عالم يتغير
فوزية رشيد
تحديات تواجه السلطة الرابعة!
{ 3 مايو مرّت مناسبة «اليوم العالمي لحرية الصحافة» و7 مايو هو «يوم الصحافة البحرينية» مناسبتان متزامنتان تقريبا، تعبّران عن أهمية السلطة الرابعة ومنتسبيها في العالم ككل، وسط تحديات جديدة تعاني منها «الصحافة الورقية»، إلا إذا وسَّعنا مدارك التعريف، بأن سلطة الرأي الحر لم تعد مقيّدة اليوم، بالصحافة الورقية، وإنما اتسع مجالها الإعلامي مع الثورة التكنولوجية والفضاءات الإعلامية الواسعة، التي بات من الصعب تقييدها كما كان قبل عقود قليلة مضت!
{ الصحافة والإعلام بشكليهما (التقليدي والجديد) لم تعد متطلباتهما كما السابق، وبذات العناوين حول الحرية والرأي والتعبير، وضمان صوت تلك الحرية فقط، لأن «الفضاء الإلكتروني المفتوح»، قد يتيح من الحريات مساحة أكبر بكثير مما تتيحه قواعد اللعبة الصحفية في إطارها القديم، حتى تحوّل هذا الفضاء بحرياته المتاحة إلى ساحة واسعة، أقرب إلى السوق التي تجتمع فيها دكاكين الرأي من غث وسمين! ولكنها بدورها الحريات التي يتمّ تقييدها بأطر أخرى مختلفة، من خلال القائمين والممولين للمنصات والمواقع الإلكترونية، حيث أصبح القمع للرأي العالمي ولا نقول المناطقي أو المحلّي، يتم تفعيله بمن يمتلك تلك المنصات والمواقع الإلكترونية، فيتم حذف ما لا يتماشى مثلا مع سياسات «الحكومة الخفيّة» وأقرب مثال لذلك حذف كثير مما يتعلق بالقضية الفلسطينية والكيان الصهيوني، ومواضيع أخرى تكشف سياسات قوى كبرى، وكلنا نتذكر حين تم إيقاف حساب الرئيس الأمريكي «ترامب» على منصبة التويتر لحسابات سياسية لا صلة لها بحرية الرأي والتعبير! وتلك كانت مفارقة كاشفة لحقيقة الادعاء الغربي، باحترام حرية الرأي!
{ من المؤكد أن كل صحفي أو إعلامي مع تداخل متطلبات المهنة في أداء الدور التوعوي والتنويري في المجتمع الصغير، والمجتمع العالمي، مرّ ويمرّ بكثير من العراقيل والتهديدات، خاصة مع تزايد عدد الصحفيين وأصحاب الرأي الذين يتم اغتيالهم في الحروب أو في ظروف غامضة، أو يتم تهميشهم أو إعاقة دورهم في إيصال الرأي المستقل! رغم أن الصحافة والإعلام في إطارهما التقليدي لا يزالان هما المنصّة الأكثر مصداقية لإيصال الأخبار الصحيحة المعتمدة، والرأي الملتزم بالمهنية الصحفية والإعلامية، على خلفية الإعلام والصحافة الإلكترونية المجهولة مصادرها أحياناً أو في كثير من الأحيان، والتابعة لسياسات دول بعينها أحياناً أخرى، ما يجعل تناقل الأخبار والأحداث والآراء متناقضة وتعتمد الإثارة وربما بثّ الفتن! معتمدة على جعل الرأي مصدراً لكل ذلك، بدلا من أن يكون مصدراً لنشر المعلومات الصحيحة، وبشكل نزيه ومستقل! وهذا يدّل على أن الحريات وحرية الرأي هي محط تلاعب كبير أيضاً!
{ كل المجتمعات في العالم، لديها خطوط حمراء تتعلق بأمنها القومي!، ولكن ما بين الخطوط الحمر والأخرى البيضاء أو الخضراء، يتم الخلط بحيث يتم في كثير من الأحيان قمع آراء توعوية في صالح المجتمع، ولكنها ليست في صالح بعض «المتنفذين» ! يحدث ذلك في الدول الكبرى والدول الصغيرة، وفي الدول التي تضع نفسها على خارطة الحريات والديمقراطية والحقوق باعتبارها معقلاً لها، كما يحدث في الدول الأقل ديمقراطية والأقل مراعاة للحقوق والحريات سواء بسواء! فدول مثل أمريكا ودول أوروبية، يعاني أيضاً أصحاب الرأي المستقلين من معوقات وعراقيل، رغم توفير الحرية لبعض الآراء بما يصبّ مثلاً في ازدراء الإسلام أو أعراق أخرى، هي مسجلّة كأسطوانة حرية تعبير فيما هي مليئة بخطاب الكراهية والانتقاص من حقوق الإنسان في التعبير عن دينه وهويته! مثال آخر يتم فيه حماية ممارسات لا إنسانية ولا أخلاقية وجرائم حرب سواء لدول كبرى أو للكيان الصهيوني، وأن يتم القمع إما بحجّة الأمن القومي لتلك الدول، أو بحجة «معاداة السامية» فيما الأصل هو حماية الممارسات السياسية الإجرامية لتلك الأطراف! وكذلك نشر آراء متعمدة لإثارة الفتن في دول مستهدفة!
{ هكذا ندرك أن حرية الصحافة والسلطة الرابعة، هي في النهاية لم تستقر على أسس سليمة في أغلب دول العالم، والأكثر في الدول التي لم تستقر فيها قيم الحريات وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير، حتى أصبحت الضمانات لترسيخ القيم والمبادئ في الصحافة والإعلام، هي قيد سياسات الدول على اختلاف توجهاتها ومتطلباتها، ما يُعرّض الرأي وحرية التعبير لتلاعبات تلك السياسات! مع أنه من المفترض أن تكون «السلطة الرابعة» سلطة حقيقية، قادرة على كشف كل أوراق العبث بمصالح الأوطان ومصلحة العالم ككل، من دون أن تتعرّض لقمع أو تلاعب، وإلا تكون غير قائمة بدورها التوعوي الحقيقي!، وغير مُصانة بالمنظومات القانونية المتطورة، التي كثيراً ما تتحول إلى مجرد حبر على ورق على المستوى العالمي ككل، وليس على مستوى الدول «منفردة» فقط! وما بين الشعارات والتنفيذ تكمن عادة التفاصيل!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك