العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

المخدرات الرقمية!

{‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬الأشرار‭ ‬والمفسدون‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬مجالا‭ ‬لممارسة‭ ‬الشرور‭ ‬والإفساد‭ ‬إلا‭ ‬وطرقوا‭ ‬بابه‭! ‬قبل‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نسمع‭ ‬قليلا‭ ‬أو‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المخدرات‭ ‬الرقمية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬أضرارها‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ (‬مدمني‭ ‬الموسيقى‭ ‬والألعاب‭ ‬الإلكترونية‭)! ‬ولتعمل‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬مقاومة‭ ‬هذا‭ ‬الداء‭ ‬الجديد،‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬آثاره‭ ‬المدمّرة‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬ضحايا‭ (‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭) ‬حين‭ ‬يتم‭ ‬استخدامه‭ ‬بشكل‭ ‬شرير‭!‬

{‭ ‬‮«‬المخدرات‭ ‬الرقمية‮»‬‭ ‬يتم‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬باعتبارها‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ (‬البرمجة‭ ‬العقلية‭) ‬أو‭ ‬من‭ ‬آليات‭ ‬إحداث‭ ‬‮«‬خلل‭ ‬عقلي‮»‬‭ ‬متعمّد،‭ ‬ظهرت‭ ‬مؤخرا‭ ‬بضراوة‭ ‬أكبر،‭ ‬ولم‭ ‬يهتم‭ ‬الإعلام‭ ‬بإلقاء‭ ‬ما‭ ‬تستحقه‭ ‬من‭ ‬ضوء‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬آثارها‭ ‬ومخاطرها‭! ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬خاصة‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬والمراهقين‭ ‬الذين‭ ‬يستخدمون‭ ‬‮«‬برامج‭ ‬إلكترونية‮»‬‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬برنامج‭ (‬كومبوسر‭ ‬IP2‭) ‬والذي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬بث‭ ‬موسيقى‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تركيبها‭ ‬أو‭ ‬موسقتها‭ ‬بوجود‭ (‬خلل‭ ‬متعمّد‭) ‬فيها‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬الأذن‭ ‬اليمنى‭ ‬والأذن‭ ‬اليسرى‭! ‬وحيث‭ ‬كل‭ ‬أذن‭ ‬تسمع‭ ‬بطريقة‭ ‬مختلفة‭! ‬ويتم‭ ‬سماعها‭ ‬بالسماعة‭ ‬الأذنية‭ ‬أو‭ (‬HEADPHONE‭)‬‭! ‬هذا‭ ‬الخلل‭ ‬المركب‭ ‬‮«‬إلكترونيا‮»‬‭ ‬من‭ ‬محترفين،‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ (‬مراكز‭ ‬المخ‭) ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬السمع،‭ ‬وتؤثر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المراكز‭ ‬السمعية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالوعي،‭ ‬لتحدث‭ (‬خللا‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭) ‬والشعور‭ ‬بنشوة‭ ‬تحذيرية‭ ‬في‭ ‬الوعي،‭ ‬كون‭ ‬آثارها‭ ‬اللاحقة،‭ ‬أسوأ‭ ‬بكثير‭ ‬ممن‭ ‬يتعاطون‭ ‬المخدرات‭ ‬المعروفة‭! ‬فيدخل‭ ‬متلقي‭ ‬تلك‭ ‬الموسيقى‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الهلاوس‭ ‬وحالة‭ ‬التخدير‭ ‬والغياب‭ ‬عن‭ ‬الوعي‭ ‬وكأنه‭ ‬قد‭ ‬تعاطى‭ ‬مخدراً‭ ‬فعلياً‭! ‬ولكن‭ ‬بنتائج‭ ‬أسوأ‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬عن‭ ‬حتى‭ ‬آفة‭ ‬المخدرات‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭! ‬لأن‭ ‬الضرر‭ ‬يصيب‭ ‬خلايا‭ ‬الدماغ‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬ليدخل‭ ‬الضحايا‭ ‬بدورهم‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬الإدمان‮»‬‭ ‬على‭ ‬تلك‭ (‬المخدرات‭ ‬الرقمية‭)! ‬وكثير‭ ‬منهم‭ ‬يصابون‭ ‬بأمراض‭ ‬وعجز‭ ‬واكتئاب،‭ ‬يوصلهم‭ ‬إلى‭ ‬الانتحار‭ ‬أو‭ ‬القيام‭ ‬بسلوكيات‭ ‬عنيفة‭ ‬تجاه‭ ‬من‭ ‬حولهم‭!‬

{‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فإن‭ ‬الاستخدام‭ ‬المريض‭ ‬للتطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يلتفت‭ ‬إليه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬أولادهم‭ ‬يستمعون‭ ‬إلى‭ ‬موسيقى‭! ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬ماهية‭ ‬تلك‭ ‬الموسيقى‭ ‬التي‭ ‬يستمعون‭ ‬إليها‭! ‬وهذا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ (‬توعية‭ ‬مجتمعية‭ ‬وأسرية‭) ‬لتحديد‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬والمراهقين،‭ ‬المعتادين‭ ‬على‭ ‬شرائها،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬هم‭ ‬أو‭ ‬أهاليهم‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬من‭ ‬أخطار‭ ‬وإفساد‭ ‬للعقول‭ ‬يتم‭ ‬برمجتها‭ ‬أو‭ ‬إحداث‭ ‬‮«‬خلل‭ ‬عقلي‮»‬‭ ‬فيها‭! ‬والأهم‭ ‬مصادرة‭ ‬ومنع‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬عبر‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭!‬

{‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬يحدث‭ ‬فيه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الغرائب‭ ‬والأحداث‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭ ‬بسبب‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬توجيهه‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬وبعض‭ (‬المافيات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والعلمية‭) ‬توجيهاً‭ ‬خطيراً‭ ‬وضاراً‭! ‬وكلنا‭ ‬نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬شهدت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تشهد‭ ‬الأوبئة‭ ‬المصنعة‭ ‬وحرب‭ ‬الفيروسات‭ ‬أو‭ ‬الحرب‭ ‬البيولوجية،‭ ‬وحرب‭ ‬المناخ‭ ‬والهارب‭ ‬والشعاع‭ ‬الأزرق،‭ ‬وإحداث‭ ‬الكوارث‭! ‬وظهور‭ ‬الفضائيين‭! ‬والهولوغرام‭ ‬واستخداماته،‭ ‬وكل‭ ‬الأساليب‭ ‬الغريبة‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬خلل‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬الإنسان‭ ‬السيكولوجية‭ ‬والعقلية‭ ‬والدينية‭ ‬والاجتماعية‭! ‬مثلما‭ ‬إحداث‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬وتوازناتها‭! ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬تأتي‭ ‬الأساليب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬و«المخدرات‭ ‬الرقمية‮»‬‭ ‬والرسائل‭ ‬الشيطانية‭ ‬المشفّرة‭ ‬في‭ ‬الألعاب‭ ‬والأفلام‭ ‬والموسيقى‭! ‬لتلعب‭ ‬دوراً‭ ‬آخر‭ ‬وإن‭ ‬‮«‬بخفاء‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭! ‬لممارسة‭ ‬عمليات‭ ‬غسل‭ ‬الدماغ‭ (‬غير‭ ‬المرئية‭ ‬وغير‭ ‬المعروفة‭) ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإحداث‭ ‬الخلل‭ ‬العقلي‭ ‬والتفكيك‭ ‬النفسي،‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬وهم‭ ‬غير‭ ‬واعين‭ ‬بها‭!‬

{‭ ‬وحين‭ ‬كتبنا‭ ‬مرة‭ ‬أنها‭ ‬حرب‭ ‬طاغية‭ ‬بأساليب‭ ‬غير‭ ‬معتادة‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬والأرض‭ ‬لتدميرها،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أية‭ ‬مبالغة،‭ ‬لأن‭ ‬حروب‭ ‬‮«‬الجيل‭ ‬السادس‮»‬‭ ‬تقوم‭ ‬بذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬وقوع‭ ‬‮«‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‮»‬‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬بعض‭ ‬أشرار‭ ‬العالم،‭ ‬الذين‭ ‬يتخفون‭ ‬خلف‭ ‬الشاشات‭ ‬وفي‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬لهم‭ ‬أحد‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬أو‭ ‬اسم‭ ‬أو‭ ‬عنوان‭! ‬وما‭ ‬‮«‬المخدرات‭ ‬الرقمية‮»‬‭ ‬إلا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أساليبهم‭ ‬‮«‬التدميرية‮»‬‭ ‬لعقول‭ ‬الشباب‭ ‬والمراهقين‭ ‬والأطفال‭! ‬يُضاف‭ ‬إليها‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬الألعاب‭ ‬الخطيرة،‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬مستخدميها‭ ‬كالمنومين‭ ‬مغناطيسيا،‭ ‬ليصلوا‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬أنفسهم‭ ‬أو‭ ‬قتل‭ ‬غيرهم‭ ‬كتحدٍ‭ ‬مضروب‭ ‬لهم‭ ‬داخل‭ ‬برنامج‭ ‬اللعبة‭! ‬هكذا‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬الطاغي‭ ‬بشرور‭ ‬الأشرار‭ ‬يعبثون‭ ‬بعقول‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬باسم‭ ‬الألعاب‭ ‬والبرامج‭ ‬والأفلام‭ ‬والموسيقى،‭ ‬مثلما‭ ‬تلعب‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬بالطبيعة‭ ‬والمناخ‭ ‬والأوبئة‭ ‬وعبر‭ ‬التطورات‭ ‬العلمية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬‮«‬السرّية‮»‬‭!‬

ونعود‭ ‬لنقول‭ ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬دائماً‭ ‬‮«‬حسبنا‭ ‬الله‭ ‬ونعم‭ ‬الوكيل‮»‬‭ ‬فالهدف‭ ‬هو‭ ‬التوعية‭ ‬وليس‭ ‬التخويف‭ ‬من‭ ‬مجريات‭ ‬الأحداث‭ ‬فهي‭ ‬غرائبية‭ ‬بطبيعتها‭! ‬وبما‭ ‬نراه‭ ‬كل‭ ‬يوم‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا