العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ممارسات وتصريحات إسرائيلية عنصرية.. وتطرف بلا حدود

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

ألف‭ ‬مقاوم‭ ‬فلسطيني،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬قليلا،‭ ‬قتلوا‭ ‬أعدادا‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬وجها‭ ‬لوجه،‭ ‬وأسروا‭ ‬العشرات‭ ‬منهم،‭ ‬بعضهم‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الرتب‭ ‬العالية‭. ‬وبعد‭ ‬هذه‭ ‬المباغتة‭ ‬القاتلة،‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستغربا،‭ ‬بل‭ ‬جاء‭ ‬مطابقا،‭ ‬لما‭ ‬تغنت‭ ‬به‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬طوال‭ ‬عقود،‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬نظرية‭ ‬الأمن‭ ‬المطلق‮»‬‭ ‬و«الحدود‭ ‬الآمنة‮»‬‭. ‬فالجنون‭ (‬الديني‭ ‬والأيديولوجي‭) ‬الإسرائيلي،‭ ‬المتجسد‭ ‬بالحكومة‭ ‬الراهنة،‭ ‬وبالمجتمع‭ ‬السياسي‭ ‬الحالي‭ ‬جنون‭ ‬مستمر‭ ‬وربما‭ ‬تزايد‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬المقارفات‭ ‬والجرائم‭ ‬العنصرية،‭ ‬خرجت‭ ‬أصوات‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬والمسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬التي‭ ‬تشبه‭ ‬خصال‭ ‬الأنظمة‭ ‬النازية‭ ‬والفاشية‭ (‬هتلر‭ ‬في‭ ‬ألمانيا،‭ ‬وموسوليني‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬وفرانكو‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭) ‬خاصة‭ ‬تجاه‭ ‬‮«‬النزعة‭ ‬القومية‭ ‬المتطرفة‭ ‬التسلطية‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬الاستهتار‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬فهذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬تحتقر‭ ‬الإنسان‭ ‬ولا‭ ‬تعترف‭ ‬بحقوقه،‭ ‬بل‭ ‬وتعتبر‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬انتقاصا‭ ‬من‭ ‬قدرها‭ ‬وهيبتها،‭ ‬وكذلك‭ ‬هي‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬اليهود‭ ‬‮«‬شعب‭ ‬الله‭ ‬المختار‮»‬‭! ‬فوزير‭ (‬الدفاع‭) ‬الإسرائيلي‭ (‬يوآف‭ ‬جالانت‭) ‬علق‭ ‬بالقول،‭ ‬ليس‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬بل‭ ‬اثنتين،‭ ‬في‭ ‬وقتين‭ ‬مغايرين‭: ‬‮«‬أمرت‭ ‬بفرض‭ ‬حصار‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬كهرباء‭ ‬ولا‭ ‬طعام‭. ‬نحن‭ ‬نقاتل‭ ‬الحيوانات‭ ‬البشرية‭ ‬ونتصرف‭ ‬وفقا‭ ‬لذلك‮»‬،‭ ‬ومؤكدا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القطاع‭ ‬لن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‮»‬،‭ ‬متجاهلا‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬يعيش‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬إنسان،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصفهم‭ ‬من‭ ‬أحفاد‭ ‬اللاجئين‭ ‬الذين‭ ‬أوجدتهم‭ ‬قوات‭ ‬الغزو‭ ‬الصهيوني‭ ‬و«إسرائيل‮»‬‭ ‬التي‭ ‬نهبت‭ ‬أرضهم‭ ‬وطردتهم،‭ ‬ثم‭ ‬احتلتهم‭ ‬مجددا‭ ‬في‭ ‬وطنهم،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك،‭ ‬جعلتهم‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬سجن‭ ‬عرفته‭ ‬البشرية‭. ‬من‭ ‬جانبه،‭ ‬قال‭ ‬المتحدث‭ ‬الرسمي‭ ‬باسم‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬دانيال‭ ‬هغاري‭): ‬‮«‬الجيش‭ ‬يقوم‭ ‬بإلقاء‭ ‬الأطنان‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬خلال‭ ‬هجماته‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬التشديد‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬الدقة‮«‬،‭ ‬مضيفاً‭ ‬‮»‬نحن‭ ‬ندفِّع‭ ‬حماس‭ ‬الثمن،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هجوم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عشرات‭ ‬الطائرات‭ ‬لسلاح‭ ‬الجو‮»‬‭.‬وبحسب‭ ‬المحلل‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬رون‭ ‬بن‭ ‬يشاي‭) ‬فإن‭ ‬الجيش‭ ‬‮«‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الجبهة‭ ‬الجنوبية‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬صُعد،‭ ‬المركزي‭ ‬بينها‭ ‬هو‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭. ‬عملياً،‭ ‬يتم‭ ‬تطبيق‭ ‬‮«‬عقيدة‭ ‬الضاحية‮»‬‭ ‬التدميرية‭ ‬التي‭ ‬صيغت‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ولاية‭ ‬قائد‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬جادي‭ ‬أيزنكوت،‭ ‬وتنصّ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬سيردّ‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬وغير‭ ‬متوازن‭ ‬على‭ ‬خرق‭ ‬‮«‬السيادة‮»‬‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بهدف‭ ‬ردع‭ ‬مَن‭ ‬قام‭ ‬بذلك‭. ‬وبكلمات‭ ‬أُخرى،‭ ‬الجيش‭ ‬سيتخلى‭ ‬عن‭ ‬القيود‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬واضحاً‭ ‬في‭ ‬مئات‭ ‬الأطنان‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إسقاطها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناطق‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وضمنها‭ ‬المناطق‭ ‬المدنية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬وجه‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬وما‭ ‬يواكبها‭ ‬من‭ ‬ممارسات،‭ ‬بدأت‭ ‬تثور‭ ‬ثائرة‭ ‬مسؤولين‭ ‬وهيئات‭ ‬دولية‭. ‬فمثلاً،‭ ‬اعتبر‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ (‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭) ‬أن‭ ‬‮«‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المحكم‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة‭ ‬غير‭ ‬مقبول‮»‬،‭ ‬وشبّهه‭ ‬بالحصار‭ ‬النازي‭ ‬لمدينة‭ ‬لينينجراد‭ ‬السوفيتية‭ ‬إبان‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬فيما‭ ‬اعتبرت‭ ‬وكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لغوث‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬أونروا‭) ‬دعوة‭ ‬‮»‬إسرائيل‮«‬‭ ‬لإجلاء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬مدني‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬خلال‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬بالقرار‮»‬المروع‮«‬،‭ ‬وقالت‭ ‬إن‭ ‬‮»‬القطاع‭ ‬يتحول‭ ‬بسرعة‭ ‬إلى‭ ‬حفرة‭ ‬من‭ ‬الجحيم‭ ‬وعلى‭ ‬شفا‭ ‬الانهيار‮«‬‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬على‭ ‬المقارفات‭ ‬والجرائم‭  ‬الاسرائيلية‭ ‬تتوالى‭.  ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬بل‭ ‬قل‮»‬‭ ‬المحرقة‭ ‬الفلسطينية‮«‬،‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬سابقاتها‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬شنها‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تعلن‭ ‬فيها‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬الحرب‭ ‬رسميا‭ ‬منذ‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬وتطلب‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬‭ ‬مغادرته‭ ‬ثم‭ ‬لاحقاً‭: ‬النزوح‭ ‬إلى‭ ‬جنوبه‭)!! ‬وطبعاً‭ ‬هناك‭ ‬أيضاً‭ ‬تصريحات‭ (‬نتنياهو‭) ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬وزرائه‭ ‬وبالذات‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬أركان‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ (‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭) ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يبخلوا‭ ‬علينا‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬فاقع‭ ‬وفج‭ ‬وفاجر‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬والممارسات‭ (‬لا‭ ‬يتسع‭ ‬المجال‭ ‬لذكرها‭ ‬الآن‭) ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالقصف‭ ‬والاجتياح‭ ‬البري‭ ‬وخوض‭ ‬حرب‭ ‬مدن‭ ‬ضدهم‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬تدفيع‭ ‬الثمن‮»‬‭ ‬و«كي‭ ‬الوعي‮»‬‭ ‬‮…‬وكما‭ ‬دائماً‭: ‬‮«‬العربي‭ ‬الجيد‭ ‬هو‭ ‬العربي‭ ‬الميت‮»‬‭!!  ‬ومن‭ ‬أسف‭ ‬شديد،‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬والممارسات،‭ ‬الفاقعة‭ ‬والفجة‭ ‬والفاجرة،‭ ‬تتم‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬وتواطؤ‭ ‬أوروبي‭ ‬يرتقيان‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬المشاركة‭ ‬المباشرة‭ ‬في‭ ‬‮«‬المحرقة‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭!.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا