تلقيت مكالمة هاتفية الأسبوع الماضي من مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث أبلغني بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستعلن رسميًا في صباح اليوم التالي قبول انضمام إسرائيل إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة.
لقد كان هذا المسؤول يعلم أنني كنت قلقا بشأن طلب إسرائيل للحصول على العضوية بسبب تاريخها في المعاملة التمييزية ضد الأمريكيين العرب، ولذلك فقد قال لي: «أعلم أنك تشعر بخيبة أمل». أجبته يومها: «أنا لست أشعر بمجرد خيبة أمل. أنا أشعر بالإهانة والغضب».
أشعر بالإهانة لأنني، مثل كثيرين آخرين في المجتمع العربي الأمريكي، شهدت الإذلال والمضايقات التي يتعرض لها المسؤولون الإسرائيليون عند نقاط الدخول والخروج من البلاد أو عند مئات نقاط التفتيش وهو ما يجعل السفر عبر الأراضي المحتلة بالغ الصعوبة.
واعتبارًا من يوم 30 نوفمبر 2023م، سيتمكن المواطنون الإسرائيليون من البقاء في الولايات المتحدة الأمريكية مدة تصل إلى 90 يومًا من دون تأشيرة.
وفي وقت سابق من هذا العام، أكد لنا سفير بايدن لدى إسرائيل أن إدارته ستصر على أن تعامل إسرائيل كل مواطن أمريكي على قدم المساواة. وبهذا التأكيد، شعرنا ببعض الثقة في أن مخاوفنا قد تم الاستماع إليها.
وبدلاً من احترام هذا الالتزام والمتطلب القانوني لبرنامج الإعفاء من التأشيرة الذي يقضي بأن توافق الدول الأعضاء على تزويد مواطني بعضها البعض بضمان الحقوق المتبادلة، سمحت إدارة بايدن لإسرائيل بتحديد تفسيرها الخاص لـ «الحقوق المتبادلة».
ووفقًا للشروط المنصوص عليها في مذكرة التفاهم الأمريكية الإسرائيلية التي لم يتم إصدارها بعد في 19 يوليو 2023م، يبدو أنه في نظر الإدارة، فإن جوازات السفر العربية الأمريكية «ليست زرقاء بدرجة كافية».
في الواقع، يبدو أن بايدن قد قبل إسرائيل باعتبارها الحكم على حقوق المواطنة الأمريكية. هذا في كل من وجهة نظر إسرائيل وسلوكها، هناك عدة فئات من الأمريكيين: اليهود الأمريكيين ذوي وجهات النظر المؤيدة لإسرائيل والذين يتم الترحيب بهم بل ويتم تشجيعهم على أن يصبحوا مواطنين.
هناك أيضا معظم الأمريكيين الآخرين الذين يتم الترحيب بهم كسائحين أو مستثمرين؛ والأميركيون الذين يدعمون حقوق الإنسان الفلسطينية، بما في ذلك اليهود الأمريكيين، والأمريكيين من أصل أفريقي، الذين يواجهون المزيد من التدقيق؛ والأمريكيون من أصل عربي الذين يُنظر إليهم بعين الريبة ويتم استجوابهم غالبًا عند الدخول والخروج، فضلا عن المواطنين الأمريكيين من أصل فلسطيني والذين يعتبرون الطبقة الدنيا.
وقبل إقرار برنامج الإعفاء من التأشيرة، لم يكن يُسمح للأمريكيين الفلسطينيين بالسفر إلى مطار بن غوريون، كما أخبرهم مسؤولو الهجرة الإسرائيليون أنهم لا يعتبرون أمريكيين وأنهم بحاجة إلى الحصول على بطاقة هوية فلسطينية والدخول عبر الأردن تمامًا مثل الفلسطينيين من الأراضي المحتلة. إذا أصر هؤلاء الأمريكيون الفلسطينيون على حقوقهم كأمريكيين، فقد كانوا يُمنعون في بعض الأحيان من الدخول.
وبناء على ما رأيناه حتى الآن، فإن التغيير المهم الوحيد الذي تم إجراؤه هو أن الأمريكيين الفلسطينيين الذين يحملون بطاقة هوية فلسطينية وافقت عليها إسرائيل لديهم الآن فرصة السفر جواً إلى مطار بن غوريون، فيما تستمر بقية سياسات إسرائيل التمييزية ضد المواطنة الفلسطينية الأمريكية.
وعلى غرار الكثيرين في مجتمعي، أنا أشعر أيضًا بالإحباط من إدارة جون بايدن. ففي الفترة التي سبقت انتخابات عام 2020، سررنا عندما أصدرت حملة السيد بايدن بيانًا أكدت فيها التزاماتها تجاه الأمريكيين العرب.
لقد كان يعني الكثير بالنسبة إلينا أن نعرف أن الرئيس كان يتحدث عن مخاوفنا. ونظراً للسياسات الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، كنا نعلم أننا قد لا نتفق معه في كل القضايا المتعلقة بالعالم العربي.
لكن شرط المعاملة بالمثل الذي يفرضه برنامج الإعفاء من التأشيرة لا يتعلق بالسياسة الخارجية أو بإسرائيل. وكما أوضح الأمريكيون الفلسطينيون في محادثاتهم مع المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الأمن الداخلي، فإن القضية كانت دائمًا تدور حول ما إذا كانت الحكومة الأمريكية تحترم وتحمي حقوق الأمريكيين الفلسطينيين – بما في ذلك التعديل الأول للدستور الأمريكي والذي يحمي الحق في دعم الفلسطينيين.
كنا نعتقد أن الرئيس جو بايدن يفهم ذلك، وبالتالي تشجعنا بتعهده خلال حملته الانتخابية لعام 2020 للأمريكيين العرب بأن «إدارة بايدن – هاريس ستواجه السياسات التمييزية التي تستهدف الأمريكيين العرب وتضع مجتمعات بأكملها تحت الشك»، وتعهده بأن «جو بايدن سيحمي الحق الدستوري لمواطنينا في حرية التعبير».
كما أن جو بايدن لا يدعم الجهود التي تبذلها أي ديمقراطية لتجريم حرية التعبير، ولهذا السبب تحدث ضد قرار إسرائيل بمنع دخول المشرعين الأمريكيين لأنهم يفضلون مقاطعة إسرائيل.
وبما أنه سُمح لإسرائيل بإعادة تعريف المعاملة بالمثل، وكتابة شروطها الخاصة للقبول في برنامج الإعفاء من التأشيرة، دون تضمين بند عدم التمييز الذي يتعامل مع معاملتهم للأمريكيين العرب عند الدخول والخروج ونقاط التفتيش، أو احترام حرية التعبير – فإن إدارة بايدن تكون بذلك قد فشلت في الوفاء بالالتزام الذي قطعته لنا.
ولهذا السبب أشعر بالإهانة والخيانة والغضب. فالأمريكيون العرب الذين دعموا بايدن بأغلبية ساحقة يستحقون الأفضل.
{ رئيس المعهد العربي الأمريكي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك