العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

لماذا كل هذا التطرّف ضدّ القرآن؟!

{‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬وبزيادة‭ ‬في‭ ‬المعدلات‭ ‬منذ‭ ‬أحداث‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001،‭ ‬لبست‭ ‬أمريكا‭ ‬عباءة‭ ‬الشحن‭ ‬السياسي‭ ‬والأيديولوجي‭ ‬والإعلامي‭ ‬والبحثي‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭! ‬ليتحول‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬أسلوب‭ ‬معتاد،‭ ‬وظاهرة‭ ‬غريبة‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬‮«‬الشيطنة‮»‬‭ ‬المعتادة‭ ‬للعرب‭ ‬والمسلمين‭ (‬فنيّا‭) ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أفلام‭ ‬هوليوودية‭ ‬تصورهم‭ ‬بنمطية‭ ‬معينة،‭ ‬أصبحت‭ ‬لاحقاً‭ ‬وكأنها‭ ‬صناعة‭ ‬حكم‭ ‬مسبق‭ ‬وجاهز‭! ‬تم‭ ‬فيه‭ ‬استغلال‭ ‬تأثيرات‭ ‬هوليوود‭ ‬عالمياً،‭ ‬لإظهار‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬بحسب‭ (‬المتخيّل‭ ‬الغربي‭) ‬المشحون‭ ‬بالعنصرية‭ ‬والكراهية‭! ‬وليتم‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬أحداث‭ ‬سبتمبر‮»‬،‭ ‬المجاهرة‭ ‬بوصم‭ ‬الإسلام‭ ‬بالإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬والمسلمين‭ ‬بالإرهابيين،‭ ‬وحيث‭ ‬معايير‭ ‬‮«‬العلمانية‭ ‬الشاملة‮»‬‭ ‬بمراحل‭ ‬تخليها‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬رغم‭ ‬ادعاءات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭! ‬وبحسب‭ ‬مراكز‭ ‬البحث‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‭ ‬التي‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ (‬النقيض‭ ‬الحضاري‭ ‬والقيمي‭) ‬والمضاد‭ ‬لما‭ ‬يتم‭ ‬التحضير‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬نقل‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬ضفة‭ (‬النفعية‭ ‬المادية‭ ‬المطلقة‭) ‬ومفاهيم‭ ‬الانفلات‭ ‬والانحلال‭ ‬والتحرر‭ ‬المطلق‭! ‬ونشر‭ (‬اللاأخلاقيات‭ ‬الجديدة‭) ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يتماهى‭ ‬فيه‭ ‬الحق‭ ‬والباطل،‭ ‬والخير‭ ‬والشرّ،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تعود‭ ‬هناك‭ ‬حدود‭ ‬فاصلة‭! ‬و«المرجعية‭ ‬الإسلامية‮»‬‭ ‬بقيمها‭ ‬ومبادئها‭ ‬تقف‭ ‬عائقاً‭ ‬ضد‭ ‬تلك‭ ‬النقلة‭ ‬الحضارية‭ ‬كما‭ ‬يصفونها‭! ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬البشرية،‭ ‬حتى‭ ‬يخضع‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬تحت‭ ‬سطوة‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬النخبة‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬وجنونها‭ ‬ومفاهيمها‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحداثية‭!‬

{ ‭ ‬القرآن‭ ‬هو‭ ‬أقدس‭ ‬مقدسات‭ ‬العرب‭ ‬وكل‭ ‬المسلمين،‭ ‬وهو‭ ‬الرمز‭ ‬للمنظور‭ ‬الإلهي‭ ‬الكوني‭ ‬والإنساني‭ ‬والمعرفي،‭ ‬والمنهج‭ ‬للفطرة‭ ‬والتمييز‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشرّ‭ ‬والحق‭ ‬والباطل،‭ ‬ولذلك‭ ‬فهو‭ ‬بالفعل‭ (‬المضاد‭ ‬الحضاري‭ ‬لفلسفة‭ ‬النفعية‭ ‬المطلقة،‭ ‬والرؤية‭ ‬المادية‭ ‬الشاملة‭) ‬التي‭ ‬يُراد‭ ‬حصر‭ ‬الوعي‭ ‬الإنساني‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭! ‬ومع‭ ‬التجييش‭ ‬الإعلامي‭ ‬الغربي‭ ‬وازدراء‭ ‬الإسلام‭ ‬والعنصرية‭ ‬القومية‭ ‬والفكرية،‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬المنهجية‭ ‬الإسلامية‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يزداد‭ ‬انتشاراً‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭! ‬فإن‭ ‬توجيه‭ ‬الازدراء‭ ‬نحو‭ (‬القرآن‭ ‬الكريم‭)‬،‭ (‬يحقق‭ ‬في‭ ‬نظرهم‭ ‬خلاصة‭ ‬الحملة‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭)‬،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التأثير‭ ‬المتواصل‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والأفراد‭ ‬المتطرفين‭ ‬وغالبية‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬غير‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والذين‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فعل‭ ‬حرق‭ ‬القرآن‭ ‬نابعاً‭ ‬من‭ ‬‮«‬غسل‭ ‬الدماغ‮»‬‭ ‬المتواصل‭ ‬لوعيهم‭! ‬أو‭ ‬يكونوا‭ ‬ذوي‭ ‬ارتباط‭ ‬بأفكار‭ ‬وجماعات‭ ‬يمينية‭ ‬متطرفة،‭ ‬تدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬معاداة‭ ‬القرآن‭ ‬وحرقه‭ ‬والاعتداء‭ ‬عليه‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تحمي‭ ‬فعل‭ ‬هذا‭ ‬الازدراء‭ ‬بادعاء‭ ‬‮«‬حماية‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭!‬‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬فيها،‭ ‬وممارستها‭ (‬بانتقائية‭) ‬واضحة‭ ‬وفقط‭ ‬ضد‭ ‬القرآن‭ ‬والإسلام‭! ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يؤمن‭ ‬فيه‭ ‬حتى‭ ‬الساسة‭ ‬والقادة‭ ‬الغربيون‭ ‬بأن‭ (‬معاداة‭ ‬الإسلام‭) ‬هي‭ ‬لصون‭ ‬حضارتهم‭ ‬الغربية‭ ‬وقيمهم،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يحتفظوا‭ ‬بها‭ ‬لأنفسهم،‭ ‬وإنما‭ ‬يريدون‭ ‬تعميمها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الشعوب،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يشوبها‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬أخلاقية‭ ‬وانحدار‭ ‬إلى‭ (‬اللاقيم‭ ‬واللاإنسان‭ ‬واللافطرة‭) ‬واختلافها‭ ‬عن‭ ‬الثقافات‭ ‬والمعتقدات‭ ‬الأخرى‭!‬

{‭ ‬هكذا‭ ‬ندرك‭ ‬معاً‭ ‬أن‭ ‬الفعل‭ ‬المتكرر‭ ‬لحرق‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬إلى‭ ‬هولندا‭ ‬إلى‭ ‬السويد‭ ‬إلى‭ ‬الدانمارك‭ ‬مؤخراً،‭ ‬ستزداد‭ ‬وتيرته‭ ‬لأنه‭ ‬قائم‭ ‬على‭ (‬خلفية‭ ‬منهجية‭ ‬وعنصرية‭) ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬الغربية‭ ‬والمنظومة‭ ‬المعرفية‭ ‬والفكري‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬وأقدس‭ ‬مقدساته‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭!‬

وليس‭ ‬عبثاً‭ ‬محاولات‭ (‬صناعة‭ ‬دين‭ ‬جديد‭)! ‬أو‭ ‬الضغط‭ ‬لحذف‭ ‬آيات‭ ‬في‭ ‬القرآن‭! ‬أو‭ ‬اهتمام‭ ‬‮«‬البنتاجون‮»‬‭ ‬والإعلام‭ ‬الغربي،‭ ‬بدعم‭ ‬وتبني‭ ‬فتاوى‭ ‬من‭ (‬مفتين‭ ‬تابعين‭ ‬للمنظومة‭ ‬الفكرية‭ ‬الغربية‭) ‬لخلخلة‭ (‬الخريطة‭ ‬المعرفية‭ ‬الإسلامية‭)! ‬وليس‭ ‬غريباً،‭ ‬تشويه‭ ‬الإسلام‭ ‬بالإشراف‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬المليشيات‭ ‬المتطرفة‭ ‬باسم‭ ‬الإسلام‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬وغيرها‭! ‬وتشجيع‭ (‬تسييس‭ ‬الدين‭) ‬والتطرف‭ ‬بما‭ ‬يضّر‭ ‬صورة‭ ‬الإسلام‭ ‬تحديداً،‭ ‬فكل‭ ‬تلك‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬انفضحت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬توظيف‮»‬‭ ‬مفكرين‭ ‬ومثقفين‭ ‬عرب‭ ‬لمناصرة‭ ‬فكر‭ (‬العلمانية‭ ‬الشمولية‭) ‬والتهجّم‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭! ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأساليب‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ (‬صناعة‭ ‬الأرضية‭ ‬الملائمة‭) ‬لتطرف‭ ‬الجماعات‭ ‬والأفراد،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حتى‭ ‬قراءة‭ ‬القرآن،‭ ‬وإنما‭ ‬الانجرار‭ ‬وراء‭ ‬أخذ‭ ‬الموقف‭ ‬المتطرف‭ ‬والإجرامي‭ ‬ضد‭ ‬المقدس‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬لحقوق‭ ‬المسلمين،‭ ‬أو‭ ‬للتنوع‭ ‬الديني‭ ‬والمعتقدي،‭ ‬أو‭ ‬للاختلاف‭ ‬المعرفي‭ ‬والثقافي‭ ‬والحضاري،‭ ‬بل‭ ‬ممارسة‭ ‬التعصب‭ ‬والتطرّف‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بأبشع‭ ‬صوره‭! ‬

{‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يتّم‭ ‬اتخاذ‭ (‬موقف‭ ‬إسلامي‭ ‬وعربي‭ ‬صارم‭) ‬ضد‭ ‬تلك‭ ‬الممارسات‭ ‬المتكررة،‭ ‬فلن‭ ‬تتوقف‭ ‬الممارسات‭ ‬العنصرية‭ ‬والعدائية‭ ‬ضد‭ ‬القرآن‭ ‬تحديداً‭! ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التوظيف‭ ‬الإعلامي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬لتبيان‭ ‬جذور‭ ‬وخلفيات‭ ‬تهافت‭ ‬الغرب‭ ‬وسبب‭ ‬عدائه‭ ‬للإسلام،‭ ‬واستخدام‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬الغرب‭ ‬شيئا‭ ‬أهم‭ ‬منه،‭ ‬لمعاقبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتعدّى‭ ‬على‭ ‬مقدسات‭ ‬المسلمين،‭ ‬فلن‭ ‬يتراجع‭ ‬الغرب‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬‮«‬منهجه‭ ‬الديكتاتوري‮»‬‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬احترام‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهو‭ ‬يواصل‭ ‬عداءه‭ ‬نحوه‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‭ ‬ومنظم‭! ‬وإن‭ ‬اتخذ‭ ‬شكل‭ ‬دعم‭ ‬أفراد‭ (‬يحرقون‭ ‬القرآن‭) ‬بحجة‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭! ‬هل‭ ‬العرب‭ ‬قادرون‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ (‬نقد‭ ‬فلسفي‭ ‬عربي‭ ‬للفلسفة‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬مراحل‭ ‬الحضيض‭ ‬الفعلي‭ ‬روحياً‭ ‬وأخلاقياً،‭ ‬رغم‭ ‬تطورها‭ ‬المادي‭)‬؟‭!‬

إذا‭ ‬اجتماع‭ ‬الموقف‭ ‬الحاسم‭ ‬مع‭ ‬الإعلام‭ ‬المواجه،‭ ‬مع‭ ‬الوصول‭ ‬بالوعي‭ ‬إلى‭ ‬صناعة‭ ‬‮«‬نقد‭ ‬فلسفي‭ ‬عربي‮»‬‭ ‬بمرجعية‭ ‬فكرية‭ ‬جديدة‭ ‬حينها‭ ‬يمكن‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخواء‭ ‬الغربي‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا