عالم يتغير
فوزية رشيد
زيلينسكي لم يقل الحقيقة في قمة «جدة»!
في الواقع ورغم المفاجأة لكثيرين بحضور الرئيس الأوكراني القمة العربية في «جدة» مؤخرا، إلا أن التوصيفات في خطابه وإقحام مسلمي القرم فيه لاستثارة العواطف العربية، لم يكن بإمكانها أن تنطلي سواء على القادة العرب أو على الشعوب العربية! لسبب بسيط هو أن أوكرانيا.. هي من جلبت المأساة لنفسها ولشعبها، حين جعلت من نفسها دمية في يد أمريكا والغرب، منذ الانقلاب على السلطة الشرعية المنتخبة في أوكرانيا 2014!، ثم عدم الالتزام بما جاء في اتفاق مينسك.. 2014 و2015! والانسياق وراء العداء لروسيا والشعب الروسي، من خلال الرضوخ للإملاءات الأمريكية والغربية، في عدم وضع الهواجس الأمنية الروسية.. في خانة الجدية!، انتقالاً إلى ما هو أكثر إقلاقا لروسيا من خلال إمداد الغرب لأوكرانيا بكل الأسلحة متوسطة المدى وبعيدة المدى! وصولاً إلى الحديث الدائر اليوم عن تزويد الغرب لها بالأسلحة النووية! وهذا يعني انتقال الحرب من مجرد كونها عملية عسكرية كما بدأت إلى حرب شاملة! يتورط فيها حلف الناتو مباشرة مع روسيا، التي أكد مسؤوليها مراراً، أنه إذا تأكد حصول أوكرانيا على الأسلحة ذات مفعول الدمار الشامل، فإنها لن تقف متفرجة، بل ستقوم بخطوة استباقية..، إذا شعرت بأن هناك تهديدا وجوديا لها!
إذًا زيلينسكي، وهو يلف العالم ويصل إلى إلقاء خطابه في القمة العربية، لم يقل الحقيقة حول كيف بدأت الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، وهي الحقيقة التي يعرفها العالم حتى وإن لم يقلها! ولم يتحدث عن أن قراراته كسلطة مرهونة بالخطط الغربية، التي بدورها تنصَّلت من اتفاقيتي «مينسك»! ولم يقل إن استفزازاته منذ البداية كانت لجر روسيا إلى الحرب من خلال استهداف السكان الروس في الدونباس! ولم يقل إنه يخوض حرباً بالوكالة لاستنزاف روسيا، وإلحاق الغرب الهزيمة بها! ولم يقل إن وساطات الوصول إلى اتفاق سلمي، يبدأ بوقف إطلاق النار، والعودة إلى اتفاقيات «مينسك» والقبول بالحلول التي تضع الجانب الروسي في صورة الرضا عما نتج من هذه الحرب الاستنزافية له! والأضرار الاقتصادية التي تسببت بها العقوبات الغربية غير المسبوقة، ومواجهة روسيا لها وإفشالها قدر الإمكان! كل ذلك إلى جانب تزايد أعداد القتلى وخسائر المواجهات التي أصابت الطرفين، إرضاء لأمريكا والغرب المتضرر بدوره مع قبول أوكرانيا بالقيام بدور الوكيل الأمريكي - الغربي في هذه الحرب!
هذه الحرب إن تحولت إلى حرب شاملة، فإن المتضرر ليست أوكرانيا وروسيا والغرب وحدهم، وإنما العالم كله! والاقتصاد العالمي الذي تضرر بشدة من دون الوصول إلى الحرب الشاملة سيصاب في مقتل!، بل والبشرية كلها ستكون قيد الإبادة إن تحولت إلى حرب نووية، يبدو أن الطرف الأمريكي يتعامل باستخفاف مع ما ستجنيه على العالم كله! ولذلك فإن دول العالم مسؤولة اليوم أمام نفسها وشعوبها ببذل الجهود الحقيقية لعدم التصعيد الغربي في هذه الحرب، بعد أن كان هو السبب في صناعة الأزمة منذ الانقلاب في أوكرانيا 2014! وخاصة أن روسيا الاتحادية التي صرحت أكثر من مرة بقبولها بالحل السلمي الذي لا يضعها في موقع الخاسر، وذلك ما لن تقبله، تقول إنها تستعد لكل الاحتمالات ولحرب تمتد سنوات طويلة، بل لمواجهة نووية إن تمادى الغرب في تهديدها، بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الخطيرة التي يُراد لها استهداف الأراضي الروسية.
وكما يبدو أن العالم كله يمر بمفترق طريق خطر، بل الأكثر خطورة مع استمرار الاستفزازات الأمريكية الغربية لروسيا، وإلحاق الهزيمة بها وإخراجها من المعادلة الدولية كما تتوهم الولايات المتحدة! أما خطابات «زيلينسكي» الاستعطافية فعليه أن يدرك أولا أنه وحده وقادته من جر على أوكرانيا كل الخسائر في الأرواح والأرض.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك