العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الخريطة السياسية للانتخابات التاريخية الحاسمة في تركيا

بقلم: سنية الحسيني

الاثنين ٠١ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

يتبقّى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوعين‭ ‬على‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬والبرلمانية‭ ‬التركية،‭ ‬والتي‭ ‬ستُجرى‭ ‬مجتمعة‭ ‬في‭ ‬الـ‭ ‬14‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬المقبل،‭ ‬حيث‭ ‬سينتخب‭ ‬الأتراك‭ ‬رئيسهم‭ ‬و600‭ ‬نائب‭ ‬للجمعية‭ ‬الوطنية‭ ‬أي‭ ‬الجسم‭ ‬التنفيذي‭ ‬والتشريعي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬وتشكل‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة،‭ ‬إذ‭ ‬تُعدّ‭ ‬الأصعب‭ ‬التي‭ ‬يخوضها‭ ‬الرئيس‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬منذ‭ ‬22‭ ‬عاماً،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬تبني‭ ‬البلاد‭ ‬لدستور‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬الذي‭ ‬كرس‭ ‬نظاماً‭ ‬رئاسياً،‭ ‬يعطي‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬وصلاحيات‭ ‬واسعة‭ ‬للرئيس‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬البرلماني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سائدا‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وتراجع‭ ‬نسبة‭ ‬التأييد‭ ‬الشعبي‭ ‬لحزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬تدريجياً‭ ‬بسبب‭ ‬تراجع‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬بشكل‭ ‬رئيس‭. ‬ويواجه‭ ‬أردوغان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬منافسةً‭ ‬حقيقية‭ ‬على‭ ‬مقعده‭ ‬الرئاسي‭ ‬وتصدّره‭ ‬السلطة‭ ‬ومكانة‭ ‬حزبه‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تكاتفت‭ ‬المعارضة‭ ‬عليه‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬تحالف‭ ‬واحد‭ ‬يطرح‭ ‬مرشحاً‭ ‬رئاسياً‭ ‬واحداً‭ ‬وقوائم‭ ‬موحدة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية،‭ ‬تتجاوز‭ ‬الأيديولوجيات،‭ ‬ويختلط‭ ‬فيها‭ ‬المحافظ‭ ‬مع‭ ‬القومي‭ ‬مع‭ ‬الليبرالي،‭ ‬وبعضها‭ ‬انشق‭ ‬عن‭ ‬حزبه‭ ‬وحلفائه‭.‬

أعاد‭ ‬أردوغان‭ ‬هيكلة‭ ‬تركيا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬زعيم‭ ‬تركي‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬بعد‭ ‬مصطفى‭ ‬كمال‭ ‬أتاتورك،‭ ‬أبو‭ ‬الجمهورية‭ ‬التركية‭ ‬الحديثة‭. ‬فساهم‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬توجه‭ ‬عام‭ ‬تركي‭ ‬أكثر‭ ‬محافظة‭ ‬وتديناً،‭ ‬وزاد‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬ومكانة‭ ‬الفلاحين‭ ‬والفقراء‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬الذين‭ ‬انتقلوا‭ ‬إلى‭ ‬الطبقة‭ ‬المتوسطة،‭ ‬والتي‭ ‬توسعت‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬ووضع‭ ‬أردوغان‭ ‬معطيات‭ ‬جديدة‭ ‬لنظام‭ ‬الحكم‭ ‬الذي‭ ‬أسسه‭ ‬أتاتورك‭ ‬قبل‭ ‬تسعة‭ ‬عقود،‭ ‬حيث‭ ‬تجاوزت‭ ‬مدة‭ ‬حكم‭ ‬أردوغان‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬حكم‭ ‬خلالها‭ ‬أتاتورك،‭ ‬وذلك‭ ‬باعتماد‭ ‬النظام‭ ‬الرئاسي‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬البرلماني،‭ ‬ومنع‭ ‬تدخل‭ ‬العسكر‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬الجيش،‭ ‬والذي‭ ‬حظي‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬التركية‭ ‬الحديثة‭ ‬عام‭ ‬1923،‭ ‬حيث‭ ‬وضع‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬تحت‭ ‬رقابة‭ ‬مدنية‭ ‬أسوةً‭ ‬بباقي‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬التنفيذية‭ ‬الأخرى‭. ‬وهو‭ ‬صاحب‭ ‬سجل‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬والازدهار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬الذي‭ ‬نقل‭ ‬بلاده‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬حكمه،‭ ‬خصوصاً‭ ‬مطلعها،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬استعراض‭ ‬قوة‭ ‬بلاده‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والقارة‭ ‬الأوروبية‭. ‬يأتي‭ ‬كمال‭ ‬كليجدار‭ ‬أوغلو‭ ‬المنافس‭ ‬الرئيس‭ ‬لأردوغان‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬خلفية‭ ‬علمانية‭ ‬ويدعو‭ ‬إلى‭ ‬الانفتاح‭ ‬وإلى‭ ‬فصل‭ ‬صريح‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والدين،‭ ‬كما‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬علاقات‭ ‬بلاده‭ ‬والاقتراب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الغربية،‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأوروبية،‭ ‬وينتقد‭ ‬تدخلات‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬مشكلات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

أدت‭ ‬التطورات‭ ‬السياسية‭ ‬والتشريعية‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬عهد‭ ‬فوز‭ ‬الحزب‭ ‬المنفرد‭ ‬بالحكم،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬تعديل‭ ‬الدستور‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬وبات‭ ‬الفوز‭ ‬بالحكم‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تحالفات‭. ‬ويضم‭ ‬تحالف‭ ‬أردوغان‭ ‬والمعروف‭ ‬بحلف‭ ‬الجمهور‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية‭ ‬حزب‭ ‬الحركة‭ ‬القومي؛‭ ‬الذي‭ ‬انشق‭ ‬عنه‭ ‬حزب‭ ‬‮«‬الجيد‮»‬‭ ‬ضمن‭ ‬نفس‭ ‬التوجهات‭ ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬تحالف‭ ‬المعارضة،‭ ‬وحزب‭ ‬الرفاه‭ ‬الجديد‭ ‬الإسلامي‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬بقدر‭ ‬من‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬والذي‭ ‬تعود‭ ‬أصوله‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬نجم‭ ‬الدين‭ ‬أربكان،‭ ‬وحزب‭ ‬الهدى‭ ‬بار‭ ‬الإسلامي‭ ‬المحافظ‭ ‬الكردي،‭ ‬وحزب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الكبير‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬يتكون‭ ‬تحالف‭ ‬المعارضة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـتحالف‭ ‬الأمة‭ ‬أو‭ ‬الطاولة‭ ‬السداسية‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أحزاب‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬حزب‭ ‬الشعب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬وحزب‭ ‬المستقبل‭ ‬وحزب‭ ‬السعادة‭ ‬وحزب‭ ‬الجيد،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬حزب‭ ‬الشعوب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الكردي،‭ ‬وحدد‭ ‬تحالف‭ ‬المعارضة‭ ‬كمال‭ ‬كليجدار‭ ‬أوغلو‭ ‬مرشحها‭ ‬للرئاسة،‭ ‬ومنافس‭ ‬أردوغان‭ ‬الرئيس‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استشراف‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات،‭ ‬خصوصاً‭ ‬الرئاسية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي،‭ ‬إذ‭ ‬تتأرجح‭ ‬حسب‭ ‬أهداف‭ ‬وتوجهات‭ ‬ناشريها،‭ ‬وتتذبذب‭ ‬بشكل‭ ‬متقارب‭ ‬تقريباً‭ ‬لصالح‭ ‬أحد‭ ‬الطرفين‭.‬

تراجَع‭ ‬تأييد‭ ‬الشارع‭ ‬لحزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬نتيجة‭ ‬تراجع‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬لذلك‭ ‬تركز‭ ‬المعارضة‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬دعايتها‭ ‬الانتخابية‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬تقديم‭ ‬رؤية‭ ‬اقتصادية‭ ‬بديلة،‭ ‬واكتفائها‭ ‬بالانتقاد،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يضعف‭ ‬حجتها‭. ‬وتعاني‭ ‬تركيا‭ ‬تراجعاً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬أوضاعها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فتراجعت‭ ‬قيمة‭ ‬الليرة‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وزادت‭ ‬نسبة‭ ‬التضخم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غلاء‭ ‬الأسعار‭ ‬وتآكلت‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬وانخفضت‭ ‬نسبة‭ ‬دخل‭ ‬الفرد،‭ ‬ووصل‭ ‬التضخم‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬بالمائة‭. ‬

ولأهمية‭ ‬القضية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬يركز‭ ‬أردوغان‭ ‬على‭ ‬برامجه‭ ‬لتحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬وعرض‭ ‬أدواته‭ ‬لتجاوز‭ ‬الأزمات‭ ‬الحالية‭. ‬كما‭ ‬تعامل‭ ‬بحكمة‭ ‬مع‭ ‬تبعات‭ ‬الزلزال‭ ‬المدمر‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬البلاد‭ ‬مطلع‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي،‭ ‬وخلف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬ضحية‭ ‬ودماراً‭ ‬كبيراً،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬الإغاثي‭ ‬وتقديم‭ ‬برامج‭ ‬لتعويض‭ ‬المتضررين‭ ‬بمساعدات‭ ‬مالية‭ ‬مباشرة‭ ‬والتخطيط‭ ‬السريع‭ ‬لإعادة‭ ‬الإعمار،‭ ‬فحولت‭ ‬الحكومة‭ ‬الكارثة‭ ‬إلى‭ ‬فرصة‭ ‬استثمرتها‭ ‬في‭ ‬دعايتها‭ ‬الانتخابية‭. ‬كما‭ ‬ركزت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬تقويم‭ ‬سياساتها‭ ‬تجاه‭ ‬اللاجئين،‭ ‬التي‭ ‬اعتبرتها‭ ‬المعارضة‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬تركيا‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬دعم‭ ‬الشارع‭ ‬لتحالف‭ ‬الجمهور‭ ‬الحاكم‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬مكانة‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬فقط،‭ ‬إذ‭ ‬تراجعت‭ ‬أيضاً‭ ‬نسبة‭ ‬تأييد‭ ‬حزب‭ ‬الحركة‭ ‬القومية‭ ‬اليميني‭ ‬المحافظ،‭ ‬الحليف‭ ‬الرئيس‭ ‬لحزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭. ‬وجاء‭ ‬التراجع‭ ‬بسبب‭ ‬انشقاق‭ ‬حزب‭ ‬الجيد‭ ‬عنه،‭ ‬والذي‭ ‬انضم‭ ‬إلى‭ ‬المعارضة،‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬نفس‭ ‬صفاته،‭ ‬ويحصد‭ ‬تأييد‭ ‬12‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭. ‬كما‭ ‬تراجع‭ ‬دعم‭ ‬الصوت‭ ‬الكردي‭ ‬لأردوغان‭ ‬وحزبه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يدعمه‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬تحالفه‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الحركة‭ ‬القومية‭ ‬وفشل‭ ‬مساعي‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬الكردية،‭ ‬ويقدر‭ ‬ثقل‭ ‬صوتهم‭ ‬بـ10‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬الأصوات‭ ‬الانتخابية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شريحةً‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬والذين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬قيادة‭ ‬غير‭ ‬قيادة‭ ‬أردوغان،‭ ‬قد‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬التغيير،‭ ‬ويشكلون‭ ‬10‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬الانتخابية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حوالي‭ ‬10‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬المترددة،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬غير‭ ‬قليلة‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سيادة‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬والاستقطاب‭ ‬الحاد‭.‬

‭ ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬ارتبط‭ ‬حزب‭ ‬الشعب‭ ‬الجمهوري‭ ‬بحزب‭ ‬الشعوب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الكردي‭ ‬لكسب‭ ‬أصواته‭. ‬وعمل‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬على‭ ‬تعطيل‭ ‬ذلك‭ ‬التحالف‭ ‬بالربط‭ ‬بين‭ ‬الأخير‭ ‬وحزب‭ ‬العمال‭ ‬الكردستاني‭ ‬المصنف‭ ‬بالإرهاب‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬والتحالف‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الهدى‭ ‬بار‭ ‬الإسلامي‭ ‬الكردي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬اصطفاف‭ ‬حزب‭ ‬الشعوب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الكردي،‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬كتلة‭ ‬انتخابية‭ ‬صلبة،‭ ‬لن‭ ‬يضمن‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬أصوات‭ ‬كتلته‭ ‬لصالح‭ ‬أوغلو‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية،‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬تصوت‭ ‬لمرشحي‭ ‬حزبها،‭ ‬وليس‭ ‬لآخرين‭ ‬من‭ ‬انتماءات‭ ‬أخرى،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭.‬

خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬نجح‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬في‭ ‬حشد‭ ‬كتلة‭ ‬انتخابية‭ ‬محافظة‭ ‬داعمة‭ ‬له،‭ ‬والتي‭ ‬تشكل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الكتلة‭ ‬الانتخابية‭ ‬عموماً،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحالف‭ ‬الذي‭ ‬يروّج‭ ‬لتوجهات‭ ‬مجتمعية‭ ‬أكثر‭ ‬انفتاحاً‭. ‬لذلك‭ ‬حاولت‭ ‬الكتلة‭ ‬المعارضة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تغيير‭ ‬صورتها‭ ‬النمطية‭ ‬بالاقتراب‭ ‬من‭ ‬التيار‭ ‬المحافظ،‭ ‬وضمت‭ ‬بالفعل‭ ‬أحزاباً‭ ‬محسوبة‭ ‬على‭ ‬القوى‭ ‬المحافظة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬مثل‭ ‬حزب‭ ‬المستقبل‭ ‬بقيادة‭ ‬أحمد‭ ‬داوود‭ ‬أوغلو‭ ‬وحزب‭ ‬السعادة‭ ‬بقيادة‭ ‬كاراكولا‭ ‬أوغلو‭. ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يفسر‭ ‬إصرار‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬على‭ ‬إقناع‭ ‬حزب‭ ‬الرفاه‭ ‬الجديد‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬تحالفه،‭ ‬لجذب‭ ‬ناخبي‭ ‬حزب‭ ‬السعادة‭ ‬المتحالف‭ ‬مع‭ ‬المعارضة‭. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬التأكيد‭ ‬أن‭ ‬الانسجام‭ ‬الأيديولوجي‭ ‬لتحالف‭ ‬الجمهور‭ ‬الحاكم‭ ‬يدعم‭ ‬مكانته‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬مقارنة‭ ‬بالتباين‭ ‬الأيديولوجي‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬تحالف‭ ‬الأمة،‭ ‬ويشكك‭ ‬بتوجهاته‭ ‬المحافظة،‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬أوغلو‭ ‬أن‭ ‬يقنع‭ ‬الشارع‭ ‬الانتخابي‭ ‬بها‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أوغلو‭ ‬المنافس‭ ‬الحقيقي‭ ‬لأردوغان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬من‭ ‬طائفة‭ ‬الأقلية‭ ‬العلوية،‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يشكل‭ ‬فيه‭ ‬السنة‭ ‬أغلبيته‭ ‬الساحقة،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬بالمائة‭ ‬منهم‭ ‬محافظون،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يرجح‭ ‬كفة‭ ‬أردوغان‭ ‬في‭ ‬الفوز‭.‬

ويتطلب‭ ‬الفوز‭ ‬بمنصب‭ ‬الرئيس‭ ‬حصد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الأصوات،‭ ‬ويرجح‭ ‬وجود‭ ‬أربعة‭ ‬مرشحين‭ ‬في‭ ‬الجولة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية،‭ ‬والمنافسة‭ ‬الحادة‭ ‬بين‭ ‬أردوغان‭ ‬وأوغلو‭ ‬ترجح‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬جولة‭ ‬انتخابية‭ ‬ثانية‭ ‬بعد‭ ‬أسبوعين‭ ‬من‭ ‬الأولى‭ ‬لحسم‭ ‬النتيجة‭ ‬لصالح‭ ‬أحدهما،‭ ‬والتي‭ ‬ستتأثر‭ ‬تلقائياً‭ ‬بنتائج‭ ‬الجولة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬ونتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬قد‭ ‬ظهرت‭. ‬ومن‭ ‬المفيد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الفائز‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬فائزاً‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية،‭ ‬وإلا‭ ‬سيعني‭ ‬العكس‭ ‬مواجهة‭ ‬الرئيس‭ ‬لمعارضة‭ ‬برلمانية‭ ‬معطلة‭ ‬لعمله‭.‬

{ كاتبة‭ ‬وباحثة‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا