عالم يتغير
فوزية رشيد
حرب روسيا مع الغرب تمتد إلى المفاهيم والقيم!
{ في الفترة الأخيرة لم يخلُ خطابٌ للرئيس الروسي بوتين من الإشارة إلى أنماط الانحطاط الأخلاقي في الغرب، ورفضه وأمته الهجمة التي يسوقها الأمريكيون لجرِّ العالم إلى ما وصل إليه الغرب من اختلال في المفاهيم والقيم والخروج عن الفطرة الإنسانية! ولكن هذه المرة لم يكتف بوتين بالكشف والرفض، وإنما باتخاذ إجراءات قانونية مناهضة «للمغايرين جنسيا» يمنع التحول الجنسي ويحرمهم حق تبني الأطفال، بعد أن أقرّ النواب الروس قانونا بذلك يوم الجمعة الماضي، وفي حكم المضمون أن تتم الموافقة في مجلس الاتحاد في البرلمان الروسي، وأن يصادق عليه بوتين بسبب توافق الرؤية بين المشرعين والكرملين! وبذلك يتم حظر التحول الجنسي في روسيا كما قال رئيسي مجلس الدوما «فيا تشيسلاف فولودين» في بيان منفصل «إن القرار يحمي مواطنينا وأطفالنا»، معلقا على ما وصفه بأنه تقليد لما هو «ميل متنام للتحول الجنسي في أمريكا»، معتبرا أن ذلك يؤدي إلى انحطاط في البلاد وهو الأمر غير المقبول بالنسبة إلى روسيا!
{ الحرب في أوكرانيا بين الروس والناتو أو الغرب تتخذ هذه المرة أبعادا جديدة، تتعلق بالقيم والمفاهيم ودعم الغرب للتحول الجنسي والشذوذ والتحرش بالأطفال وغيرها بدعوى الليبرالية والتنوع في الجنس البشري والحريات!
وهذا البُعد المفاهيمي المختل الذي ينخر اليوم في المجتمعات الغربية هو بعد يراه بوتين سببا لخراب المجتمعات، ويجب إعلان الحرب عليها بالقانون، لأنها قيم منحرفة ومتأثرة بالفساد الأخلاقي في الغرب! ولذلك يحظر التشريع الجديد جراحات التحول، باستثناء الأطفال الذين يعانون تشوهات خلقية (بكسر الخاء) ويمنع الأفراد من تغيير جنسهم في الوثائق الرسمية، وهو ما سينعكس بقوة وبشكل جذري على أفكار وسلوكيات المغايرين جنسيا في روسيا! إلى جانب منع المواطنين الذين سبق أن غيروا جنسهم من تبني أطفال إلى جانب إلغاء عقود زواجهم! وتجعل كل السالكين مسلك الانحراف الجنسي من شواذ ومتحولين، في قائمة الحرمان من الحقوق والمساعدات باعتبارهم خارجين عن القانون! بل هناك منذ فترة حملات إغلاق لجمعيات تتبنى أو تدافع عن المغايرين جنسيا والشواذ، مما يجعل الساحة ضيقة أمام هؤلاء بشكل كبير!
{ روسيا وهي ترى حجم «التطرف الليبرالي» في الغرب والنزعات اللاأخلاقية باسم الحريات، وازدراء الأعراق والأديان وازدواجية المعايير الغربية حول الحقوق والحريات! ترى أن حربها مع الغرب تأخذ اليوم أشكالا مختلفة ما بين عسكرية في أوكرانيا، واقتصادية ومالية تسهم فيه بناء عالم متعدد القطبية! وحرب ثقافية ومفاهيمية وأخلاقية، عوّل الغرب على هيمنته فيها عدة قرون، حتى بلغ اليوم باستخدامها كآليات لاختراق المجتمعات الأخرى ومنها روسيا، من خلال (مداعبة الأخيلة الجنسية المريضة) لدى البعض، لتتحول من فئوية إلى سلوكيات عامة وسائدة تهدد بنية المجتمعات، وخروجها عن أسس المجتمع السليم والأسرة الطبيعية! وهذا الإعصار الغربي الذي يريد أن يجتاح العالم وروسيا، يرى بوتين أن وقف تهديده لا يكون إلا بفرض قوانين مناهضة لكل ما هو مختل أخلاقيا وجنسيا! وحيث الهيجان الإعلامي الغربي في الضغط على الدول باسم الحقوق والحريات، لتبني نموذجها ومنطقها المِعوج، يحتاج إلى مناهضة مؤسساتية وقانونية لإبعاد الشعب عن إغواءات الغرب اللاأخلاقية والشيطانية!
{ في كثير من المراحل والمحطات انكشف زيف التقدم والتطور والديمقراطية في الغرب، لأنه ترافق مع التدهور الأخلاقي والعنصرية وثقافة العنف والاستبداد ضد الشعوب الأخرى، وعدم احترام الأديان والثقافات المغايرة! وصولا إلى فرض نموذج الانحلال الأخلاقي بطرق ملتوية على شعوب العالم! ولذلك قد تبدو روسيا بإقرارها قانونا أو قوانين مناهضة لكل ذلك النموذج الإباحي وتشريع الشذوذ والاستغلال الجنسي للأطفال بأنها قاسية! ولكنه الحل الوحيد الذي تمتلكه المجتمعات والشعوب التي تريد المحافظة على قيمها ودينها وترفض كل أشكال الانحلال والانحراف الجنسي والأخلاقي!
{ والرئيس الروسي كان صريحا وواضحا في حربه في هذا المجال، ودعا كل المسلمين والشعوب الرافضة أن تكون معه لأن حربه ضد الدجال والشيطان وأتباعه كما وصفهم!
والسؤال الذي يهمنا: هل ستحذو الدول الإسلامية التي تحترم دينها وقيمها حذو روسيا، أولا بالخروج من الاتفاقيات الدولية التي تتيح الضغط عليها لتبني ما ترفضه! وثانيا بِسنّ قوانين وتشريعات تحمي بها مجتمعاتها من هوجة (حرب القيم والأفكار) التي تدور اليوم في الغرب، ويريد مروجوها أن يكتسحوا بها كل المجتمعات ومنها الإسلامية؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك