العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

حرق القرآن حرية تعبير وحرق علم الشواذ جريمة كبرى!

{‭ ‬بات‭ ‬واضحا‭ ‬اليوم‭ ‬وللعالم‭ ‬كله،‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬جرائمه‭ ‬الاستعمارية‭ ‬القديمة‭ ‬والجديدة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬أنه‭ ‬يعيش‭ ‬حالة‭ (‬انفصام‭ ‬فكري‭ ‬ومفاهيمي‭) ‬حول‭ ‬مفهوم‭ ‬الحريات‭ ‬والحقوق‭ ‬والأخلاق‭ ‬وقس‭ ‬على‭ ‬ذلك‭! ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬صورته‭ ‬الحضارية‭ ‬تزداد‭ ‬اهتراءً‭ ‬وعدم‭ ‬مصداقية‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المفاهيم‭ ‬والأفكار،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يعتبرها‭ ‬الغرب‭ ‬رمزاً‭ ‬له‭! ‬وأنها‭ ‬مقدمة‭ ‬للبشرية،‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الدول‭ ‬لفرضها‭! ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬مفاهيم‭ ‬فارغة‭ ‬من‭ (‬المحتوى‭ ‬الإنساني‭ ‬الجمعي‭) ‬وأنها‭ ‬ليست‭ ‬للعالم‭ ‬كله،‭ ‬كما‭ ‬يدعي‭ ‬الغرب‭! ‬وأنها‭ ‬تتسم‭ ‬بصفات‭ (‬عنصرية‭) ‬تجاه‭ ‬ثقافات‭ ‬الشعوب‭ ‬وتجاه‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬تحديداً،‭ ‬لينتقل‭ ‬الانفصام‭ ‬من‭ ‬مراحله‭ ‬الفكرية‭ ‬والمفاهيمية‭ ‬والسياسية‭ ‬تجاه‭ (‬ملياري‭ ‬مسلم‭) ‬إلى‭ ‬أبشع‭ ‬تجلياته‭ ‬التي‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬احترام‭ ‬للمسلمين‭ ‬ودينهم،‭ ‬رغم‭ ‬تزايد‭ ‬عددهم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭!‬

{‭ ‬حين‭ ‬أحرق‭ ‬‮«‬سلوان‭ ‬موميكا‮»‬‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬وأمام‭ ‬مسجد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬الكبير‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ‬لعيد‭ ‬الأضحى،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬التصرّف‭ ‬الحاقد‭ ‬تجاه‭ ‬المسلمين‭ ‬واستفزازهم‭ ‬في‭ ‬أقدس‭ ‬مقدساتهم،‭ ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬عيدهم‭ ‬بعد‭ ‬الحج‭ ‬الأكبر،‭ (‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجرد‭ ‬تصرف‭ ‬فردي‭) ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬بعدما‭ ‬منحت‭ ‬‮«‬الشرطة‭ ‬السويدية‮»‬‭ ‬إذناً‭ ‬لتنظيم‭ ‬مظاهرة‭ ‬بينها‭ ‬حرق‭ ‬القرآن‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬بدء‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭! ‬مبررّة‭ ‬ذلك‭ ‬بأن‭ (‬المخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بإحراق‭ ‬القرآن،‭ ‬لا‭ ‬تبرّر‭ ‬بموجب‭ ‬القوانين‭ ‬الحالية‭ ‬رفض‭ ‬الطلب‭)! ‬وقد‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬موميكا‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬فرّ‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬السويد‭ ‬للشرطة‭ ‬‮«‬أريد‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيي‭ ‬حيال‭ ‬القرآن‮»‬‭! ‬فقالوا‭ ‬له‭ ‬‮«‬تفضل‮»‬‭ ‬وهم‭ ‬يعرفون‭ ‬ما‭ ‬ينوي‭ ‬فعله‭!‬

‭ ‬{‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كافياً‭ ‬التبرير‭ ‬الخاوي‭ ‬من‭ ‬السويد‭ ‬لسلوكيات‭ ‬معاداة‭ ‬الإسلام‭ ‬وكتابه‭ ‬المقدس‭ ‬بذريعة‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬والديمقراطية،‭ ‬حتى‭ ‬خرج‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ (‬نيس‭ ‬ستولتنبرج‭) ‬قائلاً‭: ‬‮«‬إن‭ ‬إحراق‭ ‬القرآن‭ ‬عملاً‭ ‬قانونياً،‭ ‬يتماهى‭ ‬مع‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‮»‬‭! ‬متجاهلاً‭ ‬وهو‭ ‬يمثل‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬مواثيق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬الحقوق‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬ديني‭ ‬أو‭ ‬عرقي‭! ‬ليعبّر‭ ‬تصريحه‭ ‬عن‭ ‬ازدراء‭ ‬غير‭ ‬مبرّر‭ ‬للدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬والتواطؤ‭ ‬المعبّر‭ ‬عن‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬والتمييز،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬‮«‬عنصرية‭ ‬غريبة‮»‬‭ ‬تجاه‭ ‬‮«‬دين‭ ‬ملياري‭ ‬مسلم‮»‬‭ ‬وسقوط‭ ‬مروّع‭ ‬لكل‭ ‬شعارات‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ (‬حرية‭ ‬منتقاة‭) ‬لما‭ ‬يريد‭ ‬الغرب‭ ‬فرضه‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬لا‭ ‬إنسانية‭ ‬ولا‭ ‬أخلاقية‭ ‬وفوضى‭ ‬مفاهيمية‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬القيام‭ ‬بحرق‭ ‬القرآن‭ (‬فعل‭ ‬متكرر‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭) ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬غربي‭ ‬وفي‭ ‬السويد‭ ‬نفسها‭! ‬فهل‭ ‬بلغ‭ ‬الانفصام‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬حدّ‭ ‬التستر‭ ‬على‭ ‬أفعال‭ ‬الكراهية‭ ‬والعداء‭ ‬والعنف‭ ‬والعنصرية‭ ‬تجاه‭ ‬المسلمين‭ ‬والدين‭ ‬بشعار‭ ‬الحريات؟‭! ‬عن‭ ‬أي‭ ‬حريّة‭ ‬يتحدث‭ ‬هؤلاء؟‭!‬

{‭ ‬والغريب‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬تمّ‭ ‬حرق‭ ‬‮«‬علم‭ ‬الشواذ‮»‬‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬صرّح‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬يعتبر‭ (‬جريمة‭ ‬كراهية‭ ‬كبرى‭ ‬ويجب‭ ‬إيقافها‭)! ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬لحرية‭ ‬التعبير‭! ‬رغم‭ ‬الفارق‭ ‬الفضائي‭ ‬بين‭ ‬حرق‭ ‬كتاب‭ ‬مقدس‭ ‬للمسلمين‭ ‬الذين‭ ‬يشكّلون‭ (‬رُبع‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭) ‬وبين‭ ‬علم‭ ‬يمثل‭ ‬الشواذ‭ ‬المنبوذين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬حرق‭ ‬القرآن‭ ‬فهو‭ ‬‮«‬حرية‭ ‬تعبير‭!‬‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬علم‭ ‬الشواذ‭ ‬بحرقه‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬سلوكياتهم‭ ‬الحيوانية‭ ‬الشائنة،‭ ‬فهو‭ ‬‮«‬جريمة‭ ‬كراهية‭ ‬كبرى‮»‬‭! ‬لهذا‭ ‬الحد‭ ‬وصل‭ ‬الانفصام‭ ‬الفكري‭ ‬والمفاهيمي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬لدى‭ ‬الغرب‭! ‬وإلى‭ ‬هذا‭ ‬الحدّ‭ ‬وصل‭ ‬التهريج‭ ‬والكوميديا‭ ‬السوداء‭!‬

{‭ ‬مع‭ ‬تكرار‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬الشائن‭ ‬والسماح‭ ‬بسلوكيات‭ ‬واستفزاز‭ ‬مشاعر‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬أقدس‭ ‬مقدساتهم‭ ‬وهو‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬‮«‬كلام‭ ‬الله‮»‬‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يكفي‭ ‬لا‭ ‬الغضب‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬اجتاح‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭! ‬ولا‭ ‬شجب‭ ‬وإدانات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والجامعة‭ ‬العربية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإسلامية‭! ‬ولا‭ ‬دعوة‭ ‬الأزهر‭ ‬بمقاطعة‭ ‬المنتجات‭ ‬السويدية‭! ‬ولا‭ ‬الخطابات‭ ‬الإنشائية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغني‭ ‬ولا‭ ‬تُسمن‭ ‬من‭ ‬جوع‭!‬

المطلوب‭ ‬هو‭ (‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬الموّحد‭) ‬باتخاذ‭ (‬إجراءات‭ ‬عملية‭) ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬تسمح‭ ‬بازدراء‭ ‬القرآن‭ ‬والإسلام‭ ‬وتحرّض‭ ‬على‭ ‬الكراهية‭ ‬والاقصاء‭ ‬والعنصرية،‭ ‬باستخدام‭ ‬زائف‭ ‬لشعارات‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭!‬

المطلوب‭ ‬‮«‬حلّ‭ ‬جذري‮»‬‭ ‬لمعالجة‭ ‬إشكالية‭ ‬الانفصام‭ ‬الفكري‭ ‬والمفاهيمي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬لدى‭ ‬الغرب،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بسحب‭ ‬السفراء‭ ‬وإبلاغهم،‭ (‬وإنما‭ ‬استخدام‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تملكه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬واستثمارية‭) ‬عند‭ ‬المساس‭ ‬بالثوابت‭ ‬والمعتقدات‭ ‬الدينية‭ ‬للمسلمين‭!‬

{‭ ‬المواقف‭ ‬الجادة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والمواقف‭ ‬الموحّدة،‭ ‬كفيلة‭ ‬بإيقاف‭ ‬هذا‭ ‬المدّ‭ ‬العنصري‭ ‬الغربي‭ ‬تجاه‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬والقرآن‭! ‬فالغرب‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬إلا‭ ‬لغة‭ ‬القوة،‭ ‬ولا‭ ‬يرتدع‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬يتم‭ ‬المساس‭ ‬بمصالحه‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭! ‬فإن‭ ‬تم‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬جاد‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬واحدة،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬‮«‬السويد‮»‬‭ ‬فسترتدع‭ ‬دول‭ ‬غربية‭ ‬أخرى‭! ‬بل‭ ‬ستغيّر‭ ‬قوانينها‭! ‬بل‭ ‬ستتراجع‭ ‬عن‭ ‬زيف‭ ‬شعاراتها‭ ‬حول‭ ‬‮«‬حرية‭ ‬التعبير‮»‬‭! ‬وتماماً‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يجرؤ‭ ‬أحد‭ ‬بنقد‭ ‬حتى‭ ‬سياساته،‭ ‬ويتم‭ ‬قمع‭ ‬أي‭ ‬نقد‭ ‬باسم‭ (‬معاداة‭ ‬السامية‭)! ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬تمثل‭ ‬شعوبها‭ ‬الغاضبة،‭ ‬وعليها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جديرة‭ ‬وذات‭ ‬مصداقية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التمثيل‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬دين‭ ‬شعوبها‭ ‬وقرآنهم‭ ‬المقدس‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا