عالم يتغير
فوزية رشيد
قناة فرانس 24 دعتني إلى المشاركة ثم تراجعت!
{ حين اتصلت بي (أ. رشا) من فريق إعداد برنامج (في فلك الممنوع) في قناة فرانس 24 في بحر الأسبوع الماضي للمشاركة في البرنامج، الذي تم عرضه يوم الخميس 31 أغسطس 2023، وكانت الحلقة كما قالت لي عن فيلم «باربي» الذي كتبت فيه موضوعاً بعنوان: (فيلم «باربي» لتأكيد النسوية المتطرفة والشذوذ والتحول الجنسي) الذي كما أكدت لي أنها قرأته، وفيه رأي مهم، تحب أن أشارك حول محتواه في البرنامج، تردّدت في البداية وقلت لها (لي موقف من برنامج «في فلك الممنوع» الذي يشبه في توجهه برنامجا آخر على (قناة دويتشه فيله DW) الألمانية (جعفر توك)، وكلاهما يصبّان في التركيز على منظومة حشر التوجهات الفكرية والاجتماعية الغربية في ذهن المشاهد، مثل الشذوذ والتحول الجنسي والنسوية المتطرفة والإلحاد! وكل ذلك باسم الحريات والحقوق وغيرهما من شعارات! ولذلك لا أعتقد أن رأيي المخالف لتوجّه البرنامج ستتاح لي فيه الفرصة لاستعراضه كما يجب)! كنت صريحة معها ولكنها أكدت أهمية مشاركتي! وألحّت عليّ في ذلك، وطرحت مجموعة من الأسئلة، وكأنها تختبر ماهية ردودي! وأختصر هنا إجابتي عن أسئلتها بأن رأيي الواضح طرحته بالتفصيل في المقال الذي قرأته! و(حول الحريات والحقوق) لا أحد تدخل في السابق في سلوكيات فئات مجتمعية لبعض الأشخاص، الذين كانوا يدارون تلك السلوكيات، ولكن أن يتم فرض هذه السلوكيات على المجتمعات والشعوب الأخرى، عبر ضغوط واتفاقيات، هذا الفرض والإجبار هو ما نرفضه! فكل الشعوب لديها ثقافاتها وقيمها الخاصة التي لا تحتمل الجبرية!
قالت:
- يعني أنتِ تؤيدين أن يتم ذلك في السرّ؟!
أجبت:
- أنا لا أؤيد ذلك في السر ولا في العلن! ولكن أكثر ما أرفضه هو أن يتم إجبار شعوب العالم على ذات السلوكيات الشاذة، من دون احترام دينها وقيمها وثقافاتها وعاداتها وتقاليدها!
{ الخلاصة، بعد أخذ وردّ قالت: (أتمنى موافقتك على المشاركة في البرنامج ولكِ حرية طرح الرأي)، وطلبت منها ساعة، لتأكيد المشاركة من عدمها، وفي النهاية قلت لها: «موافقة». واتفقنا على التصوير في اليوم التالي في أحد الاستوديوهات التابعة للقناة في البحرين، فإذا بها تتصل قبل توجهي إلى الاستوديو بعدة ساعات لتقول: (نأسف لأنه تم تأجيل الحلقة لسبب تقني)! وقد يكون السبب التقني هو توجه إدارة القناة في نوعية المشاركات! فالذي حدث أنه تم عرض الحلقة ذاتها عن فيلم «باربي» وتم دعوة «صحفية لبنانية» من «الناشطات النسويات» وثلاثة ضيوف آخرين كانت حصيلة آرائهم، بحسب وجهة نظري، (تدور في الهوامش وليس في العمق)، وحيث المشاركون يصبون في النهاية بآرائهم في تأكيد اعتيادية الفيلم من منظور نسوي! وحتى «النقد الهامشي» كان أيضاً يدور في الإطار النسوي! وهو التوجّه الذي كان البرنامج منذ بدئه قبل سنوات يصبّ في ذات التوجه!
{ أما لماذا تمّ التراجع عن مشاركتي رغم الإلحاح عليها في البداية، فذلك يبدو بسبب «الموقف المبدئي» من النسوية المتطرفة والشذوذ وغيره! ما يعني أن القناة (فرانس 24) (سقطت في اختبار حرية الرأي أو حق الرأي الذي ترفعه شعاراً في البرنامج) دفاعاً عن الشواذ والمتحولين والملحدين وغير ذلك من قضايا مجتمعة شائكة! ولكن ذات القناة لا تحتمل موقفاً إن شعرت به عميقاً من كل ذلك! وهنا تتضح (الانتقائية) في حرية التعبير، بحسب التوجهات التي يعمل هذا البرنامج وما هو على شاكلته في توجيه الرأي العام نحوها!
{ القضية ليست في «فيلم باربي» وحده، وإنما في أهمية وضع هذا الفيلم في خانة الأجندة والتوجهات الغربية (المتكاملة) في فرض القيم الفوضوية واللاأخلاقية من «نسوية متطرفة» وشذوذ وتحوّل جنسي وتحرش بالأطفال وزواج بالحيوانات وغير ذلك من القيم المختلّة والمريضة، وفرضها على العالم بأساليب مباشرة وغير مباشرة! وبآليات مختلفة منها إعلامية ودعائية وبحثية، واتفاقات تجرّ الدول بالضغط عليها للالتزام بها باسم الحقوق والحرّيات، التي أصبحت (شماعة مستهلكة) للترويج الممنهج والمنظم وقيادة العالم نحو «الغرائزية المنفلتة» وتغيير الفطرة الإنسانية السويّة! ولكأن العالم انتهى من كل مشاكله فلم يبق إلا الدخول في (ساحة حرب الشواذ والأفكار المتطرفة) ليتم فرضها على العالم «حربا» انتصاراً لهذه الفئات، التي تحتاج في الحقيقة إلى (علاج طبي أو نفسي؛ أي بيولوجي وسيكولوجي)، لتخفيف (صيغة العداء الفكري) لكل ما هو طبيعي في العالم وفي الإنسان وفي المنظومة الأخلاقية والقيمية والمعرفية، التي تم التعارف عليها منذ بدء البشرية! وحيث تلك الفئات كانت مجرد (مجموعات صغيرة في المجتمعات) تداري على نفسها، لأنها تدرك أنها خارج الطبيعة السوية! فإذا بها اليوم تعتبر من يخالفها هو غير الطبيعي والمتخلف والمتزمت.. إلخ!
{ أما حول الفيلم فموقفي واضح حول خلفيته وتفاصيله في المقال المذكور أعلاه، ولا مجال هنا لتكراره! ولكن اللافت أن «قناة فرنسية ناطقة بالعربية»، تدّعي الانتصار لحرية الرأي، تخشى المشاركة بالرأي فتتراجع عن الاستضافة بحجة (خلل تقني) دفع إلى التأجيل! فيما كانت الاتصالات جارية مع (نماذج) في النهاية مرضيّ عن ما ستطرحه، حتى إن خالفت في بعض الهوامش، مع احترامي للجميع!
هنا ينكشف وجه آخر لدعوات الغرب حول الحريات بأنها مثلما قلت (انتقائية) وتمثل «النموذج الاستهلاكي» إعلامياً، في إطار «النظام الرأسمالي» واختزاله للإنسان في الجسد والغرائزية المطلقة، ونظريات الصراع التي شملت الإنسان في صراع المرأة والرجل وليس تكاملهما! هل هي الصورة الوهمية للحريات والحقوق التي انتقلت بدورها من «فيلم باربي» إلى برنامج «في فلك الممنوع» ليصبح الرأي العميق هو الممنوع هذه المرة!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك