العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ثقافة المجتمع وانعكاسها على القطاع السياحي

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

السبت ١٤ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

أضحى‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬أحد‭ ‬العوامل‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬عملية‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬السياحة‭ ‬خيارا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬مهما‭ ‬تراهن‭ ‬عليه‭ ‬الشعوب‭ ‬وتتسابق‭ ‬في‭ ‬مضماره‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬والسياحة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬صناعة‭ ‬تنموية‭ ‬كبرى‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تقدم‭ ‬وازدهار‭ ‬الأمم،‭ ‬وتنقل‭ ‬صورة‭ ‬حضارية‭ ‬ملهمة‭ ‬تطبعها‭ ‬المجتمعات‭ ‬والشعوب‭ ‬المتطورة‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬العالم،‭ ‬ويأتي‭ ‬تنامي‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بأهمية‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬إدراكا‭ ‬بأهميته‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفرد‭ ‬والمؤسسة‭ ‬والدولة،‭ ‬فالسياحة‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬بارزاً‭ ‬ومهماً‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الترويج‭ ‬للبلد‭ ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬وجذب‭ ‬استثمارات‭ ‬خارجية،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نماء‭ ‬الناتج‭ ‬القومي‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬يحقق‭ ‬للسكان‭ ‬مستوى‭ ‬مقبولا‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬بما‭ ‬يحققه‭ ‬من‭ ‬تدفقات‭ ‬مالية‭ ‬وخلق‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬ويُسهم‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬المستدام‭. ‬

وتزداد‭ ‬أهمية‭ ‬السياحة‭ ‬ويتعاظم‭ ‬دورها‭ ‬التنموي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬وضعت‭ ‬لها‭ ‬استراتيجية‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬يُصاحبها‭ ‬تطوير‭ ‬للتشريعات‭ ‬والقوانين‭ ‬وتنمية‭ ‬مستمرة‭ ‬للبنى‭ ‬التحتية‭ ‬والمرافق‭ ‬الخدمية‭ ‬وتوفير‭ ‬البيئة‭ ‬السياحية‭ ‬الملائمة‭ ‬للنهوض‭ ‬بهذا‭ ‬القطاع‭ ‬الفعال،‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتخاذل‭ ‬في‭ ‬التشديد‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬والتي‭ ‬تتكرر‭ ‬فيها‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاعتداءات‭ ‬غير‭ ‬المبررة‭ ‬على‭ ‬السياح‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬سوف‭ ‬تدفع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬الذهاب‭ ‬إليها‭ ‬مجدداً،‭ ‬وهنا‭ ‬نؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬غرس‭ ‬الإيمان‭ ‬الحقيقي‭ ‬بقيمة‭ ‬وأهمية‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬لكل‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدنية‭ ‬والرسمية،‭ ‬فالسلوك‭ ‬المهذب‭ ‬الواعي‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬السائح‭ ‬أصبح‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬مقومات‭ ‬نجاح‭ ‬السياحة‭ ‬أو‭ ‬فشلها،‭ ‬الخلافات‭ ‬الحزبية‭ ‬والصراعات‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع،‭ ‬والأحقاد‭ ‬التاريخية‭ ‬وتعظيم‭ ‬النزعة‭ ‬القومية‭ ‬العنصرية‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬قطاعي‭ ‬السياحة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والواجب‭ ‬الوطني‭ ‬يفرض‭ ‬علينا‭ ‬تحييد‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬خلافات،‭ ‬فالسائح‭ ‬يأتي‭ ‬بعملة‭ ‬صعبة‭ ‬للبلد‭ ‬يستفيد‭ ‬منها‭ ‬آلاف‭ ‬ممن‭ ‬يرتبط‭ ‬عملهم‭ ‬بهذا‭ ‬القطاع‭ ‬الحيوي،‭ ‬لن‭ ‬تنجح‭ ‬السياحة‭ ‬وتحقق‭ ‬أهدافها‭ ‬إلا‭ ‬بوجود‭ ‬عقلية‭ ‬وسلوك‭ ‬مجتمعي‭ ‬منفتح‭ ‬ينعكس‭ ‬في‭ ‬تعامل‭ ‬الفرد‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وأفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬بجميع‭ ‬مكوناته‭ ‬وشرائحه‭ ‬وفئاته‭ ‬على‭ ‬السائح،‭ ‬كالمرونة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬والتسامح‭ ‬والتفهم‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭ ‬بثقافته‭ ‬وعاداته‭ ‬وتقاليده‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬والأخلاقيات‭ ‬التي‭ ‬تعظم‭ ‬أهمية‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬كقوة‭ ‬داعمة‭ ‬ومنعشة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬بدوه‭ ‬ينعكس‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بأفراده‭ ‬وشرائحه‭ ‬المختلفة،‭ ‬وهذا‭ ‬التوجه‭ ‬من‭ ‬الإصلاحات‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬الحكومات‭ ‬ضمن‭ ‬مساعيها‭ ‬لتعدد‭ ‬وتنوع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬النفط‭.‬

السائح‭ ‬أثناء‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬ما‭ ‬فهو‭ ‬يتعامل‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬مزودي‭ ‬الخدمة،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬مضيفة‭ ‬الطيران،‭ ‬ثم‭ ‬موظفي‭ ‬الجوازات‭ ‬وهؤلاء‭ ‬عليهم‭ ‬واجب‭ ‬وطني‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬إعطاء‭ ‬أول‭ ‬صورة‭ ‬مشرفة‭ ‬عن‭ ‬بلدهم،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬رجال‭ ‬الجمارك‭ ‬ودورهم‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬سابقيهم‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬مزود‭ ‬خدمات‭ ‬النقل‭ ‬والمواصلات‭ ‬ولعل‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يُنفر‭ ‬السياح‭ ‬هو‭ ‬سوء‭ ‬معاملة‭ ‬سائقي‭ ‬المواصلات‭ ‬العامة‭ ‬‮«‬التاكسي‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬تتفاوت‭ ‬بعض‭ ‬الوظائف‭ ‬التي‭ ‬يتعاطى‭ ‬معها‭ ‬السائح‭ ‬كرجال‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬ورجال‭ ‬المرور‭ ‬وموظفي‭ ‬الحجوزات‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬الإقامة‭ ‬والأماكن‭ ‬الترفيهية،‭ ‬والباعة‭ ‬في‭ ‬المحال‭ ‬التجارية،‭ ‬وحتى‭ ‬الفرد‭ ‬العادي‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬والطرقات،‭ ‬ونحن‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬نمتلك‭ ‬كوادر‭ ‬وطنية‭ ‬مشرفة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المواقع‭ ‬تنقل‭ ‬صورة‭ ‬مشرفة‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬وشعبها‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬بوعي‭ ‬ثقافي‭ ‬عالٍ‭ ‬وبمسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬وطنه‭ ‬وبقيم‭ ‬إنسانية‭ ‬تجاه‭ ‬الآخرين‭ ‬مُقيمين‭ ‬كانوا‭ ‬أو‭ ‬سياحا‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬ألوانهم‭ ‬وألسنتهم‭ ‬وأعراقهم‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬وهذه‭ ‬علامة‭ ‬فارغة‭ ‬في‭ ‬هوية‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬عربياً‭ ‬واقليمياً‭ ‬وعالمياً،‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬ومن‭ ‬باب‭ ‬التأكيد‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التميز‭ ‬هناك‭ ‬مسؤولية‭ ‬ملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والسلوكي‭ ‬الحميد‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬ومحاسبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يخل‭ ‬بثقافة‭ ‬التسامح‭ ‬والانفتاح‭ ‬أو‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬احترام‭ ‬الآخرين‭ ‬لأي‭ ‬سببٍ‭ ‬كان‭ ‬مواطناً‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬مقيما‭ ‬فسمعة‭ ‬البحرين‭ ‬أمانة‭ ‬في‭ ‬أعناقنا‭ ‬جميعًا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا