عالم يتغير
فوزية رشيد
مستقبل التعليم من الرقمي إلى الكتاب والقلم! السويد نموذجًا!
{ حين أعلنت وزيرة التعليم السويدية (لوتا إيدهولم) ووزيرة الثقافة (باريسا ليليستداند) خطة للعودة إلى استعمال الورق والكتب الورقية والقلم، بدلاً من الشاشات الرقمية! فإن ذلك يبدو (مراجعة لمفهوم التطوّر والتقدّم) من أكثر الدول الغربية تطورًا! حين يكون هذا التطور على حساب الإنسان ومهاراته الطبيعية! ولهذا أكدت كل منى الوزيرتين (التعليم والثقافة) على مراجعة القرارات بسبب ما أظهرته الأرقام الأخيرة من (ضعف مهارات القراءة والكتابة للطلاب في السويد) وما يشكله ذلك من «مخاطر» على مستقبل الطلاب أنفسهم وعلى مستقبل السويد! وحين الاعتماد على أجهزة اللاب توب والأجهزة اللوحية كـ (أداة تعليمية أساسية) هو السبب، بدلاً من الاعتماد على الكتب الورقية والدفاتر الورقية والقلم! لذلك جاء القرار (سوف نعود إلى الكتب والورق بدلاً من الشاشات الرقمية لمواجهة ضعف القراءة والكتابة)! وكشفت وزيرة التعليم عن تخصيص الحكومة السويدية (685 مليون كرون) في ميزانيتها لتأمين كتب تعليمية للطلاب و(وضع حدّ لسياسة التحوّل الرقمي) في مدارس السويد! واعتبرت أن (الوسيلة الأفضل للتعليم هي عبر استخدام الكتب والورق والطرق التقليدية)!
{ يبدو أن مستقبل التعليم في الغرب «المتطور» يتجه بشكل متزايد للعودة إلى القلم والدفتر والكتاب، حيث بدأ هذا التوجه في أستراليا واليوم في السويد! بل هناك إشارة إلى رغبة فرنسا بالدخول في ذات التوجّه، حيث هناك خبر عن مشاركة (5000 شخص من عمر 10 إلى 90 عاما) في مسابقة للإملاء بالقلم باللغة الفرنسية في شارع الشانزليزيه في باريس، لاستعادة مهارات القراءة والكتابة بعيدًا عن الشاشات الرقمية!
ويبدو أن هذا التوجّه الغربي هو بمنظور مستقبلي «بعد أن اتضحت السلبيات بعد التطبيق الفعلي للتعليم الرقمي! وحيث الاعتماد على التقنيات ألغى مهارات إنسانية عديدة، وأصبح الجيل الراهن معتمدًا عليها إلى درجة (الكسل الذهبي) خاصة وأن الإنسان مع تسارع التطورات، هو بالأساس فقد الكثير من «قدراته العقلية»، ومهاراته وطاقاته اللا واعية التي كان يتمتع بها مثلاً الإنسان في البداية! ومع هذا الاكتشاف تتراجع اليوم السويد وأستراليا وبعض الدول الغربية عن مفاهيمها حول التطورّ، لتقرر العودة والمحافظة على الكتاب في المدرسة، واعتماد الطرق التقليدية دون أن تعتبر ذلك عودة عن التطور! لأن الإنسان ومهاراته وقدراته الطبيعية هو أهم ركن في أي تطور مها كان!
{ العديد من الدراسات الغربية تشير إلى تأثير التعليم الرقمي على الذاكرة العضلية لليد (Muscle Memory) وحيث الأصابع تضمحل مع عدم استخدام القلم في الكتابة اليومية! إلى جانب فقدان حاسة اللمس، أي لمس الورق والقلم (TACTILE SENSATION)، وحيث الكتابة اليدوية ترتبط بتحفيز الذاكرة العضلية ارتباطًا بالذاكرة وخلايا المخ! وحيث اللاب توب والأجهزة اللوحية تسببت لذلك بضعف القراءة ولكن بضعف الكتابة بنسبة كبيرة وخطيرة، فبعض خريجي الثانوية لا يعرفون اليوم كتابة أسمائهم بالخط اليدوي!
{ جيل ما قبل القفزة التطورية في التكنولوجيا الرقمية، جيل تعلم وقرأ من الكتب! أن تلمس الكتاب وتتحسس الأوراق وأنت تكتب وتراجع المعلومة، هي أساليب تقليدية لكنها تعمل على تنشيط الذاكرة والحواس لدى الإنسان!
فيا ترى والأمر الذي بسببه اتخذت السويد وبعض الدول الغربية قرار العودة إلى الكتاب، بما ينطبق على كل طلبة العالم بذات الأسباب، لو تمّ إجراء بياني لمعرفة التأثيرات! ألا يستحق ذلك من (خبراء التربية والتعليم العرب) البدء من حيث انتهى الغرب المتطور، حول تأثير الألواح الرقمية بدلا من الكتب الورقية على التعلم والقراءة والكتابة، وتأثيرها في المهارات الطبيعية لدى الطلبة وهم عنصر المستقبل في كل البلاد؟
خاصة إن بعض الدول العربية اليوم تربط تطورها المستقبلي بالتعليم الرقمي، وتتجاوز في التخطيط لذلك أكثر الدول تطوّرا في اعتماد التكنولوجيا والتعليم الرقمي!
{ يبدو أن العودة إلى الكتاب والكتابة بالقلم هو أمر ضروري للحفاظ على المهارات والقدرات الإنسانية الضائعة في فضاء التحوّل الرقمي! خاصة أن أزمة «كورونا» صنعت الدخول في هذا الفضاء التكنولوجي والأدوات الرقمية بشكل كبير، إلى حدّ الاعتماد الكليّ عليها في المدارس والجامعات! لتشكل تأثيرها الكبير في تراجع مهارات القراءة والكتابة والحضور الشخصي في المدارس.
{ حين يمنع «بيل جيتس» مثلاً أولاده الثلاثة من امتلاك أجهزة موبايل حتى سنّ الرابعة عشر، وهو الأب الروحي للتحولات الرقمية، فذلك لأنه يريد الحفاظ على أبنائه من التأثيرات السلبية التي يعرفها أكثر من غيره!
القصة هنا ليس اتخاذ موقف مضاد من «الفضاء الرقمي» ولكن التفكير في تأثيراته بحيث تكون المراحل الدراسية الأولى عبر الطرق التقليدية، ثم إدخال «الأجهزة اللوحية» بشكل مدروس في المراحل المتوسطة والعليا، لتأكيد أهمية وقيمة مهارات القراءة والكتابة بالعودة إلى الورق والقلم، وحيث الاعتماد على الطباعة في الشاشات الرقمية أثبتت نتائجها العكسية على التعلم وعلى القدرات!
{ لتكن العلوم النظرية كاللغة والدين والتاريخ وغيرها عبر الطرق التقليدية، أما (العلوم التطبيقية) بالإمكان أن يتم دمج تعليمها بالتقنيات والأساليب الحديثة! فالكتابة والخط مرتبطان بتحفيز الذاكرة والعقل بشكل كبير في الأساس!
والسؤال: هل مستقبل التعليم من الرقمي إلى التقليدي بات أمرًا ملحًا اليوم؟! هذا ما يقوله البعض في الغرب!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك