عالم يتغير
فوزية رشيد
القيم والمبادئ والهويةّ!
{ كان مهما تصريح سمو ولي العهد رئيس الوزراء حول (الالتزام بنهج جلالة الملك في حماية ديننا الإسلامي وعقيدته السمحة) وإصداره الأمر لوزير التربية والتعليم بالوقف الفوري لأي تغييرات طالت المناهج التعليمية غير المتوافقة مع قيمنا الوطنية، المتمثلة في حماية الدين وعدم المساس بثوابته، والتمسك بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهاجا، وفق ما ورد في ميثاق العمل الوطني والدستور، مقدراً سموه حق التقدير ما عبّر عنه أصحاب الفضيلة علماء الدين وأصحاب السعادة أعضاء السلطة التشريعية من حرص على التمسك بالثوابت الوطنية الراسخة، التي تم التعبير عنها في بيان مشترك، بعدما زاد اللغط في الشارع البحريني، حول تغييرات في المنهج الدراسي التعليمي، ليأتي أمر سموه مبددا القلق الشعبي والمجتمعي الكبير.
{ في الوقت ذاته تم تأكيد سموه مجددا التمسك بالقيم الإسلامية والمبادئ الوطنية لدى لقائه رئيسي مجلسي النواب والشورى، وتأكيد التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتعزيز مكانة البحرين بين الأمم.
{ في مقال سابق كتبنا مقالا حول (تغيير الهوية المصاب الأخطر)، وحيث الهوية تشمل (الدين واللغة والثقافة والامتداد التاريخي والحضاري إلى جانب القيم والعادات والتقاليد الحميدة) وأي ضياع لجزء من تلك الهوية يحدث خللا خطيرا في التكوين الثقافي والفكري في المجتمع، لأن تلك الهوية بمفرداتها المتنوعة هي أساس تميز أي أمة عن غيرها من الأمم! ولذلك فإن المطلوب هو تأكيدها وخاصة في التعليم، وتربية الأجيال الناشئة على احترام خصوصيات تلك الهوية من خلال تنويع البرامج في المنهج الدراسي على أساس تقريب هذه الأجيال من لغتها العربية، وإيضاح مكانة وقيمة هذه اللغة بين لغات العالم الأخرى! إلى جانب الاهتمام في التعليم بتدريس القيم الإسلامية، باعتبارها القيم الأصلح ليس فقط لأبناء هذا البلد، وإنما لكل البشرية، مقارنة بالفوضى الأخلاقية والقيمية التي تسود مجتمعات أخرى ويتم تصديرها إلى كل العالم ولمجتمعاتنا العربية والإسلامية!
{ وفي سياق التأكيد الرسمي للثوابت الوطنية ومبادئها المكتوبة في الدستور والميثاق الوطني، فإن من أهم عناوين التعليم التي يجب العناية بها هو تقريب الأجيال الناشئة من امتدادهم التاريخي والحضاري أيضا بين الأمم، والتوعية بأهمية هذا الامتداد في التأثير في المسار الحضاري الإنساني للعالم كله باعتبار المنطقة العربية مهد الحضارات والأديان والفكر والعلوم والقيم والأخلاق والقوانين، ومنها ما قبل الميلاد بآلاف السنوات التي اكتنزت المعرفة الإنسانية عبر مسارها التطوري في العصور المختلفة بكل ذلك!
{ من لم يعرف تاريخه لم يعرف نفسه! ومن لم يعرف نفسه لا يمكن التعويل عليه لبناء مستقبل مميَّز ينشده وتنشده كل الأمم! ولذلك جزء من التربية والتعليم سواء في المدارس أو في الجامعات أو في الأسرة، هو هذا الربط العميق بين خصائص الهوية العربية والإسلامية، ففيهما ما يجعل الإنسان قوياً، في مواجهة موجات التغيير السلبية التي يُراد إحداثها في العقل الإنساني والعقل العربي وإبعاده عن أسس ومقومات الفطرة السليمة والقيم الإنسانية النبيلة! فإن انفرطت تلك المقدمات انفرط معها الخيط الرابط بين القيم والمبادئ الوطنية، فخيوط الهوية متشابكة أيضا بين الماضي والحاضر والمستقبل، وحيث لا فاصل بين الهوية الوطنية والأخرى الدينية، التي تحمل في داخلها أسس القيم الإنسانية وقيمة اللغة، وأهمية إبراز العقول الفكرية والعلمية العربية والإسلامية عبر التاريخ والعصور! تلك العقول التي تم ولا يزال يتم تدريسها في الجامعات الغربية، فيما هي مهمشة في مناهج الدراسة العربية!
{ وما بين قيمنا ومبادئنا وهويتنا الجامعة، تبني أجيالنا ومنها الجيل البحريني، مسار مستقبلها من دون أن تنحرف في اتجاهات وتوجهات، يراد بها إفراغ العقل العربي المسلم من ثروته المعنوية الحقيقية الكامنة في خصائص تلك الهوية التي أشرنا إليها! وحيث ما بعد الإفراغ هو ملء هذا العقل بكل ما يمسخ وعيه ومعرفته بنفسه وبوجوده بين الأمم وخصوصيته اللغوية والتاريخية والدينية والمعرفية!
ومن هذا المنبر أقترح على وزير التربية والتعليم أن يكون التغيير في صالح المزيد من التمسك بالهوية الوطنية التي يدخل فيها كل ما سبق، فالتاريخ العربي الحضاري والدين الإسلامي كل منهما مليء بما هو محل الاعتزاز، وبما يتم البناء عليه لحفظ أجيالنا ومستقبلنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك