إن العلاقة الاقتصادية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ليست مجرد معاملات بل هي تحالف تكافلي ساهم في تشكيل الديناميكيات الجيوسياسية والاستقرار الاقتصادي في منطقة الخليج. في هذه المناسبة الميمونة لليوم الوطني السعودي، يصبح من الضروري دراسة الطبقات المعقدة للتعاون الاقتصادي بين هاتين الدولتين والتفكير في الآفاق المستقبلية، لا سيما في ضوء إطلاق الذراع الاستثماري لصندوق الاستثمارات العامة (PIF) السعودي في مملكة البحرين مؤخرًا.
لمحة تاريخيّة
يعود التاريخ الاقتصادي للعلاقات البحرينية السعودية إلى اكتشاف النفط في القرن العشرين. ومع ذلك، فإن العلاقة ليست مجرد استخلاصية؛ لقد خضع لتطور متطور. لعبت المملكة العربية السعودية دوراً فعالاً في مشاريع البنية التحتية في مملكة البحرين، مثل بناء جسر الملك فهد، وهو قناة ضخمة لرأس المال البشري والسلع. ولم يعمل هذا الترابط على تسهيل التجارة الثنائية فحسب، بل عزز أيضا شراكة استراتيجية تتجاوز مجرد المصالح الاقتصادية.
التآزر الحالي
وفي الوقت الحالي تشترك الدولتان في محفظة متنوعة لا تشمل النفط والغاز فحسب، بل تشمل أيضًا الخدمات المالية والسياحة والتكنولوجيا. وتعتبر المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجاري للبحرين، حيث تمثل حوالي 20% من وارداتها وصادراتها. بالإضافة إلى ذلك، تستضيف مملكة البحرين عددًا كبيرًا من الشركات السعودية، مما يمثل تدفقًا للاستثمار الأجنبي المباشر الذي يعزز الاقتصاد المحلي. وعلى العكس من ذلك تلعب المؤسسات المالية والبنوك البحرينية دورًا مهمًا في الهيكل المالي في المملكة العربية السعودية.
الذراع الاستثماري ل PIF: عصر جديد
إن إنشاء شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة في مملكة البحرين ليس حدثاً صدفة، بل هو مناورة محسوبة تهدف إلى تحفيز استثمارات أعلى. وتقدم هذه المبادرة إطارًا منظمًا للاستثمارات في القطاعات المحورية لرؤية مملكة البحرين 2030، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والرعاية الصحية. إن الشركة التابعة لصندوق الاستثمارات العامة ليست مجرد ذراع استثماري، بل هي حافز مستعد لجلب التقنيات المبتكرة والفطنة في ريادة الأعمال، وبالتالي إثراء النسيج الاقتصادي في مملكة البحرين.
المسار المستقبلي
ومع انتقال كلا البلدين نحو تقليل الاعتماد على النفط، يصبح تركيزهما على إنشاء نماذج اقتصادية مستدامة أمرًا بالغ الأهمية. توفر رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية والرؤية الاقتصادية 2030 في مملكة البحرين منصات متقاربة تسلط الضوء على قطاعات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المالية والسياحة باعتبارها الدعامة الاقتصادية المستقبلية. ومن خلال الاستفادة من الأهداف المشتركة والمصالح الاستراتيجية، يمكن لكلا البلدين تحفيز التنويع الاقتصادي والاستدامة والابتكار.
إن العلاقات الاقتصادية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ليست مجرد نتيجة ثانوية للقرب الجغرافي، ولكنها شراكة مرنة تمت تنميتها عبر عقود من المصالح المتبادلة والرؤى المشتركة. ويعد إنشاء فرع PIF مؤخرًا بمثابة رمز لهذه العلاقة الدائمة، مما يشير إلى مستقبل مليء بالتعاون والرخاء الاقتصادي. في اليوم الوطني السعودي، لا نحتفل بالتاريخ فحسب، بل بالمشهد الاقتصادي الواعد الذي تعمل مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية على رعايته بشكل مشترك.
عضو مجلس إدارة جمعية الإداريين البحرينية.
ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA).
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية (MIET).
عضو بجمعية المهندسين البحرينية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك