بلا شك ان البرلمان (السلطة التشريعية) في مملكة البحرين له دور رقابي على أعمال السلطة التنفيذية (الحكومة)، بالإضافة إلى دوره التشريعي على النحو المقرر في أحكام الدستور ونصوص القانون، إلا أنه بعد صدور الأمر الملكي رقم 29 لسنة 2023 بفضّ دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب، تناول العديد من المواطنين مسألة تقييم أداء بعض السادة النواب، وتساءل البعض الآخر منهم عن كيفية إعمال الرقابة الشعبية على أداء البرلمان، ومدى جواز محاسبة النواب في حال إخفاقهم أو تقصيرهم في أداء مهامهم.
مما لا شك فيه أن النواب هم ممثلو الشعب، وهم صوت المواطنين تحت قبة البرلمان، انطلاقاً من حق المواطنين الدستوري في اختيار من يمثلهم، ويتأكد من أحكام الدستور ونصوص القانون الواردة في هذا الشأن أن المواطنين هم سبب إيصال النواب إلى قبة البرلمان من دون أدنى شك، ولذا من الواجب على النواب أن يعبروا عن آراء المواطنين ويسعوا إلى إيصال مطالبهم وتحقيق رغباتهم والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، من منطلق دور البرلمان الرقابي والتشريعي على النحو المقرر قانوناً.. حيث يعتبر الدور الرقابي لمجلس النواب هو الوجه السياسي للعمل البرلماني، ويتمثل في صلاحية الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وتحريك المسؤولية السياسية عما يشوب أعمالها من مخالفات أو تجاوزات، وقد اختص الدستور البحريني هذا الدور بمجلس النواب من خلال استخدام الأدوات الدستورية المقررة لهم، والمتمثلة في الاقتراحات برغبة والاسئلة البرلمانية والاستجوابات وسحب الثقة من الوزراء وعدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء وإقرار لجان التحقيق البرلمانية ومناقشة برنامج الحكومة ومناقشة بيان الحكومة وطلب المناقشات العامة، وذلك فضلا عن أدوار أخرى.
ولذا نخلص من ذلك إلى أن الواجب على المواطنين أن يسعوا إلى تقييم أداء النواب من هذا المنطلق، وذلك من خلال قياس مدى قيامهم بالدور الرقابي والتشريعي المنوط بهم على أكمل وجه، ومدى قدرتهم على استخدام الأدوات الدستورية والقانونية المقررة لهم في سبيل تحقيق مطالب ورغبات المواطنين والتعبير عن آرائهم. ومن هنا، يبرز سؤال مهم، يدور حول مدى إمكانية إعمال الرقابة الشعبية على أعمال البرلمان؟! ومدى جواز محاسبة المواطنين للسادة النواب في حال إخفاقهم أو تقصيرهم في مهام عملهم؟!
أحكام الدستور وقانون مجلسي الشورى والنواب واللائحة الداخلية لمجلس النواب لم تتطرق إلى هذه المسألة بشكل مباشر، إلا أن اللائحة الداخلية لمجلس النواب تناولت في المواد من (64) إلى (71) العديد من الجزاءات التي يمكن للمجلس أن يوقعها على النائب في حال إخلاله بنظام الجلسات، والتي قد تصل إلى الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس ولجانه، كما تناولت المادة (191) مسألة تغيب العضو عن حضور الجلسات وقررت أنه متى تغيب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير إجازة أو إذن يسقط حقه في المكافأة عن مدة الغياب.
ولذا يقول البعض إنه لا يمكن للمواطنين محاسبة أعضاء مجلس النواب على الاخلال بواجباتهم على سند من القول إن هذا الأمر هو من اختصاص مجلس النواب فقط دون غيره، وعليه يرى هذا الرأي ضرورة انتظار المواطنين انتهاء مدة المجلس، ومن ثم محاسبة النواب من خلال صناديق الاقتراع، إلا انه مع ذلك الاتجاه وما له من أسانيد، فإننا لا نرى أي مانع قانوني من إعمال الرقابة الشعبية على أعمال البرلمان، من دون الحاجة إلى انتظار انتهاء الفصل التشريعي وإعلان الانتخابات الجديدة، شريطة أن يكون ذلك بالطرق المقررة قانوناً.
فقد نصت المادة (28) من قانون مجلسي الشورى والنواب على إسقاط العضوية في مجلس النواب متى فقد العضو الثقة والاعتبار أو أخلّ بواجبات العضوية، ونظمت هذه المادة ذلك من خلال صدور القرار بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، ويكون التصويت في هذه الحالة بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم، كما نصت المادة (204) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على جواز تقدم عشرة من أعضاء المجلس باقتراح مكتوب بإسقاط عضوية أحد الأعضاء لأي من الأسباب المبينة في المادة (99) من الدستور، والجدير بالذكر أن المادة (99) من الدستور تطرقت إلى أسباب إسقاط العضوية وحصرتها في ظهور حالة من حالات عدم الأهلية أو فقد الثقة والاعتبار أو الإخلال بواجبات العضوية، وأكدت تنظيم هذه المسألة بصدور القرار بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس.
المدير التنفيذي للمركز الدولي الخليجي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك