفلسطين‭.‬

وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تأجيج‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الصراعات،‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الحروب،‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الخداع‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بجذور‭ ‬العنف‭.‬

ولكي‭ ‬يتم‭ ‬كسر‭ ‬هذه‭ ‬الحلقة‭ ‬المفرغة،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬فلسطين‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬قضية‭ ‬تهم‭ ‬العرب‭ ‬كافة،‭ ‬والمنطقة‭ ‬برمتها‭. ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬التصدي‭ ‬للرواية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ومواجهة‭ ‬التحيز‭ ‬الغربي،‭ ‬وتشكيل‭ ‬استراتيجية‭ ‬جماعية‭ ‬جديدة‭.‬

وبعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ترك‭ ‬فلسطين‭ ‬وحدها‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا