القراء الأعزاء،
استرعي انتباهي خبر منشور في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي حول فرض أول غرامة على شخص لقيامه بإطعام الحيوانات السائبة، باعتبارها السابقة الأولى لمثل هذا الإجراء. وبالبحث وجدت أن السبق في معاقبة مُطعمي الحيوانات السائبة في البحرين كان لبلدية المحرق التي سبق لأحد أعضاء مجلسها البلدي أن صرّح مُحذراً عبر إحدى الصحف المحلية من إطعام الطيور والحيوانات في الشوارع والميادين العامة، حيث قامت البلدية برفع لافتات منع إطعام الحيوانات في الطرق وتسجيل مخالفة قد تصل إلى مبلغ 300 دينار على المخالفين، بهدف منع الآثار المؤذية للبيئة وعلى جمال المنطقة.
وللأمانة، فإن مثل هذا الخبر جدير بأن يستوقف القارئ من الناحية الإنسانية والدستورية والقانونية، ودعونا نتجاوز موضوع الناحية القانونية ونكتفي منها فقط بالتذكير بأحد أهم المبادئ الدستورية والجنائية العامة، وهو مبدأ الشرعية الجنائية إذ (لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون) مكتوب ومُحدّد يحصر الفعل بدلالة واضحة وغير قابلة للتأويل، لأقف عند الناحية الإنسانية والدينية التي يمكن أن تصل إلى الجميع بعيدًا عن التخصص.
ففي حديث أبي هريرة عن الرسول صلّى الله عليه وسلم عن الرجل الذي شكر الله له وغفر له إثر سُقياه لكلبٍ كان يلهث عطشاً، وحين سأله صحابته يا رسولَ اللهِ إنَّ لنا في البهائمِ أجرًا؟ فقال (ص): نعم! في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ، والسؤال هو أين متخذي هذا القرار من هذا الحديث وهذا الأجر؟!
كما يروي التاريخ عن الخليفة عمر بن عبدالعزيز أنه عندما انتهى الفقر في عهده ولم يبق فقير يستحق أموال الزكاة، يُقال بأنه أمر بتجهيز الجيش من هذه الأموال وتزويج الشباب، ثم قضاء الدين عن المدينين، وأمر بشراء القمح بالفائض منها ونثره على رؤوس الجبال، لكي لا يُقال جاع طير في بلاد المسلمين، والسؤال الآخر هو أين مُتّخذي هذا القرار من هذه الرواية ومن أثر السلف الصالح؟! بل أين متخذي هذا القرار من أحكام المادة الثانية من دستور مملكة البحرين التي قضت بأن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي من مصادر التشريع؟! الشريعة التي قررت بأنه في كل كبدٍ رطبة أجر، ليأتي القرار ليقطع الأجر ويخالف الدستور وأحكام الشريعة الإسلامية.
وفي المقابل، كان بإمكان المجلس البلدي باعتباره أحد جناحي البلدية لتلافي الأضرار التي قد تلحق بنظافة الأماكن وجمال المدينة، كان بإمكانه أن يضع حلولاً جمالية لهذا الموضوع بحيث يحافظ على جمال المدينة ولا يحرم الراغبين في الأجر وجمع الحسنات من تحقيق مبتغاهم، كما لا يحرم الحيوانات السائبة من الحصول على قوتها ولا يحرم البلاد بأكملها من البركة. إذ بالإمكان -كمقترح- تخصيص مجموعة من المواقع لهذا الغرض، ويمكن بناء معلم جميل يُزين المكان ويكون وعاء لطعام الحيوانات السائبة في الوقت ذاته، فتأكل الحيوانات السائبة منه ويتحقق أجر إطعامها مع الحفاظ على جمالية الأماكن.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك