عالم يتغير
فوزية رشيد
يهددون البشرية وكأن العالم ملكهم!
{ «هنري كيسنجر» وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الذي احتفل قبل أيام بعيد ميلاده الـ100، وهو من أسرة يهودية في ألمانيا، هاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1938، وكان عمره 15 عاماً، صار بعدها من أهم الدبلوماسيين في الولايات المتحدة، حيث اشتهر عالمياً بأنه (مهندس السياسة الخارجية الأمريكية) حول العالم، وهو الذي عاصر عقوداً من الحروب والمتغيرات، وكانت بصمته واضحة في كثير من أزمات العالم، وإرثاً كبيراً في الدبلوماسية الأمريكية، التي لا تزال كلماته تجد الآذان الصاغية لدى كبار المسؤولين في أمريكا! فيما الناشطة والمحامية الأمريكية «إيرينا تسوكرمان» في حديث لها مع قناة «الحرة» رأت أن (سياسات كيسنجر كانت مدمرة وتسببت في أزمات على المدى البعيد)! وواجه انتقادات قوية من «اليسار التقدمي» في الولايات المتحدة، وعلى رأسه «بيرني ساندرز» الذي قال عن كيسنجر إنه (من بين أكثر وزراء الخارجية تدميراً في التاريخ الحديث في أمريكا)!
{ «كيسنجر» يعتبره كثيرون «عرّاب» الدولة العميقة في أمريكا، ومؤسس مدرسة «الواقعية المتطرفة» التي لا تهتم بالمثاليات في السياسة الخارجية، وإنما بتحقيق أهداف الدولة العميقة الماسونية، حتى لو أدت إلى حروب إبادة كما في كمبوديا، وحرب فيتنام التي خرجت منها أمريكا مهزومة بعد كل جرائمها، إلى جانب تأجيج الصراعات والأزمات وصناعتها في كل العالم لضمان السطوة والهيمنة الأمريكية، التي يديرها («المعسكر الصناعي العسكري») ويجني ثمار تلك الهيمنة الأمريكية!
{ في عيد ميلاده الـ100، يرى ثعلب الدبلوماسية الأمريكية معيار الصراع بين الولايات المتحدة والصين، بأنه (صراع بين وجهتي نظر مختلفتين للعالم، لكل منهما ثقافات مختلفة تتنافس مع بعضها)! ولكن لم يوضح ما سببته ثقافة وعقلية الهيمنة الأمريكية من أضرار وأزمات في العالم ككل! وما هو سبب الصراع الأمريكي، والعم سام يعتبر الصين عدواً، لأنها تنافس أمريكا اقتصاديا! وكأن الهيمنة هو حكر لأمريكا، ما إن ينافسها أحد حتى اقتصادياً، فيتحول إلى عدو! يستدعي تفجير صراع يمكن أن (يهدد الحضارة) الراهنة، بحسب توصيف «كيسنجر» نفسه!، والمقصود هو أنه يهدد البشرية ككل رغم اعترافه وهو يتحدث عن آسيا بأن (الصين تسعى للأمن وليس للهيمنة العالمية، مع أنها تسعى لتكون القوة العظمى في المنطقة)، بحسب رأيه! وإذا كانت النتيجة هي تدمير العالم، إذاً لماذا تؤجج أمريكا الصراع في بحر الصين، ليؤدي إلى اندلاع صراع عسكري بينها وبين الصين، بما يملكه كل طرف من أسلحة خطيرة وأسلحة الدمار الشامل؟! بل إن أمريكا تدعم «اليابان» في تطوير أسلحة الدمار الشامل خلال السنوات القادمة (ما بين 3 و5 سنوات)، وهي الحليف لأمريكا؟!
{ من أسهم أصلاً في بناء السياسات الأمريكية الخارجية القائمة على فلسفة (أنا وحدي ولا أحد بعدي)! أليس «كيسنجر» نفسه؟! فلماذا وبعد بلوغه المائة عام، يتحدث عن العالم وكأنه لا يزال (ملكية أمريكية) يحقّ لها التصرف فيه كما تشاء! وتأجيج الصراعات الدولية الخطيرة، حتى لو أدى ذلك إلى «تدمير الحضارة الراهنة» أو بالأحرى تدمير العالم والوجود البشري؟!
{ مائة عام عاشها إنسان، جديرة بأن تجعله ينطق بالحقيقة قبل مغادرته هذا العالم، ويعترف بأخطائه «الرؤيوية».. التي أدت إلى إبادات وأشعلت حروباً، وأسست لنزاعات وصراعات، حتى تضمن الشركات الأمريكية الكبرى «العسكرية والصناعية» هيمنتها على العالم؟!
ونتساءل: لمن أفنى الثعلب الأمريكي عمره؟! هل لمصلحة أمريكا كما يقول أم لمصلحة «الدولة العميقة»، بكل ما أثمرته من سياسات خاطئة في العالم؟! الذي يبدو أن «كيسنجر» لا يرى هذا العالم إلا مجرد (ملعب كبير) لمن يدير وينفذ السياسات لمصلحته وليس حتى لمصلحة أمريكا أو شعبها! ألم يتخلص «كيسنجر» بعد كل هذا العمر من «منظور عنصري» تجاه البشرية والدول؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك