العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قضايا وتحولات دولية جديرة بالاهتمام

بقلم: جميل مطر

السبت ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

نعيش‭ ‬زمنا‭ ‬تكاثرت‭ ‬فيه‭ ‬وتكالبت‭ ‬علينا‭ ‬أزمات‭ ‬أكثرها‭ ‬خانق‭. ‬ففي‭ ‬غالبية‭ ‬دول‭ ‬الشمال‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬شعوب‭ ‬تعاني‭ ‬عواقب‭ ‬سوء‭ ‬إدارة‭ ‬وصعوبات‭ ‬مالية‭ ‬واختناقات‭ ‬سلعية‭ ‬وغذائية‭ ‬وظلم‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الموارد‭ ‬وتضخم‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬وفساد‭ ‬سياسي‭ ‬واجتماعي‭ ‬متفاقم‭. ‬يزداد‭ ‬الشعور‭ ‬بالقلق‭ ‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬اليأس‭ ‬كلما‭ ‬انسد‭ ‬طريق‭ ‬خلاص‭ ‬بعد‭ ‬الآخر‭ ‬وتعددت‭ ‬مظاهر‭ ‬العنف‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬به‭ ‬وصارت‭ ‬الفوضى‭ ‬كابوسا‭ ‬ضاغطا‭ ‬يهدد‭ ‬ما‭ ‬تبقى،‭ ‬وهو‭ ‬قليل،‭ ‬من‭ ‬مدخرات‭ ‬الأفراد‭ ‬والدول‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬يزداد‭ ‬أيضا‭ ‬القلق‭ ‬بين‭ ‬خاصة‭ ‬الناس‭ ‬ومن‭ ‬بيدهم‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬بسبب‭ ‬إدراكهم‭ ‬المتجدد‭ ‬أن‭ ‬قضايا‭ ‬دولية‭ ‬استجدت‭ ‬أو‭ ‬تدهورت‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬تشكل‭ ‬في‭ ‬مجموعها‭ ‬أو‭ ‬منفردة‭ ‬مصدر‭ ‬تهديد‭ ‬لكل‭ ‬أمل‭ ‬متجدد‭ ‬في‭ ‬خلاص‭ ‬قريب‭. ‬اخترت‭ ‬في‭ ‬السطور‭ ‬التالية‭ ‬بعضا‭ ‬مما‭ ‬أعرفه‭ ‬عن‭ ‬قضيتين‭ ‬تستدعيان‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهما‭:‬

أولا‭: ‬أوروبا‭ ‬المهددة‭ ‬بالتفكيك‭: ‬كنت‭ ‬شخصيا‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬عملية‭ ‬التكامل‭ ‬ثم‭ ‬الاندماج‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المتفائلين‭ ‬بهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الطارئة‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭. ‬تعلمنا‭ ‬في‭ ‬معاهد‭ ‬العلم‭ ‬العليا‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬ماضي‭ ‬أوروبا‭. ‬حروب‭ ‬متواصلة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬حربان‭ ‬عالميتان‭ ‬أهلكتا‭ ‬ملايين‭ ‬البشر،‭ ‬وسباقات‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬أمم‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬لاتينية‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬استحقت‭ ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬وأمم‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وأمم‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬مصدر‭ ‬الأمل‭ ‬لدينا‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬عليها‭ ‬شعوب‭ ‬أوروبا‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬أشعلها‭ ‬حكامها‭ ‬والدعوات‭ ‬الخجولة‭ ‬ولكن‭ ‬الملحة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬قادة‭ ‬الفكر‭ ‬لإقامة‭ ‬تجمعات‭ ‬اقتصادية‭ ‬بأهداف‭ ‬تكاملية‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬متفاوتة‭ ‬الأحجام‭ ‬والثروات‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬القارة‭. ‬كبرت‭ ‬الفكرة‭ ‬ونضجت‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬حديد‭ ‬وصلب‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬اقتصادية‭ ‬أوروبية‭ ‬مشتركة‭ ‬إلى‭ ‬اتحاد‭ ‬أوروبي‭.‬

عاشت‭ ‬أوروبا‭ ‬مرحلة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬السلم‭ ‬الإقليمي‭ ‬كان‭ ‬الظن‭ ‬أو‭ ‬الأمل‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭. ‬ولكن‭ ‬حدث‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬الكثيرين‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬خارجها‭ ‬إلى‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭. ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬تعرضت‭ ‬أوروبا‭ ‬لموجات‭ ‬متتالية‭ ‬من‭ ‬الهجرات‭ ‬الآسيوية‭ ‬والإفريقية‭ ‬بدأت‭ ‬ضرورية‭ ‬وانتهت‭ ‬كارثية‭. ‬حدث‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬دعت‭ ‬الأحوال‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬القارة‭ ‬إلى‭ ‬بعث‭ ‬أو‭ ‬تجديد‭ ‬‮«‬نفس‮»‬‭ ‬استعماري‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬سباق‭ ‬لغزو‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭. ‬حدث‭ ‬ثالثا‭ ‬أن‭ ‬العضو‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الأطلسي‭ ‬تورط‭ ‬في‭ ‬خطأ‭ ‬جيواستراتيجي‭ ‬كبير‭ ‬استدعى‭ ‬الخروج‭ ‬منه‭ ‬الاستعانة‭ ‬كعادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بتغطية‭ ‬غير‭ ‬محدودة‭ ‬بالوقت‭ ‬أو‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدول‭ ‬الحليفة‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬أوروبا‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬حرب‭ ‬كانت‭ ‬تظن‭ ‬أنها‭ ‬ربما‭ ‬نأت‭ ‬بعيدا‭ ‬عنها‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.‬

ليس‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬نتيجة‭ ‬مساراتها‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬قد‭ ‬نتج‭ ‬عنها‭ ‬صدع‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الوحدة‭ ‬الأوروبية‭. ‬نتج‭ ‬عنها‭ ‬أيضا‭ ‬وهو‭ ‬الأهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا،‭ ‬انتكاسة‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬عالمي‭ ‬وفي‭ ‬استقرار‭ ‬يطول‭ ‬أمده‭.‬

ثانيا‭: ‬عالم‭ ‬ناشئ‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭: ‬من‭ ‬بين‭ ‬مفاهيم‭ ‬كثيرة‭ ‬طرحتها‭ ‬التطورات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬لفت‭ ‬نظري‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬الجنوب‭ ‬العالمي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬الجنوب‮»‬‭. ‬صرت،‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬التأمل،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬عالمية‭ ‬جديدة‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬حالة‭ ‬سابقة‭ ‬كان‭ ‬للجنوب‭ ‬دور‭ ‬مشهود‭ ‬فيها‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قصد‭ ‬باندونج‭ ‬إعلان‭ ‬نشأة‭ ‬‮«‬الجنوب‮»‬،‭ ‬فالجنوب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬كان‭ ‬مشاركا‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬تيار‭ ‬‮«‬متعدد‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والألوان‮»‬‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬التكوينات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬لدول‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بالعالم‭ ‬النامي‭ ‬والعالم‭ ‬الثالث‭ ‬ومجموعة‭ ‬السبع‭ ‬والسبعين‭ ‬وغيرها‭ ‬تعمدت‭ ‬فيما‭ ‬يبدو‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬تسميات‭ ‬تحمل‭ ‬صفة‭ ‬الجنوب،‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬تعمدت،‭ ‬أيضا‭ ‬فيما‭ ‬يبدو،‭ ‬مجموعة‭ ‬أعضاء‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلسي،‭ ‬النأي‭ ‬بنفسها‭ ‬عن‭ ‬صفة‭ ‬حلف‭ ‬‮«‬الرجل‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬بالفعل‭ ‬الحلف‭ ‬الذي‭ ‬نشأ‭ ‬وعاش‭ ‬وتوسعت‭ ‬عضويته،‭ ‬باستثناء‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬وحيدا،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬رجل‭ ‬الجنوب‭ ‬الملون‭ ‬هو‭ ‬الحلف‭ ‬الذي‭ ‬يحمي‭ ‬مصالح‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭.‬

لم‭ ‬يعد‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭ ‬أو‭ ‬عالم‭ ‬الجنوب‭ ‬مجرد‭ ‬مفهوم‭ ‬نظري‭ ‬أو‭ ‬جغرافي‭. ‬حدث‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬أن‭ ‬تحركت‭ ‬هذه‭ ‬الكتلة‭ ‬الضخمة‭ ‬في‭ ‬اتجاهات‭ ‬تستحق‭ ‬منا‭ ‬الاهتمام‭ ‬والمتابعة‭. ‬أقصد‭ ‬بالكتلة‭ ‬الضخمة‭ ‬التحرك‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬واستعدادات‭ ‬ملموسة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة‭ ‬اللاتينية‭ ‬تنذر‭ ‬بسلوك‭ ‬مماثل‭ ‬في‭ ‬الجوهر‭ ‬وإن‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬الشكل‭. ‬أقصد‭ ‬أيضا‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬وما‭ ‬حققت‭ ‬من‭ ‬شعبية‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬‮«‬الجنوب‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬فضل‭ ‬المغزى‭ ‬الذي‭ ‬تتضمنه‭. ‬تأسست‭ ‬وفي‭ ‬عضويتها‭ ‬دولتان‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬بينهما‭ ‬صراع‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬كامن‭ ‬حينا‭ ‬وساخن‭ ‬حينا‭ ‬آخر‭. ‬اللافت‭ ‬أن‭ ‬الدولتين‭ ‬رغم‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬الناشب‭ ‬بينهما‭ ‬ورغم‭ ‬المحاولات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتواصلة‭ ‬للإيقاع‭ ‬بالهند‭ ‬وجذبها‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المجموعة‭ ‬نحو‭ ‬أحلاف‭ ‬سريعة‭ ‬التجهيز‭ ‬تحت‭ ‬المظلة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬رغم‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬يظل‭ ‬العداء‭ ‬للغرب،‭ ‬وبالذات‭ ‬لذكرى‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬تشكل‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬والأساس‭ ‬في‭ ‬عقيدة‭ ‬السياسة‭ ‬والحكم‭ ‬في‭ ‬كلتا‭ ‬الدولتين،‭ ‬الهند‭ ‬والصين‭. ‬يبقى‭ ‬واضحا‭ ‬وملحا‭ ‬الدور‭ ‬النشيط‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬ولعب‭ ‬جزءا‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬نشأة‭ ‬البريكس‭ ‬الرئيس‭ ‬لولا‭ ‬دا‭ ‬سيلفا‭. ‬كان‭ ‬يسعى‭ ‬وهو‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬لتكون‭ ‬الغلبة‭ ‬لدول‭ ‬الجنوب‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس،‭ ‬ولتكون‭ ‬هي‭ ‬الصوت‭ ‬المعبر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الجنوب‭ ‬الصاعد‭ ‬والثائر‭ ‬ضد‭ ‬هيمنة‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭.‬

أعرف،‭ ‬كما‭ ‬يعرف‭ ‬كل‭ ‬متابع‭ ‬ومدقق‭ ‬لقضية‭ ‬دولية‭ ‬بعينها،‭ ‬أن‭ ‬الطبقة‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تغفر‭ ‬للجيوش‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬توليها‭ ‬الحكم‭ ‬ضد‭ ‬رغبة‭ ‬باريس،‭ ‬وبمعنى‭ ‬أدق،‭ ‬دون‭ ‬مباركتها‭. ‬هي‭ ‬أيضا‭ ‬لن‭ ‬تغفر‭ ‬لواشنطن‭ ‬غدرها‭ ‬وخيانتها‭ ‬عهود‭ ‬التحالف‭ ‬المشترك‭ ‬عندما‭ ‬مارست‭ ‬ضغوطها‭ ‬لمنع‭ ‬تدخل‭ ‬الإيكواس‭ ‬والفرنسيين‭ ‬ضد‭ ‬النيجر‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬الثائرة‭. ‬فرنسا‭ ‬خلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬تعرضت‭ ‬مرتين‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬للغدر‭ ‬الأمريكي‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الصواريخ‭ ‬لأستراليا‭ ‬ومرة‭ ‬مع‭ ‬مستعمراتها‭ ‬الإفريقية‭. ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬أشعر‭ ‬بالغبن‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬شعر‭ ‬به‭ ‬الأستاذ‭ ‬أمين‭ ‬معلوف‭. ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬كان‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬التكريم‭ ‬الذي‭ ‬أنعم‭ ‬به‭ ‬عليه‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكرون‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬طبيعية‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬نكبة‭ ‬سياسية‭ ‬وثقافية،‭ ‬نكبة‭ ‬الموقف‭ ‬الفرنسي‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ ‬الإفريقية‭ ‬الناشبة‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسي‭ ‬ورد‭ ‬الفعل‭ ‬البارد‭ ‬أو‭ ‬الساكت‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬علماء‭ ‬وأكاديميي‭ ‬فرنسا‭ ‬وغضب‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬القريبين‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الفرانكوفوني‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬الجنوب‮»‬‭. ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬بدأ‭ ‬الغضب‭ ‬على‭ ‬السلوك‭ ‬السياسي‭ ‬الفرنسي‭ ‬تجاه‭ ‬الثورة‭ ‬الإفريقية‭ ‬الراهنة‭ ‬يضغط‭ ‬على‭ ‬صانعي‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬وفي‭ ‬فرنسا‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬تعديل‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتفاقم‭ ‬ويتحول‭ ‬إلى‭ ‬قطيعة‭ ‬ثقافية‭.‬

قضايا‭ ‬أخرى‭ ‬تتفاعل‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬ومع‭ ‬البيئة‭ ‬القلقة‭ ‬المحيطة‭ ‬بها‭. ‬أضرب‭ ‬مثالا‭ ‬بقضية‭ ‬منها‭ ‬تستحق‭ ‬منا‭ ‬اهتماما‭ ‬خاصا‭. ‬كتبت‭ ‬عنها‭ ‬بالتلميح‭ ‬حينا‭ ‬والتصريح‭ ‬حينا‭ ‬آخر‭. ‬خشيت،‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬أخشى،‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬ضغط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬منفردة‭ ‬أو‭ ‬مجتمعة‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬وحدة‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬العربي‭ ‬فتتخذ‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬سياسات‭ ‬تضعف‭ ‬فرص‭ ‬النظام‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬مسيرته‭ ‬وتدفع‭ ‬بنشأة‭ ‬بديل‭ ‬له‭. ‬البديل‭ ‬هجين‭ ‬لن‭ ‬يحقق‭ ‬آمال‭ ‬أو‭ ‬أحلام‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬والتقدم‭ ‬ولن‭ ‬يحقق‭ ‬الاستقرار‭ ‬أو‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬ومحلل‭ ‬سياسي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا