العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقالات

مدونة مي زيادة
التقدم في الخدمات الصحية... والتخلف في الكفاءات الطبية

السبت ١٦ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

من‭ ‬واقع‭ ‬التجربة‭ ‬اليومية،‭ ‬تعد‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المرافق‭ ‬تقدماً‭ ‬ورقياً،‭ ‬بسياساتها‭ ‬وخدماتها‭ ‬ومواصفاتها‭ ‬المتقدمة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مجانيتها،‭ ‬قياساً‭ ‬بخدمات‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى،‭ ‬حيث‭ ‬تتميز‭ ‬أغلب‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية،‭ ‬المنتشرة‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬مساحة‭ ‬المملكة،‭ ‬بتقديم‭ ‬أرقى‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬لكافة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬من‭ ‬الطفولة‭ ‬المبكرة‭ ‬إلى‭ ‬المسنين‭ ‬الذين‭ ‬تصل‭ ‬إليهم‭ ‬خدماتهم‭ ‬الصحية‭ ‬إلى‭ ‬منازلهم،‭ ‬علماً‭ ‬بأنها‭ ‬خدمات‭ ‬مجانية‭ ‬للمواطن،‭ ‬وبسعر‭ ‬رمزي‭ ‬للمقيم،‭ ‬أي‭ ‬هي‭ ‬خدمات‭ ‬بدون‭ ‬مقابل،‭ ‬بينما‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬عظمى،‭ ‬تتعالى‭ ‬على‭ ‬دولنا‭ ‬العالم‭ ‬ثالثية،‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬خطير‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الصحي،‭ ‬الخدمي‭ ‬والطبي،‭ ‬المجاني،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يدفعه‭ ‬مواطنوهم‭ ‬من‭ ‬ضرائب‭ ‬باهظة‭ ‬طوال‭ ‬العمر‭ ‬مقابل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭...‬

لربما‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نستثني‭ ‬مجمع‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإشادة‭ ‬الحقيقية‭ ‬بمرافقنا‭ ‬الصحية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فقد‭ ‬المجمع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬معاييره‭ ‬الصحية‭ ‬والطبية‭ ‬السليمة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬رغم‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬المجمع‭ ‬لقطاع‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬السكان،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬تجنب‭ ‬زيارته،‭ ‬خوفاً‭ ‬مما‭ ‬يحدث‭ ‬بداخله‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬طبية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬المواعيد‭ ‬وتدني‭ ‬مستويات‭ ‬النظافة‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬سابقاً‭... ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬يعدّ‭ ‬شأن‭ ‬مجمع‭ ‬السلمانية‭ ‬أمراً‭ ‬مؤسفاً،‭ ‬فإنه‭ ‬يعد‭ ‬أمراً‭ ‬خطيراً‭ ‬لأنه‭ ‬مركز‭ ‬طبي‭ ‬رئيسي،‭ ‬يضم‭ ‬أهم‭ ‬المرافق‭ ‬الطبية‭ ‬العلاجية،‭ ‬وأكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬الاستشاريين،‭ ‬وأكبر‭ ‬طاقم‭ ‬طبي‭ ‬بحريني‭.‬

والمؤسف‭ ‬ايضاً‭ ‬أنه‭ ‬بجانب‭ ‬تقدم‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬هناك‭ ‬تراجع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬الكادر‭ ‬البشري‭ ‬الطبي‭... ‬وإنه‭ ‬رغم‭ ‬تزايد‭ ‬أعداد‭ ‬الأطباء‭ ‬البحرينيين‭ ‬خريجي‭ ‬مختلف‭ ‬الجامعات‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والعالمية،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬هزالا‭ ‬معرفيا‭ ‬وعلميا‭ ‬شديدا‭ ‬لدى‭ ‬أطبائنا،‭ ‬يمكن‭ ‬اكتشافه‭ ‬فيهم‭ ‬سواء‭ ‬وجدتهم‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬المستشفيات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مكاتبهم‭ ‬حيث‭ ‬يقومون‭ ‬بالتشخيص‭ ‬والعلاج،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أحاديثهم؛‭ ‬والأكثر‭ ‬أسفاً‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القصور‭ ‬المعرفي‭ ‬الطبي‭ ‬يشمل‭ ‬الأطباء‭ ‬الحديثي‭ ‬التخرج،‭ ‬والأطباء‭ ‬الاستشاريين،‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد،‭ ‬ولا‭ ‬يشمل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أولئك‭ ‬الكفاءات‭ ‬الطبية‭ ‬من‭ ‬الرعيلين‭ ‬الأول‭ ‬والثاني‭ ‬من‭ ‬البحرينيين‭ ‬الذي‭ ‬حققوا‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬سابقة‭ ‬نسبة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطب‭ ‬البحريني،‭ ‬ونجحوا‭ ‬منذ‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬سمعة‭ ‬طبية‭ ‬راقية‭ ‬للبحرين‭ ‬استمرت‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬هذه‭ ‬السمعة‭ ‬في‭ ‬التراجع‭ ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬كفاءة‭ ‬القطاع‭ ‬الطبي‭... ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬الطب‭ ‬الفاشل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬هو‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬سوء‭ ‬وفشل‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬عليه‭ ‬هذا‭ ‬الجيل،‭ ‬وهو‭ ‬أيضاً‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬فشل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخرجات‭ ‬الأخرى،‭ ‬كالمهندس‭ ‬والمعلم‭ ‬والمحامي‭ ‬وغيرهم‭... ‬

ولا‭ ‬تفوتنا‭ ‬هنا‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬انتشرت‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الصحي‭ ‬والطبي،‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬النقص‭ ‬الشديد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬في‭ ‬الصيدليات،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬رخيصة‭ ‬أو‭ ‬غالية‭ ‬الثمن؛‭ ‬وهي‭ ‬أدوية‭ ‬لأنواع‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬الشائعة‭ ‬والنادرة،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬أدوية‭ ‬من‭ ‬صنف‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬المشكلة‭ ‬تعقيداً‭.‬

ظاهرة‭ ‬نقص‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬سابقاً؛‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬يضطر‭ ‬بعض‭ ‬البحرينيين‭ ‬إلى‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬لجلب‭ ‬أدويتهم‭ ‬شهرياً،‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬طلبها‭ ‬عبر‭ ‬النت‭... ‬وإلى‭ ‬حد‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يخرج‭ ‬بيان‭ ‬رسمي‭ ‬واحد‭ ‬يفسر‭ ‬سبب‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬سابقاً،‭ ‬ولماذا‭ ‬نضطر‭ ‬إلى‭ ‬جلب‭ ‬أدويتنا‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬هي‭ ‬مقصد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬للدواء‭ ‬والعلاج‭.‬

إننا‭ ‬إذ‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬مواطن‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬عبر‭ ‬الصحافة‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬بدافع‭ ‬الإصلاح،‭ ‬والتقدم،‭ ‬ولفت‭ ‬الانتباه‭ ‬لتجنب‭ ‬التراجع‭ ‬الذي‭ ‬بدا‭ ‬ملحوظاً‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬العام؛‭ ‬وعليه‭ ‬ننتظر‭ ‬دائماً‭ ‬أن‭ ‬يُفسر‭ ‬لنا‭ ‬المسؤولون‭ ‬أسباب‭ ‬بعض‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬العمل‭ ‬والدولة؛‭ ‬وننتظر‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬الحكومية‭ ‬الجواب‭ ‬والتفسير‭ ‬والسعي‭ ‬للتغيير،‭ ‬ولا‭ ‬ننتظر‭ ‬رداً‭ ‬بإنكار‭ ‬وجود‭ ‬الأخطاء‭ ‬والسلبيات‭ ‬التي‭ ‬نلمسها‭ ‬كمواطنين،‭ ‬ونعيشها‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬بين‭ ‬أروقة‭ ‬وجدران‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬والوزارات‭ ‬الخدمية‭ ‬وغيرها‭.‬

وللحديث‭ ‬بقية‭..‬

مي‭ ‬زيادة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا