العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الإدارة الرشيقة.. منظومة إدارية مستدامة

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٣٠ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬أذهاننا‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬مصطلح‭ (‬رشيق‭) ‬أنه‭ ‬ذلك‭ ‬الجسم‭ ‬الرياضي‭ ‬الممشوق‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬بخفة‭ ‬الحركة‭ ‬والجمال،‭ ‬وإذ‭ ‬كنا‭ ‬نعرف‭ ‬اليوم‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬يكتسب‭ ‬الإنسان‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬الجسم‭ ‬فإنه‭ ‬حتمًا‭ ‬سيحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬بالتمارين‭ ‬الرياضية‭ ‬وممارسة‭ ‬نمط‭ ‬الحياة‭ ‬الصحية،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬وهذا‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬الإدارة‭ ‬الكارثية‭ ‬أو‭ ‬التقليدية‭ ‬حتى‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬رشيقة،‭ ‬فما‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة؟‭ ‬وكيف‭ ‬نتحول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬المستدامة؟

ما‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة؟

تعرف‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬أنها‭ ‬قدرة‭ ‬المؤسسة‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬الإداري‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬بسرعة‭ ‬الاستجابة،‭ ‬وسرعة‭ ‬تعديل‭ ‬أسلوب‭ ‬العمل‭ ‬بصورة‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬التغيير،‭ ‬وهي‭ ‬المنهج‭ ‬الإداري‭ ‬الذي‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬والانسياب‭ ‬والاستقطاب،‭ ‬والسعي‭ ‬نحو‭ ‬الكمال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمل‭ ‬الفريق،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬حسن‭ ‬استخدام‭ ‬الحقائق‭ ‬والبيانات،‭ ‬وسرعة‭ ‬التجاوب‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬والفرص‭ ‬التي‭ ‬تتاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أفضل‭ ‬المخرجات‭ ‬للعملاء،‭ ‬والتخلص‭ ‬الكلي‭ ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أنشطة‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬أي‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬للعمل‭ ‬أو‭ ‬العميل‭.‬

كما‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬النهج‭ ‬الإداري‭ ‬الذي‭ ‬يدعم‭ ‬مفهوم‭ ‬التحسين‭ ‬المستمر،‭ ‬وهو‭ ‬نهج‭ ‬طويل‭ ‬الأجل‭ ‬للعمل‭ ‬يسعى‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬تغييرات‭ ‬صغيرة‭ ‬وتدريجية‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬الكفاءة‭ ‬والجودة‭. ‬وتشير‭ ‬تلك‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الغرض‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬هو‭ ‬إنتاج‭ ‬قيمة‭ ‬للعميل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬الموارد‭ ‬وإنشاء‭ ‬سير‭ ‬عمل‭ ‬ثابت‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬متطلبات‭ ‬العملاء‭ ‬الحقيقية،‭ ‬وتسعى‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬الإدارية‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬إهدار‭ ‬للوقت‭ ‬أو‭ ‬الجهد‭ ‬أو‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحديد‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تجارية‭ ‬ثم‭ ‬مراجعة‭ ‬أو‭ ‬استبعاد‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنشئ‭ ‬قيمة‭.‬

ودراسة‭ ‬أخرى‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ ‬رفض‭ ‬قبول‭ ‬الهدر،‭ ‬لذلك‭ ‬تعرف‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬أنها‭ ‬تهتم‭ ‬بإزالة‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الهدر‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬عمليات‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وذلك‭ ‬بممارسة‭ ‬سياسة‭ ‬للتطوير‭ ‬الدائم‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭. ‬لذلك‭ ‬فهي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفعال‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬وفق‭ ‬تتابع‭ ‬صحيح‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الصحيح‭ ‬لإيجاد‭ ‬قيمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عمل‭ ‬معين‭. ‬وتبين‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬الإدارية‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬محورين‭ ‬رئيسيين‭ ‬هما‭:‬

*‭ ‬إزالة‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الهدر‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭.‬

*‭ ‬التطوير‭ ‬الدائم‭ ‬والتحسين‭ ‬المستمر‭ ‬لكل‭ ‬الأنشطة‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬إن‭ ‬هاتين‭ ‬النقطتين‭ ‬يلخصان‭ ‬المرتكزات‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬منظومة‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭.‬

وفي‭ ‬دراسة‭ ‬أخرى‭ ‬فقد‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬احترام‭ ‬الإجراءات‭ ‬والوقت‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لتقديمه‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬الإضافة‭ ‬المرجوة‭ ‬بالجودة‭ ‬المطلوبة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬فلسفة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬كمرتكز‭ ‬رئيسي‭ ‬للعمليات‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بمستوى‭ ‬الجودة‭ ‬المطلوب،‭ ‬حيث‭ ‬يُعرف‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬نظام‭ ‬يهتم‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬استعمال‭ ‬كمية‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنتاج‭ ‬منتوج‭ ‬ذي‭ ‬جودة‭ ‬عالية،‭ ‬وبأقل‭ ‬التكاليف‭ ‬الممكنة‭ ‬وفي‭ ‬أقل‭ ‬الأوقات‭.‬

وببساطة،‭ ‬فإن‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬تعني‭ ‬إنجاز‭ ‬الأعمال‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬بأقل‭ ‬تكلفة،‭ ‬أقل‭ ‬جهد،‭ ‬أسرع‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬ممكنة،‭ ‬صفرية‭ ‬الأخطاء،‭ ‬صفرية‭ ‬المخزون‭.‬

زيادة‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬أتمتة‭ ‬العمليات‭ ‬الإدارية‭ ‬والتشغيلية،‭ ‬والتحسين‭ ‬المستمر‭.‬

الرشاقة‭ ‬والسرعة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العمليات‭ ‬والوظائف‭ ‬والمهارات‭ ‬الإدارية‭.‬

يحقق‭ ‬سعادة‭ ‬العميل‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي،‭ ‬ويحقق‭ ‬أعلى‭ ‬عائد‭ ‬لأصحاب‭ ‬المصلحة‭.‬‮ ‬

لذلك‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬أهم المرتكزات‭ ‬الأساسية‭ ‬للإدارة‭ ‬الرشيقة،‭ ‬هي‭: ‬الرشاقة‭ ‬والسرعة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التفكير‭ ‬والسهولة‭ ‬والبساطة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬تلامس‭ ‬الواقع‭ ‬وتحسن‭ ‬الأداء‭ ‬وتطوره‭ ‬لدرجة‭ ‬الكمال‭. ‬فكلنا‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬الأشياء‭ ‬الهشة‭ ‬عندما‭ ‬تتعرض‭ ‬للضغط‭ ‬والقوة‭ ‬تصبح‭ ‬أضعف‭ ‬وربما‭ ‬تنكسر،‭ ‬أما‭ ‬الأشياء‭ ‬المرنة‭ ‬فتنحني‭ ‬ثم‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬حالتها‭ ‬الأصلية،‭ ‬أما‭ ‬الأشياء‭ ‬الرشيقة‭ ‬فإنها‭ ‬تزداد‭ ‬قوة،‭ ‬وهكذا‭ ‬هي‭ ‬المؤسسات‭ ‬ذات‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬فهي‭ ‬تزدهر‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المتغيرات‭ ‬وتصبح‭ ‬أقوى‭ ‬وتصبح‭ ‬مصدرًا‭ ‬لميزة‭ ‬تنافسية‭ ‬حقيقية‭.‬

مقارنة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الإدارة‭ ‬التقليدية‭ ‬والإدارة‭ ‬الرشيقة

وحتى‭ ‬نستوعب‭ ‬مفهوم‭ ‬منظومة‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬دعونا‭ ‬نحاول‭ ‬‭ ‬ببساطة‭ ‬‭ ‬أن‭ ‬نقارن‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الإدارة‭ ‬التقليدية،‭ ‬التي‭ ‬نعرفها‭ ‬جميعًا‭.‬

نجد‭ ‬أن‭ ‬الادارة‭ ‬التقليدية‭ ‬تقسم‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬إلى‭ ‬إداري‭ ‬وموظف،‭ ‬فالناس‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬العليا‭ ‬وظيفتهم‭ ‬التفكير‭ ‬والتخطيط‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬وحل‭ ‬المشكلات‭ ‬ووضع‭ ‬السياسات‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬وأما‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬فإن‭ ‬عملهم‭ ‬التنفيذ‭ ‬لهذه‭ ‬السياسات‭ ‬فقط‭. ‬فالمديرون‭ ‬والمسؤولون‭ ‬هم‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬لديهم‭ ‬الصلاحيات‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬وأن‭ ‬تتعامل‭ ‬بسرية‭ ‬مع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يعلمها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬لديه‭ ‬التصريح‭ ‬لذلك،‭ ‬والدور‭ ‬الأساس‭ ‬للإدارة‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬الربح‭ ‬وتعظيم‭ ‬الفوائد‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬نوعها،‭ ‬مع‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالكراسي‭.‬

أما‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬فإنها‭ ‬ببساطة‭ ‬تهدم‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬وتعامل‭ ‬الناس‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬المؤسسة‭ ‬باحترام‭ ‬أكبر‭ ‬وتتطلع‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬أفكارهم،‭ ‬وتوفر‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬يشعرون‭ ‬فيها‭ ‬بدورهم‭ ‬ومسؤوليتهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬العمل‭ ‬وحل‭ ‬مشاكله‭ ‬لتحقيق‭ ‬إنتاجية‭ ‬أعلى‭ ‬وسلاسة‭ ‬في‭ ‬عملياتها،‭ ‬بلا‭ ‬هدر‭ ‬ولا‭ ‬جهد‭ ‬يضيع‭ ‬بلا‭ ‬قيمة‭ ‬حقيقة‭ ‬للعميل‭.‬

وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬التعلم‭ ‬المستمر‭ ‬المستدام‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬النوعيات‭ ‬من‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬سمة‭ ‬أساسية‭ ‬تبرز‭ ‬في‭ ‬ممارسات‭ ‬يتبناها‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة،‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أسلوب‭ ‬يسمونه‭ (‬العمل‭ ‬بصورة‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭) ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬اعتمادية‭ ‬أحادية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬جامعة‭ ‬للخبرة‭ ‬والمعرفة،‭ ‬ففرق‭ ‬العمل‭ ‬هي‭ ‬المكلفة‭ ‬بالعمل‭ ‬أو‭ ‬بالمشروع،‭ ‬هذه‭ ‬الفرق‭ ‬تكون‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬عددها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تملك‭ ‬جميع‭ ‬المهارات‭ ‬المطلوبة‭ ‬لإنجاز‭ ‬العمل‭ ‬المطلوب،‭ ‬ولديها‭ ‬صلاحيات‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬عملها‭ ‬بينها‭ ‬بلا‭ ‬تدخل‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬من‭ ‬خارجها،‭ ‬وتراجع‭ ‬نفسها‭ ‬باستمرار‭ ‬لتحسين‭ ‬طريقة‭ ‬عملها،‭ ‬والإنجاز‮ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬جولات‭ ‬قصيرة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬أسبوع‭ ‬إلى‭ ‬أسبوعين‭ ‬مثلاً‭ ‬يسمونها‭ (‬التكرار‭)‬،‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬عرض‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬إنجازه‭ ‬على‭ ‬العميل‭ ‬ومالك‭ ‬المنتج‭ ‬لتلقي‭ ‬رأيهم‭ ‬ومتطلباتهم‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬عمل‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬إضافة‭ ‬مطلوبة‭ ‬بسرعة،‭ ‬وهكذا‭ ‬يتم‭ ‬بناء‭ ‬العمل‭ ‬بصورة‭ ‬ديناميكية‭ ‬بحيث‭ ‬كل‭ ‬جولة‭ ‬من‭ ‬جولات‭ ‬العمل‭ ‬تلبي‭ ‬احتياجات‭ ‬العميل‭ ‬وطلبات‭ ‬التغيير‭ ‬بسرعة‭ ‬وفعالية،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬أعلى‭ ‬أولويات‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬هو‭ ‬تقديم‭ ‬منتج‭ ‬وخدمة‭ ‬نافعة‭ ‬للعميل‭ ‬تُفرحه‭ ‬وتدهشه‭ ‬بصورة‭ ‬سريعة‭ ‬ومتكررة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬ملاحظاته‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬متطلباته‭.‬

المسؤول‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬الإدارية‭ ‬ليس‭ ‬شخصًا‭ ‬يأمر‭ ‬وينهي‭ ‬ويتمتع‭ ‬بمكتب‭ ‬فاخر‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬زوايا‭ ‬المؤسسة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬دوره‭ ‬الأساس‭ ‬خدمة‭ ‬العاملين،‭ ‬وفي‭ ‬فرق‭ ‬العاملين‭ ‬وتوفير‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬يمكّنهم‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬والإنجاز،‭ ‬فالدور‭ ‬القيادي‭ ‬للمسؤول‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬العرب‭ (‬سيدُ‭ ‬القومِ‭ ‬خادمُهم‭) ‬منطبقة‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭.‬

من‭ ‬أين‭ ‬جاءت‭ ‬الفكرة؟

يعتقد‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬وجدنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحث‭ ‬‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬الأربعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬عندما‭ ‬وضعت‭ ‬تويوتا‭ ‬أسس‭ ‬التصنيع،‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحقق‭ ‬قيمة‭ ‬للمنتج‭ ‬النهائي‭ ‬والخالي‭ ‬من‭ ‬الهدر‭ ‬وكان‭ ‬هدفهم‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأساسية‭ ‬تقليل‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬قيمة‭ ‬للمنتج‭ ‬النهائي‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬تحسينات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والكفاءة‭ ‬ووقت‭ ‬الدورة‭ ‬وكفاءة‭ ‬التكلفة‭.‬

وبفضل‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬الكبير،‭ ‬انتشرت‭ ‬فكرة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الخالي‭ ‬من‭ ‬الهدر‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الصناعات‭ ‬ودشنت‭ ‬المبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬الخمسة‭ ‬للإدارة‭ ‬الرشيقة،‭ ‬وهذا‭ ‬موضوع‭ ‬آخر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬فيه‭ ‬لاحقًا‭.‬

بفضل‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬الملحوظ،‭ ‬انتشر‭ ‬التفكير‭ ‬المرن‭ ‬أو‭ ‬الرشيق‭ ‬عبر‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الصناعات‭ ‬وتطور‭ ‬إلى‭ ‬خمسة‭ ‬مبادئ‭ ‬أساسية‭ ‬للإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬معهد‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭. ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬مصطلح‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬ابتكره‭ (‬John‭ ‬Krafcik‭) ‬وهو‭ ‬حاليًا‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمشروع‭ (‬Google‭) ‬للسيارات‭ ‬ذاتية‭ ‬القيادة‭ (‬Waymo‭) ‬إذ‭ ‬أطلقها‭ ‬في‭ ‬مقالته‭ ‬التي‭ ‬نشرها‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬بعنوان‭ (‬انتصار‭ ‬نظام‭ ‬الإنتاج‭ ‬الرشيق‭).‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مؤسسة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬بمبادئ‭ ‬الرشاقة‭ ‬الأساسية،‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬منهجية‭ ‬الرشاقة‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬التحسين‭ ‬المستمر‭ ‬للعمليات‭ ‬والأغراض‭ ‬والأشخاص،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬وإبقاء‭ ‬الضوء‭ ‬مسلطًا،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬تشجع‭ ‬المسؤولية‭ ‬المشتركة‭ ‬والقيادة‭ ‬المشتركة‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬نشرا‭ (‬ماري‭ ‬وتوم‭ ‬بوبينديك‭) ‬كتابهما‭ (‬تطوير‭ ‬البرمجيات‭: ‬مجموعة‭ ‬أدوات‭ ‬رشيقة‭)‬،‭ ‬يصف‭ ‬الكتاب‭ ‬كيف‭ ‬يمكنك‭ ‬تطبيق‭ ‬المبادئ‭ ‬الأولية‭ ‬لمنهجية‭ ‬الرشاقة‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬البرمجيات‭.‬

ثم‭ ‬طور‭ (‬إريك‭ ‬ريس‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬مهندس‭ ‬ورائد‭ ‬أعمال،‭ ‬منهجية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬الرشاقة‭ ‬لمساعدة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الناشئة‭ ‬على‭ ‬النجاح‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬حزم‭ ‬أفكاره‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ ‬تدشين‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ (‬The‭ ‬Lean‭ ‬Startup‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬يتكون‭ ‬المفهوم‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬مبادئ‭ ‬أساسية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الناشئة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬مرونة‭ ‬واستجابة‭ ‬للتغييرات‭.‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الأعمال،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬تقصير‭ ‬دورات‭ ‬تطوير‭ ‬المنتج‭ ‬واكتشاف‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مفهوم‭ ‬عمل‭ ‬معين‭ ‬قابلاً‭ ‬للتطبيق،‭ ‬ويتم‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬المنهجية‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الهياكل‭ ‬الحكومية‭ ‬والمتخصصين‭ ‬في‭ ‬التسويق‭ ‬وغيرهم‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الادارة‭ ‬الرشيقة‭ ‬لم‭ ‬تولد‭ ‬في‭ ‬لحظة،‭ ‬وإنما‭ ‬كانت‭ ‬فكرة‭ ‬ومنهجية‭ ‬متطورة‭ ‬مستدامة‭ ‬يمكن‭ ‬اعتمادها‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات،‭ ‬فهو‭ ‬يتطور‭ ‬تدريجيًا‭ ‬بفضل‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬ورغبة‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬التحسين‭ ‬المستمر‭.‬

ولنا‭ ‬لقاء‭ ‬آخر‭ ‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا