عالم يتغير
فوزية رشيد
القضية الفلسطينية تتجدد ولا تنتهي!
{ في ظل استمرار الخطط العدوانية على غزة والضفة الغربية، واستمرار الخطط التوسعية في الضفة الغربية ومنطقة الأغوار بحيث باتت إسرائيل تسيطر على 80% من إجمالي مساحة المنطقة! وممارسة «الألاعيب القانونية» لإضافة المساحات المفترض أنها ما تبقى للفلسطينيين! لتضاف إلى أراضي الدولة العبرية! حتى تحولت أراضي 1967 إلى قطعة جبن فرنسية مخرَّمة من كل ناحية، تقام فيها الاستثمارات والأنشطة الاستيطانية، وكأن الحكومة الصهيونية في سباق مع الزمن في التوسّع وابتلاع المزيد من الأراضي المحتلة عام 67!
{ يجري كل ذلك من دون توقف فيما لا يتوقف معه القتل اليومي للشبان الفلسطينيين! والمداهمات الأمنية في الضفة الغربية، والاعتداءات العسكرية، واعتقال الفلسطينيين في الشوارع كما في البيوت! كما لا تتوقف الممارسات الاستفزازية للمسجد الأقصى! فيما الحصار القاسي على «غزة» مستمر منذ (17 عاما)! لينتقل الحصار إلى الضفة الغربية! وحيث حرمان العوائل الفلسطينية من حق التخطيط والعمران والبناء والوصول إلى المياه المخصصة حصرًا للمستوطنات اليهودية داخل الأراضي المحتلة كما يحدث تحديدًا في منطقة «الأغوار» في الضفة الغربية! وكما صرحت بذلك منظمة التحرير الفلسطينية!
{ في ظل هذه الظروف القاسية واللاإنسانية للشعب الفلسطيني، يخطب «نتنياهو» في الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل أيام، مطالبًا الفلسطينيين والعرب والعالم الاعتراف بالدولة «اليهودية»!
فيما هو يحمل ويستعرض خارطة توضح الدول العربية التي دخلت مع الكيان الصهيوني في التطبيع، والأخرى التي ينتظر دخولها في اتفاقيات مماثلة! فيما هو ينوّه ألا يقف الفلسطينيون ضد السلام في المنطقة! حين تستمع إلى كلماته الاستعراضية وهو يتحدث عن السلام، فإنه في خارطته التي استعرضها جعل فلسطين كلها أرضا للدولة اليهودية!
أي أنه نسف في الأمم المتحدة وجمعيتها العامة أمام مرأى ومسمع الجميع أية محاولة لحل القضية الفلسطينية، وحلّ الدولتين وعاصمتها القدس الشرقية! مثلما نسف أي حق للفلسطينيين بل وحتى المطالبة به! وبعدها يقول إن الفلسطينيين يقفون ضدّ السلام في المنطقة! ولكأن مجنونا يتحدث والعاقل مطلوب منه التصديق على كلامه! وهناك من يصدّق!
{ هي قضية بدأت في 1948 بل وقبلها واستمرت حتى اليوم، من دون أن تجد أي أفق حقيقي للحلّ! لماذا؟! لأن «الرؤية الصهيونية» ذات بُعد ديني / عرقي، تمّ توظيف الجانبين بشكل تلفيقي!
(فلا يوجد في العالم كله دين يتحوّل إلى عرق وقومية إلا في الكيان الصهيوني)! ولا يوجد دين في العالم به شقين: شق سماوي هو «التوراة» وبها الكثير من اللعب التحريفي! وشقّ آخر موضوع هو «التلمود» الذي به الأساطير التلمودية، وأرض الله الموعودة بعد أن أصبح عنوان الصهاينة هذه المرة وأغليهم «ملحدون» هو أنهم اليهود الموعودون بالأرض!
وشاءت «الصدفة» أن تكون فلسطين بعد أن كان الحديث متداولاً عن أماكن أخرى في العالم!
{ حين قبل المجتمع العالمي تحت سطوة «القوى الاستعمارية الغربية الكبرى» التلفيق الأول والتزوير في التاريخ، و(تحويل الدين إلى عرق وقومية) تنازل هذا المجتمع الدولي بالتالي مع مرّ العقود، عن حقوق الشعب الفلسطيني، وعن رفض «الفصل العنصري» الجاري، وعن «الاحتلال» لأراضي 1967، بعد أن قبل العرب بل والفلسطينيون بنسيان ما جرى في 1948! مثلما نسي أو تناسى العالم حجم الاضطهاد القائم على شعب أعزل توصف مقاومته للاحتلال بالإرهاب! كما تجاهل المجتمع الدولي القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، منذ 1948! وبالتالي تحولّت القضية إلى (قضية إنسانية ودولية كبرى محمَّلة بكل المتناقضات الدولية، وكاشفة لها)!
مثلما هي محملّة بكل الأبعاد الإنسانية لشعب من حقه العيش على أرضه! مثلما له حق العودة للذين دخلوا دهاليز الشتات، فيما تمّ جلب آخرين من الشتات ومن دول أخرى مختلفة، ليحلوّا مكان الشعب الفلسطيني تحت مقولة مزورة أخرى هي (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)!
{ هكذا فإن هذه القضية قديمة / جديدة طوال الوقت! لأن الاحتلال مستمر، والاضطهاد متفاقم، والقتل اليومي لا ينتهي والاعتقال لا يتوقف! والعمليات العسكرية والحملات الأمنية تتناوب مع نفسها بين غزة والضفة الغربية! مثلما التلفيق مستمر!
عن أي سلام إذًا كان يتحدث «نتنياهو» وهو يحمل خارطته التي يتباهى، بها وقد صبغ دولها باللون الأخضر! وكأنه يقول هذا هو امتدادنا الذي سيتوسع أكثر فأكثر! هل عرفتم إلى ماذا يرمي رئيس الحكومة الصهيونية؟! ارجعوا إذًا إلى كل الأدبيات الصهيونية، والأحلام المتعطشة للتوسّع، وأساطير التأسيس وأساطير الحلم الصهيوني، لتدّركوا إلى ماذا يرمي!
ولن ننسى في هذا الخضم الرؤية القديمة منذ السبعينيات، عن (العقل اليهودي والمال العربي والأيدي العاملة العربية) لإدارة المنطقة العربية! ولهذا هو الالحاح على اعتراف العرب والعالم بـ (الدولة اليهودية) والتطبيع بمبدأ السلام مقابل السلام!
وليس السلام مقابل الأرض وحلّ القضية الفلسطينية!
وستبقى هذه القضية تنسج خيوطها في قلب كل من لديه ضمير إنساني وصحوة وعي يدرك مآلات وأهداف ما ترمي إليه الخارطات الصهيونية! هي قضية تتجدّد ولا تنتهي، ولا ينتهي معها الحق الفلسطيني مهما طال الزمن!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك