في عالم يتحول بسرعة نحو السبل الرقمية، فإن موافقة مجلس الوزراء الأخيرة على «الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي» هي شهادة على رؤية المملكة المستقبلية. ومن خلال الالتزام بـ48 برنامجًا استراتيجيًا تستعد المملكة لتنويع اقتصادها، والاستفادة من القوة التحويلية للتقنيات الرقمية.
وفي عصر الرقمنة-أولاً (digital-first)، تشهد الاقتصادات على مستوى العالم مرونة ونمواً لا مثيل لهما. بالنسبة إلى المملكة، لا يتعلق الأمر بالتكيف فحسب، بل بالقيادة. يَعِد الاقتصاد الرقمي بفتح مجالات جديدة من الابتكار، وتوفير بوابة إلى الأسواق العالمية والحماية من نقاط الضعف الاقتصادية التقليدية.
لتحقيق هذه الرؤية على أرض الواقع يجب استخدام العديد من الاستراتيجيات الرائدة عبر الطيف الحكومي:
1) مناطق الابتكار الرقمي (DIDs - Digital Innovation Districts): فكر فيما هو أبعد من مجرد البنية التحتية. إنشاء مناطق متخصصة، على غرار وادي السيليكون، مع التركيز على القطاعات الرقمية المختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن يكون «خليج بلوكتشين - Blockchain Bay» أو «زقاق الذكاء الاصطناعي - AI Alley» بمثابة مراكز للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا والشركات العالمية العملاقة على حد سواء.
2) حوكمة الواقع الافتراضي (VRG - Virtual Reality Governance): الريادة في استخدام الواقع الافتراضي للخدمات العامة. تخيل حضور اجتماع بلدي أو زيارة مكتب حكومي، كل ذلك من خلال سماعة الرأس (VR) وأنت مرتاح في منزلك.
3) الدينار الرقمي: تجربة العملة الرقمية الوطنية. وهذا لا يضع المملكة في طليعة التكنولوجيا المالية فحسب، بل يبسط أيضًا التجارة والإنفاق العام. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من المبادرات/الخطط لمصرف البحرين المركزي المعمول بها حاليًا لتطوير إطار عمل الدينار الرقمي.
4) التكامل الرقمي الحيوي: استكشاف العلاقة بين علم الأحياء والتكنولوجيا الرقمية. إطلاق مشاريع مثل جوازات السفر الصحية الرقمية، أو أبحاث الجينوم المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، أو الواجهات الرقمية الحيوية.
5) الرقمنة الثقافية: الحفاظ على الثقافة البحرينية العريقة وتعزيزها من خلال رقمنة المواقع التاريخية في الواقع المعزز أو الواقع الافتراضي، ما يتيح الوصول العالمي إلى التراث الغني للمملكة.
6) منحة المواهب الرقمية البحرينية: التعاون مع معاهد التكنولوجيا العالمية وتقديم المنح الدراسية للشباب البحريني لدورات متطورة مثل الحوسبة الكمومية أو الهندسة العصبية (Quantum Computing or Neuromorphic Engineering).
تسخير إمكانات البرامج الـ48: كل برنامج هو جوهرة التاج الرقمي لمملكة البحرين. وبدلاً من اتباع نهج واحد يناسب الجميع، ينبغي تصميم كل منها بما يتناسب مع قطاعات محددة، على النحو الذي يضمن الملاءمة وتعظيم التأثير. ويمكن لـ«مراكز الفكر الرقمية» المنتظمة أن توفر الإشراف، ما يضمن القدرة على التكيف الديناميكي.
في الختام، رحلة مملكة البحرين الرقمية لا تتعلق بركوب الموجة؛ يتعلق الأمر بإنشائه. وبينما يراقب العالم، تمتلك المملكة المخطط والرؤية والروح لإعادة تعريف التميز الرقمي تحت قيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه. ومن خلال هذه الاستراتيجيات الرائدة لا تنضم مملكة البحرين إلى الاقتصاد الرقمي فحسب؛ إنها مستعدة لقيادته.
{ عضو مجلس إدارة جمعية الإداريين البحرينية
ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA)
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية (MIET)
عضو بجمعية المهندسين البحرينية
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك