العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قراءة في التبعات الاقتصادية للعدوان على قطاع غزة

الأربعاء ١٨ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

بينما‭ ‬دفعت‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬ملف‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬بؤرة‭ ‬الاهتمامات‭ ‬العالمية،‭ ‬فقد‭ ‬تعددت‭ ‬الزوايا‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬منها‭ ‬تناول‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬السياسية‭ ‬والحقوقية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬الرؤى‭ ‬الإقليمية‭ ‬ورؤى‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الأممية‭.‬

غير‭ ‬أننا‭ ‬هنا‭ ‬سنتناول‭ ‬التبعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لهذا‭ ‬العدوان،‭ ‬متمثلا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الاختناق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للقطاع،‭ ‬فيما‭ ‬اتخذتها‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬ذريعة‭ ‬لشن‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬حشدت‭ ‬لها‭ ‬قوات‭ ‬الاحتياطي،‭ ‬وقدمت‭ ‬روايات‭ ‬إعلامية‭ ‬مزورة‭ ‬لما‭ ‬حدث،‭ ‬صدقتها‭ ‬الأوساط‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬روية،‭ ‬وحشدت‭ ‬بها‭ ‬تأييدًا‭ ‬ودعمًا‭ ‬غربيًا‭ ‬لتصرفاتها،‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تهدد‭ ‬بانهيار‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬ذهبت‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬وآخرها،‭ ‬‮«‬التهجير‭ ‬القسري‮»‬،‭ ‬الفوري‭ ‬لسكان‭ ‬غزة‭. ‬

ووفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬‮«‬البنك‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تزال‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬والتنقل‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬تخلق‭ ‬اقتصادا‭ ‬شبه‭ ‬مغلق‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فيما‭ ‬بلغ‭ ‬معدل‭ ‬البطالة‭ ‬فيها‭ ‬45‭.‬3%‮»‬‭. ‬ويعد‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬تبلغ‭ ‬مساحته‭ ‬نحو‭ ‬365‭ ‬كم2،‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬معزولة‮»‬،‭ ‬بسبب‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المستمر‭ ‬له‭ ‬لما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬عاما‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تمتعه‭ ‬بموقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬جعله‭ ‬‮«‬مطمعا‮»‬‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬رغم‭ ‬انسحابها‭ ‬منه‭ ‬عام‭ ‬2005،‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬مستوطناتها‭ ‬فيما‭ ‬يُسمى‭ ‬غلاف‭ ‬غزة‭. ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬إنفاذ‭ ‬هذا‭ ‬المطمع،‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬الكبير‭ ‬البالغ‭ (‬2.3‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭)‬،‭ ‬الذين‭ ‬يعتمدون‭ ‬في‭ ‬معيشتهم‭ ‬على‭ ‬مساعدات‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬غوث‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‮»‬‭ (‬الأونروا‭). ‬

ووفقًا‭ ‬لهذه‭ ‬الوكالة،‭ ‬يستفيد‭ ‬قرابة‭ ‬1‭.‬140‭ ‬مليون‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬من‭ ‬السلة‭ ‬الغذائية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأممية،‭ ‬بنسبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬80%‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وتقدر‭ ‬بـ66%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬القطاع،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يعيش‭ ‬نحو‭ ‬83%‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر؛‭ ‬نتيجة‭ ‬تدهور‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ (‬متوسط‭ ‬دخل‭ ‬الفرد‭ ‬طبقًا‭ ‬للبنك‭ ‬الدولي‭ ‬1‭.‬7‭ ‬دولار‭ ‬يوميًا،‭ ‬وهو‭ ‬دون‭ ‬خط‭ ‬الفقر‭ ‬الدولي‭ ‬البالغ‭ ‬2‭.‬2‭ ‬دولار‭ ‬يوميًا‭).‬

وفيما‭ ‬غدت‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬،‭ ‬شريان‭ ‬حياة‭ ‬للاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬فقد‭ ‬حذر‭ ‬المفوض‭ ‬العام‭ ‬للوكالة‭ ‬عن‭ ‬توقفها‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر2023،‭ ‬موضحا‭ ‬أنها‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬دولار؛‭ ‬لمواصلة‭ ‬عملها‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭. ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مايو،‭ ‬قرر‭ ‬برنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‭ ‬تعليق‭ ‬مساعداته‭ ‬لآلاف‭ ‬الأسر‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬يونيو،‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬التمويل،‭ ‬وأضاف‭ ‬بيانه‭ ‬أنه‭ ‬يدرك‭ ‬صعوبة‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬الأسر،‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية،‭ ‬ويتجاوز‭ ‬عدد‭ ‬أفرادها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭.‬

وقد‭ ‬فاقم‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬‮«‬غزة‮»‬،‭ ‬اعتبار‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ -‬منذ‭ ‬انسحابه‭ ‬منها‭- ‬القطاع‭ ‬‮«‬مرمى‭ ‬نيران‮»‬،‭ ‬كلما‭ ‬احتاج‭ ‬إلى‭ ‬تدريب،‭ ‬يقوم‭ ‬بشن‭ ‬حرب‭ ‬عليها،‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أعوام‭ ‬2008،‭ ‬و2014،‭ ‬و2021،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬المتطرفين‭ ‬الإسرائيليين‭ -‬وفقًا‭ ‬لـCNN‭- ‬بعمليات‭ ‬اقتحام‭ ‬متكررة‭ ‬للمسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬تحت‭ ‬حماية‭ ‬الشرطة‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬إثر‭ ‬مظاهرات‭ ‬فلسطينية‭ ‬في‭ ‬الأقصى‭ ‬ومناطق‭ ‬عرب‭ ‬48،‭ ‬عقب‭ ‬خطف‭ ‬وتعذيب‭ ‬وحرق‭ ‬مستوطنين‭ ‬للطفل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬أبو‭ ‬خضير‮»‬،‭ ‬وأسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألفي‭ ‬فلسطيني،‭ ‬وإصابة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭. ‬وعلقت‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬حينها‭ ‬بأن‭ ‬89‭ ‬ألف‭ ‬منزل‭ ‬قد‭ ‬دُمر‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬جراء‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وقدرت‭ ‬كلفة‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬4-6‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭.‬

وفي2021،‭ ‬حدثت‭ ‬الاستفزازات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬المصلين‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى،‭ ‬وتم‭ ‬الإخلاء‭ ‬القسري‭ ‬لسكان‭ ‬حي‭ ‬الشيخ‭ ‬جراح‭ ‬بمدينة‭ ‬القدس،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬أطلقت‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بضعة‭ ‬صواريخ‭ ‬باتجاه‭ ‬البلدات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬كرد‭ ‬فعل؛‭ ‬حتى‭ ‬قامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشن‭ ‬هجوم‭ ‬عسكري‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬استمر‭ ‬11‭ ‬يوما،‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائتي‭ ‬فلسطيني،‭ ‬وإصابة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1600،‭ ‬وتدمير‭ ‬1500‭ ‬منزل‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭. ‬

وطبقًا‭ ‬لـ«وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬الفلسطينية‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬كلفت‭ ‬القطاع،‭ ‬نحو‭ ‬497‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬فيما‭ ‬أدت‭ ‬حروب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬حتى2021‭ ‬إلى‭ ‬دمار‭ ‬واسع،‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬تحتاج‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬إلى‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬المباني‭ ‬المهدمة،‭ ‬وملياري‭ ‬دولار‭ ‬لإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬لوضعها‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬الهجمات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬بلغ‭ ‬تقدير‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬لحجم‭ ‬الدمار‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الفترة‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬وكانت‭ ‬القطاعات‭ ‬الأكثر‭ ‬تضررًا،‭ ‬هي‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للمياه،‭ ‬والكهرباء،‭ ‬والصناعة،‭ ‬والزراعة‭.‬

وتشير‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬فريدرتش‭ ‬إيبرت‮»‬‭ ‬الألمانية،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬نتيجة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الإجرامية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في2021،‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬الانخفاض‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الصناعة‭ ‬94%،‭ ‬والإنشاءات‭ ‬94%،‭ ‬والتجارة‭ ‬الداخلية‭ ‬93%،‭ ‬والخدمات‭ ‬94%،‭ ‬والنقل‭ ‬والتخزين‭ ‬90%،‭ ‬والاتصالات‭ ‬92%،‭ ‬والمالية‭ ‬والتأمين‭ ‬100%،‭ ‬حيث‭ ‬استهدفت‭ ‬هجمات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المنشآت‭ ‬العاملة،‭ ‬ملحقة‭ ‬خسائر‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة‭ ‬بها،‭ ‬وصلت‭ ‬بصورة‭ ‬أولية‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صعوبة‭ ‬نهوض‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنشآت‭ ‬بسبب‭ ‬الدمار‭ ‬الكامل‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬بها‭. ‬

وعليه،‭ ‬أدى‭ ‬هذا‭ ‬الاستهداف‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬اقتصاد‭ ‬غزة،‭ ‬وإلحاق‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وزيادة‭ ‬الاختناق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لإجمالي‭ ‬السكان،‭ ‬فيما‭ ‬لم‭ ‬تشكل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬للاحتلال،‭ ‬وجاء‭ ‬تدميرها‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬سياسات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬ممنهجة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تشديد‭ ‬الحصار‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬المنشآت‭ ‬التي‭ ‬جرى‭ ‬تدميرها؛‭ ‬منشآت‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬محطات‭ ‬دواجن‭ ‬وماشية‭ ‬وأراضي‭ ‬زراعية،‭ ‬من‭ ‬‮«‬بيت‭ ‬لاهيا‮»‬،‭ ‬شمالاً‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬خان‭ ‬يونس‮»‬‭ ‬جنوبًا‭.‬

ونتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬الأوضاع،‭ ‬تراجع‭ ‬نمو‭ ‬اقتصاد‭ ‬غزة‭ ‬المنهك‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬12%‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الفائت‭. ‬وبحسب‭ ‬‮«‬البنك‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬أن‭ ‬ينشط،‭ ‬ويحقق‭ ‬النمو‭ ‬المستدام‭ ‬المطلوب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬القيود‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تقف‭ ‬عقبة‭ ‬أمام‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المحتملة،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬خاضعًا‭ ‬لقيود‭ ‬شديدة‭. ‬

ويقف‭ ‬عاملان‭ ‬يحددان‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬القطاع؛‭ ‬هما‭ ‬‮«‬مستوى‭ ‬تدفق‭ ‬المعونات‮»‬،‭ ‬و‮«‬درجة‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬التجارة‮»‬‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬هو‭ ‬فقط‭ ‬الذي‭ ‬تأثر‭ ‬جراء‭ ‬الحروب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬فقد‭ ‬طال‭ ‬التأثير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للمياه،‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬والطاقة،‭ ‬والتعليم،‭ ‬والصحة،‭ ‬والإسكان؛‭ ‬ما‭ ‬عمق‭ ‬سوء‭ ‬الأحوال‭ ‬المعيشية،‭ ‬وتردي‭ ‬الأوضاع‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فيما‭ ‬أحدث‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬اليأس‭ ‬العام‭ ‬والإحباط،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬انسداد‭ ‬الأفق‭ ‬السياسي،‭ ‬وتدهور‭ ‬الاهتمام‭ ‬العالمي‭ ‬عمومًا‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬حتى‭ ‬تذيلت‭ ‬القضايا‭ ‬العالمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أتاح‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬بالفلسطينيين‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬لها‭.‬

ومع‭ ‬تفاقم‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حظرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬سبتمبر2023،‭ ‬صادرات‭ ‬القطاع،‭ ‬سواء‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أو‭ ‬للخارج،‭ ‬بإغلاق‭ ‬‮«‬معبر‭ ‬كرم‭ ‬أبو‭ ‬سالم‮»‬،‭ ‬التجاري‭. ‬فيما‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬للصناعات‭ ‬الفلسطينية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬انعكاسات‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الفلسطيني‭ ‬نتيجة‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬تصعيد‭ ‬لسياسة‭ ‬الحصار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتواصل‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬المنهك‭ ‬اقتصاديًا،‭ ‬محذرًا‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬البطالة‭ ‬والفقر؛‭ ‬بسبب‭ ‬القرار‭ ‬الجائر،‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬بتوقف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنشآت‭ ‬الصناعية،‭ ‬والزراعية‭ ‬عن‭ ‬العمل‭. ‬

واستمرارًا‭ ‬لأسلوبها‭ ‬الممنهج،‭ ‬واصلت‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬الحالية‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬قصف‭ ‬مبانٍ‭ ‬رئيسية،‭ ‬وطالت‭ ‬الضربات‭ ‬الجوية‭ ‬مستشفيات‭ ‬عدة،‭ ‬بعضها‭ ‬خرج‭ ‬عن‭ ‬الخدمة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬معبر‭ ‬رفح‭ ‬البري،‭ ‬وغرقت‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬دامس،‭ ‬بعد‭ ‬توقف‭ ‬محطة‭ ‬الكهرباء‭ ‬الوحيدة‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬كما‭ ‬تضررت‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬بشكل‭ ‬واسع،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬طال‭ ‬مواقع‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعتبرها‭ ‬آمنة‭ ‬لنزوح‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭. ‬

وفي‭ ‬9‭ ‬أكتوبر،‭ ‬أعلنت‭ ‬فرض‭ ‬حصار‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وحظر‭ ‬دخول‭ ‬الغذاء،‭ ‬والوقود،‭ ‬والكهرباء،‭ ‬وإمدادات‭ ‬الماء‭. ‬ويؤثر‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬بنقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬لـ690‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬إمدادات‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فيما‭ ‬ألحقت‭ ‬غاراتها‭ ‬أضرارًا‭ ‬بـ7‭ ‬محطات،‭ ‬كانت‭ ‬توفر‭ ‬خدمات‭ ‬المياه،‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬تتراكم‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬والنفايات‭ ‬الصلبة‭ ‬في‭ ‬الشوارع؛‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬‮«‬خطرًا‭ ‬صحيًا‭ ‬شديدًا‮»‬،‭ ‬على‭ ‬السكان‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تبالي‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬بالخسائر‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تلحقها،‭ ‬نتيجة‭ ‬إقدامها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الشاملة‭ ‬ضد‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬وغربي‭ ‬لها،‭ ‬تتفاقم‭ ‬خسائر‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أو‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وكلما‭ ‬استمرت‭ ‬الحرب،‭ ‬وتوسعت‭ ‬زاد‭ ‬نزيف‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وإلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بكل‭ ‬قطاعاته‭. ‬

وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬عتاب‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومن‭ ‬دول‭ ‬تدعي‭ ‬دفاعها‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬تضرب‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬كل‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية،‭ ‬وتعلن‭ ‬أن‭ ‬شريعة‭ ‬الغاب‭ ‬وقانون‭ ‬القوة،‭ ‬هما‭ ‬فقط‭ ‬عنوان‭ ‬ممارستها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا