ألف مقاوم فلسطيني، أو ما يزيد قليلا، قتلوا أعدادا من جنود جيش الاحتلال وجها لوجه، وأسروا العشرات منهم، بعضهم من ذوي الرتب العالية. وبعد هذه المباغتة القاتلة، رد الفعل الإسرائيلي لم يكن مستغربا، بل جاء مطابقا، لما تغنت به الدولة الصهيونية طوال عقود، وهو «نظرية الأمن المطلق» و«الحدود الآمنة». فالجنون (الديني والأيديولوجي) الإسرائيلي، المتجسد بالحكومة الراهنة، وبالمجتمع السياسي الحالي جنون مستمر وربما تزايد.
في ظل هذه المقارفات والجرائم العنصرية، خرجت أصوات لعدد من القادة والمسؤولين الإسرائيليين التي تشبه خصال الأنظمة النازية والفاشية (هتلر في ألمانيا، وموسوليني في إيطاليا، وفرانكو في إسبانيا) خاصة تجاه «النزعة القومية المتطرفة التسلطية»، ومن ذلك الاستهتار بحقوق الإنسان. فهذه الأنظمة تحتقر الإنسان ولا تعترف بحقوقه، بل وتعتبر مثل هذا الاعتراف انتقاصا من قدرها وهيبتها، وكذلك هي «إسرائيل» التي تعتبر اليهود «شعب الله المختار»! فوزير (الدفاع) الإسرائيلي (يوآف جالانت) علق بالقول، ليس مرة واحدة بل اثنتين، في وقتين مغايرين: «أمرت بفرض حصار كامل على قطاع غزة، لن يكون هناك كهرباء ولا طعام. نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقا لذلك»، ومؤكدا أن «القطاع لن يعود إلى ما كان عليه»، متجاهلا أن في القطاع يعيش أكثر من مليوني إنسان، أكثر من نصفهم من أحفاد اللاجئين الذين أوجدتهم قوات الغزو الصهيوني و«إسرائيل» التي نهبت أرضهم وطردتهم، ثم احتلتهم مجددا في وطنهم، وبعد ذلك، جعلتهم يعيشون في أكبر سجن عرفته البشرية. من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي (دانيال هغاري): «الجيش يقوم بإلقاء الأطنان من القنابل خلال هجماته على قطاع غزة، التشديد هو على إلحاق الضرر، وليس على الدقة«، مضيفاً »نحن ندفِّع حماس الثمن، في كل هجوم من خلال عشرات الطائرات لسلاح الجو».وبحسب المحلل الإسرائيلي (رون بن يشاي) فإن الجيش «يعمل في الجبهة الجنوبية على عدة صُعد، المركزي بينها هو الهجوم الذي يقوم به سلاح الجو. عملياً، يتم تطبيق «عقيدة الضاحية» التدميرية التي صيغت خلال فترة ولاية قائد هيئة الأركان جادي أيزنكوت، وتنصّ على أن الجيش سيردّ بشكل كبير وغير متوازن على خرق «السيادة» الإسرائيلية، بهدف ردع مَن قام بذلك. وبكلمات أُخرى، الجيش سيتخلى عن القيود التي فرضها على نفسه وهو ما يبدو واضحاً في مئات الأطنان التي يتم إسقاطها في كل مناطق قطاع غزة، وضمنها المناطق المدنية». وفي وجه هذه التصريحات وما يواكبها من ممارسات، بدأت تثور ثائرة مسؤولين وهيئات دولية. فمثلاً، اعتبر الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) أن «الحصار الإسرائيلي المحكم لقطاع غزة غير مقبول»، وشبّهه بالحصار النازي لمدينة لينينجراد السوفيتية إبان الحرب العالمية الثانية، فيما اعتبرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) دعوة »إسرائيل« لإجلاء أكثر من مليون مدني من شمال غزة خلال 24 ساعة بالقرار»المروع«، وقالت إن »القطاع يتحول بسرعة إلى حفرة من الجحيم وعلى شفا الانهيار« ولا تزال ردود الأفعال على المقارفات والجرائم الاسرائيلية تتوالى. هذه الحرب، بل قل» المحرقة الفلسطينية«، تختلف عن سابقاتها من الحروب التي شنها الاحتلال الإسرائيلي، فهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها الدولة الصهيونية الحرب رسميا منذ نصف قرن وتطلب من أهل «القطاع» مغادرته ثم لاحقاً: النزوح إلى جنوبه)!! وطبعاً هناك أيضاً تصريحات (نتنياهو) وعدد من وزرائه وبالذات رئيس هيئة أركان دولة الاحتلال (وغيرهم من الكتاب) الذين لم يبخلوا علينا بكل ما هو فاقع وفج وفاجر من التصريحات والممارسات (لا يتسع المجال لذكرها الآن) تتحدث عن القضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية بالقصف والاجتياح البري وخوض حرب مدن ضدهم يتم فيها «تدفيع الثمن» و«كي الوعي» …وكما دائماً: «العربي الجيد هو العربي الميت»!! ومن أسف شديد، هذه التصريحات والممارسات، الفاقعة والفجة والفاجرة، تتم بدعم أمريكي وتواطؤ أوروبي يرتقيان إلى مستوى المشاركة المباشرة في «المحرقة الفلسطينية»!.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك