العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقالات

بلا رقيب ولا حسيب

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٠٩ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء‭ ‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تسير‭ ‬بسرعة‭ ‬صاروخية‭ ‬لتصبح‭ ‬السلطة‭ ‬الرابعة‭ ‬الفعلية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬وتنافس‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الصحافة،‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬التغطيات‭ ‬الصحفية‭ ‬ونقل‭ ‬الخبر‭ ‬والنقد‭ ‬البناء،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يكاد‭ ‬يمرّ‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يُثار‭ ‬فيه‭ ‬موضوع‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬مواضيع‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬منصّات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬بعض‭ ‬الناشطين‭ ‬عيناً‭ ‬ثانية‭ ‬للجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬البحريني،‭ ‬ويحضرني‭ ‬نشاط‭ ‬أحد‭ ‬الناشطين‭ ‬الذي‭ ‬أخذ‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬القيام‭ ‬بدور‭ ‬الراصد‭ ‬للمخالفات‭ ‬والأعمال‭ ‬المخالفة‭ ‬وغير‭ ‬المقبولة‭ ‬مجتمعياً،‭ ‬عبر‭ ‬حسابه‭ ‬ومن‭ ‬أشهرها‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬بتصوير‭ ‬بعض‭ ‬أفراد‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬وكشف‭ ‬سوء‭ ‬استغلالهم‭ ‬للمرافق‭ ‬العامة‭ ‬وقيامهم‭ ‬باستيطان‭ ‬حديقة‭ ‬عامة‭ ‬والاستحمام‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬العلن،‭ ‬لتتحرك‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة‭ ‬بعد‭ ‬نشره‭ ‬الموضوع،‭ ‬وكأنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬قبله،‭ ‬أما‭ ‬حديث‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬فهو‭ ‬فيديو‭ ‬قام‭ ‬بتصويره‭ ‬أحد‭ ‬مواطني‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وأظهر‭ ‬فيه‭ ‬افتقاد‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬يعجّب‭ ‬الأشخاص‭ ‬ويوضّح‭ ‬الاعمال‭ ‬التجارية‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬بعض‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رقيب‭ ‬أو‭ ‬حسيب‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬البحرين‭ ‬وواجهتها‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬وهي‭ ‬العاصمة‭ ‬المنامة‭.‬

وقد‭ ‬أظهر‭ ‬الفيديو‭ ‬حجم‭ ‬أعداد‭ ‬العمالة‭ ‬الكبيرة‭ ‬جداً‭ ‬وأنواع‭ ‬البضائع‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬العمالة‭ ‬ببيعها‭ ‬في‭ ‬طرقات‭ ‬العاصمة‭ ‬بكل‭ ‬أريحية‭ ‬وأمان‭ ‬وبلا‭ ‬قلق‭ ‬أو‭ ‬خوف‭.‬

ولا‭ ‬يعنيني‭ ‬موضوع‭ ‬تفسير‭ ‬مفارقات‭ ‬تصوير‭ ‬الفيديو‭ ‬ولا‭ ‬تأويل‭ ‬أهداف‭ ‬ومقاصد‭ ‬ناشره،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يهمني‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬نقله‭ ‬عن‭ ‬سلوك‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬السائبة،‭ ‬وكيف‭ ‬أمكنها‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬أعمالا‭ ‬تجارية‭ ‬مخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬ومخربة‭ ‬لجمال‭ ‬الأماكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلتفت‭ ‬إليها‭ ‬المسؤولون؟‭ ‬وأين‭ ‬سلطان‭ ‬القانون‭ ‬عليها؟

وسيبقى‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬البحرين‭ ‬محتاجة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العمالة؟‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬الكمّ‭ ‬منها؟‭ ‬

ثم‭! ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬سيضيفه‭ ‬وجودهم‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬إليها؟‭ ‬والسؤال‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬هو‭ ‬أين‭ ‬كانت‭ ‬غائبة‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة‭ ‬بالرقابة‭ ‬والتفتيش‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬عمّا‭ ‬يجري‭ ‬فيها؟‭ ‬

وأين‭ ‬كان‭ ‬الموظفون‭ ‬المسؤولون‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬الدور؟‭ ‬وما‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬السكوت‭ ‬عن‭ ‬تخريب‭ ‬جمال‭ ‬العاصمة‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬ضمن‭ ‬اختصاصات‭ ‬بلديتها‭ ‬الأساسية؟‭ ‬

اسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬الإجابة‭ ‬عنها،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬أنها‭ ‬بالمرصاد‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬يمارس‭ ‬عملاً‭ ‬تجارياً‭ ‬بدون‭ ‬ترخيص،‭ ‬ولكل‭ ‬مواطن‭ ‬يُشغل‭ ‬الطريق‭ ‬العام‭ ‬والميادين‭ ‬العامة‭ ‬بدون‭ ‬ترخيص،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬مصادرة‭ ‬بضاعته‭ ‬وتغريمه،‭ ‬ولكل‭ ‬صاحب‭ ‬نشاط‭ ‬يقوم‭ ‬باستخدام‭ ‬عامل‭ ‬غير‭ ‬مسجل‭ ‬على‭ ‬مؤسسته‭ ‬فيتم‭ ‬مخالفته‭ ‬وتقديمه‭ ‬للمحاكمة‭ ‬وتغريمه،‭ ‬فلماذا‭ ‬يتم‭ ‬رصد‭ ‬مخالفات‭ ‬المواطن‭ ‬والتغاضي‭ ‬عن‭ ‬مخالفات‭ ‬الأجنبي؟‭!‬

ومن‭ ‬الصحيح‭ ‬أن‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة‭ ‬قد‭ ‬باشرت‭ ‬بضبط‭ ‬المخالفات‭ ‬التي‭ ‬بانت‭ ‬في‭ ‬الفيديو،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬ماذا؟‭.. ‬وهل‭ ‬تحتاج‭ ‬جهة‭ ‬رسمية‭ ‬بكامل‭ ‬كوادرها،‭ ‬المحسوبة‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬وموازنتها‭ ‬إلى‭ ‬زائر‭ ‬يمر‭ ‬صدفة‭ ‬ليقوم‭ ‬بتنبيهها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬ضمن‭ ‬نطاقها‭ ‬الجغرافي‭ ‬من‭ ‬مخالفات‭ ‬لكي‭ ‬تتخذ‭ ‬إجراءات‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬مهامها‭ ‬الوظيفية‭ ‬الموكلة‭ ‬إلى‭ ‬مأموري‭ ‬الضبط‭ ‬القضائي‭ ‬التابعين‭ ‬لها،‭ ‬الذين‭ ‬يتم‭ ‬تقييمهم‭ ‬وظيفياً‭ ‬وإدارياً‭ ‬على‭ ‬أدائهم‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬تقارير‭ ‬رصد‭ ‬المخالفات‭ ‬والتصرف‭ ‬فيها؟‭ ‬

وتستمر‭ ‬الأسئلة‭ ‬لتصطدم‭ ‬بالسؤال‭ ‬الأهم‭ ‬وهو‭: ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬عمالة‭ ‬سائبة‭ ‬أم‭ ‬إنها‭ ‬عمالة‭ ‬مستوفية‭ ‬أوضاعها‭ ‬القانونية‭ ‬ولكنها‭ ‬تمارس‭ ‬عملاً‭ ‬إضافياً؟‭ ‬وما‭ ‬حجم‭ ‬حصة‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬المخالفة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬البحرين؟‭ ‬وأثرها‭ ‬على‭ ‬استنزاف‭ ‬موارد‭ ‬الدولة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬حقّهم‭ ‬التمتع‭ ‬بحقوق‭ ‬كثيرة‭ ‬كالسكن‭ ‬والتنقل‭ ‬والغذاء‭ ‬وتلقي‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬و‭.. ‬و‭.. ‬وإلخ‭.‬

أسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬تتناسل‭ ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جوابا‭ ‬مقنعا‭ ‬عنها‭ ‬سوى‭ ‬تقصير‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬واجباتها،‭ ‬لذا‭ ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصواب‭ ‬والضرورة‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬أولاً‭ ‬التحقيق‭ ‬مع‭ ‬الموظفين‭ ‬المختصين‭ ‬والتحقق‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬تقصيرهم‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهام‭ ‬وظائفهم‭ ‬بكفاءة‭ ‬وجودة،‭ ‬وكخطوة‭ ‬تالية‭ ‬إجراء‭ ‬دراسة‭ ‬أوضاع‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المتسبب‭ ‬في‭ ‬مخالفتهم‭ ‬للقوانين‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬إعادتهم‭ ‬إلى‭ ‬أوطانهم،‭ ‬وأخيراً‭ ‬لربما‭ ‬يكون‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬جرس‭ ‬تنبيه‭ ‬إلى‭ ‬وجوب‭ ‬الاشتغال‭ ‬على‭ ‬حلحلة‭ ‬ملف‭ ‬البطالة‭ ‬وإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬لها‭ ‬باستبدال‭ ‬الأجنبي‭ ‬بالبحريني‭ ‬بشكل‭ ‬جدّي‭ ‬حتى‭ ‬يتحقق‭ ‬تمام‭ ‬البحرنة‭.‬

‭ ‬

Hanadi‭_‬aljowder@‭ ‬hotmail‭. ‬Com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا