العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

سعد الدين إبراهيم.. بين المثقف والسياسي

بقلم: د. عمرو الشوبكي

السبت ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

رحل‭ ‬عن‭ ‬عالمنا‭ ‬الدكتور‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬إبراهيم،‭ ‬أستاذ‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬السياسي‭ ‬المرموق،‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المثقفين‭ ‬العرب،‭ ‬الذين‭ ‬تميزوا‭ ‬برشاقة‭ ‬الأسلوب‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الكتب‭ ‬والأبحاث‭ ‬الأكاديمية‭ ‬وأيضًا‭ ‬الأفكار‭ ‬وإثارة‭ ‬الجدل‭ ‬والخلاف‭.‬

الدكتور‭ ‬سعد‭ ‬كان‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬‮«‬الفرسان‭ ‬الثلاثة‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬علاقتنا‭ ‬بالعمل‭ ‬البحثي‭ ‬رموز‭ ‬المرحلة‭ ‬الكبار،‭ ‬وهم‭ ‬الراحلان‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬إبراهيم‭ ‬والسيد‭ ‬ياسين‭ ‬ومعهما‭ ‬البروفيسور‭ ‬علي‭ ‬الدين‭ ‬هلال،‭ ‬أمَدَّ‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عمره،‭ ‬رغم‭ ‬الخلاف‭ ‬الشديد‭  ‬فكريا‭  ‬وسياسيا‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬بين‭ ‬الدكتور‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬إبراهيم‭ ‬والأستاذ‭  ‬السيد‭ ‬ياسين‭.‬

آراء‭ ‬الدكتور‭ ‬سعد‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬وشكل‭ ‬إدارة‭ ‬علاقاته‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كانت‭ ‬محل‭ ‬خلاف،‭ ‬وربما‭ ‬ما‭ ‬يفسرها‭ ‬أنه‭ ‬حمل‭ ‬الجنسيتين‭ ‬المصرية‭ ‬والأمريكية،‭ ‬ووجدت‭ ‬نفسي‭ ‬أختلف‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الآراء‭ ‬والمواقف،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يمنع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أحمل‭ ‬التقدير‭ ‬له،‭ ‬وأعتبره‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬الأساتذة‭ ‬الكبار،‭ ‬الذين‭ ‬تعلمت‭ ‬واستفدت‭ ‬من‭ ‬إنتاجهم‭ ‬العلمي،‭ ‬وكانت‭ ‬علاقتي‭ ‬به‭ ‬طيبة،‭ ‬وكثيرًا‭ ‬ما‭ ‬سمعت‭ ‬منه‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬زملاء‭ ‬مشتركين‭ ‬إطراء‭ ‬على‭ ‬تجربتي‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭.‬

رحلة‭ ‬الدكتور‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬ابراهيم‭ ‬العلمية‭ ‬والسياسية‭ ‬والمهنية‭ ‬ثرية،‭ ‬فقد‭ ‬عمل‭ ‬رئيسًا‭ ‬لوحدة‭ ‬الشؤون‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الأهرام‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1977‭ ‬حتى‭ ‬1985،‭ ‬وأستاذًا‭ ‬مرموقًا‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أني‭ ‬لم‭ ‬أعمل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬الأهرام،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬أتعاون‭ ‬مع‭ ‬مركز‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬الذي‭ ‬ترأسه،‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬من‭ ‬طلابه‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬أستاذًا‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬حرر‭ ‬تقييمي‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬تفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬تترتب‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬العمل‭ (‬رئيس‭ ‬ومرؤوس‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬تؤثر‭ ‬تفاصيلها‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬الصورة‭ ‬الكلية‭ ‬للشخص‭.‬

اكتفيت‭ ‬بمتابعة‭ ‬حضوره‭ ‬كأستاذ‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العام،‭ ‬والقراءة‭ ‬العميقة‭ ‬الممتعة‭ ‬لعديد‭ ‬من‭ ‬كتبه،‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬حوالي‭ ‬40‭ ‬كتابًا‭ ‬والمئات‭ ‬من‭ ‬مقالاته،‭ ‬التي‭ ‬اقتربت‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬آلاف‭ ‬مقالة‭.‬

من‭ ‬أهم‭ ‬كتبه‭ ‬‮«‬سوسيولوجية‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الكتب‭ ‬عن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬هنري‭ ‬كيسنجر‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬كيسنجر‭ ‬وصراعات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬وماأزال‭ ‬أذكر‭ ‬أن‭ ‬كتاب‭ ‬النظام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬العربي‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬عام‭ ‬81‭ ‬وطُبع‭ ‬7‭ ‬مرات‭ ‬وضعناه‭ ‬كأحد‭ ‬الكتب‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬التثقيف‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الثمانينيات‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أندية‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬السياسية‭ ‬لأنه‭ ‬يفسر‭ ‬التحولات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬بسبب‭ ‬الثروة‭ ‬النفطية،‭ ‬والتي‭ ‬عطلت‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬التغيير‭ ‬أو‭ ‬الثورة‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬وقتها‭.‬

أيضًا‭ ‬كتابا‭ ‬‮«‬أزمة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‮»‬،‭ ‬و‮«‬المثقف‭ ‬والأمير‮»‬،‭ ‬اللذان‭ ‬ناقش‭ ‬فيهما‭ ‬محاولات‭ ‬تجسير‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الحكام‭ ‬والمثقفين‭ ‬مثلًا‭ ‬من‭ ‬العلامات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬العربي‭.‬

الدكتور‭ ‬سعد‭ ‬كان‭ ‬صاحب‭ ‬موقف‭ ‬ورؤية‭ ‬ورأي،‭ ‬ودفع‭ ‬ثمنه‭ ‬بالحبس‭ ‬لأشهر‭ ‬في‭ ‬2002،‭ ‬وتعرض‭ ‬لعديد‭ ‬من‭ ‬المضايقات،‭ ‬حتى‭ ‬ثورة‭ ‬يناير،‭ ‬وصَكَّ‭ ‬تعبيره‭ ‬الشهير‭ ‬‮«‬الجملوكية‮»‬،‭ ‬واصفًا‭ ‬فيه‭ ‬نظام‭ ‬مبارك‭ ‬الجمهوري،‭ ‬الذي‭ ‬اعتبره‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬توريث‭ ‬السلطة‭.‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬الدكتور‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬إبراهيم،‭ ‬المثقف،‭ ‬والعالِم‭ ‬الكبير‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا