العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مأزق انعدام الردع العسكري الإسرائيلي!

بقلم: أنطوان شلحت

الثلاثاء ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

تركّز‭ ‬المتابعات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬حول‭ ‬تداعيات‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أمور‭ ‬أخرى،‭ ‬على‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭ ‬الذي‭ ‬مُني‭ ‬به‭ ‬الجدار‭ ‬الأمني‭ ‬الذي‭ ‬أقامته‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬ووصفته‭ ‬عند‭ ‬تدشينه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬ذكيّ‭!‬‮»‬،‭ ‬وتباهت‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اختراقه‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬ولا‭ ‬تقف‭ ‬جلّ‭ ‬هذه‭ ‬المتابعات‭ ‬عند‭ ‬جرف‭ ‬طوفان‭ ‬المقاومة‭ ‬هذا‭ ‬الجدار‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬طبقة‭ ‬من‭ ‬الغبار‮»‬،‭ ‬وفقًا‭ ‬لأحد‭ ‬المحلّلين،‭ ‬بل‭ ‬تتعدّى‭ ‬هذا‭ ‬لتقرّ‭ ‬بانطواء‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يوجّه‭ ‬ضربة‭ ‬قويّة‭ ‬إلى‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬بنتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬لنفسها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمبنى‭ ‬معناها‭ ‬دولة‭ ‬متقدّمة‭ ‬جدًّا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إنتاج‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬الدفاعية‭. ‬

وبحسب‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬إزرائيل‭ ‬ديفنس‮»‬‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتخصّص‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الأمنية،‭ ‬قد‭ ‬يؤدّي‭ ‬الهجوم‭ ‬المباغت‭ ‬للمقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الصناعات‭ ‬الأمنية،‭ ‬إلى‭ ‬سحب‭ ‬البساط‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬أقدام‭ ‬وعود‭ ‬برّاقة‭ ‬منحتها‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وإلى‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬زبائنها‭ ‬في‭ ‬الخارج‭.‬

وبدأ‭ ‬التفكير‭ ‬بإقامة‭ ‬هذا‭ ‬الجدار‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬إثر‭ ‬الحرب‭ ‬العدوانية‭ ‬التي‭ ‬شنّتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزّة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام،‭ ‬ووقف‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬أثنائها‭ ‬عاجزًا‭ ‬عن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الأنفاق‭ ‬الهجومية‭ ‬أو‭ ‬التكهّن‭ ‬بمكانها،‭ ‬واستمر‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬إقامته‭ ‬بين‭ ‬أعوام‭ ‬2017‭-‬2021‭ ‬وبلغت‭ ‬كلفته‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬ويبلغ‭ ‬ارتفاعه‭ ‬ستة‭ ‬أمتار‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬ويمتد‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬عشرات‭ ‬الأمتار‭ ‬تحت‭ ‬سطحها‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬النتيجة‭ ‬الأهم‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬الوسع‭ ‬استخلاصها‭ ‬من‭ ‬سيل‭ ‬التحليلات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المحور،‭ ‬تبقى‭ ‬كامنة‭ ‬في‭ ‬الإقرار‭ ‬بحقيقة‭ ‬انعدام‭ ‬الردع‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬المقاومة‭ ‬بقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬صعود‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬إلى‭ ‬سدّة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬شنّت‭ ‬إسرائيل‭ ‬عشرة‭ ‬عدوانات‭ ‬حربية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العدوان‭ ‬الحالي‭ ‬المُسمّى‭ ‬‮«‬السيوف‭ ‬الحديدية‮»‬،‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وعلى‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬‮«‬شتاء‭ ‬ساخن‮»‬‭ (‬2008‭)‬،‭ ‬‮«‬الرصاص‭ ‬المسبوك‮»‬‭ (‬2008-2009‭)‬،‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬الصدى‮»‬‭ (‬2012‭)‬،‭ ‬‮«‬عمود‭ ‬سحاب‮»‬‭ (‬2012‭)‬،‭ ‬‮«‬الجرف‭ ‬الصامد‮»‬‭ (‬2014‭)‬،‭ ‬‮«‬الحزام‭ ‬الأسود‮»‬‭ (‬2019‭)‬،‭ ‬‮«‬حارس‭ ‬الأسوار‮»‬‭ (‬2021‭)‬،‭ ‬‮«‬مطلع‭ ‬الفجر‮»‬‭ (‬2022‭)‬،‭ ‬‮«‬درع‭ ‬وسهم‮»‬‭ (‬2023‭). ‬وقبيل‭ ‬هذه‭ ‬العدوانات‭ ‬وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬آخر‭ ‬أعوام‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الثانية‭ ‬شنّت‭ ‬عدواني‭ ‬‮«‬مطر‭ ‬أوّل‮»‬‭ (‬2005‭) ‬و«أمطار‭ ‬الصيف‮»‬‭ (‬2006‭).‬

في‭ ‬سياق‭ ‬آخر،‭ ‬كان‭ ‬ثمة‭ ‬من‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تبدو‭ ‬مفتونة‭ ‬منذ‭ ‬إنشائها‭ ‬بعقيدة‭ ‬‮«‬الجدار‭ ‬الحديدي‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬زعيم‭ ‬التيار‭ ‬التنقيحي‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬زئيف‭ ‬جابوتنسكي‭ ‬وتبنّاها‭ ‬جيل‭ ‬المؤسسين‭ ‬بزعامة‭ ‬ديفيد‭ ‬بن‭ ‬غوريون،‭ ‬وهي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬وجوب‭ ‬تأسيس‭ ‬قوّة‭ ‬مدافعة‭ ‬عن‭ ‬المستوطنين‭ ‬اليهود‭ ‬تكون‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬جدار‭ ‬حديدي‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬بمقدور‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬اختراقه‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬من‭ ‬الحقّ‭ ‬أن‭ ‬يُشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬النصوص‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬العقيدة،‭ ‬وهو‭ ‬نصّ‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬عن‭ ‬الجدار‭ ‬الحديدي‮»‬‭ (‬1923‭)‬،‭ ‬سخر‭ ‬جابوتنسكي‭ ‬من‭ ‬صهاينة‭ ‬يحاولون‭ ‬ترويج‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬إمّا‭ ‬‮«‬أغبياء‭ ‬يمكن‭ ‬خداعهم‭ ‬عبر‭ ‬صياغة‭ ‬مُخفّفة‭ ‬لأهدافنا‭ (‬الصهيونية‭) ‬الحقيقية‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬أنهم‭ ‬قبيلة‭ ‬جشعة‭ ‬سوف‭ ‬تتنازل‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬أحقيتها‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬مكاسب‭ ‬ثقافية‭ ‬واقتصادية‮»‬‭. ‬

وأوضح‭ ‬أنه‭ ‬يرفض‭ ‬قبول‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬بشأن‭ ‬عرب‭ ‬فلسطين‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع،‭ ‬معلنًا‭: ‬إنهم‭ ‬مثلنا‭ ‬تماما‭ ‬عارفون‭ ‬ببواطن‭ ‬النفوس،‭ ‬دقيقو‭ ‬الملاحظة،‭ ‬وتتلمذوا‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬المحاججة‭ ‬الحادّة،‭ ‬ومهما‭ ‬روينا‭ ‬لهم‭ ‬فسوف‭ ‬يحسنون‭ ‬فهم‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬نفوسنا‭ ‬تماما‭ ‬مثلما‭ ‬نفهم‭ ‬نحن‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬نفوسهم‭.‬

وكتب‭ ‬حرفيًّا‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: ‬‮«‬إنهم‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬بنفس‭ ‬الحب‭ ‬الغريزي‭ ‬وبنفس‭ ‬التعصّب‭ ‬العضوي‭ ‬اللذين‭ ‬رافقا‭ ‬علاقة‭ ‬الأزتيك‭ ‬مع‭ ‬مكسيكهم،‭. ‬إن‭ ‬وهم‭ ‬البعض‭ ‬بيننا‭ ‬بأنهم‭ ‬سيرضون‭ ‬بتجسيد‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬مردودات‭ ‬ثقافية‭ ‬واقتصادية‭ ‬يجلبها‭ ‬معه‭ ‬المستوطن‭ ‬اليهودي‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬ازدراء‭ ‬أساسها‭ ‬فكرة‭ ‬مسبقة‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬العربي،‭ ‬ومن‭ ‬آراء‭ ‬غير‭ ‬مسندة‭ ‬تعتبر‭ ‬هذا‭ ‬العرق‭ ‬جماعة‭ ‬من‭ ‬الرعاع‭ ‬تلهث‭ ‬وراء‭ ‬المال‭ ‬وعلى‭ ‬استعداد‭ ‬للتنازل‭ ‬عن‭ ‬وطنها‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬شبكة‭ ‬خطوط‭ ‬سكة‭ ‬حديدية‭ ‬جيدة‭. ‬وعرض‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬له‭ ‬بتاتًا‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أقر‭ ‬بذلك‭ ‬جابوتنسكي‭ ‬المرجع‭ ‬الفكري‭ ‬لنتنياهو‭ ‬وزعماء‭  ‬الليكود‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬المستوطنين‭ ‬المتطرفين‭ .‬

{ كاتب‭ ‬ومحلل‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا