يشهد القطاع العقاري انتعاشا غير مسبوق في الاستثمار ولا سيما فيما يتعلق بمشاريع انشاء البيوت السكنية وتنوع الباقات والخيارات الاسكانية وعروض التمويل من قبل البنوك، وهو أمر يشكر عليه القائمون على البرامج الإسكانية. لذلك تجد تركيزا كبيرا في هذه المرحلة على تطوير المشاريع والمجمعات السكنية، مع دخول القطاع الخاص كشريك فاعل في هذا الجانب.
ولكن من الضرورة بمكان الا ننسى هنا مفاصل أخرى لا تقل أهمية عن القطاع العقاري السكني، منها القطاع العقاري الاستثماري والعقارات التجارية أو ذات (الطبيعة الخاصة).
السؤال الذي يطرح نفسه، على ماذا تعتمد مشاريع تطوير وانشاء القطاع الاستثماري التجاري العقاري والمشاريع ذات (الطبيعة الخاصة) والعمارات والمحلات التجارية والابراج وغيرها.
الواقع القائم يؤكد ان أغلب هذه المشاريع تعتمد بشكل كبير ووثيق على التمويل المصرفي والاقتراض من البنوك لشراء الاراضي وتطوير المشاريع والبناء.
ولكن للأسف نشهد في هذه الأيام تحديدا عزوفا أو ترددا في الاقدام على مثل هذه المشاريع المعتمدة على الاقتراض؛ لسبب مباشر هو ارتفاع الفوائد المصرفية، الامر الذي سيكون له بكل تأكيد انعكاساته وآثاره الاقتصادية. فالاستثمارات العقارية التجارية تعتبر سلسلة متصلة ببعضها بعضا، ونمو هذا القطاع ينعكس إيجابا على قطاعات اقتصادية كثيرة مثل المقاولات وتجار مواد البناء والخدمات اللوجستية والنقليات والمهندسين والموردين وتجار الأثاث والمفروشات والسيراميك والرخام والجبس والخشب والحديد، فضلا عما يدفع على كل هذه المواد والأنشطة من ضرائب. ومن ثم كل هذه السلسلة لها دورها في تنشيط الحركة التجارية وتعود بالنفع على القطاعين العام والخاص، ولها دورها في التطوير والتنمية المستدامة. وبالمقابل أي قصور في هذه القطاع يعني تأثر هذه المجالات والأنشطة سلبا.
لا شك أن ارتفاع اسعار الفوائد البنكية ظاهرة عالمية وليست محلية. وهي واقع عالمي يجب ان نسلم به لكبح جماح مارد التضخم الذي خيم على العديد من القطاعات وخفض قيمة المواد الأولية والبضائع. ولكن على الجانب الاخر كما اسلفنا لهذا الرفع انعكاساته السلبية على الكثير من القطاعات بما فيها العقارات التجارية ولا سيما مع ارتفاع الفوائد الى نسب تتفاوت بين 9% و11% بشكل تراكمي، وهي نسب عالية مقارنة مع السابق حين كانت النسب تصل إلى 4% و6% فقط.
ولا يقتصر الامر على العقارات التجارية، بل حتى المواطن تضرر وتقلصت فرص الكثيرين في الحصول على قرض سكني لشراء البيوت وخاصة تلك التي تتجاوز اسعارها 160 ألف دينار وتتجاوز مساحتها 400 متر مربع، وهذا ما قاد الى مضاعفة الطلب على بيوت السكن الاجتماعي التي تتراوح مساحاتها بين 160 و300 متر مربع، وبات الطلب عليها على قدم وساق، بل أصبحت هي الخيار المرغوب بشكل مرتفع.
من جانب آخر، هناك برامج مميزة مطروحة في البحرين منها برنامج صندوق العمل (تمكين) بدعم نسبة ارباح الاقتراض لدعم وتوسعة الاعمال للشركات والمؤسسات، وهذا ما له أثر إيجابي في التنمية بالقطاع التجاري وخاصة انه جاء نتيجة دراسة وافية للشأن التجاري بالبحرين. ومن هذا المنطلق نأمل من المعنيين بالقطاع المصرفي والقطاع العام دراسة آليات وحلول لدعم نسبة الفوائد المصرفية للمشاريع العقارية التجارية لتكون عجلة التطوير في استمرار وتكون التنمية مستدامة في مملكتنا الغالية.
{ الرئيس التنفيذي لمجموعة الفاتح
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك