يحتفي العالم بيوم المعلم العالمي الذي يصادف الخامس من أكتوبر من كل عام، وتأتي هذه الذكرى تجسيدا للدور العظيم الذي يقوم به المعلم، فالمعلم هو صاحب الفضل الكبير في حياتنا جميعًا، وله يرجع فضل كل حرف تعلمناه، فلولاه لن يستمر العلم ولن تتقدم الأمم، ولولاه لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من معرفة وعلوم واكتشافات كان الأصل والبذرة المنبتة فيها المعلّم.
وقد حظي العلم والمعلم في مجتمعنا العربي والإسلامي باهتمام وتقدير مجتمع كبير على مر الأزمان فالإسلام أولى العلم والعلماء عناية وتقدير كبيرين، وكتاب الله هذه المعجزة الربانية الفريدة جاءت أولى كلماته لتحث الناس على القراءة وطلب العلم كما جاء في قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وهو ما أكده نبينا الكريم محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام بقوله: «طلب العلم فريضة على كل مسلم».
والأمم التي تسعي إلى الارتقاء والنهوض بشعوبها اتخذت من المعلم وسيلة لها لتحقيق نهضتها وتطلعاتها ، وذلك لإيمانها الكامل بأن المعلم الكفء هو البوابة لمستقبل مشرق بما يضطلع به من دور ريادي كبير، فالمعلم هو اللبنة الأساسية في بناء حضارات الأمم، ورسم ملامح التقدم في أي مجتمع، ولذلك فأهمية المعلم تأتي كونه مربيا للأجيال، ومسلحهم بالعلم النافع والارتقاء بهم في مختلف الجوانب العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو المؤشر الحقيقي لرقي وتقدم المجتمعات، فالتربية هي أحد أهم الروافد في نمو الأفراد وتكوينهم الفكري والثقافي والأخلاقي والوجداني، وهي الأداة الفعالة للإصلاح والتغيير والبناء، وتعد مهنة التعليم من أشرف المهن وأهمها على الإطلاق، والمعلّم هو صاحب مهنة راقية وسامية، وهو أمل الأمة في أن تصل إلى التقدم والتطوّر.
إن ما جعل للمعلم تلك المكانة العظيمة بين الشعوب هو تأثيره المباشر وغير المباشر في جميع مجالات الحياة وأنشطتها انطلاقًا من الأهمية الكبرى للتعليم بوصفه الركيزة الأساسية للتقدم والازدهار، ونجد أن هنالك بعض المهن التي تميز أصحابها عن غيرهم بمكانة اجتماعية عالية، وقد يعود السبب في ذلك إلى أن هذه المهن توفر لأصحابها مجموعة من الامتيازات التي لا توفرها مهن أخرى؛ كالاحترام والتقدير والتبجيل فقد يُحترم الغني بسبب ثروته فإن زالت عنه هذه الثروة فقد مكانته الاجتماعية، وقد يكتسب صاحب النفوذ احترام وتقدير المجتمع فإن خف نفوذه ابتعد الناس عنه، وعادة ما يخسر الشخص المتنفذ مكانته عندما يترك أو يجبر على ترك موقعه الذي منحه له هذا الموقع أو الحيز، حيث تكون مكانته رفيعة بسبب الموقع وليس لشخصه ولا حتى لقدراته، ومجرد أن يترك الشخص موقعه يُصبح بلا قيمة مجتمعية، إلا المعلم فالمعلم وهو يُمارس مهنته يُقال له «الأستاذ» وإن تقاعد يُقال له «المربي الفاضل» ويقرنون ذكر اسمه بالأستاذ المربي في كل وقت يُذكر فيها اسمه حيا أو ميتا، كما أن المعلم دائماً يكتسب ثقة الآخرين فإذا ما خاض منافسة مع آخرين تجده المنتصر فيها فخلال العقدين الماضيين رأينا أن كثيراً ممن نالوا ثقة ناخبيهم في تمثيلهم في المجلس النيابي تحديداً كانوا من المعلمين، كذلك يُلاحظ أن كثيرا من الخطباء والأدباء والمحدثين في الأصل هم معلمون، وهذا يدلل على المكانة الرفيعة والتقدير المجتمعي الكبير الذي يتمتع به المعلم.
أثبت كثير من الدراسات الحديثة وجود علاقة ارتباطية وثيقة بين المكانة الاجتماعية للمعلم والتحصيل العلمي للطلاب أي أنه كلما ارتفعت المكانة الاجتماعية للمعلم في أي مجتمع، ارتفع معها التحصيل العلمي للطلاب، وبالتالي يمكن القول: إن العمل على رفع المكانة الاجتماعية للمعلم لا يعود بالنفع على المعلم فقط بل على جميع أفراد المجتمع بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك