عالم يتغير
فوزية رشيد
حرق القرآن حرية تعبير وحرق علم الشواذ جريمة كبرى!
{ بات واضحا اليوم وللعالم كله، أن الغرب ومع كل جرائمه الاستعمارية القديمة والجديدة في العالم، أنه يعيش حالة (انفصام فكري ومفاهيمي) حول مفهوم الحريات والحقوق والأخلاق وقس على ذلك! بما يجعل صورته الحضارية تزداد اهتراءً وعدم مصداقية كل يوم، وخاصة أن تلك المفاهيم والأفكار، هي التي يعتبرها الغرب رمزاً له! وأنها مقدمة للبشرية، إلى حدّ التدخل في شؤون الدول لفرضها! فإذا بها مفاهيم فارغة من (المحتوى الإنساني الجمعي) وأنها ليست للعالم كله، كما يدعي الغرب! وأنها تتسم بصفات (عنصرية) تجاه ثقافات الشعوب وتجاه الدين الإسلامي تحديداً، لينتقل الانفصام من مراحله الفكرية والمفاهيمية والسياسية تجاه (ملياري مسلم) إلى أبشع تجلياته التي تخلو من أي احترام للمسلمين ودينهم، رغم تزايد عددهم في الغرب بشكل ملحوظ!
{ حين أحرق «سلوان موميكا» نسخة من القرآن الكريم وأمام مسجد ستوكهولم الكبير أول يوم لعيد الأضحى، فإن ذلك التصرّف الحاقد تجاه المسلمين واستفزازهم في أقدس مقدساتهم، وفي يوم عيدهم بعد الحج الأكبر، (لم يكن مجرد تصرف فردي) لأن ذلك تم بعدما منحت «الشرطة السويدية» إذناً لتنظيم مظاهرة بينها حرق القرآن تزامناً مع بدء عيد الأضحى! مبررّة ذلك بأن (المخاطر الأمنية المرتبطة بإحراق القرآن، لا تبرّر بموجب القوانين الحالية رفض الطلب)! وقد كتب «موميكا» الذي فرّ من العراق إلى السويد للشرطة «أريد التعبير عن رأيي حيال القرآن»! فقالوا له «تفضل» وهم يعرفون ما ينوي فعله!
{ لم يكن كافياً التبرير الخاوي من السويد لسلوكيات معاداة الإسلام وكتابه المقدس بذريعة حرية التعبير والديمقراطية، حتى خرج الأمين العام لحلف «الناتو» (نيس ستولتنبرج) قائلاً: «إن إحراق القرآن عملاً قانونياً، يتماهى مع حرية التعبير»! متجاهلاً وهو يمثل أكثر الدول الغربية، مواثيق الأمم المتحدة التي تنص على احترام الحقوق الإنسانية في العالم كله من دون تمييز ديني أو عرقي! ليعبّر تصريحه عن ازدراء غير مبرّر للدين الإسلامي والتواطؤ المعبّر عن خطاب الكراهية والتمييز، الذي هو تعبير عن «عنصرية غريبة» تجاه «دين ملياري مسلم» وسقوط مروّع لكل شعارات الحرية التي هي (حرية منتقاة) لما يريد الغرب فرضه على العالم فقط من قيم لا إنسانية ولا أخلاقية وفوضى مفاهيمية! وخاصة أن القيام بحرق القرآن (فعل متكرر خلال العقدين الماضيين) وفي أكثر من بلد غربي وفي السويد نفسها! فهل بلغ الانفصام في الغرب حدّ التستر على أفعال الكراهية والعداء والعنف والعنصرية تجاه المسلمين والدين بشعار الحريات؟! عن أي حريّة يتحدث هؤلاء؟!
{ والغريب أنه حين تمّ حرق «علم الشواذ» في العراق صرّح بعض المسؤولين في أوروبا بأن ذلك يعتبر (جريمة كراهية كبرى ويجب إيقافها)! هنا لا مكان لحرية التعبير! رغم الفارق الفضائي بين حرق كتاب مقدس للمسلمين الذين يشكّلون (رُبع سكان العالم) وبين علم يمثل الشواذ المنبوذين في العالم كله! أن يتم حرق القرآن فهو «حرية تعبير!»، أما علم الشواذ بحرقه أو رفض سلوكياتهم الحيوانية الشائنة، فهو «جريمة كراهية كبرى»! لهذا الحد وصل الانفصام الفكري والمفاهيمي والأخلاقي لدى الغرب! وإلى هذا الحدّ وصل التهريج والكوميديا السوداء!
{ مع تكرار هذا الفعل الشائن والسماح بسلوكيات واستفزاز مشاعر المسلمين في أقدس مقدساتهم وهو القرآن الكريم «كلام الله» لم يعد يكفي لا الغضب الشعبي الذي اجتاح العالم الإسلامي! ولا شجب وإدانات الدول العربية والإسلامية والجامعة العربية والمنظمات الإسلامية! ولا دعوة الأزهر بمقاطعة المنتجات السويدية! ولا الخطابات الإنشائية التي لا تغني ولا تُسمن من جوع!
المطلوب هو (الموقف العربي الإسلامي الموّحد) باتخاذ (إجراءات عملية) ضد أي دولة تسمح بازدراء القرآن والإسلام وتحرّض على الكراهية والاقصاء والعنصرية، باستخدام زائف لشعارات الحرية والديمقراطية!
المطلوب «حلّ جذري» لمعالجة إشكالية الانفصام الفكري والمفاهيمي والأخلاقي لدى الغرب، ليس فقط بسحب السفراء وإبلاغهم، (وإنما استخدام كل ما تملكه الدول العربية والإسلامية من قوة اقتصادية وتجارية واستثمارية) عند المساس بالثوابت والمعتقدات الدينية للمسلمين!
{ المواقف الجادة من الدول العربية والإسلامية والمواقف الموحّدة، كفيلة بإيقاف هذا المدّ العنصري الغربي تجاه الإسلام والمسلمين والقرآن! فالغرب لا يعرف إلا لغة القوة، ولا يرتدع إلا حين يتم المساس بمصالحه الاقتصادية والتجارية! فإن تم اتخاذ موقف جاد من دولة واحدة، وهي اليوم «السويد» فسترتدع دول غربية أخرى! بل ستغيّر قوانينها! بل ستتراجع عن زيف شعاراتها حول «حرية التعبير»! وتماماً كما فعلت مع الكيان الصهيوني، الذي لا يجرؤ أحد بنقد حتى سياساته، ويتم قمع أي نقد باسم (معاداة السامية)! الدول العربية والإسلامية تمثل شعوبها الغاضبة، وعليها أن تكون جديرة وذات مصداقية في ذلك التمثيل بما يخص دين شعوبها وقرآنهم المقدس!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك