العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقالات

توقعات معدلات التضخم

بقلم: عدنان يوسف

الاثنين ٢١ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

وفقا‭ ‬لآخر‭ ‬التحديثات،‭ ‬فقد‭ ‬تراجع‭ ‬معدل‭ ‬التضخم‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬سنوي‭ ‬إلى‭ ‬3‭%‬‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي‭ ‬ليأتي‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬متوسط‭ ‬التوقعات‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عند‭ ‬3.1‭%‬‭. ‬وبذلك‭ ‬يكون‭ ‬التضخم‭ ‬قد‭ ‬سجل‭ ‬أدنى‭ ‬قراءة‭ ‬منذ‭ ‬مارس‭ ‬2021‭. ‬كما‭ ‬تراجع‭ ‬التضخم‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬يستثني‭ ‬أسعار‭ ‬الغذاء‭ ‬والطاقة‭ ‬إلى‭ ‬4‭.‬8‭%‬‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬سنوي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سجل‭ ‬5.3‭%‬‭ ‬في‭ ‬مايو،‭ ‬ليأتي‭ ‬أيضا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬التوقعات‭.‬

لقد‭ ‬دفعت‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية،‭ ‬وخاصة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الفيدرالي،‭ ‬سوف‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة‭ ‬قريبا‭ ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬مخاوف‭ ‬الأسواق‭ ‬من‭ ‬التضخم‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬رفع‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬لكبح‭ ‬التضخم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يلقي‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬يرفع‭ ‬كلفة‭ ‬الاقتراض‭ ‬وتضرر‭ ‬الأنشطة‭ ‬بالتالي‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬تظل‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬مقارنة‭ ‬بتوقعات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬كبيرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأفقر‭ ‬بالعالم‭.‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬نمو‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬حيث‭ ‬انخفض‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬من‭ ‬5‭.‬2‭%‬‭ ‬في‭ ‬2022‭ ‬إلى‭ ‬2‭%‬‭ ‬في‭ ‬2023‭. ‬ويعكس‭ ‬هذا‭ ‬الانخفاض‭ ‬مسار‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي،‭ ‬وكذلك‭ ‬التحولات‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬نحو‭ ‬الخدمات‭ ‬المحلية،‭ ‬وتأثيرات‭ ‬ارتفاع‭ ‬قيمة‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ -‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إبطاء‭ ‬حركة‭ ‬التجارة‭ ‬وتنامي‭ ‬الحواجز‭ ‬التجارية‭.‬

وتظل‭ ‬الأولوية‭ ‬لأغلب‭ ‬الاقتصادات‭ ‬هي‭ ‬تحقيق‭ ‬خفض‭ ‬مستدام‭ ‬في‭ ‬التضخم‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭. ‬ولأجل‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬مواصلة‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬استقرار‭ ‬الأسعار‭ ‬وتعزيز‭ ‬آليات‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬ومراقبة‭ ‬المخاطر‭.‬

وسوف‭ ‬تتوقف‭ ‬مدة‭ ‬النوبة‭ ‬التضخمية‭ ‬الحالية‭ ‬على‭ ‬عاملين‭: ‬أولا،‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬استمرار‭ ‬ضيق‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الأعمال‭ ‬واختناقات‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬واستجابة‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية،‭ ‬وثانيا،‭ ‬مدة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وتداعياتها‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬والغذاء‭ ‬والنمو‭ ‬العالمي‭. ‬وبحسب‭ ‬التجارب‭ ‬التاريخية‭ ‬السابقة،‭ ‬لن‭ ‬تستمر‭ ‬هذه‭ ‬الطفرة‭ ‬التضخمية‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬السيطرة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عامين‭.‬

إن‭ ‬القرار‭ ‬الروسي‭ ‬بإنهاء‭ ‬العمل‭ ‬باتفاقية‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬غذاء‭ ‬عالمية‭ ‬حادة‭ ‬بسبب‭ ‬اضطرابات‭ ‬الإمدادات‭ ‬المعقدة‭ ‬وزيادة‭ ‬أسعار‭ ‬المدخلات‭ ‬الزراعية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ستتأثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بهذا‭ ‬القرار‭ ‬بسبب‭ ‬اعتمادها‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الغذائية،‭ ‬وتحديدا‭ ‬الحبوب‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬القمح،‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تأتي‭ ‬أزمة‭ ‬الغذاء‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فيه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬المركبة‭ ‬لـ«كوفيد-19‮»‬‭ ‬وما‭ ‬نتج‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭.‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي،‭ ‬يتعرض‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬لتهديد‭ ‬يتجاوز‭ ‬مجرد‭ ‬الأزمة‭ ‬المباشرة‭. ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬تزايد‭ ‬أعباء‭ ‬الدين‭ ‬العام،‭ ‬وانخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬العملة،‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم،‭ ‬وزيادة‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة،‭ ‬وتزايد‭ ‬مخاطر‭ ‬الركود‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬إمكانية‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الغذاء‭ ‬وتوافره،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬للبلدان‭ ‬المستوردة‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬فإن‭ ‬قطاع‭ ‬الأغذية‭ ‬الزراعية‭ ‬معرض‭ ‬للخطر،‭ ‬كما‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬حيث‭ ‬يسهم‭ ‬بثلث‭ ‬انبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭. ‬ولا‭ ‬يتقدم‭ ‬نمو‭ ‬الإنتاجية‭ ‬الزراعية‭ ‬أو‭ ‬يسبق‭ ‬آثار‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الصدمات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالغذاء‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أدى‭ ‬الجفاف‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬متعدد‭ ‬المواسم‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬مشكلة‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬الصومال‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬المجاعة‭.‬

لهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬جميعها‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نتوقع‭ ‬عودة‭ ‬قريبة‭ ‬لخفض‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬موجهين‭ ‬دعوتنا‭ ‬للأقطار‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬بأن‭ ‬تبقى‭ ‬على‭ ‬حذرها‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬وتأمين‭ ‬سلاسل‭ ‬إمداد‭ ‬الغداء‭ ‬والتحوط‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬على‭ ‬اقتصاداتها‭.‬

رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬مصارف‭ ‬البحرين

رئيس‭ ‬اتحاد‭ ‬المصارف‭ ‬العربية‭ ‬سابقا

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا