الوساطة الجنائية هي كل عملية يطلب فيها الأطراف من شخص آخر يسمى الوسيط مساعدتهم في سعيهم للتوصل إلى اتفاق تسوية في الجرائم المثارة بينهم، وقد نص عليها المشرع في المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2019 بشأن الوساطة لتسوية المنازعات ونظمها سعادة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بموجب القرار رقم 32 لسنة 2020 بتنظيم الوساطة في المسائل الجنائية، وسعادة النائب العام بموجب القرار رقم (7) لسنة 2020 بشأن الوساطة في المسائل الجنائية، وذلك في ظل الجهود التشريعية لإيجاد صور موازية ومكملة للعدالة الجنائية التقليدية؛ ترتكز في الأساس على تشخيص الأضرار الناتجة عن الجريمة والعمل على إصلاحها، مع معالجة الضحايا وإعادة تأهيل الجناة، عبر تعزيز دورهم وإشراكهم في الإجراءات القضائية، على النحو الذي يلبي احتياجاتهم، ويبني التفاهم ويعزز الانسجام المجتمعي.
وقد أجاز القانون للأطراف اختيار الوسيط الجنائي من بين الوسطاء الجنائيين المعتمدين أو الخارجيين لمباشرة إجراءات الوساطة الجنائية، التي اشترط المشرع أن يكون اللجوء إليها برضائية تامة من كافة أطراف الدعوى الجنائية، وحصرها في الجرائم التي يجوز فيها الصلح أو التصالح، مع إتاحة اللجوء إليها في كافة مراحل الدعوى الجنائية، وحتى عقب صدور حكم نهائي فيها، في إطار من الحصانة القضائية بالنص على عدم وقف إجراءات الدعوى الجنائية إبان مباشرة إجراءات الوساطة؛ ما لم تقرر النيابة العامة أو المحكمة المختصة بنظر الدعوى خلاف ذلك، وفقاً لمقتضيات التحقيق أو المحاكمة، ومراعاة لمصلحة جميع الأطراف، الذين يجوز لهم في أي وقت الانسحاب من إجراءات الوساطة والعودة إلى طرق العدالة التقليدية، من دون إفشاء للمعلومات أو الإجراءات التي اتخذت؛ ما لم يكن ذلك لازماً بمقتضى القانون، إلى حين التحقق من توافر سبب الانقضاء القانوني الذي يخضع تقدير توافر شروطه وأحكامه لإشراف قضائي كامل عبر الرقابة القضائية اللاحقة لاتفاقات التسوية المنبثقة عن إجراءات الوساطة الجنائية.
ويهدف المشرع من تطبيق الوساطة الجنائية إلى نشر ثقافة الحوار واحترام حقوق الغير بين طرفي النزاع، والتعويض المباشر والسريع للمجني عليه، مع تمكين المتهمين من التصالح مع عواقب أفعالهم؛ بمنحهم الفرصة للتعويض عن جرائمهم، في إطار تجاوزي للعقوبات السالبة للحرية، وهو ما يؤدي إلى إعادة بناء العلاقة بين طرفي النزاع وانعكاس ذلك على المجتمع.
نائب رئيس نيابة محافظة العاصمة
رئيس فريق الوساطة الجنائية بالنيابة العامة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك