عالم يتغير
فوزية رشيد
«بريكس» وهل بالإمكان تغيير النظام العالمي المتوحش والفاسد؟!
{ البشرية والعالم ككل يمران في هذه المرحلة بمأزق كبير، أصبح فيه كلاهما مهددا بالفناء! ولأول مرة تتحكم (فئة رأسمالية إمبريالية قليلة) في المسار العالمي كله وفي مصير البشر! وهي الفئة التي تمثل بكل شبكتها العنكبوتية في دول العالم أقل من 1% ! ولكنها باتت تتحكم في الاقتصاد العالمي وفي المال العالمي، وفي التجارة، وفي المعلومات والإعلام وتطورات التكنولوجيا «الضارة» وفي الاعتماد على «العلم الزائف» لقلب الحقائق بما فيها الكونية! وتصنع للعالم والبشرية «مفاهيم ومصطلحات» على مقاس ما تريد من تخريب عقول ونفوس البشر! وتستخدم إلى جانب اعتماد الصراعات والأزمات والحروب «السلاح البيولوجي» وصناعة الفيروسات والأوبئة لقتل الناس، والوصول (بذهنية إجرامية) إلى هدف تقليص البشر على الأرض! وكأنهم هم من خلقوا الحياة والإنسان والكائنات والطبيعة، ليقرروا إفناء من يريدون فيها! إنها «الجريمة المنظمة» ضد العالم والبشر، التي يتعين إيقافها وفرملة مخططاتها، فحلمهم المجنون هو القضاء على كل شيء من الإنسان إلى الطبيعة!
{ أمس الثلاثاء 22 أغسطس، بدأت قمة «مجموعة بريكس» الخمسة (الصين، روسيا، الهند، جنوب إفريقيا، البرازيل) وهي الدول ذات الاقتصادات الناشئة التي تمثل نحو (ربع ثروة العالم!) وسكانها يبلغ المليارات من البشر! والعديد من دول العالم تتطلع إلى الانضمام إلى هذه المجموعة حوالي (40 دولة) و(23 دولة) قدمت طلبات رسمية لنيل العضوية، منها عربياً السعودية والإمارات والبحرين والكويت ومصر والجزائر. ورغم بعض الخلافات بين أعضاء «بريكس» الخمسة حول معايير الانضمام إليها، إلى جانب خلاف حول توجهات المجموعة! فإن الرؤية الصينية–الروسية ترمي إلى (توسيع نفوذ التكتل بانضمام دول مؤثرة، والدفع باتجاه إحداث التحوّل في السياسة العالمية، وخاصة مع تزايد دول العالم التي تزدري النظام العالمي الراهن «المتوحش والفاسد» بقيادة القوى الغربية ذات التوجه الرأسمالي والاستعماري الجديد)!
{ مع تزايد أعداد الدول «دول الجنوب» التي تطمح إلى الاستقلال في قراراتها السيادية، والخروج من عباءة التبعية للغرب، الذي أفسد كل ما يقوم عليه نظام عالمي متّزن وعادل، فإن التطلع هو إلى إعادة رسم (الهيكل العالمي) وحيث الأسواق الرئيسية الآن تقع في جنوب العالم، ولكنه لا يزال على هامش صنع القرار العالمي! كما وصف الأمر مندوب جنوب إفريقيا في مجموعة بريكس «أنيل سوكلال» لوكالة «فرانس برس» قبل أيام!
{ فهل بإمكان مجموعة «بريكس» مع تزايد الأعضاء المؤثرين فيها والقائمة مفتوحة أن تشكّل بديلاً للهيمنة الغربية الحالية في الشؤون الدولية، وقد مرّ على إطلاقها سنوات كمجموعة رسمية عام 2009، وخلال عشر سنوات تزايدت أعداد الدول الراغبة في الانضمام إليها؟! في القمة الحالية شارك مسؤولو (50 دولة) هم أصدقاء بريكس، ليشاركوا في برنامج خاص بهم أيضاً على خلفية القمة المنعقدة! الرئيس الصيني قال في كلمته بعض التوصيفات والمفاهيم حول (تغيير طبيعة العالم، ووجوب الابتعاد عن تقسيم العالم إلى دول ديمقراطية وغير ديمقراطية للمواجهة بين الدول، وأكدّ التكامل والشراكة والتنمية والتعاون الدولي بين بريكس ودول العالم، وأن الصين لا تسعى إلى أي حروب عالمية اقتصادية وتهدف إلى المصلحة المشتركة، بعيداً عن أن يمرّ العالم بحرب باردة جديدة، وألمح إلى التخلص من هيمنة الدولار، وتحقيق التنمية في العالم ككل).
فيما أكد «بوتين» ذات المضامين التي قالها الرئيس الصيني، وأضاف (أهمية العمل على التعافي لكل اقتصادات الدول، ومناهضة الطبع العشوائي للنقود -ويقصد الدولار–، وطالب بتغييرات جذرية في المؤسسات الدولية، وأن يتم اتخاذ محاولات لإيجاد آلية فعالة للتعامل والرقابة المالية والنقدية، أي آلية التخلص من الدولار)!
{ هذه المجموعة من الدول التي (إن اتسعت رقعة تكتلها) فإنها رغم الحيادية في خطاب الهند والبرازيل، إلا أنها تمثل النمط من التكتل العالمي الاقتصادي والتنموي، الذي سيكون مفعوله المستقبلي أقوى، لصناعة «نظام عالمي بديل» قائم على تعددية الأقطاب، وفرملة الهيمنة الغربية على العالم اقتصادياً ومالياً وإعلامياً بل وأخلاقياً فاسداً، مثلما هو «الأمل العالمي في فرملة المخططات التي تتبناها «الدولة العميقة العالمية الفاسدة والإجرامية» في التلاعب بحياة البشر وبالطبيعة والبيئة والمفاهيم والقيم! ونشرها لكل أشكال الفسوق والانحلال! وتصنيف العالم «عنصرياً وسياسياً» إلى عرق أبيض وآخرين! وإلى عالم حرّ وعالم غير حرّ! من خلال (مواصفات دكتاتورية واستبدادية) تفرضها على العالم!
{ هذا الفساد المستشري الذي يضع (النظام الموّحد) هدفاً أخيراً لتلك الطغمة الفاسدة والمجنونة، التي تعبث بالبشرية، وتريد جعل كل الدول مجرد «أتباع وهوامش» تعبث أيضاً بها وباستقلاليتها وسيادتها! وحقها في اختيار أسلوب إدارتها وحكمها السياسي! مثلما حقها في الحفاظ على هويتها وقيمها وتاريخها.. هذه «الطغمة العالمية المتغطرسة» لا بد من إزاحة قوتها وسيطرتها لكي يعيش العالم بشكل أفضل، وتناغم أكبر، وتكامل مطلوب اقتصادياً وتنموياً بعيداً عن إرهابها العالمي! ومن دون هيمنة «الدولار» الذي قيمته لا تتجاوز الورق الذي يُطبع به! ورغم ذلك يمارس أبشع أشكال السطوة والتدمير المالي لاقتصادات وميزانيات العالم من خلال المؤسسات المالية الفاسدة «كصندوق النقد الدولي» و«البنك الدولي»! آن للعالم أن يتحرّر من الظلم والجنون والغطرسة!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك