القراء الأعزاء
من الواضح أن وسائل التواصل الاجتماعي تسير بسرعة صاروخية لتصبح السلطة الرابعة الفعلية في الدول وتنافس وسائل الاعلام وفي مقدمتها الصحافة، وتؤثر على دورها في التغطيات الصحفية ونقل الخبر والنقد البناء، إذ لا يكاد يمرّ يوم من دون أن يُثار فيه موضوع مهم من مواضيع الشأن العام على أحد منصّات التواصل الاجتماعي، حتى أصبح بعض الناشطين عيناً ثانية للجهات الرسمية في الشارع البحريني، ويحضرني نشاط أحد الناشطين الذي أخذ على عاتقه القيام بدور الراصد للمخالفات والأعمال المخالفة وغير المقبولة مجتمعياً، عبر حسابه ومن أشهرها عندما قام بتصوير بعض أفراد العمالة الأجنبية وكشف سوء استغلالهم للمرافق العامة وقيامهم باستيطان حديقة عامة والاستحمام فيها على العلن، لتتحرك الجهة المختصة بعد نشره الموضوع، وكأنها لم تكن موجودة قبله، أما حديث الساعة في الوقت الحاضر فهو فيديو قام بتصويره أحد مواطني دول الخليج، وأظهر فيه افتقاد النظافة في محيط يعجّب الأشخاص ويوضّح الاعمال التجارية غير القانونية التي تمارسها بعض العمالة الأجنبية من دون رقيب أو حسيب في قلب البحرين وواجهتها أمام العالم وهي العاصمة المنامة.
وقد أظهر الفيديو حجم أعداد العمالة الكبيرة جداً وأنواع البضائع التي تقوم العمالة ببيعها في طرقات العاصمة بكل أريحية وأمان وبلا قلق أو خوف.
ولا يعنيني موضوع تفسير مفارقات تصوير الفيديو ولا تأويل أهداف ومقاصد ناشره، بقدر ما يهمني الواقع الذي نقله عن سلوك العمالة الأجنبية السائبة، وكيف أمكنها أن تمارس أعمالا تجارية مخالفة للقانون ومخربة لجمال الأماكن من دون أن يلتفت إليها المسؤولون؟ وأين سلطان القانون عليها؟
وسيبقى السؤال الأهم هو هل البحرين محتاجة إلى وجود مثل هذه العمالة؟ أو حتى وجود هذا الكمّ منها؟
ثم! ما الذي سيضيفه وجودهم على أرضها إليها؟ والسؤال الأكثر أهمية هو أين كانت غائبة الجهة المختصة بالرقابة والتفتيش على المنطقة عمّا يجري فيها؟
وأين كان الموظفون المسؤولون عن تنفيذ هذا الدور؟ وما السبب في السكوت عن تخريب جمال العاصمة الذي يعتبر ضمن اختصاصات بلديتها الأساسية؟
اسئلة كثيرة يجب على الجهات المختصة الإجابة عنها، ولا سيما أنه من المعلوم أنها بالمرصاد لكل مواطن يمارس عملاً تجارياً بدون ترخيص، ولكل مواطن يُشغل الطريق العام والميادين العامة بدون ترخيص، حيث يتم مصادرة بضاعته وتغريمه، ولكل صاحب نشاط يقوم باستخدام عامل غير مسجل على مؤسسته فيتم مخالفته وتقديمه للمحاكمة وتغريمه، فلماذا يتم رصد مخالفات المواطن والتغاضي عن مخالفات الأجنبي؟!
ومن الصحيح أن الجهة المختصة قد باشرت بضبط المخالفات التي بانت في الفيديو، ولكن بعد ماذا؟.. وهل تحتاج جهة رسمية بكامل كوادرها، المحسوبة على الدولة وموازنتها إلى زائر يمر صدفة ليقوم بتنبيهها إلى ما يقع ضمن نطاقها الجغرافي من مخالفات لكي تتخذ إجراءات من المفترض أن تكون ضمن مهامها الوظيفية الموكلة إلى مأموري الضبط القضائي التابعين لها، الذين يتم تقييمهم وظيفياً وإدارياً على أدائهم بناء على تقارير رصد المخالفات والتصرف فيها؟
وتستمر الأسئلة لتصطدم بالسؤال الأهم وهو: هل كانت تلك عمالة سائبة أم إنها عمالة مستوفية أوضاعها القانونية ولكنها تمارس عملاً إضافياً؟ وما حجم حصة هذه العمالة الأجنبية المخالفة من الناتج المحلي في البحرين؟ وأثرها على استنزاف موارد الدولة، حيث إن من حقّهم التمتع بحقوق كثيرة كالسكن والتنقل والغذاء وتلقي الخدمات الصحية و.. و.. وإلخ.
أسئلة كثيرة تتناسل ولا أعتقد أن هناك جوابا مقنعا عنها سوى تقصير الجهات المختصة في أداء واجباتها، لذا وفي رأيي أنه من الصواب والضرورة على الجهات المختصة أولاً التحقيق مع الموظفين المختصين والتحقق من أسباب تقصيرهم في أداء مهام وظائفهم بكفاءة وجودة، وكخطوة تالية إجراء دراسة أوضاع هذه العمالة ومحاسبة المتسبب في مخالفتهم للقوانين ومن ثم إعادتهم إلى أوطانهم، وأخيراً لربما يكون مثل هذا الموضوع جرس تنبيه إلى وجوب الاشتغال على حلحلة ملف البطالة وإيجاد حلول لها باستبدال الأجنبي بالبحريني بشكل جدّي حتى يتحقق تمام البحرنة.
Hanadi_aljowder@ hotmail. Com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك