العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

القيم والمبادئ والهويةّ!

{‭ ‬كان‭ ‬مهما‭ ‬تصريح‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حول‭ (‬الالتزام‭ ‬بنهج‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬ديننا‭ ‬الإسلامي‭ ‬وعقيدته‭ ‬السمحة‭) ‬وإصداره‭ ‬الأمر‭ ‬لوزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بالوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لأي‭ ‬تغييرات‭ ‬طالت‭ ‬المناهج‭ ‬التعليمية‭ ‬غير‭ ‬المتوافقة‭ ‬مع‭ ‬قيمنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الدين‭ ‬وعدم‭ ‬المساس‭ ‬بثوابته،‭ ‬والتمسك‭ ‬بالإسلام‭ ‬عقيدة‭ ‬وشريعة‭ ‬ومنهاجا،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬والدستور،‭ ‬مقدراً‭ ‬سموه‭ ‬حق‭ ‬التقدير‭ ‬ما‭ ‬عبّر‭ ‬عنه‭ ‬أصحاب‭ ‬الفضيلة‭ ‬علماء‭ ‬الدين‭ ‬وأصحاب‭ ‬السعادة‭ ‬أعضاء‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬من‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬التمسك‭ ‬بالثوابت‭ ‬الوطنية‭ ‬الراسخة،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬مشترك،‭ ‬بعدما‭ ‬زاد‭ ‬اللغط‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬البحريني،‭ ‬حول‭ ‬تغييرات‭ ‬في‭ ‬المنهج‭ ‬الدراسي‭ ‬التعليمي،‭ ‬ليأتي‭ ‬أمر‭ ‬سموه‭ ‬مبددا‭ ‬القلق‭ ‬الشعبي‭ ‬والمجتمعي‭ ‬الكبير‭.‬

{‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تم‭ ‬تأكيد‭ ‬سموه‭ ‬مجددا‭ ‬التمسك‭ ‬بالقيم‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمبادئ‭ ‬الوطنية‭ ‬لدى‭ ‬لقائه‭ ‬رئيسي‭ ‬مجلسي‭ ‬النواب‭ ‬والشورى،‭ ‬وتأكيد‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭.‬

{‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬كتبنا‭ ‬مقالا‭ ‬حول‭ (‬تغيير‭ ‬الهوية‭ ‬المصاب‭ ‬الأخطر‭)‬،‭ ‬وحيث‭ ‬الهوية‭ ‬تشمل‭ (‬الدين‭ ‬واللغة‭ ‬والثقافة‭ ‬والامتداد‭ ‬التاريخي‭ ‬والحضاري‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القيم‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬الحميدة‭) ‬وأي‭ ‬ضياع‭ ‬لجزء‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الهوية‭ ‬يحدث‭ ‬خللا‭ ‬خطيرا‭ ‬في‭ ‬التكوين‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬الهوية‭ ‬بمفرداتها‭ ‬المتنوعة‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬تميز‭ ‬أي‭ ‬أمة‭ ‬عن‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الأمم‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬تأكيدها‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬وتربية‭ ‬الأجيال‭ ‬الناشئة‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬خصوصيات‭ ‬تلك‭ ‬الهوية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنويع‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬المنهج‭ ‬الدراسي‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تقريب‭ ‬هذه‭ ‬الأجيال‭ ‬من‭ ‬لغتها‭ ‬العربية،‭ ‬وإيضاح‭ ‬مكانة‭ ‬وقيمة‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬بين‭ ‬لغات‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاهتمام‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬بتدريس‭ ‬القيم‭ ‬الإسلامية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬القيم‭ ‬الأصلح‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لأبناء‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬وإنما‭ ‬لكل‭ ‬البشرية،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالفوضى‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والقيمية‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى‭ ‬ويتم‭ ‬تصديرها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬ولمجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭!‬

{‭ ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬التأكيد‭ ‬الرسمي‭ ‬للثوابت‭ ‬الوطنية‭ ‬ومبادئها‭ ‬المكتوبة‭ ‬في‭ ‬الدستور‭ ‬والميثاق‭ ‬الوطني،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬عناوين‭ ‬التعليم‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬العناية‭ ‬بها‭ ‬هو‭ ‬تقريب‭ ‬الأجيال‭ ‬الناشئة‭ ‬من‭ ‬امتدادهم‭ ‬التاريخي‭ ‬والحضاري‭ ‬أيضا‭ ‬بين‭ ‬الأمم،‭ ‬والتوعية‭ ‬بأهمية‭ ‬هذا‭ ‬الامتداد‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬الحضاري‭ ‬الإنساني‭ ‬للعالم‭ ‬كله‭ ‬باعتبار‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬مهد‭ ‬الحضارات‭ ‬والأديان‭ ‬والفكر‭ ‬والعلوم‭ ‬والقيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬والقوانين،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬بآلاف‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬اكتنزت‭ ‬المعرفة‭ ‬الإنسانية‭ ‬عبر‭ ‬مسارها‭ ‬التطوري‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬المختلفة‭ ‬بكل‭ ‬ذلك‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬تاريخه‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬نفسه‭! ‬ومن‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التعويل‭ ‬عليه‭ ‬لبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬مميَّز‭ ‬ينشده‭ ‬وتنشده‭ ‬كل‭ ‬الأمم‭! ‬ولذلك‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأسرة،‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الربط‭ ‬العميق‭ ‬بين‭ ‬خصائص‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬ففيهما‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الإنسان‭ ‬قوياً،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬موجات‭ ‬التغيير‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬يُراد‭ ‬إحداثها‭ ‬في‭ ‬العقل‭ ‬الإنساني‭ ‬والعقل‭ ‬العربي‭ ‬وإبعاده‭ ‬عن‭ ‬أسس‭ ‬ومقومات‭ ‬الفطرة‭ ‬السليمة‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬النبيلة‭! ‬فإن‭ ‬انفرطت‭ ‬تلك‭ ‬المقدمات‭ ‬انفرط‭ ‬معها‭ ‬الخيط‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الوطنية،‭ ‬فخيوط‭ ‬الهوية‭ ‬متشابكة‭ ‬أيضا‭ ‬بين‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬والمستقبل،‭ ‬وحيث‭ ‬لا‭ ‬فاصل‭ ‬بين‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬والأخرى‭ ‬الدينية،‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬أسس‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬وقيمة‭ ‬اللغة،‭ ‬وأهمية‭ ‬إبراز‭ ‬العقول‭ ‬الفكرية‭ ‬والعلمية‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬والعصور‭! ‬تلك‭ ‬العقول‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يتم‭ ‬تدريسها‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الغربية،‭ ‬فيما‭ ‬هي‭ ‬مهمشة‭ ‬في‭ ‬مناهج‭ ‬الدراسة‭ ‬العربية‭!‬

{‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬قيمنا‭ ‬ومبادئنا‭ ‬وهويتنا‭ ‬الجامعة،‭ ‬تبني‭ ‬أجيالنا‭ ‬ومنها‭ ‬الجيل‭ ‬البحريني،‭ ‬مسار‭ ‬مستقبلها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تنحرف‭ ‬في‭ ‬اتجاهات‭ ‬وتوجهات،‭ ‬يراد‭ ‬بها‭ ‬إفراغ‭ ‬العقل‭ ‬العربي‭ ‬المسلم‭ ‬من‭ ‬ثروته‭ ‬المعنوية‭ ‬الحقيقية‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬خصائص‭ ‬تلك‭ ‬الهوية‭ ‬التي‭ ‬أشرنا‭ ‬إليها‭! ‬وحيث‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الإفراغ‭ ‬هو‭ ‬ملء‭ ‬هذا‭ ‬العقل‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يمسخ‭ ‬وعيه‭ ‬ومعرفته‭ ‬بنفسه‭ ‬وبوجوده‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬وخصوصيته‭ ‬اللغوية‭ ‬والتاريخية‭ ‬والدينية‭ ‬والمعرفية‭!‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬أقترح‭ ‬على‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التمسك‭ ‬بالهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬يدخل‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬فالتاريخ‭ ‬العربي‭ ‬الحضاري‭ ‬والدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬مليء‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬محل‭ ‬الاعتزاز،‭ ‬وبما‭ ‬يتم‭ ‬البناء‭ ‬عليه‭ ‬لحفظ‭ ‬أجيالنا‭ ‬ومستقبلنا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا