عالم يتغير
فوزية رشيد
تزامن عرض «أوبنهايمر» مع ذكرى هيروشيما ونجازاكي!
{ يبدو أن العالم ومنذ الحرب العالمية الثانية، يدور في دائرة مركزها (الوحشية الأمريكية)! التي منذ استخدام «القنبلة الذرية»، في عهد الرئيس الأمريكي «هاري ترومان»، وقد قرر استخدامها ضد اليابان لإجبارها على الاستسلام في 6/8/1945م، فإن الدموية الأمريكية في العالم لم تتوقف، لتبني قوتها وسطوتها ونفوذها على جماجم الشعوب وسرقة ثرواتهم!
{ واليوم تحل الذكرى الـ«78» لإلقاء قنبلة تم تسميتها (ليتل بوي LITTLE BOY أي الولد الصغير) وهو الولد الذي قتل في اللحظة الأولى (66 ألف إنسان) وبعد أيام وتحديداً في 9/8 تم إلقاء قنبلة ذرية أخرى على (نجازاكي) وقتلت أعداداً أكبر! وتم تسميتها FAT BOY) أو الولد البدين) باعتبار أنه سيسبب ضحايا أكثر! ولا ندري من يختار تلك التسميات، كعناوين لأعمال إبادة وجرائم حرب بدم بارد! وحيث التسميات التي اعتاد الأمريكيون إطلاقها على جرائمهم العسكرية، تتوسل التخفيف من وطأة الجريمة، حين يتم تداولها إعلامياً، فلا توصف بما تستحقه من وصف قاسٍ يتناسب مع قسوة ووحشية الجرائم المرتكبة!
{ تلك المركزية الأمريكية في (فعل الوحشية والإبادة) التي بدأت وتأسست منذ إبادة «الهنود الحمر»! يبدو أنها (ذهنية أمريكية) معتادة في التعامل مع الحياة والبشر! ولا يهم ما تخلّفه تلك «الذهنية الإجرامية» من الضحايا إن كانوا مئات الآلاف، أو ملايين، ولا تشرّد الشعوب! ولا عدد المصابين بالأمراض الخطيرة والإعاقات والتشوهات والأمراض، جراء الاستخدام غير المشروع والمحرّم دوليًّا من الأسلحة الفتاكة والأسلحة البيولوجية والفيروسيات ولا غيرها من أنماط مختلفة من أساليب الفتك والتجارب! لنتذكر دائماً «الوحشية المطلقة»، ويكفي أن نذكّر أن «قنبلة أمريكا الذرية» في «هيروشيما» أطلقت أكبر مقدار من درجة الحرارة التي وصلت إلى (4000 درجة مئوية) حولّت المدينة إلى أنقاض، وصهرت البشر والحجر! ومع ذلك كررت ذات التجربة بقنبلة أخرى نووية في نجازاكي! أي أن هناك تعمدا رغم معرفة الآثار الكارثية واللاإنسانية، في تكرار ذات الفعل لمجرد تحقيق تفوقها على الطرف الآخر، وجعله يستسلم والغاية تبرر الوسيلة، مهما كانت إجرامية!
{ بعد ذلك تكررت الجرائم ضد الإنسانية في أكثر من مكان، وقائمة الدول تطول، وعلى رأسها فيتنام والعراق وأفغانستان، وكثير من دول القارات، ليبقى العار يلاحق أمريكا إلى نهاية العالم، رغم عدم اكتراثها بذلك! لأن المعايير والقيم والمبادئ، سقطت أو أسقطتها عن نفسها منذ زمن بعيد!
{ وكانت المفارقة في عرض فيلم (أوبنهايمر) تزامناً مع ذكرى إسقاط «قنبلة» على هيروشيما ثم على نجازاكي! ولكأن هذا الفيلم الذي تم اعتباره الأضخم في تاريخ السينما الهوليودية! لأنها تدور حول شخصية (أوبنهايمر) أو «أبو القنبلة الذرية» الذي غيّر وجه العالم مؤداه التفاخر وليس الإحساس بالذنب أو الندم! ولكأن رسالة الفيلم، الذي سنقف معه في مقال آخر، كانت أن الولايات المتحدة تفخر بإنجازها «النووي» وهي الدولة الأولى التي استخدمت القنبلة الذرية، وحتى اليوم هي الدولة الأخيرة! وباستسلام «اليابان» في الحرب العالمية الثانية، تسلمت أمريكا راية «السيطرة الاستعمارية» من بريطانيا، التي أسست قبلها أكبر إمبراطورية استعمارية في العالم!
{ هل الولايات المتحدة، اعتذرت عما فعلته في هيروشيما ونجازاكي؟! الجواب لا! هل تراجعت عن تحقيق مصالحها الأنانية عبر القوة والأسلحة والطرق غير المشروعة؟! الجواب لا!
هل لديها أي شعور بالندم باعتبارها أكبر دولة إرهاب في العالم؟! الجواب أيضاً لا! هل تمت محاسبتها في المجتمع الدولي؟! أيضاً لا! بل هي تعمل اليوم على إفناء البشرية كلها من خلال استفزاز روسيا والصين، وتدرك أن استفزازاتها قد تؤدي إلى حرب نووية وعالمية ثالثة، ومع ذلك تتصرف بذات الذهنية واللامبالاة!
إنها تسجل نفسها كدولة في سجّل أكثر دول العالم وحشية وإجراماً، منذ تاريخ البشرية الأول! والغريب أنها تتحدث إلى العالم بلسان حقوق الإنسان، وهي أكثر الدول انتهاكاً لتلك الحقوق! وتتحدث باسم الحريات، وهي أكثر من داس على الحريات في العالم حين يتعلق الأمر بتحقيق أجنداتها الموصوفة عادة بالشريرة! بل وبإظهار فيلم (أوبنهايمر) إلى العالم، لا تخجل من محتواه وتوظيف (الفيزيائيين) لأعمالها الشريرة، بل تسرد الأمر كواقعة أو وقائع تاريخية، أسهمت بها في فناء البشرية! هل نقول يا للعار أم نصدّق أمريكا وهي توصل رسالتها إلينا: يا للفخر! هل من ميلودراما أو كوميديا سوداء، أكثر من ذلك؟! خاصة أن جرائمها مستمرة وكأنها لا تعرف عملاً آخر غير القيام بالشرّ! إنها أمريكا التي صنعت واستخدمت «القنبلة النووية» لتغيير وجه الحرب الثانية! ولا تزال تصنع كل الموبقات لتغيير وجه العالم اقتصاديًّا وسياسيًّا وإنسانيًّا وأخلاقيًّا نحو الأسوأ! بل وتتباهى افتخاراً بكل جرائمها وشرورها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك